جلسة 17 فبراير 2015( الدائرة الاولى ) الدعوى رقم 9965 لسنة 69 ق . قضاء ادارى
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولى
بالجلسة المنعقدة علناً في يوم الثلاثاء الموافق 17 / 2 /2015
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ يحيى أحمد راغب دكرورى نائب رئيس مجلس الدولة
ورئيس محكمة القضاء الإداري
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ عبد المجيد أحمد حسن المقنن نائب رئيس مجلس الدولة
والسيد الأستاذ المستشار / محمود فؤاد عبد العزيز محمد نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السـيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد الدمرداش العقالى مـفـوض الدولـة وسـكرتـارية الســـــيد / سامى عبد الله خليفة أمـيـن الســر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أصدرت الحكم الآتي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الدعوى رقم 9965 لسنة 69 ق
المقامة من:
1 – أحمد محى الدين إبراهيم مجاهد
2 – سمير سليمان أحمد ناصر
ضـد
1 – رئيس الجمهورية ” بصفته “
2 – رئيس مجلس الوزراء ” بصفته “
3 – رئيس مجلس إدارة بنك التعمير والإسكان ” بصفته “
﴿ الوقائــع ﴾
أقام المدعيان الدعوى الماثلة بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 16/11/2014 طلبا فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر من رئيس مجلس الوزراء بتطبيق أحكام المرسوم بقانون رقم 63 لسنة 2014 بشأن الحد الأقصى للدخول للعاملين بأجر بالدولة عليهما بوصفهما من العاملين ببنك التعمير والإسكان مع ما يترتب على ذلك من آثار ، أخصها عدم خضوعهما وغيرهما من سائر العاملين ببنك التعمير والإسكان ( شركة مساهمة مصرية ) وما يتقاضونه من أجور من البنك لأحكام القرار بقانون رقم 63 لسنة 2014 مع إلزام جهة الإدارة بالمصروفات والأتعاب فى كل الأحوال .
وذكر المدعيان شرحاً لدعواهما أنهما من الكوادر الفنية المتخصصة فى مجال العمل المصرفى ونظراً لخبرتهما تم تعيينهما مساعدين للعضو المنتدب لبنك التعمير والإسكان ، – شركة مساهمة مصرية منشأة وفقاً لأحكام قانون استثمار المال العربى والأجنبى والمناطق الحرة رقم 43 لسنة 1974 وتعديلاته – وهذا البنك يعد من أكبر المصارف العاملة فى القطرين المصرى والعربى ، وأنهما مفوضين من جانب مجلس الإدارة فى القيام بالأعمال التنفيذية للبنك بالإضافة إلى عملهما كمساعدين للعضو المنتدب ، وأنهما فوجئا بتاريخ 19/10/2014 بورود كتاب البنك المركزى المصرى رقم 144 بتاريخ 16/10/2014 متضمنا إخطار البنك بصورة كتاب رئيس هيئة مستشارى مجلس الوزراء المؤرخ 16/10/2014 الذى انتهى إلى خضوع العاملين ببنك التعمير والإسكان لأحكام القرار بقانون رقم 63 لسنة 2014 وموافقة رئيس مجلس الوزراء على ذلك الرأى والتنبيه على البنك بتطبيق الحد الأقصى للدخول على العاملين به ، وأن كتاب هيئة مستشارى مجلس الوزراء استند إلى أن بنك التعمير والإسكان يساهم فيه كل من هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة والبنك الأهلى المصرى وبنك مصر وبنك القاهرة وبنك الإسكندرية والبنك العقارى العربى وهيئة الأوقاف المصرية وبعض شركات القطاع العام ، وأنه يعد شركة مساهمة يمتلك رأسمالها هيئات عامة وبنوك وشركات قطاع عام وعليه فإن العاملين بالبنك يخضعون لأحكام القرار بقانون رقم 63 لسنة 2014 والقواعد المنفذة له الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1265 لسنة 2014 ، ونعى المدعيان على قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1265 لسنة 2014 مخالفته للقرار بقانون رقم 63 لسنة 2014 الذى حدد فى المادة الأولى منه الأشخاص المخاطبين بأحكامه وليس من بينهم العاملين ببنك التعمير والإسكان إذ أنه شركة مساهمة ، كما أن البنك لا يعد من الأشخاص الاعتبارية العامة فى مفهوم القانون رقم 97 لسنة 1983 بشأن الهيئات العامة وهو ما أكدت عليه المحكمة الإدارية العليا بحكمها الصادر فى الطعن رقم 1656 لسنة 33 ق . عليا بجلسة 7/2/1989 من أنه وإن كانت نسبة مساهمة وزارة التعمير والمجتمعات الجديدة وشركات بنوك القطاع العام فى رأسمال بنك التعمير والإسكان تبلغ أكثر من 51% بما مؤداه بحسب الأصل المقرر بالقانون رقم 92 لسنة 1983 اعتباره شركة قطاع عام ، إلا أنه لا