متابعة عادل شلبى

روى الطبراني في المعجم الصغير : _ (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله! إن أبي أخذ مالي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل : اذهب فأتني بأبيك . فنزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن الله يقرئك السلام ويقول : إذا جاءك الشيخ فسله عن شيء قاله في نفسه ما سمعته أذناه . فلما جاء الشيخ قال له النبي صلى الله عليه وسلم : مازال ابنك يشكوك أنك تأخذ ماله ؟ قال : سله يا رسول الله هل أنفقه إلا على إحدى عماته أو خالاته أو على نفسي ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إيه دعنا من هذا ، أخبرني عن شيء قلته في نفسك ما سمعته أذناك ، قال الشيخ : والله يا رسول الله ما يزال الله يزيدنا بك يقينا ، قلتُ في نفسي شيئًا ما سمعته أذناي . قال : قل وأنا أسمع . قال : قلتُ :
غذوتك مولودا وعلتك يافعا
تعل بما أجني عليك وتنهل
إذا ليلة صابتك بالسقم لم أبت
لسقمك إلا ساهرا أتململ
تخاف الردى نفسي عليك وإنها
لتعلم أن الموت وقت مؤجل
كأني أنا المطروق دونك بالذي
طرقت به دوني فعيناي تهمل
فلما بلغت السن والغاية التي
إليها مدى ما فيك كنت أؤمل
جعلت جزائي غلظة وفظاظة
كأنك أنت المنعم المتفضل
فليتك إذ لم ترع حق أبوتي
فعلت كما الجار المجاور يفعل
قال: فعند ذلك أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بتلابيب ابنه وقال : 
(أنت ومالك لأبيك) .
ليست الغاية من هذا أن أقدم عظة دينية ، إنما ينسب قول ( الشعر ديوان العرب ) لحبر الأمة عبد الله ابن عباس ( رضى الله عنهما ) ، وهذا يعنى أن الكلمة العربية كانت ولا زالت منهاجا علميا وليست أصواتا فارغة من المحتوى كما يظن بعض المتعاطين للغة ، حتى أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يطلب من بعض أصحابه أن يقولوا بعض الشعر كما روى مسلم فى صحيحه أن الرسول قد سأل أحد أصحابه قائلا : هل معك من شعر أمية بن الصلت شيء ؟ ، قلت : نعم ، قال : هيه ، فأنشدته بيتا ، فقال : هيه ، ثم أنشدته بيتا ، فقال : هيه ، حتى أنشدته مائة بيت .
ولم يكن النبى الأكرم والرسول الأعظم ليضيع وقته _ وهو الأغلى فى حياة البشرية _ كى يستمع إلى شعر لا يسمن ولا يغنى من جوع ، لكن هذا يعنى أن هناك إنجازات فى حياتنا لا تقوم بدون الشعر ، وحينما استمع الرسول إلى ما قاله الرجل من شعر يعاتب ابنه ويستعطفه ويقدم له النصيحة ، جاء البيان النبوى ليوضح للناس أن هناك قضية اجتماعية يجب أن يُتَخذ فيها قرار ، وقد أخذ الرسول القرار ، وجعله قانونا للبشرية جميعا من خلال تجربة لغوية وضعت حدودا وسنت قانونا للعالم ، وهذا يعنى أن الشعر له وظيفة المحافظة على تماسك المجتمعات من خلال الوقوف فى وجه كل مظهر من مظاهر تدمير الأسرة والمجتمع ، حتى لو تسبب ذلك فى تقديم التضحيات .
إن استنزاف اللغة من خلال إنهاك الكلمات التى تقدم بشكلٍ غير ثقافى أو أخلاقى أمر يصيبنى باليأس منذ سنوات عديدة ، حيث إن كثيراً مما يقال إنه شعر ليس شعرا ، وكثيرا مما يقال إنه سرد ليس سردا ، وكثيرا مما يقال إنه فن ليس فنا .
وعلى الرغم أن وسائل الإتصال أصبحت متوفرة للغاية وكان يجدر بنا أن نستخدم هذا التوافر فى الإصلاحات ، وطرح الأسئلة التقدمية وليست الأسئلة التى ليس لها معنى .
فضاعت حدود الفن عند البعض تحت مسمى التمرد ضد التقاليد ، وضاع تطور الفن تحت ما يسمى بالتمسك بالتقاليد الفنية ، وينسون أن الفنون الأدبية تحتاج إلى الموهبة أولا ، ثم الخبرة والإطلاع والإتقان الفنى ليصبح المنتج محتويا على جماليات جديدة ، فإذا ما ظل الفن ملتزما بنقطة فإنه لا يساير التاريخ ، وإذا ساير التاريخ ولم يستند على ماض فسوف يفقد الأصالة ، إن محاولة إحداث التوازن بين النقطة واللحظة فى تركيبة جمالية هى الأولى أن تكون الشكل الفنى وإن العلاقة الاجتماعية بين الكلمات يجب أن تكون موظفة لإحداث إصلاحات إجتماعية فى المجتمع وبالتالى فإن التفكير الثقافى فى المجتمع لابد أن يترك دوائر الإنحطاط ليدخل فى لحظات الحركة البناءة المبنية على صور جديدة وليست قديمة ، وعناصر غنية لصنع أدب جديد وأصيل يقدم للمجتمع أفكارا علمية حتى الخيال ، وأفكارا أخلاقية حتى الإصلاح ، وأفكارا نظرية وتطبيقية تعمل على تماسك الواقع ولا تسنزف المجتمع أو تنهكه .قالة اساذنا الدكتور رمضان الحضرى

 

المصدر: عزة
janjeel

.: عدد زوار الموقع :.


  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 57 مشاهدة
نشرت فى 14 يناير 2019 بواسطة janjeel

تفاصيل

janjeel
معا لصالح الوطن والمواطن »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

328,616
نتيجة بحث الصور عن فانوس رمضاننتيجة بحث الصور عن جاك للاجهزة الكهربائية