ونحن نعود إلى الهم اليومي مع عودة أبنائنا إلى المدارس تتداعى إلى الذاكرة أيام الطفولة والمعاناة في الذهاب إلى المدرسة، فلا حافلات تنقلنا، ولا آباء يوصلوننا، حيث نقطع مسافات تهد الحيل فلا نصل إلى المدرسة إلا وقد أخذ منا التعب والإرهاق مبلغاً كبيراً.
بدأت أمس أيام الدراسة بعد عطلة استمتع بها فلذات أكبادنا، وها هم يعودون ومنهم من يقولها وبصراحة أفٍ للعودة للمدرسة، ومن لم يقلها كتمها في نفسه، وهذه حال نسبة لا يستهان بها من أبنائنا الطلاب.
من خلال تجارب شخصية وتجارب محيطة من الأصدقاء يلاحظ أن جاذبية المدرسة في تراجع، لأسباب مختلفة يجب الوقوف عليها ومعالجتها، ونحن جميعاً نعيش مشكلة حقيقية مع أبنائنا، في تصحيح مفاهيم مترسخة في أذهانهم بأن العملية التعليمية، ابتداءً من الذهاب إلى المدرسة، وانتهاء بحل الواجبات المدرسية، هي فرض إجباري، أو عقوبة تفرضها المدرسة ويساهم الوالدان في إنجاز هذه العقوبة!
من خلال متابعة الأبناء نجد أن محاولاتنا في جذبهم وإقناعهم بجدوى وضرورة وأهمية الدراسة لن تفلح، إلا إذا استطاعت المدرسة كحاضنة تربوية أن تكون بيئة جاذبة، بحيث يرى أبناؤنا فيها فسحة و"ملعباً" لإبراز وتفجير طاقاتهم الدفينة وفرصة لإظهار إبداعهم.
هل نصل إلى مرحلة يستيقظ فيها أبناؤنا لوحدهم للذهاب إلى المدرسة دون الحاجة إلى مساعدتنا، وإلحاحنا اليومي المتعِب لنا ولهم، ويفقدهم ويفقدنا أحياناً التوازن، وهل نصل لجواب شاف للسؤال الذي يؤرق الآباء: لماذا يكره أبناؤنا المدرسة؟
هل هناك خلل في طرق التدريس بحيث لا تستطيع إيصال المعلومات بالشكل والقالب الصحيح، وهل تحتاج هذه الطرق إلى إعادة النظر فيها، أم أن السبب في نفور أبنائنا يكمن في الأرضية والأساس الذي أنشئوا عليه، هل نحتاج إلى تطوير في المنهج ليكون أكثر جاذبية؟
يحتاج الذهاب إلى المدرسة إلى تحفيز من الأسرة والبيت، ولن يجدي الدفع والإجبار، وعندما يصبح الذهاب إلى المدرسة فعلاً إرادياً ذاتياً من أبنائنا مقتنعين به، يمكن القول إننا بدأنا مرحلة جديدة من التعليم المعتمد على
أحمد شوقي:
أنـــــا المدرسةُ اجعلني كــــــــــأمِّ، لا تمـلْ عنـِّي
ولا تفـــْزَعْ كمأخــــــوذٍ مـن البيتِ إلى السِّجــــن
كأني وجـــــــــــهُ صيَّادٍ وأَنــت الطيرُ في الغصــن
ولا بُـــــــدَّ لـــك اليوْمَ ـ وإلا فغـــداً ـ مِنـــــــــِّي
أو استغنِ عــــن العقلِ إذنْ عنــــــــِّيَ تستغـنـي
أنـــــــا المصباحُ للفكرِ أنــا المفتاحُ للذَّهـــــــنِ
أنــــــا البابُ إلى المجدِ تعـــالَ ادخلْ على اليمـن
غــــــداً تَرْتَعُ في حَوْشِي ولا تشبعُ مـــن صحنـــي