نادي العضلات الإيمانية للقراءة والتنمية

{ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ } هذا ما سوف نحاوله

الدرس الرابع 28 أبرايل.

بسم الله الرحمن الرحيم

وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآَخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (16) فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19) وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20) وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) الروم

سنبدأ بامر الله وبعونه أولى مراحل تأسيس شخصيتنا الإسلامية إستعداد لبناء أسرتنا السعيدة المؤمنة بالله إبتداءا باتباع أولى الخطوات التى خصصها الله لنا في محكم آياته..

وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآَخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (16)

هذه لا يمكن أن ننساها بحال من الأحوال، لابد وأن نضع في صميم عقيدتنا، أن كل من كفر بالله واتبع هواه هو في العذاب حاضر، لا يغيب عنه العذاب، فهو عندما يرتاح جسديا يعذبه ضميره، وعندما يخمد ضميره بالمخدرات أو الخمر أو أي متاهة من متاهات الشيطان فإنه جسده يأن ويشكو ويدعو عليه بعدم الراحة وبالهلاك، وهو عندما يعالج جسده من الآلام يتعذب بخيانة من حوله ممن يؤلمه خيانتهم، وهو عندما يستبدلهم بغيرهم يعذبه شكه وريبته في كل ما يرى ويسمع...

وهكذا نرى أن الله تبارك وتعالى قد أوضح لنا مواطن القلق والحزن والعذاب والشك والريبة في تلك الآية الكريمة..{ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ }.. وكل ما سبق من أمراض هو عكس ما نحتاجه لتأسيس وبناء أسرتنا السعيدة، لأن السعاد هي أن تعيش سعيدا بغير عذاب لا في الدنيا ولا في الآخرة، فهيا بنا نعرف كيف:

وسنبدأ بإذن الله بما بدأ به الرحمن الذي خلق الإنسان علمه البيان والذي له يسجد النجم والشجر وكل ما في كونه الفسيح، سنبدأ بآدم عليه الصلاة والسلام أبو البشر، الذي كرمه الله أجمل وأرقى وأعلى تقييم فخلقه بيديه سبحانه ثم أسجد له ملائكته:

وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً

أخبر الله تبارك وتعالى ملائكته الكرام بأنه سيجعل في الأرض خليفة، إخبار تكريم وتشريف وترحيب بالمخلوق الجديد وتوزيع اختصاصات كل ملك سيقوم على خدمة الإنسان...ومعنى كلمة خليفة أي سيخلف بعضه بعضا، وليس خليفة الله في ارضه كما يعتقد كثير منا.. فحاشا لله أن يكون له شبيها أو مثيلا أو وزيرا أو خليفة فهو سبحانه الغني عن العالمين.. وإنما معنى خليفة في الأرض أي سيخلف بعضه بعضا ستكون له ذرية في الأرض تخلفه..

قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ

عرفوا على الفور طبيعة هذا الإنسان، وهي طبيعة التراب، والأرض التى تختلف تربتها من مكان لآخر وحسب درجات الحرارة وطبيعة الكائنات التى تعيش عليها، فعرفوا بمجرد سماع كلام ربهم الصفات التى سيكون عليها بني آدم..

 ولكي نقرب تلك المسألة إلى أذهاننا سنضرب مثلا صغيرا ولله المثل الأعلى، مثلا إذا قال رئيس أمريكا قد خصصنا لهذه الحرب مبلغا عظيما، عامة الشعب سيعتمد في تقدير هذا المبلغ على التخمين، والمحافظين والوزراء كل سيقدر المبلغ على حسب تصوره وقد يصيب أو يخطئ، إنما وزير الدفاع ووزير المالية والقائمين على هذا الأمر سيعرفون المبلغ بالتحديد كذلك الملائكة الكرام الذين سيقومون على خدمة الإنسان الجديد عرفوا الطبيعة التى سيكون عليها بني آدم لأنهم من التراب.. اقول هذا والله أعلى وأعلم، فما كان من خطأ فهو مني واستغفر الله له، وما كان من صواب فهو من الله ونقول سبحانك ربنا لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم...

قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) البقرة

هذا هو رد العلي العظيم على الملائكة، ومن هذا الحوار البديع بين العلي العظيم الذي ليس كمثله شيئ وبين ملائكته سبحان يجب أن يتعلم الرجل والمرأة على السواء، بل يجب أن يدرك بني آدم أن أدب الحوار مطلوب للإستمرارية وللوصول إلى الحقائق الثابتة من لدن العزيز الحميد، فلا يتكبر ولا يتعصب لرأيه، وإنما هو أدب الحوار للوصول إلى الحقائق التى لايكشف عنها الستار إلا العزيز الجبار المتكبر سبحانه وتعالى عما يصفون..

وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ

من هنا نستخلص عدة دروس عظيمة بعظمة الخالق العلي العظيم، لم يعاقب الله ملائكته عندما تعجبوا من أمر الإنسان، بل علم آدم الأسماء كلها، أي أنك أيها المخلوق لله، أيها الضعيف الذي لا حول له ولا قوة، ولاعلم له ولا برهان إلا ما علمك ربك، قبل أن تحزم أمرك وتتعصب لرأيك عليك بأن تأخذ بالأسباب المنطقية وتقنع غيرك بالبرهان والحقائق العلمية الثابتة لديك بعد أن تتعلمها من ربك العزيز الحميد..

فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31)

لا تعترض أبدا على رأي مخالف لك إلا إذا قدمت الدليل على بطلان رأيه، وذلك بادب بالغ فإنك أبدا لن تبلغ أن تكون شيئا في ملكوت الله العلي العظيم، بل عليك بتقديم الدليل أو طلبه من الطرف الآخر حتى يحملكما معا الحوار إلى الحق المبين.

قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32)

وهذا هو موقف كل مخلوقات الله العلي العظيم، لا علم لهم إلا ما علمهم ربهم، فكلما رزقك الله شيئا من العلم أو المعرفة وجب عليك تسبيحه وحمده ولا تنسى أبدا أنه لا علم لك إلا ما علمك ربك فلا تتكبر على خلق الله بما علمك الله...

قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (33)

هذا هو موقف آدم عليه الصلاة والسلام، علمه ربه مالم يكن يعلم، ومالم يعلم الملائكة الكرام الذين سيقومون على خدمته، فقد رفعه ربه إلى درجة عالية جدا من التكريم والتشريف والتنعيم وسخر له كل شيئ جميعا منه سبحانه، فكل ما لدينا من علم ومواهب وملكات وغرائز هي وسيلتنا المشروعة لنصل إلى غاية وجودنا في الحياة الدنيا، فلا يجب أن ننسى ذلك فنضل ونشقى..

وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ

وهنا نأتي إلى نقطة البداية والنهاية، مربط الفرس كما يقولون، أسجد الله تبارك وتعالى ملائكته لآدم بعد أن علمه أسماء كل العلوم والأشياء، شرف كبير لأبو البشر، أول إنسان في ملكوت الرحمن، علمه ربه بعد أن خلقه بيده الكريمة، وأسجد له ملائكته، فما أجمل هذا وما أبدعه وما أشرفه من تكريم وتنعيم من العلي العظيم سبحانه....

فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34)

 وفي هذا الموقف العظيم أراد الله تبارك وتعالى أن يعرف آدم عدوه اللدود، فوضع له تمرينات عملية, وتطبيق النظرية العلمية وتحويلها إلى واقع عملي ومنطقي، فأجرى أمام عينيه تلك التجربة، ليعرف عدوه، وليعرف من سيخدمه ويسهر على راحته من الملائكة، ومن سيحقد عليه ويتوعده ويكرهه ويحول بينه وبين مرضاة ربه..

أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ

اول موقف يفرق بين الكفر والطاعة، الطاعة من الملائكة، أطاعو ربهم بمجرد أن أمرهم بالسجود، وهذه الطاعة أراها هنا والله أعلى وأعلم أنها الإيمان، وعدم الطاعة هي الكفر بعينه، وأول عناصر الكفر الإباء والإستكبار كما هو واضح من الآية الكريمة...

