القلب المنيب
ـــــــــ
هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آَيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ (13) عافر
القلب المنيب هو الذي يرى آيات الله .. لأنه يؤمن بها .. والقلب المنيب له ذاكرة قوية وجاهزة .. بمعنى أن الشيطان لا يستطيع العبث بها ... والقلب المنيب صاحبه دائما منشرح الصدر... لأنه عندما ينيب الإنسان ويرجع إلى ربه ينشرح صدره وقلبه.. بدليل الآية الكريمة:
فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (125) الأنعام
القلب المنيب هو قلب سعيد .. صاحيه يعيش في سعادة دائمة .. وهو دائما منشرح الصدر.. صاحب ابتسامة في معظم الأحيان..
والقلب المنيب قلب لا يعرف الرجس طريقا إليه ... أي لا يستطيع الشيطان أن ينفذ إليه بألاعيبه الملعونة.. فهو ليس له سلطان على الذين آمنوا:
فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ . { النحل }.
والقلب المنيب ، قلب رقيق ورحيم .. قلب ذاق طعم رحمة الله .. فهو يرحم خلق الله.. لأنه عرف أن الله تفضل عليه برحمته ليرحم هو من حوله من خلق الله...
اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ
والقلب المنيب قلب قد هداه الله ... وهو قلب خالي من الأمراض... قلب لايعرف الحقد ولا الحسد ولا الضغينة ولا النفاق..
{{ لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا }} الأحزاب
صاحب هذا القلب دائما يتمتع بحيوية بالغة، وذاكرة قوية. وعقل نافذ، وذكاء حاد، وفراسة ثاقبة، ثم بعد ذلك تكون كل أفكاره وافعاله إيجابية ثم هو يتمتع بذاكرة قوية جدا... بعكس القلب المريض، فصاحبه لا يتذكر ولا يتكلم إلا بكل ما هون سلبي ، ثم إنه دائما حزين، ودائما هو في شك، ومتردد.. ويسبب المتاعب لنفسه وللآخرين...
والآن نعود إلى صاحب القلب المنيب... إذا كنت من الذين يتوبون إلى الله ، والذين هم منيبين إليه ... إذا كان لك هذا القلب المملوء بحب الله ورسوله ، فاسمع معي رحمك الله الآية كاملة حتى تقوم بالتمتع بكل كلمة تقولها، وكل لحظة تعيشها من لحظات حياتك:
هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آَيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ (13) فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (14) رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ.{ (15) غافر }.
عندما يكون العبد في إتصال دائم مع الله، لا ينقطع عن ذكر الله أبدا في اي لحظة من لحظات حياته، يذكر الله وهو يعمل، يذكر الله قائما وجالسا وراكعا، حينئذ يريه الله من آياته في نفسه وفي الكون، فهو كل ما يراه آية وعبرة وموعظة..
كل شيئ نراه، أو نسمعه، هو في الأصل رسالة خاصة جدا لك، تحمل عبرة وحكمة بالغة، لذلك كان أولياء الله الصالحين، كانوا في حالة انتظار دائم للموت، إذا أصبح لا ينتظر المساء، وإذا أمسى لا ينتظر الصباح. لذلك كان حريصا على أن يرضي ربه في كل كلمة وتصرف وعمل.
هذه ليست إلا تذكرة، فإن الذكرى تنفع المؤمنين، وهي من خواطري الخاصة ولا أٌلزم بها أحد، فالصواب فيها من الله والخطأ منى وأستغفر الله لي ولكم... هذا والله أعلى وأعلم.
والحمد لله رب العالمين.
ساحة النقاش