إبراهيم أحمد

الأسرة، المعرفة، الحياة

نظام التعليم الحالى يوجه كل العملية التعليمية لهدف واحد و هو تأهيل الطالب للتعليم الجامعى و لا يؤهله حقا للنجاح فى الحياة. و إذا كان المجتمع يحتاج إلى 25% على الأكثر من خريجى الجامعات، فلماذا يستمر باقى الـ 75% من المجتمع فى نظام تعليمى لا يستثمر نقاط قوتهم و لا يوجههم للنجاح فى حياتهم بحسب اختلاف مهاراتهم و تنوع قدراتهم؟

الآباء يحاولون جاهدين أن يوفروا كل الفرص لضمان نجاح أبنائهم، متأثرين فى ذلك بالصورة الذهنية المرتبطة بالنجاح، و هى "التعليم الجامعى". و لا يعلمون أنهم بذلك سيضعفون نسبة نجاح أبنائهم إذا كانوا ممن ينبغون فى مجالات أخرى لا تحتاج إلى التعليم الجامعى.

طرق التعليم لا تتناسب مع اختلاف طرق التحصيل للطلبة

كلنا نعلم أن كل واحد منا له طريقته الخاصة فى الفهم و التفكير و التحصيل و التعبير و مع ذلك كلنا ندرس و نتعلم فى مدارس تعامل كل التلاميذ و كأنهم نسخ متطابقة فى طريقة التحصيل.

والغريب فى الأمر أننا نحاول دائما إصلاح التلاميذ "الفاشلين دراسياً" على أن يقوم بعضنا بالدعوة إلى إصلاح نظام التعليم الذى يفشل فى احتواء الطرق المختلفة للتحصيل و يفشل بالتالى فى دعم المهارات الابتكارية المختلفة لدى الطلبة و يركز فقط على البعض و يترك الآخرين ليطلق عليهم "المتعثرون".

البعض يفهم من خلال القراءة، و البعض يفضل المناقشة و السماع و آخرون يفضلون التجارب العملية، و البعض الآخر يفهمون بأصابعهم و العمل بأيديهم.

المناهج الدراسية منفصلة عن احتياجات سوق العمل و متطلبات الحياة

ناهيك عن المناهج التعليمية. فنحن فى زمن تتقادم فيه المعلومة فى بعض المجالات كل خمس سنوات و أحيانا تحتاج إلى تجديد المعلومات و المعارف كل سنتين لتلحق بركب التكنولوجيا التى تتسارع خطواتها بطريقة جنونية.

لماذا يستمر الشاب فى التعليم حتى سن 22 سنة أو 24 سنة و الاستمرار فى التعليم الجامعى ليعمل فى آخر المطاف فى وظيفة لا تمت بأى صلة إلى دراسته؟ و لا تحتاج إلى أكثر من التعليم الأساسى و دورات تدريبية مؤهلة لهذه الوظيفة. ما نفعله حقا بهؤلاء الشباب أننا نطيل فترة إعالتهم بدون فائدة حقيقية وراء ذلك.

و بالطبع المحظوظين فقط هم من يعملون فى هذه السن، فمع تفاقم مشكلة البطالة إذا وجد الشاب فى سن 28 سنة، عملا كافيا لتحمل مسئولية الزواج و نفقات البيت و الأبناء، يبقى فعلا شاب محظوظ!

لماذا لا يعمل الشباب بدءاً من سن 18 سنة و يجتهد و يكبر فى عمله لكى يستطيع تحمل نفقات الزواج عند سن 22 سنة على الأكثر!

لماذا ندرس مناهج لا تؤهلنا لسوق العمل؟ و لماذا نصر على أن يتعلم أولادنا ما لن ينفعهم، لماذا يضيع شبابنا أحلى سنوات عمرهم فى الجامعات بدلا من العمل و تكوين أسرة و تحمل المسئولية؟ بالطبع نحتاج إلى جامعيين، لكن من القائل أن التعليم الجامعى هو السبيل الوحيد للنجاح فى الحياة؟

لماذا لا نتعلم فى المدارس الآداب و مهارات الحياة و فنون التعامل مع الناس، و فنون الإدارة و مهارات تغيير المجتمع ، و تحقيق الأحلام؟

لماذا لا يتعلم أبناؤنا و بناتنا فى المدارس فنون الحياة الزوجية و إدارة المنزل و تربية الأولاد، على الأقل لتجنب فشل 40% من الزيجات فى مجتمعاتنا و تجنب المشاكل الناجمة عن تفكك الأسرة و حالات الطلاق.

لماذا نذهب إلى فصول دراسية تعدى عدد التلاميذ فيها النسب الآدمية؟

لماذا ألوم المتسربين من التعليم و لا ألوم النظام التعليمى نفسه؟

هل يشجع نظامنا التعليمى على الإنحراف؟

كل منا يريد التفوق و النبوغ، هذه هى الفطرة الإنسانية، و كل إنسان عنده ما يعطيه و يقدمه لهذه الدنيا، و لكن إذا وصم النظام التعليمى أى طالب بوصمة الفشل و "البلادة" حينئذ لا ألوم المتعثرين فى الدراسة أن ينشدوا ضالتهم فى مجال آخر غير الدراسة، و للأسف لن يجدوا غايتهم فى ظل إحباطهم و يأسهم إلا فى مجالات ستقودهم إلى المزيد من تدمير الذات، ليصبحوا مجرمين، بلطجية، كسالى، أو فى أحسن الأحوال سلبيين.

المدارس وحدها لا تكفى

فى ظل الوضع الراهن للتعليم، وإذا كنا نريد لأولادنا أى فرصة للنجاح فى هذه الحياة، لا يجب أن نتركهم وحدهم لهذا النظام التعليمى المعيب، حتى إذا كان بعضنا محظوظا بدرجة كافية لإدخال أولاده تعليم متميز، سيظل أبناؤنا يحتاجون لأشياء أخرى.. يجب علينا نحن أن نعلمها إياهم لمواجهة الحياة و النجاح فى تحقيق أحلامهم. و ما يحتاجونه فعلا غير موجود فى المناهج التعليمية حتى الآن!

المصدر: إبراهيم أحمد
  • Currently 110/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
36 تصويتات / 1361 مشاهدة

الترجمة

عدد زيارات الموقع

800,438