يتحكم موقع مصر فى شمال شرق القارة الأفريقية على حافة الصحراء الكبرى فى نوع المناخ السائد بها، وتقع مصر بين خطى عرض 22، 32 درجة شمالا يؤدى لتغير الظروف المناخية من المناخ الحار تحت الاستوائى جنوبا إلى المناخ المعتدل شمالا على ساحل البحر الأبيض المتوسط.
كما يمكن التعبير عن المناخ فى مصر من خلال ذلك التنافس الواضح بين المناخ ذو الرياح الجافة الساخنة الآتية من الصحراء الكبرىوالرياح الشمالية البحرية.ويسود المناخ الحار الجاف القارى معظم شهور السنة، ما عدا فترة الشتاء والتى تسود فيها الرياح الشمالية التى تجلب معها الأمطار.
درجة الحرارة
تتحكم فى مناخ مصر عدة متغيرات مختلفة مثل درجة الحرارة، والرطوبة، كمية الأمطار المتساقطة سنويا والتى لها أهمية كبيرة خاصة عند التغيرات الواضحة فى تلك المعايير وأثرها على النشاط الزراعى. ونظرا لموقع مصر الجغرافى فإن متوسط درجة الحرارة السنوية المسجلة يتراوح بين 20 - 25 درجة مئوية . وتظهر الاختلافات الكبيرة فى درجات الحرارة بين الصيف والشتاء بالإضافة للمناطق الساحلية والمناطق الداخلية. ويختلف متوسط درجة الحرارة العظمى المسجلة فى محطات الارصاد الجويةعلى الساحل من 18 - 19 درجة مئوية إلى 30 - 31 درجة فى يوليو وأغسطس .
كما سجلت نفس المحطات أن متوسط درجة الحرارة الصغرى تختلف من 9 - 11 درجة مئوية فى يناير إلى 21- 25 درجة مئوية فى يوليو وأغسطس، وعموما يتراوح مدى التغير فى درجات الحرارة العظمى والصغرى بين 6- 10 درجة مئوية. وبالاتجاه جنوب المناطق المتأثرة بالمناخ المعتدل للبحر المتوسط إلى المناطق الداخلية مثل المنيا، الخارجة واسوان فإن مدى درجات الحرارة المسجلة تكون أعلى بقيم من 16-17 درجة مئوية .
- 24 درجة مئوية. وتنخفض متوسط درجات الحرارة الصغرى المسجلة فى تلك المناطق الداخلية عن مثيلتها الساحلية لتصل إلى 4 - 9 درجة مئوية فى شهر يناير. وفى هذا الوقت تكون الواحات الموجودة فى الصحراء الغربية هى أكثر المناطق برودة، وفى الصيف تزداد متوسط درجات الحرارة الصغرى لتصل ما بين 20- 26 درجة مئوية وهى قيم مقاربة لتلك المناطق الساحلية وعلى كل حال فإن محطات الأرصاد فى المناطق الداخلية تسجل متوسطات أعلى لدرجة الحرارة العظمى صيفا ومتوسطات أدنى لدرجات الحرارة الصغرى شتاءا.
وفى كل الأحوال فإن متوسط درجة الحرارة الشهرية لا تظهر تلك الاختلافات الواضحة اليومية فى درجات الحرارة فى بعض أوقات السنة فى مصر والتى غالبا ما تظهرفى الربيع وبداية موسم الصيف حيث تسود رياح الخماسين، والتى هى عبارة عن رياح جافة شديدة الحرارة محملة بالأتربة وتشكل ظروفا غير مناسبة فى معظم مناطق مصر العليا . كما أن لها تأثيرا مدمر على النباتات حديثة النمو خاصة فى فصل الربيع، وتنشأ هذه الرياح من حركة المنخفضات فى الشرق باتجاه الشمال الأفريقى. وتعمل هذه الرياح على رفع مفاجئ فى درجات الحرارة بنحو 10 درجة مئوية فى ساعات قليلة. هذه الظروف الحارة الجافة لا تستمر لفترات طويلة نظرا لقدوم التيارات الهوائية الرطبة البارد من المحيط الأطلنطى والتى تهب على المنخفضات فتؤدى إلى انخفاض حاد فى درجات الحرارة. هذه الجبهات الباردة تكون مصحوبة برياح شديدة تؤدى لتكوين عواصف ترابية قصيرة المدى .
