بقلم /محمد سعيد أبوالنصر
ما زلنا نتابع الرد على سؤال من قال لماذا فرض الله الصوم على الأغنياء
نقول : شرع الله الصوم على الأغنياء والفقراء لأن :
9- الصيام يدعوا إلى توحيد الأمة:
من الأمور المهمة في الصيام في شهر رمضان هو الشعور بوحدة الأمة وجماعية الطاعة، فلو أن الله تبارك وتعالى كلّف كل واحد منا بصيام ثلاثين يومًا وحده وقيام ثلاثين ليلة منفردًا عمن حوله، لوجد صعوبة كبيرة وكان هذا العمل فيه مشقة عظيمة، ولكن من رحمة الله تبارك وتعالى بالأمة أن جعل الطاعة جماعية، ففي رمضان يصير الغالب على المجتمع حرصه على الصيام مع أعمال الطاعة والخير والبر، فالمساجد تمتلئ، وأعمال البر والصدقات يتسابق فيها المتسابقون، والأخلاق السمحة تفرض نفسها، والكل يقرأ القرآن ويجلسون في المساجد، وما ذلك إلا بما أودعه الله في هذا الشهر من بركات، وتيسيره للناس سبل الخير عن غيره من الشهور وأنت تصوم هذا العام وتفطر على ما رزقك الله من خيره وفضله، تذكر إخوانك المبتلين في كل مكان، في أرض الشام وبورما وليبيا والعراق وفلسطين وغيرها، فاستشعر معاناتهم وآلامهم، وابذل لهم من دعائك ما تستطيع، واحمد ربك على نعمة العافية. "
10- الصيام يشعر الإنسان بقيمة النعمة
من حكم الصوم: إشعار الصائم بنعمة الله تعالى عليه، فإن إلْف النعم يفقد الإنسان الإحساس بقيمتها، ولا يعرف مقدار النعمة إلا عند فقدها، وبضدها تتميز الأشياء فإنما يحس المرء بنعمة الشِّبَع والرِّيّ إذا جاع أو عطش، فإذا شبع بعد جوع، أو ارتوى بعد عطش، قال من أعماقه: الحمد لله، ودفعه ذلك إلى شكر نعمة الله عليه. " وهذا ما أشير إليه في حديث رواه أحمد والترمذي، قال فيه صلى الله عليه وسلم: "عَرَضَ عليّ ربي ليجعلَ لي بطحاءَ مكة ذهبًا، فقلت: لا يا رب، ولكني أشبع يومًا، وأجوع يومًا، فإذا جعت تضرعت إليك وذكرتك، وإذا شبعت حمدتك وشكرتك!"
إن الصوم وسيلة إلى شكر النعم " لأن كفّ النفس عن الأكل، والشرب، وسائر المفطرات من أجلِّ النعم وأعلاها؛ والامتناع عن هذه النعم زماناً معتبراً يُعرِّفُ قدرها؛ لأن النعم مجهولة، فإذا فقدت عُرفت، فيحمل ذلك على القيام بشكر الله تعالى؛ ولهذا إذا أفطر الصائم وجد لذة عظيمة للشراب البارد على الظمأ، وكذلك الطعام، فيحمله ذلك على شكر الله - عز وجل -، وقد جاءت الإشارة إلى ذلك أثناء الكلام عن الصيام، قال الله تعالى: {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون} سورة البقرة، الآية: 185]
11-الصيام ينمي الرحمة والعطف على المساكين؛ لأن الصائم حينما يذوق ألم الجوع في بعض الأوقات يتذكر من هذا حاله في جميع الأوقات أو غالبها، يهفو إلى قلبه الرقة والرحمة لهؤلاء المساكين، فيحسن إليهم، فيحصل بذلك على الثواب العظيم من الله تعالى "وكل إنسان مهمها بلغ فقره فهناك من هو أفقر منه وأشد عوزا من حاله فيأتي الصيام ويعلمه الرحمة والعطف.
12- الصيام يعلم النفس العفو والصفح:
من الأمور التي يخرج بها المسلم من صيام رمضان أن يبتعد عن أذى الناس، ويسلم المسلمون من لسانه ويده، فلا ينبغي للعبد أن يصوم رمضان وهو واقع في الغيبة والنميمة والسب والشتم والكذب وهي معاصٍ يجب الحذر منها واجتنابها من الصائم وغيره؛ إذ إنها تجرح الصوم وتُضعف الأجر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ، وَالْجَهْلَ؛ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ"، ولقوله صلى الله عليه وسلم: " الصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ؛ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ ". فالصوم ليس مجرد الإمساك عن الطعام والشراب والجِماع من الفجر حتى غروب الشمس كلا، ونرى بعضا من الناس يصوم بطنه ولا تصوم جوارحه، فيصوم عن الحلال المباح، ويتناول ما حرم الله من المنكرات كقول الزور وفعل الزور، فلا يتورع بلسانه عما حرم الله، ولا يغض بصره كذلك عن المحرمات، ويقع بيده ورجله في المحرمات، بل ربما يفطر عند إفطاره على كسب محرم، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وإن مما يستجلب به العبد عفو الله عنه أن يعفو عن الناس، ويلين الجانب معهم، ويخفض الجناح لهم، فعن عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: "يَا رَسُولَ اللهِ أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا أَدْعُو؟ قَالَ: تَقُولِينَ: اللهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي" "والعفوّ من أسماء الله تعالى وهو الذي يتجاوز عن سيئات عباده، الماحي لآثارها عنهم، وهو يحب العفو، فيحب أن يعفو عن عباده، ويحب من عباده أن يعفو بعضهم عن بعض؛ فإذا عفا بعضهم عن بعض عاملهم بعفوه، وعفوه أحب إليه من عقوبته".
نشرت فى 20 يونيو 2017
بواسطة janjeel