من جميل الشعر قصيدة الأطلال لإبراهيم ناجي والتي غنتها الراحلة كوكب الشرق أم كلثوم، وقد عدت من أجمل قصائد الحب وما لحن وما غني، والأجمل ذلك الاستهلال الجميل بـ «يا فؤادي لا تسل أين الهوى» حيث استبدل الملحن الراحل رياض السنباطي المطلع (يا فؤادي رحم الله الهوى) الأصلي في القصيدة، وأيضاً وضع ثلاثة أبيات من قصيدة أخرى بداية من بيت (هل رأى الحب سكارى مثلنا) حتى (وعدونا فسبقنا ظلنا).
تقول العرب «الفؤاد» عند الحديث عن الحب الذي ينشب في القلب، و«الفؤاد» هو «القلب»، وسمي الفؤاد لِتَفَؤدِه وتوقُّدِه، وقيل: وسَطُه، وقيل: الفؤاد غشاء القلب، والقلب حبته وسُوَيْداؤُه، فالفؤاد متوقد بالحب الذي يكويه ويقلّبه كما تشوى الذبيحة على النار وتقلب، واستعمل العرب الفؤاد في حالات الحب الشديد، الذي بلغ مبلغاً عظيماً.
يرى بعض اللغويين أن القلب والفؤاد بمعنى واحد، ويرى بعضهم أن أحدهما أخص من الآخر، بعضَ العرب يُسَمِّي لحمة القَلْب كُلها، شَحْمَها وحِجابَها: قَلْباً وفُؤَاداً، ولا يَفْرقُون بينهما؛ وقد يكون القلب هو العَلَقة السوداء في جوف الفؤاد، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أتاكم أهل اليمن، هم أرَقّ قلوباً، وألْيَنُ أفئدةً»، فوَصَفَ القلوبَ بالرِّقة، والأفْئِدة باللين، وكأن القَلْبَ أخَصُّ من الفؤَاد في الاستعمال، ولذلك قالوا: أَصَبْتُ حَبَّةَ قلبه، وسُوَيْداءَ قلبه، وربما يكون القلب بمعنى الفؤاد تماماً، لكن النبي صلى الله عليه وسلم وزع الأوصاف إليهما، على سبيل الترادف والتنويع في الكلام، لا على سبيل الافتراق، وقال بعض العلماء: الفؤاد كالقلب، لكن يقال له فؤاد إذا اعتبر فيه معنى التَفؤُدّ أي: التوقد يقال: فأدت اللحم: شويته ولحم فئيد: مشويّ.
قال الله عزّ وجل «.... فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاس تَهْوِي إِلَيْهِمْ»، فهذه الآية تشير إلى منطقة العواطف في الفؤاد، فلا يمكن أن يقوم الناس بزيارة هذا الوادي الخالي من الزرع والماء إلا أنه يمثل لهم عاطفة ما. وإِذا شوي اللحمُ فوق الجمْرِ، فهو مُفْأَدٌ وفئيد.
قيس بن الملوح:
فـــــؤادي بين أضلاعــي غريب
يُنادي مَن يُحبُّ فــلا يُجيــبُ
أحــــاط به البلاء فكــــــل يوم
تقارعه الصبابـــــة والنحيـــب
إبراهيم ناجي:
يا فـــــؤادي، رحمَ الله الهـــوى
كـان صرحاً من خيال فهـــوى
اسقني واشـــــربْ على أطلالــه
واروِ عني، طالما الدمـــعُ روى
كيف ذاك الحـــــب أمسى خبراً
وحديثاً من أحاديث الجـــوى