لا أراكم ولا أرانا نجوم الظهر لا من عدو أو من صديق، لأننا عندها سنكون وستكونون في هول شديد.. إذا أرادت العرب وصف شدة الهول والكرب، أطلعت النجوم وسط النهار، فيقال في الوعيد سأريك نجوم الظهر، كأن النجوم طالعة في وسط النهار، وهو تعبير مستعمل بكثرة بيننا، وبين العامة..
نَجَمَ الشيءُ يَنْجُم، بالضم، نُجوماً: طَلَعَ وظهر.
ونَجَمَ النباتُ والنابُ والقَرْنُ والكوكبُ وغيرُ ذلك: طلَعَ. قال الله تعالى: والنَّجْمُ والشجرُ يَسْجُدانِ.
وكلُّ ما طلع وظهر فقد نَجَم.
وقد خُصَّ بالنَّجْم منه ما لا يقوم على ساقٍ، كما خُصَّ القائمُ على الساق منه بالشجر.
وقال أَهل اللغة: النجمُ بمعنى النُّجوم، والنُّجوم تَجمع الكواكب كلها. والنَّجْمُ الكوكب،
والنّجْمُ الثُّرَيَّا، وهو اسم لها علم مثل زيد وعمرو، فإِذا قالوا طلع النَّجْمُ يريدون الثرَيا،
وفي الحديث: إذا طلع النَّجْمُ ارتفعت العاهةُ، النَّجْمُ في الأصل: اسم لكل واحد من كواكب السماء، وهو بالثريَّا أخص، فإِذا أُطلق فإِنما يراد به هي، وهي المرادة في هذا الحديث، وأراد بطلوعها طُلوعَها عند الصبح، وذلك في العَشْرِ الأَوْسَط من أيَّارَ، وسقوطُها مع الصبح في العَشْر الأَوسط من تِشْرِينَ الآخِرِ، والعرب تزعم أَن بين طلوعها وغروبها أَمْراضاً ووَباءً وعاهاتٍ في الناس والإِبلِ والثِّمارِ، ومُدَّةُ مغيبِها، بحيث لا تُبْصَر في الليل نَيِّفٌ وخمسون ليلةً لأنها تخفى بقربها من الشمس قبلها وبعدها، فإِذا بعدت عنها ظهرت في الشَّرْق وقت الصبح؛ وقيل إن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَرادَ عاهةَ الثِّمارِ خاصة.
ونَجَّمْتُ المالَ إذا أَدَّيته نُجوماً؛ وقوله عز وجل: (فلا أُقْسِمُ بمواقع النُّجوم)؛ عنَى نُجومَ القرآن لأن القرآن أُنْزِل إلى سماء الدنيا جملة واحدة، ثم أُنزل على النبي، صلى الله عليه وسلم، آيةً آيةً، وكان بين أول ما نزل منه وآخره ثلاثة وعشرون سنة.
قال جرير:
والشمس طالعةٌ ليست بكاسفةٍ
تبكي عليك نجومَ الليل والقمرا
يقول إن الشمس طالعة وليست بكاسفة نجوم الليل، لشدّة الغمّ والكرب الذي فيه الناس.
ويقول طرفة بن العبد:
أصحوتَ اليومَ أم شاقتكَ هرّ ومِنَ الحُـــبّ جُــنونٌ مُسـْتَعِرْ
لا يكـــنْ حـبَّك داءً قـــاتلاً لَيس هذا منكِ، ماوِيَّ، بِحُــرّ
كيفَ أرجو حُبَّها منْ بَعدِ ما عَلِقَ القَـلْبُ بِنُصْبٍ مسْتَسِرّ
أرّق العـــينَ خـــيال لمْ يقرّ طافَ، والرّكْـبُ بصَحْراءِ يُسُرْ
وإذا تضــحكُ تُبـدي حــبباً كرضابٍ المسكِ بالماءِ الخصِرْ
تطــردُ القــرَّ بحــرٍّ صــادقٍ وعكـيكَ القـيظ إن جاءَ بقُـرّ