يعتبر كذلك عملاً بالاستثناء المقرر بالمادة 18 من ذات القانون فى فقرتها الأخيرة للشركات المنشأة طبقاً لأحكام قانون نظام استثمار رأس المال العربى والأجنبى والمناطق الحرة رقم 43 لسنة 1974 ، على أن يظل البنك من شركات القطاع الخاص أياً كانت الطبيعة القانونية للأموال المساهمة بالبنك ، واستطرد المدعيان فى سرد مثالب القرار المطعون فيه بمخالفته للقانون وإساءة استعمال السلطة والانحراف بها لعدم وجود رابط بين البنك والدولة يمكن بمقتضاه القول بأيلولة المبالغ التى تزيد على الحد الأقصى للدخول إلى الخزانة العامة ، وكذلك مخالفة القرار لقواعد التفسير والتطبيق للقاعدة القانونية لأنه لا يجوز اعتبار البنك من قبيل بنوك القطاع العام طبقاً لأحكام القانون رقم 88 لسنة 2003 بشأن الجهاز المصرفى لاختلاف بنوك القطاع العام عن بنوك القطاع الخاص من حيث تشكيل مجلس الإدارة وتعيين رئيس المجلس وتشكيل الجمعية العمومية والتصرف فى فائض الأرباح ، ونعى المدعيان على القرار كذلك مخالفته للحالة الواقعية إذ استند إلى تحديد المساهمين بالبنك على نحو يغاير ويخالف حقيقة الواقع إذ أن المساهمين بالبنك وفقاً للثابت من صحيفة الاستثمار الصادرة فى 2/10/2012 لا تشمل البنوك التى عددها كتاب هيئة مستشارى مجلس الوزراء بما ينطوى على مخالفة صريحة وواضحة ويترتب عليها إهدار الأسباب التى استند إليها القرار المطعون عليه واختتم المدعيان دعواهما بطلباتهما سالفة البيان .
ونظرت المحكمة الشق العاجل من الدعوى بجلسة 6/1/2015 حيث قدم الحاضر عن المدعيين ست حوافظ مستندات ومذكرة دفاع وقررت المحكمة التأجيل لجلسة 20/1/2015 لتقدم هيئة مفوضى الدولة تقرير بالرأى القانونى فى الدعوى ، وأودعت الهيئة تقريراً بالرأى القانونى قبل الجلسة ، وبجلسة 20/1/2015 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الدعوى بجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات فى أسبوع ولم ترد أية مذكرات خلال الأجل ، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به .
المحكمة
*********
بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع الإيضاحات ، والمداولة .
من حيث إن تكييف الدعوى هو من تصريف المحكمة إذ عليها بما لها من هيمنة على تكييف الخصوم لطلباتهم أن تتقصى حقيقة هذه الطلبات , وأن تستظهر مراميها وما قصده الخصوم من إبدائها وأن تعطى الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح على هدى مما تستنبطه من واقع الحال وملابساته دون أن تتقيد بتكييف الخصوم لطلباتهم .
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه صدر القرار بقانون رقم 63 لسنة 2014 بشأن الحد الأقصى للدخول للعاملين بأجر لدى أجهزة الدولة , وأناط القرار بقانون فى مادته الثالثة برئيس مجلس الوزراء إصدار القواعد اللازمة لتنفيذ أحكامه , فأصدر رئيس مجلس الوزراء القرار رقم 1265 لسنة 2014 بالقواعد التنفيذية للقرار بقانون , وإذ امتنع بنك التعمير والإسكان عن تطبيق أحكام القرار بقانون وقرار رئيس مجلس الوزراء سالفى البيان , فما كان من محافظ البنك المركزي إلا مخاطبة هيئة مستشاري مجلس الوزراء لإفادته فى شأن امتناع بنك التعمير والإسكان وغيره من البنوك عن تطبيق القرارين المشار إليهما , وورد إلى محافظ البنك المركزي كتاب رئيس هيئة مستشاري مجلس الوزراء المؤرخ 16/10/2014 برقم صادر 2483 متضمنا خضوع العاملين ببنك التعمير والإسكان إلى أحكام القرار بقانون رقم 63 لسنة 2014 والقواعد المنفذة له الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1265 لسنة 2014 , وموافقة رئيس مجلس الوزراء على هذا الرأي , بما مؤداه أن حقيقة طلبات المدعيين فى الدعوى الماثلة هي الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء فيما تضمنه من سريان أحكام القرار بقانون رقم 63 لسنة 2014 بشأن الحد الأقصى لدخول العاملين بأجر لدى أجهزة الدولة , وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1265 لسنة 2014 بالقواعد التنفيذية لأحكام هذا القرار بقانون , على العاملين ببنك التعمير والإسكان , مع ما يترتب على ذلك من آثار .
ومن حيث إنه عن شكل الدعوى وإذ استوفت سائر أوضاعها الشكلية فإنها تكون مقبولة شكلا .
ومن حيث إن بحث موضوع الدعوى يغنى بحسب الأصل عن بحث الشق العاجل منها .