إلى هنا سنقف، وسنتدارس موقف أول مخلوق من البشر، أول رجل، أول إنسان، أول عالم، أول واعظ، أول متدرب دربه ربه على الطاعة وعرفه الفرق بين الكفر والإيمان.. ذلك هو آدم عليه الصلاة والسلام..

هذا هو الرجل هو أول الأنبياء وأول الرسل، وأول البشر، وأول متلقي عن الله، وأول من علمه الله، وأول من أسجد له ملائكته، وأنت يامن تبحث عن الزواج السعيد هذه هي عناصر الرجولة والأدب والأخلاق والطاعة، وهذه هي وسيلتك الوحيدة للوصول إلى الحقائق الثابتة في الأرض والسماء وذلك بطاعة ربك ورب العالمين..

جعله الله تبارك وتعالي في السماء الأولى، ليلاحظ عن قرب عمل أولاده في الأرض، يفرح بنجاحهم وعبادتهم وطاعتهم لربهم، ويحزن لمعصيتهم وكفرهم.. هو هناك مطلع علينا، آدم عليه الصلاة والسلام أبو البشر.. ألست فخورا بأن يكون أبوك هو آدم أول إنسان الذي أسجد له الله ملائكته؟؟؟ طبعا كلنا سعداء بهذا والحمد لله رب العالمين .

الآن قد عرفت بغير شك ولا ريبة ولا ظن، أنك من نسل أكرم خلق الله على الله، ولك نسب آخر لا يجب أن تنساه، أنك من أمة من بعثه الله هدى ورحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم ...

على هذه الأسس التى عرفناها وعلمنا إياها ربنا الرحمن المستعان على مايصفون سنبني أولا شخصيتنا العابدة والطائعة لله رب العالمين، على أساس من العزة والكرامة وعدم الكبر والإباء  صفتان يكرهمها الله تبارك وتعالى وهما أساس الكفر والعياذ بالله...

تواضعك لله يرفعك، تسبيحك لله يفتح لك ابواب رحمته، سجود لله دليل إيمانك، تلقيك عن الله دليل يقظتك وفطنتك وفراسة الإيمان فيك...

إذا كنت متصلا بالله بكل كيانك تلقيت من الله ما يجعلك مستحقا لسجود ملائكته لك، وسجود الملائكة هو تذليل لكل عقبة تقابلك في حياتك، أي بطاعتك لله سبحانه وتعالى وحده تكون أسعد إنسان في الوجود، وهذه السعادة ستقدمها أنت بيديك لكل من تحب من خلق الله.....

لنا مواقف قادمة إن شاء الله تبارك وتعالى مع آيات الله لنفهم عن الله ونتدبر آياته فيصلح لنا ربنا أحوالنا.. والآن أحبتي في الله، أقول لكم بآمانة وصدق أنه إذا سكنت آية أو كلمة من آيات وكلمات الرحمن قلبك فاعلم أنها رزقا حسنا ساقه الله إليك فلا تفرط في أي منها أبدا...

وإلى أن نلتقي بإذن الله على محبته وطاعته وامتثالا لأمره سبحانه أترككم في رعاية الله وحفظه واستودع الله دينكم وآماناتكم وعهدكم ومحبتكم في الله .. والصلاة والسلام على أشرف المرسلين المبعوث بالحق هدى ورحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم والحمد لله رب العالمين .

28 ابريل 2013

 

 

 

 

 

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 86 مشاهدة
نشرت فى 28 إبريل 2013 بواسطة ibrahimelmasry

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

238,186

Ahmed Ibrahim

ibrahimelmasry
إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (6)[ سورة يونس]. لنا في كتاب الله آيات وفي أنفسنا وفي الناس وفي الأحداث والأقدار وفي الأيام والليالي وفي قلوب الناس وأحوالهم، وفي السماء والسحاب والنجوم .. آيات إذا ما انتبهنا إليها وقرأناها فهي من »