وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165) البقرة
عن حب الله .. هل هو بقلبك ؟ أم بعقلك؟.. أم بهما معا؟؟
يجيبك على ذلك فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله ...
حديث شريف..
كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب ، فقال له عمر : يا رسول الله ، لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا ، والذي نفسي بيده ، حتى أكون أحب إليك من نفسك ) . فقال له عمر : فإنه الآن ، والله ، لأنت أحب إلي من نفسي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الآن يا عمر ) .الراوي: عبدالله بن هشام بن زهرة القرشي المحدث: البخاري.
هذا الحب المطلوب كما فسره الشيخ الشعراوي رحمه الله .. هو أن تحب الله بعقلك يقول فضيلة الشيخ الشعراوي رحمه الله .. أن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه فكر قليلا.. فوجد أن رسول الله هو أنفع له من ماله وولده فهو انقذه من الضلال ومن النار .. وهو سيشفع له يوم القيامة .. ويطمع أن يكون بجواره في الجنة.. فقال عمر:{ فقال له عمر : فإنه الآن ، والله ، لأنت أحب إلي من نفسي }.
وأود أن أضيف شيئا لتكتمل النصيحة وتتضح الصورة... من خلال تدبرنا آيات القرآن وآيات الكون، وما وضعه الله في أنفسنا من قدرات ومواهب وملكات وطاقة.. وحكم كثيرة بالغة ومواعظ.. والنظر في رسائل الحق سبحانه وتعالى إلينا والتى لا تنقطع خلال رحلة الحياة... كل ذلك يحول قلوبنا إلى قلوب وجلة مخبتة ومحبة لله العلي العظيم.
حينئذ ينتقل حبنا لله بعقولنا إلى قلوبنا وأفئدتنا .. والأمثلة على ذلك من القرآن كثيرة جدا.. فقد قال المولى عز وجل في سورة التوبة:
{ قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24) }التوبة.
{ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) المؤمنون}.
{ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32) الحج }.
{ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (34) الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (35) الحج.}.
لقد رأيت أُناسا في حياتي كانت حياتهم هادئة ومطمئنة وفي منتهى السلاسة .. سلسلة سهلة لديهم كل ما يحتاجون وهم به قانعين... ووجدت آخرين أكثر منهم مالا وأولادا وذوو مناصب كبيرة ولكنهم تعاساء لحد الكآبة.. ومرضى لحد اليأس... وهذا هو الفارق من تكون عبوديتك لله وحده فتحرر نفسك وقلبك وعقلك من كل ما سوى الله، فتأتيك الدنيا وهي راغمة، ويتحول عدوك إلى خادمك المطيع. ونجد ذلك في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{ من كانت الدنيا همَّه فرَّق اللهُ عليه أمرَه، وجعل فقرَه بين عينيْه، ولم يأتهِ من الدنيا إلا ما كُتب له، ومن كانتِ الآخرةُ نيتَهُ جمع اللهُ له أمرَه، وجعل غناه في قلبِه، وأتته الدنيا وهي راغمةٌ، ومن كانت الدنيا همَّه جعل اللهُ فقرَه بين عينيه، وفرَّق عليه شملَه، ولم يأتِه من الدنيا إلا ما قُدِّر له. }الراوي زيد ابن ثابت.
اللهم إنا نسألك حبك وحب من أحبك وحب عملا يقربنا من حبك .. إنك ولي ذلك والقادر عليه ..
ساحة النقاش