ومن حيث إنه عن موضوع الدعوى فإن الدستور الحالي الصادر عام 2014 ينص فى المادة 27 على أن ” يهدف النظام الاقتصادي إلى تحقيق الرخاء فى البلاد من خلال التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية , بما يكفل رفع معدل النمو الحقيقي للاقتصاد القومي , ورفع مستوى المعيشة , وزيادة فرص العمل وتقليل معدلات البطالة , والقضاء على الفقر …………………………………………………………
ويلتزم النظام الاقتصادي اجتماعيا بضمان تكافؤ الفرص والتوزيع العادل لعوائد التنمية وتقليل الفوارق بين الدخول والالتزام بحد أدني للأجور والمعاشات يضمن الحياة الكريمة , وبحد أقصى فى أجهزة الدولة لكل من يعمل بأجر وفقاً للقانون ” وينص فى المادة 33 على أن ” تحمى الدولة الملكية بأنواعها الثلاثة , الملكية العامة , والملكية الخاصة , والملكية التعاونية “. وينص فى المادة 35 على أن ” الملكية الخاصة مصونة وحق الإرث فيها مكفول , ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا في الأحوال المبينة فى القانون , وبحكم قضائي , ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل يدفع مقدماً وفقا للقانون “. وينص فى المادة 36 على أن ” تعمل الدولة على تحفيز القطاع الخاص لأداء مسؤوليته الاجتماعية فى خدمة الاقتصاد الوطني والمجتمع ” . وينص فى المادة 40 على أن ” المصادرة العامة للأموال محظورة ولا تجوز المصادرة الخاصة , إلا بحكم قضائي ………. ” وينص فى المادة 94 على أن ” سيادة القانون أساس الحكم فى الدولة وتخضع الدولة للقانون , …………………… ” وينص فى المادة 170 على أن ” يصدر رئيس مجلس الوزراء اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعطيل , أو تعديل , أو إعفاء من تنفيذها , وله أن يفوض غيره فى إصدارها , إلا إذا حدد القانون من يصدر اللوائح اللازمة لتنفيذه .”
ومن حيث إن قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 63 لسنة 2014 بشأن الحد الأقصى للدخول للعاملين بأجر لدى أجهزة الدولة ينص فى المادة الأولى منه على أن ” لا يجوز أن يزيد على خمسة وثلاثين مثل الحد الأدنى وبما لا يجاوز اثنين وأربعين ألف جنيه شهريا صافى الدخل الذي يتقاضاه من أموال الدولة أو من أموال الهيئات والشركات التابعة لها أو الشركات التي تساهم هذه الجهات فى رأسمالها أي شخص من العاملين بالجهاز الإداري للدولة ووحدات الإدارة المحلية والأجهزة التي لها موازنات خاصة بها والهيئات العامة والقومية الاقتصادية والخدمية وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة والعاملين الذين تنظم شئون توظفهم قوانين أو كادرات خاصة وذلك سواء كان العامل شاغلا لوظيفة دائمة أو مؤقتة أو مستشارا أو خبيرا وطنيا أو بأي صفة أخرى , وسواء كان ما يتقاضاه من جهة عمله الأصلي أو من أية جهة أخرى بصفة مرتب أو أجر أو مكافأة لأي سبب كان أو حافز أو أجر إضافي أو جهود غير عادية أو بدل أو مقابل حضور جلسات مجالس إدارة أو لجان , ولا يسرى ذلك على المبالغ التي تصرف مقابل نفقات فعلية مؤداه فى صورة بدل سفر أو مصاريف انتقال أو إقامة متى كان صرفها فى حدود القواعد والنظم المعمول بها .
ولا يسرى الحد الأقصى المشار إليه بالفقرة الأولى على العاملين بهيئات التمثيل الدبلوماسي والقنصلي والتجارى وغيرهم ممن يمثلون جمهورية مصر العربية أثناء مدة عملهم فى الخارج “.
وينص فى المادة الثانية على أن ” على أية جهة من الجهات المنصوص عليها فى المادة الأولى تقوم بصرف مبالغ من أموال الدولة أو من أموال الهيئات والشركات التابعة للدولة لأي شخص من العاملين المذكورين فى المادة سالفة الذكر إبلاغ الجهة التابع لها العامل بجميع المبالغ التي يتقاضاها منها فى أية صورة وذلك خلال ثلاثين يوما من تاريخ صرفها وعلى مراقبي حسابات وزارة المالية والجهاز المركزي للمحاسبات التحقق من تمام إبلاغ الجهة التابع لها العامل بما تقدم وكل مخالفة لذلك يسأل العامل المختص بجهة الصرف عنها تأديبيا .
ويحسب الحد الأقصى الشهري المنصوص عليه فى المادة السابقة على أساس مجموع ما يتقاضاه العامل خلال العام مقسوما على اثني عشر شهرا ويؤول إلى الخزانة العامة المبلغ الذي يزيد على ذلك وتجرى المحاسبة فى نهاية ديسمبر من كل سنة “. وينص فى المادة الثالثة على أن ” يصدر رئيس مجلس الوزراء القواعد اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القرار بقانون خلال خمسة عشر يوما من تاريخ العمل به ” .
