يُعتبر تجنيد الأطفال شكلاً فريداً وحاداً من أشكال الاتجار بالبشر. وقد تم تجنيد عشرات الآلاف من الأطفال تحت سن الثامنة عشر للمشاركة في نزاعات مسلحة وللعمل في جيوش نظامية، وميليشيات مسلحة، وجماعات متمردة. وبينما يُختطف بعض الأطفال لإجبارهم على العمل، يجند آخرون نتيجة تهديدهم أو عن طريق تقديم رشاوى، أو وعود كاذبة بالتعويض.
ويأمل الأطفال في العديد من الحالات في الحصول على مأكل، وملبس، ومأوى، إلا أن قرار طفل الانضمام إلى جماعة مسلحة لا يجوز اعتباره قراراً حراً. إن الأطفال الذين يتورطون في النزاعات المسلحة يبحثون بائسين عن وسائل للبقاء. ولكون الأطفال غير ناضجين عاطفياً وجسدياً، فإنهم يُستغلون بسهولة ويُجبرون على العنف. إن العديد من الجنود الصغار يُكرهون على شرب الخمر واستخدام المخدرات لجعلهم يتحملون العنف ولتعزيز أدائهم.
يفتقد الأطفال الذين يتم تجنيدهم في الغالب إلى التدريب المناسب، ويعاملون بقسوة، ويتم دفعهم إلى ساحات المعركة بسرعة. وقد يتم إرسال الأولاد والبنات إلى ارض المعركة أو تلك المزروعة بالألغام قبل إرسال القوات النظامية. ويُستخدم بعض الأطفال لشن هجمات انتحارية، أو لإجبارهم على ارتكاب أعمال وحشية ضد عائلاتهم ومجتمعاتهم. ويُجبر غيرهم، بمن فيهم نحو خمسة عشر ألف طفل متورطين في نزاعات ليبيريا الأخيرة، على العمل كحمالين، وطباخين، وحراس، وخدم، وسعاة، أو جواسيس. ويتعرض الكثير من الأطفال المجندين، وخاصة البنات، للأذى الجنسي، ويواجهون خطر الإصابة بالأمراض الجنسية المعدية وبحالات الحمل غير المرغوب بها.
إن الجنود من الأطفال يقتلون ويجرحون بنسب تفوق النسبة التي يقتل بها رفاقهم الأكبر عمراً. وعادة ما تضع جماعات مسلحة "علامة" على وجوه مجنديها من الأطفال، أو صدورهم، بواسطة سكين أو قطعة زجاج. ويعاني الناجون من صدمات متعددة وأثر نفسي نتيجة العنف والوحشية التي مروا بها. كما أن نموهم كأشخاص، غالباً ما يصاب بأذى لا يمكن تصحيحه. وغالباً ما ترفض عائلات الأطفال الذين جندوا في السابق ومجتمعاتهم عودتهم إليها، بسبب العنف الذي مارسه هؤلاء أو جماعتهم ضد مجتمعاتهم.
يعتبر استخدام الأطفال لخوض حرب ضد الكبار ظاهرة عالمية. وتعتبر المشكلة خطيرة بشكل أكبر في إفريقيا وآسيا، إلا أن الجماعات المسلحة في أميركا وآسيا الأوروبية والشرق الأوسط تستخدم الأطفال أيضاً. وهناك فشل في الإرادة السياسية في العديد من الدول لفرض قوانين والتزامات دولية تمنع تجنيد الأطفال وتقيده. يتعين على كل الدول العمل مع المنظمات الدولية وغير الحكومية لتبني إجراءات عاجلة لنزع سلاح الجنود من الأطفال، وإعادة دمجهم في مجتمعاتهم.
ساحة النقاش