وتظهر رياح الخماسين بصورة متكررة فيما بين شهرى فبراير ويونيو وهى تمثل فترة التغير الحرارى بين مناخى البحر المتوسط والمناخ الصحراوى. وبعد شهر يونيو فيصبح المناخ أكثر دفئا فى منطقة البحر الأبيض المتوسط وتتحرك المنخفضات باتجاه الشمال. أما فى الخريف تتحرك تلك المنخفضات باتجاه الجنوب مرة اخرى ولكن نظرا للمناخ الدافئ الذى يظل سائدا فى تلك الفترة فى معظم المنطقة فيستمر أثر مناخ الخماسين ولكن بدرجة أقل.
ويوضح الجدول التالى عدد المرات فى كل شهر التى تزيد فيها درجة الحرارة العظمى المسجلة فى أيام متتابعة عن 5 درجة مئوية.
معدل سقوط الأمطار والبخر والنتح :
يقل معدل سقوط الأمطار فى مصر ويتركز بطول الساحل الشمالى . ويبدأ موسم الشتاء فى مصر من أكتوبر حتى مايو ، ويصاحب سقوط الأمطار وجود جبهات ساخنة وباردة تصل إلى مصر ضعيفة. كما أن تلك الأمطار تكون خفيفة وعلى هيئة رذاذ. وتستمر فترة سقوط الأمطار عادة من يوم إلى أربعة أيام وكنتيجة لظروف معينة فقد يزداد سقوط الامطار فى فترة معينة إلا أن ذلك يشكل استثناءا من القاعدة.
وقد سجلت الأمطار فى يوم ما فى الاسكندرية سقوط نحو 47.9 مم وفى الجيزة 53.2 مم.
ويبلغ أعلى كمية للأمطار المتساقطة فى موسم الشتاء 180 مم وسجلت حول الاسكندرية. كما يتساقط على شريط الساحل الشمالى الغربى بين 120 - 150 مم. وبالاتجاه شرق الاسكندرية تنخفض كمية الأمطار المتساقطة سنويا إلى 80 مم فى بورسعيد.
أما فى المناطق الداخلية فإن هناك انخفاضا حادا يصل إلى 50 مم فى منطقة وسط الدلتا. هذا وبمرور الوقت فقد وصل اجمالى كمية الأمطار المتساقطة على القاهرة فى الموسم إلى 22 مم ويستمر الانخفاض فى كمية الامطار المتساقطة بالاتجاه جنوبا فى المناطق الداخلية لتصل عند أسوان إلى 1 مم .
وليس من الغريب ألا يتساقط الأمطار على بعض المناطق الداخلية فى مصر طوال موسم الشتاء ، كما تختلف كمية الأمطار المتساقطة على مصر اختلافا واضحا خاصة بالنسبة لفترة سقوط الأمطار واماكنها فعلى سبيل المثال فقد وصلت كمية الأمطار المتساقطة والمسجلة على الأسكندرية فى شهر واحد إلى نحو 168 م والتى تمثل نحو 95% من المتوسط السنوى لسقوط الأمطار.
ومن ناحية اخرى، فإنه خلال عشرة شهور من السنة فلم يتم تسجيل أى كمية لسقوط الأمطار بينما تم تسجيل كمية تصل إلى 1 مم فى الشهرين المتبقيين من السنة فى الاسكندرية . وفى مواسم الأمطار الضعيفة منذ سقوط المطر فى مكان واحد. ومن الناحية الزراعية فتغير كمية الأمطار قليلة وغير مؤثرة فى الانتاج الزراعى حيث يعتمد انتاج المحاصيل بصفة أساسية على الرى ومن الضرورى معرفة كمية المياه المفقودة عند حساب معدلات اضافة مياه الرى .