ونفاذاً لذلك أصدر رئيس مجلس الوزراء القرار رقم 1265 لسنة 2014 بالقواعد التنفيذية لأحكام القرار بقانون رقم 63 لسنة 2014 , بشأن الحد الأقصى للدخول للعاملين بأجر لدى أجهزة الدولة ونص فى المادة الأولى منه على أن ” يتحدد صافى الدخل الشهري المنصوص عليه فى القرار بقانون رقم 63 لسنة 2014 بمجموع ما يتقاضاه العامل خلال العام الميلادي مقسوما على اثني عشر شهرا .
ويدخل فى مفهوم صافى الدخل ما يتقاضاه أى شخص من العاملين فى إحدى الجهات المنصوص عليها فى المادة الثانية من هذا القرار من أموال الدولة أو الهيئات والشركات التابعة لها أو الشركات التي تساهم هذه الجهات فى رأسمالها تحت مسمى أجر أو مرتب أو مكافأة أو حافز أو أجر إضافى أو جهود غير عادية أو بدل أو مقابل حضور جلسات مجالس إدارة أو لجان سواء فى جهة عمله الأصلي أو فى أية جهة أخرى , ولا يسرى حكم الفقرتين السابقتين على بدلات السفر ومصاريف الانتقال والإقامة المقررة لمهام محددة متى كان صرفها فى حدود القواعد والنظم المعمول بها “. ونصت المادة الثانية على أن ” تسرى أحكام القرار بقانون رقم 63 لسنة 2014 المشار إليه على الفئات الآتية :
العاملين بالجهاز الإدارى للدولة ووحدات الإدارة المحلية والأجهزة التى لها موازنات خاصة . العاملين بالهيئات العامة والقومية الخدمية والاقتصادية أيا كانت أداة إنشائها , العاملين بالأشخاص الاعتبارية العامة – أيا كان مسماها أو أداة إنشائها – ومنها : البنك المركزي المصري , بنك ناصر الاجتماعي , بنك الاستثمار القومي , بنك التنمية والائتمان الزراعي , الأزهر الشريف والهيئات التابعة له , اتحاد الإذاعة والتليفزيون , الجهاز القومي لتنظيم مرفق الاتصالات , جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك , جهاز تنظيم مرفق مياه الشرب والصرف الصحي , جهاز تنظيم التجارة الداخلية , جهاز تنظيم المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية , المجلس القومي للمرأة , المجلس القومي للسكان ,المجلس القومي للطفولة والأمومة , المجلس القومي لرعاية أسر الشهداء والمصابين , المجلس القومي لرعاية ذوى الإعاقة , وغيرها. العاملين الذين تنظم شئون توظفهم قوانين أو كادرات خاصة ويشمل ذلك : أعضاء ورجال الجهات والهيئات القضائية , القوات المسلحة , هيئات التدريس والبحوث بالجامعات وغيرها من الجهات التي تطبق أحكام قانون تنظيم الجامعات , هيئة الشرطة , الجهاز المركزى للمحاسبات , هيئة الرقابة الإدارية , السلك الدبلوماسي والقنصلي والسلك التجاري . العاملين المخاطبين بأحكام قانون نظام العاملين فى القطاع العام . العاملين المخاطبين بأحكام قانون شركات قطاع الأعمال العام . العاملين ببنوك القطاع العام المخاطبين بأحكام قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد . العاملين بالشركة القابضة لكهرباء مصر والشركات التابعة لها . العاملين بالشركة المصرية للاتصالات . وتسرى هذه الأحكام على الشاغلين للوظائف في الجهات السابقة سواء كان الشغل للوظيفة بصفة دائمة أو مؤقتة أو مستشاراً أو خبيراً وطنياً أو بأي صفة أخرى , ولا تسرى هذه الأحكام على العاملين بهيئات التمثيل الدبلوماسي و القنصلي والتجاري وغيرهم ممن يمثلون جمهورية مصر العربية أثناء فترة عملهم في الخارج “.
وتنص المادة الثالثة على أن ” تقوم كل من الجهات التي تسرى عليها أحكام هذا القرار باتباع الإجراءات التالية : 1- تخصيص مجموعة عمل داخل كل وحدة حسابية بكل جهة تقوم بتحديد قيمة ما يتقاضاه العامل ومصادره ونوعياته مع تحديد المبالغ الزائدة عن الحد الأقصى للدخل . 2- إخطار العامل عن طريق الوحدة الحسابية بقيمة المبالغ التي صرفها بالزيادة عن الحد الأقصى للدخل وذلك خلال ثلاثين يوما من نهاية عام الصرف ” ونصت المادة الرابعة على أن ” يلتزم كل عامل حصل على مبلغ يزيد عن الحد الأقصى المحدد بالقرار بقانون رقم 63 لسنة 2014 برد المبلغ الزائد إلى الوحدة الحسابية للجهة التابع لها خلال ثلاثين يوما من تاريخ إخطاره بقيمة المبلغ الزائد عن الحد الأقصى للدخل وفى حالة امتناعه عن رد المبلغ تقوم الجهة الإدارية التابع لها باستقطاع هذا المبلغ من أية مبالغ تكون مستحقة له لديها أو لدى أية جهة أخرى وذلك في موعد غايته نهاية شهر ديسمبر من العام التالي لعام الصرف وذلك كله فى حدود القواعد المقررة قانونا . وعلى الجهات الإدارية المعنية والمنصوص عليها في المادة الثانية من هذا القرار تسديد المبالغ التي نتجت عن تطبيق أحكام القرار بقانون إلى حساب الخزانة العامة حساب المبالغ الزائدة على الحد الأقصى للدخول رقم (51_81554_450_9) بوزارة المالية خلال عشرة أيام من تاريخ تحصيلها أو استقطاعها .”
