للعرب آداب في مجالسهم يحترمون الجليس لأبعد الحدود، ويقدرون ضيفهم ويحترمونه، كما يفتحون قلوبهم له. قال المهلب: خير المجالس ما بعد فيه مدى الطرف وكثرت فيه فائدة الجليس. وقيل للأوسية: أي منظر أحسن فقالت: قصورٌ بيضٌ في حدائق خضرٍ.

 

وكان الأحنف إذا أتاه إنسان أوسع له، فإن لم يجد موضعاً تحرك ليريه أنه يوسع له، وكان آخر لا يوسع لأحد ويقول: “ثهلان ذو الهضبات ما يتحلحل”.

 

وقال ابن عباس: لجليسي علي ثلاثٌ: أن أرميه بطرفي إذا أقبل، وأن أوسع له إذا جلس، وأصغي إليه إذا تحدّث.

وقال الأحنف: ما جلست مجلساً فخفت أن أقوم عنه لغيري.

وكان يقول: لأن أدعى من بعيد فأجيب أحب إلي من أن أقصى من قريب. وكان القعقاع بن شور إذا جالسه رجل فعرفه بالقصد إليه جعل له نصيباً في ماله، وأعانه على عدوه، وشفع له في حاجته، وغدا إليه بعد المجالسة شاكراً.

وقسم معاوية يوماً آنية فضة ودفع إلى القعقاع حظه منها، فآثر به القعقاع أقرب القوم إليه، فقال:

وكنت جليس قعقاع بن شور

ولا يشقى بقعقاع جليس

ضحوك السن إن نطقوا بخير

وعند الشر مطراقٌ عبوس

وكان يقال: إياك وصدر المجلس فإنه مجلس قلعة.

وقيل لمحمد بن واسع: ألا تجلس متكئاً فقال: تلك جلسة الآمنين. وقال عمرو بن العاص: ثلاثة لا أملهم: جليسي ما فهم عني، وثوبي ما سترني، ودابتي ما حملت رجلي.

وزاد آخر: وامرأتي ما أحسنت عشرتي.

وذكر رجل عبد الملك بن مروان فقال: إنه لأخذ بأربع، تاركٌ لأربع: آخذ بأحسن الحديث إذا حدّث، وبأحسن الاستماع إذا حدّث، وبأحسن البشر إذا لقي، وبأيسر المؤونة إذا خولف. وكان تاركاً لمحادثة اللئيم، ومنازعة اللجوج، ومماراة السفيه، ومصاحبة المأبون. كان رجل من الأشراف إذا أتاه رجل عند انقضاء مجلسه قال: إنك جلست إلينا على حين قيامٍ منا أفتأذن. وقال الفضيل بن عياض للثوري: دلني على من أجلس إليه. قال: تلك حالةٌ لا توجد. لا تطعم طعامك من لا يشتهيه، يريد: لا تقبل بحديثك على من لا يقبل عليك بوجهه.

الخنساء:

فمـن لِقِـرَى الأضْيـافِ بعـدَكَ إنْ هُـمُ

قُبالَــكَ حَلّــوا ثــمّ نــادَوا فأســمَعُوا

كعهدهـــمِ اذْ انـــتَ حــيٌ واذْ لهـــمْ

لَدَيْــــكَ مَنـــــالاتٌ ورِيٌّ ومَشْــــــبَعُ

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 373 مشاهدة
نشرت فى 28 إبريل 2013 بواسطة islammy7

إسلامي

islammy7
»

ابحث

عدد زيارات الموقع

180,046