ولسوء الحظ فلا توجد بيانات دقيقة متاحة بخصوص معدلات فقد المياه بالبخر والنتح. وكثير من محطات الأرصاد الجوية فى مصر بها أجهزة لقياس البخر ولكن توجد تحفظات حول دقة البيانات المتحصل عليها من تلك الأجهزة كدليل على فقد المياه. ويوضح الجدول التالى البيانات المتاحة عن فقد المياه بالبخر فى منطقتى الجيزة واسوان، حيث سجلت أعلى معدلات للبخر اليومى فى شهر يونيو 12.9 مم فى الجيزة ، 19.3 مم فى أسوان.
تأثير المناخ على انتاج المحاصيل :
يؤثر المناخ تأثيرا رئيسيا على انتاج المحاصيل خاصة فى دورة النمو، بينما تعتبر غير مؤثرة نسبيا فى الفترات الأخرى. ويتم زراعة الأراضى فى مصر فى موسمى الصيف والشتاء. وقبل تحول نظام الرى إلى الرى المستديم فإن المحاصيل الشتوية كانت هى السائدة فى وادى النيل وأشهرها محصول القمح ثم بتطور الزراعة فى الموسم الصيفى انتشرت زراعة القطن ، الأرز، بنجر السكر ، (Beaumant and Mclachlan 1985) ويعتبر محصول القمح هو المحصول الشتوى الرئيسى وتسود زراعته بطول وادى ودلتا نهر النيل. وتبدأ زراعة القمح فى شهر نوفمبر بعد الذرة أو القطن ويتم حصاده فى آخر ابريل وأوائل مايو . وتعتبر الأربعة اسابيع الأولى بعد الزراعة هى الفترة الحرجة لمحصول القمح وهى تمثل فترة الإنبات وظهور السيقان فوق مستوى سطح الأرض ، ثم يعقب ذلك فترة النمو الرئيسية (5- 14 أسبوع)، فترة التزهير (19-22أسبوع) ثم فترة اكتمال نضج المحصول وتستغرق (22 - 26 ) أسبوع من بدء الزراعة.
ويختلف موعد زراعة القمح باختلاف الظروف المناخية شمالا أو جنوبا . فعلى سبيل المثال، فإن درجة الحرارة فى المناطق المحيطة بالاسكندرية شمالا أكثر انخفاضا بمقارنتها بتلك المناطق المحيطة بأسوان جنوبا. كما تتمتع منطقة الاسكندرية ودلتا نهر النيل بظروف ارتفاع نسبة الرطوبة إذا قورنت بأسوان والتى تصل فيها متوسط الرطوبة النسبية نصف مثيلتها فى شمال مصر طول العام .
كما سجلت سرعة الرياح اقصى قيمة لها عند الاسكندرية وأسوان.
وبالرغم من الاختلافات الواضحة فى الظروف المناخية إلا أن زراعة القمح تحقق نجاحا على مستوى مصر.
ويعتبر محصول القطن هو أهم محصول صيفى يزرع فى مصر كما أنه يشبه محصول القمح فى انتشار زراعته فى وادى ودلتا نهر النيل ويستمر موسم زراعة القطن منذ اوائل مارس حتى نهاية شهر أبريل. ويمثل الأسبوع الأول بعد الزراعة وهى مرحلة الانبات المرحلة الحرجة فى زراعة القطن.
حيث يمكن أن تتعرض البادرات لرياح الخماسين التى يكون لها تأثير مدمر عليها وتغطى فترة النمو الخضرى للقطن الأسابيع الستة التالية حيث يستقيم النبات إلى التزهير. ثم فى النهاية تبدأ فترة تفتح اللوز والتى تغطى الأربعة أو الخمسة أسابيع التالية حين يصل اللوز إلى أقصى حجم له.
وترتفع درجة الحرارة ارتفاعا شبه ثابت حتى منتصف موسم نمو القطن حين يبدأ ظهور اللوز ثم يحدث ثباتا نسبيا فى درجات الحرارة وعلى النقيض تنخفض الرطوبة النسبية الداخلية فى المناطق الداخلية لزراعة القطن. وعلى ذلك فإن الظروف المناحية فى مصر لا تشكل عائقا حرجا لنمو محصولى القطن ، القمح الرئيسيين.