ونصت المادة الخامسة على أن “تلتزم الجهات التي تؤدي مبالغ تحت أى مسمى من المسميات للعاملين أو المستشارين أو الخبراء بالجهات التي يسرى عليها أحكام القرار بقانون رقم 63 لسنة 2014 بإبلاغ الجهات التي يتبعها هؤلاء العاملين أو المستشارين أو الخبراء بما صرفته لكل منهم خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صرف هذه المبالغ نقداً أو بشيكات وفى حالة مخالفة ذلك يسأل العامل المختص بجهة الصرف عنها تأديبياً وعلى مراقبي الحسابات بوزرة المالية والجهاز المركزي للمحاسبات التحقق من تمام إبلاغ الجهة التابع لها العامل بذلك ” .
ومن حيث إنه وإن كان مفاد ما تقدم أن المشرع الدستوري حرص لدى تنظيمه للمقومات الاقتصادية للمجتمع على كفالة مبدأ العدالة الاجتماعية وذلك بالنص على الالتزام بحد أدني للأجور والمعاشات يضمن الحياة الكريمة للمواطنين , وحد أقصى للعاملين بأجر لدى أجهزة الدولة , بهدف تقليل الفوارق بين الدخول , إلا أنه ينبغي على المشرع لدى تنظيمه للحد الأقصى أن يتم هذا التنظيم فى إطار احترام المبادئ الدستورية الأخرى المقررة بما يحقق تكامل أحكام الدستور ويكفل عدم انعزال بعضها عن بعض فى إطار من الوحدة العضوية التي تجمعها وتصون رابطها ,وفى مقدمة هذه المبادئ الحق فى العمل باعتباره حقاً وواجباً وشرفاً مكفول من الدولة سواء بتشريعاتها أو بغير ذلك من التدابير وإعلائها لقدر العمل وارتقائها بقيمته يحملها على تقدير من يمتازون ليكون التمايز فى أداء العاملين مدخلاً للمفاضلة بينهم وهو ما يعنى بالضرورة أن الشروط الموضوعية وحدها هي التي يعتد بها فى تقدير العمل وتحديد المقابل المستحق عنه , وذلك لتحقيق عدالة الأجر والتي لا تنفصل عن الأعمال التى يؤديها العامل سواء فى نوعها أو كمها فلا عمل بلا أجر , ولا يكون الأجر مقابل للعمل إلا بتوافر شرطين أولهما أن يكون متناسباً مع الأعمال التي أداها العامل مقدراً بمراعاة أهميتها وصعوبتها وتعقدها ومسئوليتها وغير ذلك من العناصر الواقعية التى يتحدد فى ضوئها نطاق وزنها , وثانيهما أن يكون ضابط التقدير موحد فلا تتعدد معايير التقدير بما يباعد بينها وبين الأسس الموضوعية لتحديد الأجر , وهو ما يعنى أن لا يكون مقدار الأجر محدد التواءً أو انحرافا , وانطلاقا من أن الأجر مقابل العمل , وأن الوفاء بالأجر تأكيد للعدل الاجتماعي , كان ذلك التزاماً أحق بالحماية الدستورية كلما كان الأجر مقابلاً لعمل تم أداؤه فى نطاق رابطة عقدية أو علاقة تنظيمية ارتبط طرفاها بها وتحدد الأجر من خلالها , نزولاً على حقيقة أن الأجر وفرص العمل وربطهما معا بالإنتاجية تمثل جميعها ملامح أساسية لخطة التنمية الشاملة التى تنظم اقتصاد الدولة وتتوخى زيادة الدخل القومى وتضمن عدالة توزيعه ، ثم يلى ذلك ألا ينطوى تنظيم الحد الأقصى للأجور على عدوان على المال الخاص الذي أولاه المشرع الدستوري رعاية خاصة إذ قرر أن الملكية الخاصة – سواء ملكية الأفراد أو ملكية الأشخاص الاعتبارية الخاصة – مصونة من أى اعتداء ولا يجوز فرض الحراسة عليها أو مصادرتها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون وبحكم قضائي .
