يشيع قول الناس: «جئنا سوية لحضور الاحتفال» وفيه خطأ لأن كلمة سوية لها معانٍ كثيرة ولكنها بعيدة عن معنى المرافقة أو المصاحبة الجماعية المقصودة في العبارة، فالسوية تعني الاستواء والمماثلة في مثل قولنا «الناس سويّة أمام القضاء» أي على مستوى واحد لا يعلو أحدهم إلا بالحق.
والسويّة: العدل في القسمة «قسم الأب بين أبنائه بالسويّة» أي بالمساواة، والمعادلة في الحصص.
والسَّواء بفتح السين، مرادف للسوية في المماثلة والمعادلة والمساواة.
أما السِّواء بالكسر «كسر السين» فمعناه الأرض التي ترابها كالرمل.
الصواب أن نقول «جئنا معاً إلى مكان كذا» أي مترافقين.
وفي المعنى تستعمل «معاً» للمثنى والجمع بين الجنسين على أنها منصوبة حالاً للمثنى أو الجمع الذي نريده، مكتسبة العدد والجنس من معنى العبارة التي تدخلها، فالمرأتان جاءتا معاً والرجلان جاءا معاً والنساء جئن معاً، والرجال جاؤوا معاً.
- وتقول العرب في معرفة حقيقة الأمر «عند جهينة الخبر اليقين»:
وأصله أن الحُصَين الغطفاني خرج معه رجل من بني جهينة يقال له الأخنس بن كعب، وكان كل منهما فتاكاً غادراً، فوجدا رجلاً من بني لخم أمامه طعام وشراب فدعاهما فنزلا وأكلا وشربا معه، ثم ذهب الأخنس لبعض شأنه، ورجع فإذا اللخمي يتشحط في دمه، فقال للحصين: ويحك كيف فتكت بالرجل بعد أن تحرّمنا بطعامه وشرابه؟، فأجابه: أُقعد فقد خرجنا لمثل هذا. ثم شربا وتحدثا، وكان الحصين يشاغله ليفتك به ففطن الجهني لمراده.
وبعد ساعة قال له الحصين: يا أخا جُهينة هل أنت زاجرٌ للطير؟. قال: وما ذاك؟ قال: ما تقول في هذا العُقاب، أجاب: وأين تراها. قال: هي هذه ورفع رأسه إلى السماء. فوضع الجهني بادرة سيفه في نحره وقال: أنا الزاجر والناحر. واحتوى على أسلابه وأسلاب اللخمي وانصرف، فمرّ بقوم من قيس، وإذا امرأة تنشد الحصين، فقال لها: من أنت؟ قالت: أنا صخرة امرأة الحصين الغطفاني: فمضى وهو يقول:
تسائِلُ عن حُصَين كلَّ ركْبٍ وعند جهينة الخبرُ اليقينُ
◆ لسان الدين الخطيب:
نبيت على عـلم يقـين من الدهـر ونعلم أن الخلق في قبضة القهر
ونركــن للدنيـا اغــترارا بلهـوهــا وحسبك من يرجو الوفاء من الغدر
ونمطــل بالعـزم الزمان سـفاهــة فـيوم إلى يـوم وشــهر إلى شــهر
ونغري بما يفنى المطامع والهوى ونرفض ما يبقى فيا ضيعة العمر
وندفــع أحــبابا كـراما إلى الردى ونسلو ونلهو بعد ذاك عن الأمر
هـو الدهـر لا يبقـى على حـدثانه جديد ولا ينفك عن حادث نكر