حسين الربيعى
بعد تصريح الرئيس الامريكي المعتوه دونالد ترامب ، الانسحاب من الاراضي السورية التي دنستها احذية جنود وضباط الجيش الامريكي ومرتزقته ، فان هذه القوات التي حملت جعبها على اكتافها ، اتجهت شرقا الى الاراضي العراقية ، لتستقر فيها ، مستفيدة من وجودها الدائم والمستمر في العراق منذ نيسان ٢٠٠٣ ، ومستفيدة ايضا من ما يسمى باتفاقية "الاطر الاستراتتيجية" او الاتفاقية الامنية بين الولايات المتحدة وحكومة المنطقة الخضراء ، والتي وقعها عن حكومة الغبراء نوري المالكي ... بالاضافة الى هذين البابين الواسعين لاقامة الجيش الامريكي وانتشاره في العراق ، هناك باب اخر ، وهو ما يسمى بأقليم كردستان ، الخارج عن سيطرة حكومة المنطقة الخضراء .
اذا ... حسبما جاء اعلاه ، فان التواجد الامريكي غير الشرعي ،حيث بني على عملية والغزو عام ٢٠٠٣ ، ولكته وفق قانون ودستور العملية السياسية، التي قامت هي ايضا بالرعاية الامريكية ، تبدو انها مشرعنة ، رغم تجاوز بنود الدستور الذي تعمل فيه العملية السياسية ، والذي يفرض عرض مثل هذه الاتفاقيات للاستفتاء الشعبي ، الا ان هذا لم يحدث ، كون الموقعين على معرفة ان الامر لن يحضى بالموافقة الشعبية ... فمرر على خلفية موافقة مجلس النواب .
لقد توائمت مع هذا الانسحاب من سوريا ، وعملية الانتشار في العراق ، احداث اخرى ، تكاد توضح الصورة ، او تعقدها ، لمصلحة مخططات امريكية ... فبين زيارة ترامب اللصوصية الى قاعدة الاسد في محافظة الانبار ، وبين مؤتمرات لما يسمى معارضة عراقية ، وانتشار اشاعات عن حكومة انقاذ ، وبيانات تحمل تسميات لحركات تحرير العراق مما يسمونه "احتلال ايراني" ، واشاعات ايضا عن عزم "ترامب" تطهير العراق من الفاسدين ، فان الشارع العراقي يعيش حالة من الفوضى ، منغلقا في تفكيره على الشأن العراقي البحت ، دون التساؤل عن الاهداف الحقيقية للولايات المتحدة وفق استراتيجيتها في عموم المنطقة ، بل حتى اهداف الاحتلال الامريكي للعراق ، والذي اكدته امريكا نفسها وهو :
حماية امن "اسرائيل" .
والنفط .
ان اغفال هذا الامر ، يطرح كل الطروحات السابقة ، بما فيها موضوع مواجهة ما يسمى التمدد الايراني ، لن يكون صحيحا او مجديا .
ان متابعة متأنية لخارطة الانتشار العسكري الجديد ، توضح ان القوات الامريكية ، انتشرت في قاعدة قرب اربيل ، وكان ، وكان الهدف اولا .. طمانة حكومة مسعود برزاني من تركيا ومن معارضيه الداخليين ، كسبب علني ، ولكن السبب الحقيقي ، ان اربيل ، التي انطلق منها تنظيم داعش لاحتلال الموصل عام ٢٠١٤ ، قد تشهد احداث مشابهة ، ولو بتسميات اخرى .
ان انتشار القوات الامريكية ، تركز على المنطقة الغربية للعراق ، بعيدا عن "المواجهة" مع ايران ، وبعيدا ايضا عن فكرة اعادة ترتيب الحكم في العراق و اقتلاع الفاسدين، كما يروج ، فهل المعقول ان تتم عملية ترتيب الحكم ، التي يحلم بها صغيري العقول ، من محافظات معينة دون بغداد والمحافظات الاخرى الوسطى والجنوبية ؟؟
وهل سيتم مواجهة "التمدد الايراني" المزعوم في المناطق "السنية" فقط ، والتي يخلو منها هذا التمدد المزعوم ؟؟
ان امريكا اجبن من ان تكون متوجهة لمواجهة ايران ، فلو ارادت ، فان لايران حدودها التي لم تتقرب القوات الامريكية منها على الاطلاق ، ولا حتى في عملية انتشارها الجديدة ، كما ان لايران تواجد واضح وغير مخفي في سورية ، فلماذا تركت ساحة مواجهته ، لتبحث عن ساحة اخرى لهذه المواجهة ؟
باختصار ..
امريكا لم ولن تفكر بالمواجهة العسكرية مع ايران ، لانها تعرف مسبقا نتائج هذه المواجهة غير المحمودة بالنسبة لها ، لما تمتلكه ايران من خيارات ، ومن مؤيدين ، يقيننا ان اي عدوان امريكا سيضاعفهم .
ان امريكا ، التي اقامت ورعت العملية السياسية ، وكتبت دستورها ، وجلبت رجالها واحزابها ، اجبن من ان تقوم بعمليةةفكيك هذه العملية السياسية او تخلخلها ، فهي تعلم جيدا ، ان المتربصين لذلك كثيرين ، منهم من له مشاركة في العملية السياسية ، ويملك القوة التي تؤهله للوثوب عليها وملئ اي فراغ يحدث فيها مع احتمال تدخل امريكي ، امريكا يمكن ان تخرج من هذه المقامرة ، خالية الوفاض ، محققة لنفسها هزيمة لمصلحة اعدائها، وفي المقدمة ايران .
ان هدف امريكا مرتبط بما يسمى صفقة القرن ، عن طريق اقامة اقليم سني ، يضم كركوك النفطية (لتمويل الاردن لمواجهة توطين الفلسطينين فيه وفي غزة كوطنين بديلين ، حيث لا يملك الاردن موارد يمكن ان تؤهله للقيام بدوره المطلوب في تنفيذ الصفقة ) الى بقية المدن الغربية ، صلاح الدين ، والموصل ، والانبار .. على ان يتم لاحقا ، الحاق الاقليم الى الاردن عبر اتفاق "وحدة" على شاكلة الاتحاد الهاشمي الموقع بين العراق الملكي والاردن .
والهدف ، هو قطع الطرق بين ايران وبقية معسكر المقاومة في سورية ولبنان ، وفلسطين المحتلةةايضا .
ان التخوف الصهيوني من الانسحاب الامريكي ، بدا يزول بعد تقديم مثل هذه الايضاحات من قبل الجانب الامريكي للكيان الصهيوني .
ان الانباء عن تقديم قائمة للرئيس ترامب من قبل "قائد" عراقي تضم تواقيع نواب وسياسيين ، وكشف زيارات لوفود عراقية الى الكيان الصهيوني ، ودعوة سياسي "عراقي" مبتذل من المناطق الغربية ، الاعتراف بااكيان الصهيوني ، مع كل الاشاعات ، والمؤتمرات ، والبيانات ، والجبهات الكاذبة التي يعلن عن تاسيسها ، تدخل ضمن التهيئة ، والتعبئة من اجل انضاج وانجاح هذا المقطع ضمن اطار صفقة القرن .
ان مشروع ترامب ، سيواجه الفشل والخذلان في العراق ، وسيضطر قريبا الى ان يضع جنوده حقائبهم على اكتافهم ، ويرحلوا من دون رجعة باذن الله ..
نعول على من نعول ممن يتمسك بخيار المقاومة .
والايام بيننا .
*.. استخدمنا اضطرارا مصطلحا طائفيا مرفوضا ، ليتوائم مع سياقات الموضوع .