ومن حيث إن المشرع الدستورى عهد إلى رئيس مجلس الوزراء أو من يعينه القانون إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين شريطة ألا تتضمن تعديلاً لحكم فى القانون ، أو تعطيلاً لمقتضاه أو إعفاء من تنفيذه ، ولا أن تتناول بالتنظيم ما لم ينظمه القانون ، ذلك أن اللوائح التنفيذية تفصل ما ورد إجمالاً من نصوص ، وتفسر ما غمض منها وفقاً للضوابط المشار إليها ، فلا يملك التشريع اللائحى المفصل أو المفسر تعطيل أو تعديل أو الإعفاء من حكم النص الذى يسنه المشرع ، ومن ثم فإن هذه اللوائح لا تعد تشريعاً نافذاً إلا بالقدر الذى لا تنطوى فيه على ما يعد تعديلاً أو تعطيلاً لأحكام القانون أو إعفاء من تنفيذه ، فإن انطوت على ذلك فقدت قوتها الملزمة كتشريع فى خصوصية ما خالفت فيه القانون ، وتهوى بها هذه المخالفة إلى درك الانعدام ، إذ تصبح تشريعاً مشوباً بعيب عدم الاختصاص الجسيم لصدوره من السلطة التنفيذية فى غير الأحوال المقررة قانوناً ، فضلاً عن مخالفتها للدستور الذى حدد الجهات التى تتولى إصدار القوانين سواء السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية فى الأحوال المرخص بها .
ومن حيث إنه نزولاً على الالتزام الدستورى بتحديد حد أقصى للدخول للعاملين بأجر بأجهزة الدولة أصدر رئيس الجمهورية القرار بقانون رقم 63 لسنة 2014 المشار إليه ، تناول فيه تحديد المخاطبين بأحكامه على سبيل الحصر وهم العاملون بالجهاز الإداري للدولة ووحدات الإدارة المحلية والأجهزة التى لها موازنات خاصة والهيئات العامة والقومية الاقتصادية والخدمية وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة ، والعاملون الذين تنظم شئون توظفهم قوانين أو كادرات خاصة ، وحدد بوضوح الجهات التى يحصل منها المخاطبون بأحكامه على الدخل وحصرها فى الدولة والهيئات والشركات التابعة لها والشركات التى تساهم هذه الجهات فى رأسمالها ، وحدد الحد الأقصى لصافى الدخل الذى لا يجوز أن يتجاوزه المخاطبون بأحكامه من الجهات المشار إليها ، بأنه خمسة وثلاثون مثل الحد الأدنى للأجور وبما لا يجاوز اثنين وأربعين ألف جنيه شهرياً .
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية والتعاون الاقتصادى أصدر القرار رقم 147 لسنة 1979 بالترخيص بتأسيس بنك التعمير والإسكان شركة مساهمة مصرية وفقاً لأحكام القانون رقم 43 لسنة 1974باستثمار المال العربى والأجنبى والمناطق الحرة المعدل بالقانون رقم 32 لسنة 1977 ،ووفقاً لحكم المادة 9 من قانون نظام استثمار المال العربي والأجنبى والمناطق الحرة الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1974 فإن الشركات المنتفعة بأحكام هذا القانون تعتبر من شركات القطاع الخاص أياً كانت الطبيعة القانونية للأموال الوطنية المساهمة فيها ولا تسرى عليها التشريعات واللوائح والتنظيمات الخاصة بالقطاع العام أو العاملين فيه ، وقد تضمن النظام الاساسى للبنك أن الجمعية العمومية للبنك تتكون من جميع المساهمين بالبنك وتختص بالتصديق على الميزانية وعلى حساب الأرباح والخسائر وتحديد حصص الأرباح التى توزع على المساهمين والموظفين والعمال وانتخاب مراقبى الحسابات وتحديد مكافآتهما وانتخاب أعضاء مجلس الإدارة ، كما تضمن أن مجلس الإدارة هو المنوط به إدارة البنك وله كافة الصلاحيات ، الأمر الذى يقطع بما لا يدع مجالاً للتأويل أو التفسير بأن بنك التعمير والإسكان شخص من أشخاص القانون الخاص .
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم ولما كان القرار بقانون رقم 63 لسنة 2014 بشأن الحد الأقصى للدخول للعاملين بأجر لدى أجهزة الدولة قد عهد إلى رئيس مجلس الوزراء إصدار القواعد اللازمة لتنفيذ أحكامه ، ونفاذاً لذلك أصدر رئيس مجلس الوزراء القرار رقم 1265 لسنة 2014 بالقواعد التنفيذية للقرار بقانون سالف البيان ، واستند القرار المطعون فيه فى خضوع العاملين ببنك التعمير والإسكان لأحكام القرارين سالفى البيان ، وعلى نحو ما تضمنته مذكرة هيئة مستشارى مجلس الوزراء إلى أن البنك المشار إليه يعد شركة مساهمة يملك رأسمالها هيئات عامة وبنوك وشركات قطاع عام وبالتالى يخضع العاملون به لأحكام القرارين سالفى البيان ، وعليه فإن القرار المطعون فيه على هذا النحو ، ينطوى على مخالفة صريحة لأحكام القرار بقانون ، والذى حدد فى عبارات صريحة جلية واضحة المخاطبين بأحكامه على سبيل الحصر وليس من بينهم العاملين بالشركات ، فضلاً عن أن القرار بقانون سالف البيان ألزم الجهات التى يحصل منها المخاطبون بأحكامه على الأجر بإبلاغ جهات عملهم بالمبالغ التى تصرف لهم ، دون أن يمد نطاق تطبيقه على العاملين بكافة هذه الجهات ، لأن بعض هذه الجهات من الأشخاص الاعتبارية الخاصة وذلك اتقاء شبهة مخالفة الدستور ، فمن ثم يكون قرار رئيس مجلس الوزراء المطعون عليه بالموافقة على سريان أحكام القرار بقانون سالف البيان على العاملين ببنك التعمير والإسكان ، قد استن قاعدة قانونية جديدة لم يتضمنها القرار بقانون ، ويعد بذلك تشريعاً منعدماً ولا إلزام له ولا سند لتنفيذه فى الواقع ، وذلك لمخالفته الالتزام الدستورى الذى يقضى بأن اللوائح الصادرة لتنفيذ القوانين لا تتضمن تعديلاً لحكم فى القانون ، أو تعطيلاً لمقتضاه ، أو إعفاء من تنفيذه ، ولا أن تتناول بالتنظيم ما لم ينظمه القانون ، وما انتهجه القرار الطعين ينطوى على تعديل للقاعدة القانونية ، واستحداث قاعدة قانونية جديدة ، صادرة من غير مختص بالمخالفة للدستور ، وأيضاً مخالفته للمادة 27 من الدستور والتى نصت صراحة على الالتزام بتقرير الحد الأقصى للأجور للعاملين بأجر بأجهزة الدولة وعبارة أجهزة الدولة لا تنصرف إلا للأجهزة التى تندرج فى نطاق السلطة التنفيذية للدولة وعلى نحو ما حدده الدستور ، ولا ينسحب لغيرها ، والبنك المشار إليه وفقاً لسند إنشائه وعلى نحو ما سلف بيانه لا يندرج بأى حال ضمن أجهزة الدولة وهو ما ينفى الزعم كذلك بأن العاملين بالبنك يندرجوا ضمن العاملين الذين تنظم شئون توظفهم قوانين أو كادرات خاصة ، إذ المعنى المراد من ذلك هم العاملون بأجهزة الدولة الذين تنظم شئون توظفهم قوانين أو كادرات خاصة وهو ما لا ينطبق على العاملين بالبنك المشار إليه ، وكذلك فإنه من شأن تطبيق القرار بقانون رقم 63 لسنة 2014 على العاملين بالبنك المشار إليه وخضوعهم لأحكامه أيلولة المبالغ التى تصرف لهؤلاء العاملين بالزيادة على الحد الأقصى المقرر قانوناً للخزانة العامة ، فهو من ناحية يشكل سلباً لاختصاصات الجمعية العمومية ومجلس إدارة البنك ، باعتبارهما المنوط بهما إدارة البنك وتصريف أموره لكونه من أشخاص القانون الخاص ، ومن ناحية أخرى يعد مصادرة للمال الخاص بالبنك فى غير الأحوال المقررة قانوناً ودون حكم قضائى ، ومن ناحية ثالثة يشكل اعتداءً على أول الحقوق الأساسية للعامل وهو الحق فى تقاضى أجر مقابل العمل إذ أن العامل حينما ينخرط فى العمل ، إنما يضع فى اعتباره المقابل الذى سيتقاضاه والذى تم الاتفاق والتعاقد عليه وفقاً للقوانين والعقود المنظمة لعلاقات العمل ، فإذا ما تم الانتقاص من هذا المقابل دون مقتضى قانونى عد ذلك مصادرة للمال الخاص بالعامل فى غير الأحوال المقررة قانوناً ودون حكم قضائى ، ويمثل كذلك تقويضاً للبنك – وهو من أشخاص القانون الخاص – عن أداء دوره الاجتماعى فى خدمة الاقتصاد الوطنى والمجتمع بالمخالفة للدستور الذى كلف الدولة بالعمل على اتخاذ التدابير اللازمة لتحفيز القطاع الخاص لأداء مسئوليته الاجتماعية فى خدمة الاقتصاد الوطنى والمجتمع .
ومن حيث إنه يبين من جماع ما تقدم أن القرار المطعون فيه خالف أحكام الدستور والقانون ، مخالفة جسيمة تهوى به إلى درك الانعدام وتجعله عديم الأثر ، فمن ثم تقضى المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها عدم سريان أحكام القرار بقانون رقم 63 لسنة 2014 بشأن الحد الأقصى للدخول للعاملين بأجر لدى أجهزة الدولة وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1265 لسنة 2014 ، بالقواعد التنفيذية لأحكام هذا القرار بقانون على العاملين ببنك التعمير والإسكان .
ومن حيث إنه لا ينال من ذلك ما قد يثار من أن العاملين ببنك التعمير والإسكان يندرجون ضمن العاملين ببنوك القطاع العام المخاطبين بأحكام قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد ، الوارد بيانهم بالمادة الثانية من قرار رئيس مجلس الوزراء المطعون عليه ، إذ أن البنك المشار إليه من الأشخاص الاعتبارية الخاصة والقرار بقانون رقم 63 لسنة 2014 يخاطب العاملين بالأشخاص الاعتبارية العامة ، ومن ثم فلا محل لسريان أحكامه على العاملين بالبنك المشار إليه .
كذلك لا ينال مما تقدم القول بملكية الدولة لأسهم البنك ، إذ أن ملكية الأسهم لا تغير من الطبيعة القانونية للبنك باعتباره من الأشخاص الاعتبارية الخاصة ، وهو ما أكد عليه قانون نظام استثمار المال العربى والأجنبى والمناطق الحرة الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1974 من أن الشركات المنشأة وفقاً لأحكامه تعتبر من شركات القطاع الخاص ، والقرار بقانون وعلى نحو ما سلف بيانه يخاطب العاملين بالأشخاص الاعتبارية العامة ، فضلاً عن أن الغرض الذى ابتغاه المشرع من تحرر الشركات التى تملكها أو تساهم الدولة فى رأسمالها من أحكام القانون العام واعتبارها شخص من أشخاص القانون الخاص وأموالها أموال خاصة ، هو أن يطلق لها العنان فى التعامل بآليات وأساليب القطاع الخاص فيما يتعلق بالإدارة والتصرف حتى يتسنى لها تحقيق أفضل عائد من نشاطها ، باعتبار أن صلتها بالخزانة العامة للدولة تقتصر على أيلولة الأرباح فى حدود مساهمة الدولة للموازنة العامة للدولة ، وكان من شأن تطبيق أحكام القرار بقانون وقرار رئيس مجلس الوزراء سالفى البيان على العاملين بهذه الشركات ، تقييد هذه الشركات بقيود تحد من قدرتها على المنافسة بحرمانها من الاستعانة بالخبرات التى ترى أنها كفيلة بمساعدتها للارتقاء بمستواها لتحقيق أفضل عائد ، وأيضاً المساواة بين العاملين بهذه الشركات رغم اختلاف مراكزهم القانونية للتفاوت البين بينهم فى الواجبات والمسئوليات ، وكذلك التدخل فى شئون إدارة هذه الشركات وعلاقتها بالعاملين لديها ، بالمخالفة لما قررته القوانين المنظمة لإنشائها ، وهو ما يتعارض مع الغرض من إنشاء هذه الشركات ومساهمة الدولة فيها .
ومن حيث إنه فى ضوء المخالفات الدستورية والقانونية سالفة البيان ، فإن المحكمة تؤكد على أنه يجب على الدولة بكافة مؤسساتها وأجهزتها الالتزام بأحكام الدستور والقانون فيما تجريه من تصرفات تحقيقاً للدولة القانونية التى تتقيد فى ممارستها لسلطاتها – أياً كانت وظائفها أو غايتها – بقواعد قانونية تعلو عليها ، وتردها على أعقابها إن هى جاوزتها ، فلا تتحلل منها ، ذلك أن سلطتها هذه – وأياً كان القائمون عليها – لا تعتبر امتيازاً شخصياً لمن يتولونها ، ولا هى من صنعهم ، ولكن تباشرها نيابة عن المجتمع ولصالحه ، ومن ثم تكون هذه القواعد قيداً على كل أعمالها وتصرفاتها ، فلا تأتيها إلا فى الحدود التى رسمها الدستور ، وبما يرعى مصالح مجتمعها ، فالدولة القانونية هى التى تتوافر لكل مواطن فى كنفها الضمانة الأولية لحماية حقوقه وحرياته ، ولتنظيم السلطة وممارستها فى إطار من المشروعية ، وهى ضمانة يدعمها القضاء ، لتصبح القاعدة القانونية محوراً لكل تنظيم ، وحداً لكل سلطة ، ورادعاً ضد العدوان .
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم مصروفاتها عملاً بحكم المادة 184 مرافعات .
فلـــــهذه الأسباب
************
حكمت المحكمة: بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من سريان أحكام القرار بقانون رقم 63 لسنة 2014 بشأن الحد الأقصى لدخول العاملين بأجر لدى أجهزة الدولة ، وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1265 لسنة 2014 بالقواعد التنفيذية لأحكام هذا القرار بقانون ، على العاملين ببنك التعمير والإسكان ، مع ما يترتب على ذلك من آثار وذلك على النحو المبين بالأسباب وألزمت الجهة الإدارية المصروفات .
سكرتير المحكمة رئيس المحكمة
المستشار القانوني إبراهيم خليل
محام بالنقض والدستورية والإدارية العليا
عضو اتحاد المحامين العرب
عضو الجمعية المصرية للقانون الدولي
عضو جمعية الضرائب المصرية
عضو جمعية إدارة الأعمال العربية والأستاذ خالد إبراهيم المحامي بالاستئناف
موبيل 01005225061 - 01021141410
القاهرة مصر
ساحة النقاش