زواج القاصرات في مصر وصل معدلات مخيفة وزيادات مضطردة حيث
كانت نسبة المتزوجات من القاصرات عام 2003م 13% ووصلت العام
الماضي لنحو 25% من أعداد المتزوجات في مصر
ويلعب سماسرة زواج القاصرات من السائقين والبوابين والمحترفين دورا
كبيرا في تزويج بنات الـ (12) عاما لشيوخ عرب في سن أجدادهن
ومؤخرا تم إلقاء القبض علي عدد من موثقي عقود الزواج الذين زوروا
في أعمار هؤلاء القاصرات حتي يتمكنوا من تزويجهن لشيوخ كبار في
السن مقابل مبالغ مادية كبيرة وأشارت بعض الجهات الأمنية والقضائية
إلي وجود شبكات كثيرة لتزويج القاصرات في مصر من أثرياء عواجيز
وتم الكشف عن أطباء زوروا أعمار بعض الفتيات في شهادات (تسنين)
كما تم ضبط تصاريح بالزواج صادرة من بعض محاكم الأسرة في مصر
لفتيات قاصرات ويتحايل سماسرة الزواج علي الهروب بجرائمهم في
تزويج القاصرات من خلال إبرام عقود زواج عرفية لدي بعض المحامين
وظاهرة زواج القاصرات ليست حالة مصرية خاصة بل هي منتشرة في
بعض البلاد العربية وقد سمعنا عن الشيخ السعودي الذي بلغ الثمانين
من عمره وتزوج قاصرا في سن الـ (12) عاما والشيخ المغربي الذي
بلغ العمر نفسه وتزوج من قاصر عمرها (7) سنوات.
- إحصاءات مخيفة
في النصف الثاني من هذا العام صدرت دراسة عن البرنامج الإنمائي للأمم
المتحدة ذكرت أن 70 بالمائة من الإناث في الفئة العمرية من 15 ـ 20
سنة تزوجن في سن الـ 18 عاما وأن معظمهن يعشن في الريف
وذكرت دراسة أخري صدرت عن وزارة التضامن الاجتماعي بالشراكة
مع منظمة اليونيسيف وأكدت أن 40 ألف فتاة قاصر تزوجن وأنجبن نحو
50 1 ألف طفل وأشار إلي أن 11% من المتزوجات في مصر قاصرات
وكانت دراسة صادرة عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار قد ذكرت
أن حالات الزواج المبكر في مصر بلغت عام 2006م حوالي 153 ألف
حالة بنسبة 29% من إجمالي حالات الزواج في مصر وفي عام 2009م
أشار تقرير صادر عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية إلي
أن أعداد الفتيات القاصرات اللاتي تزوجن في مصر وأعمارهن تقل عن
16 سنة قد ارتفعت خلال السنوات الخمس الأخيرة لتصل إلي 23.6% بعد
أن كانت لا تتعدي 14% عام 2003م.
وكانت الدكتورة مشيرة خطاب وزيرة الدولة للأسرة والسكان قد ذكرت في
بداية هذا العام أن إحدي الدراسات التي أجريت علي الزواج المبكر في
ثلاثة مراكز فقط بمحافظة 6 أكتوبر قد أوضحت أن 74% ممن تزوجن
كن من الفتيات القاصرات وخلصت التحليلات التي أجريت علي البلاغات
الواردة من المواطنين علي خط السكان الذي أنشأته وزارة الأسرة
والسكان في شهر أغسطس الماضي إلي أن نحو 250 بلاغا قد وردت من
مأذونين ومواطنين وضحايا تفيد بزواج أعداد كبيرة من القاصرات في
محافظات مصر المختلفة باستثناء محافظة الوادي الجديد ومحافظتي
شمال وجنوب سيناء حيث جاءت محافظتا القاهرة في الصدارة من حيث
عدد البلاغات الواردة بزواج قاصرات تلتها محافظة الدقهلية والغربية
وكانت محافظتا مطروح وكفر الشيخ هما الأقل في عدد البلاغات الواردة
بهذا العدد.
وأفادت هذه البلاغات بأن هؤلاء الفتيات تزوجن في أعمار تتراوح ما بين
12 ـ 18 عاما وأن 60% من هذه الزيجات قد تم توثيق عقود زواج
لهن بينما النسبة الباقية تزوجن عرفيا أو زيجات متعة وسياحة ومسيار
وأن قرابة 40 بالمائة من المتزوجات القاصرات كن بمراحل التعليم
الإعدادية وأقل من هذه النسبة قليلا من الأميات اللاتي لم يلتحقن بمراحل
التعليم, ومؤخرا أعلن مكتب النائب العام في مصر عن ضبط (9301)
مخالفة في إبرام عقود الزواج وكأنها تتعلق بتزويج فتيات وهن أقل من
أعمارهن القانونية, حيث شهدت محافظة القاهرة 4102 حالة زواج من
هذه الزيجات تلتها محافظة الدقهلية التي تزوجت فيها 3382 فتاة دون
السن القانونية ثم محافظة كفر الشيخ التي شهدت 834 حالة زواج من
هذا النوع بينما شهدت محافظة الإسكندرية 15 حالة فقط.
وأعلن المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام في مصر في حلقة نقاشية
عن مناهضة زواج الأطفال أن المأذون الذي يقوم بتوثيق عقود زواج
لفتيات أقل من 18 سنة تتم معاقبته بالحبس والغرامة تطبيقا للمادة
(227) من قانون العقوبات وكان النائب العام قد أحال والد فتاة ومحاميا
وثريا سعوديا ووالدتها إلي الجنايات بسبب قيام والدة الفتاة بتزويجها
للثري العربي وعمرها 14 عاما وقام المحامي بإبرام عقد الزواج وطالب
النائب العام بفحص كل ملفات المأذونين علي مستوي محافظات مصر
للكشف عن هذه الوقائع ونبه علي جميع المحاكم والدوائر المختصة
بالالتزام بالقوانين وعدم تزويج أية فتاة يقل عمرها عن 18 عاما .
وكانت الفترة الماضية قد شهدت إحالة 60 مأذونا للنيابة بتهمة تزويج
فتيات أعمارهن تقل عن 18 عاما وزواج القاصرات ينتشر في العديد من
الدول العربية الأفريقية بشكل عام ولكن اللافت للنظر أن النسبة في مصر
زادت خلال السنوات الماضية بشكل مطرد ومؤخرا دعت عدة اتحادات
وجمعيات لحقوق الإنسان إلي التصدي لهذه الظاهرة التي تمثل انتهاكا
لحقوق الأطفال بشكل خاص واستعرضت هذه الجمعيات عدة وقائع للتدليل
علي انتهاك حقوق الإنسان من خلال زواج القاصرات فأشارت إلي المسن
السعودي الذي يبلغ 80 عاما وتزوج فتاة سعودية من منطقة بريدة
عمرها 12 عاما فقط علي الرغم من أن القانون السعودي يعتبر كل
شخص لم يبلغ الـ (18) عاما يعتبر طفلا كما أشارت هذه الجمعيات إلي
واقعة الشيخ المغربي الذي تجاوز عمره السبعين عاما وتزوج من طفلة
عمرها سبع سنوات فقط برغم أن النبي صلي الله عليه وسلم قد تزوج
السيدة عائشة رضي الله عنها وهي في سن التاسعة وأنه لا القرآن ولا
السنة النبوية قد حددا عمرا للفتاة تتزوج عندها وأنه من حق الأب تزويج
ابنته باعتباره وليها.
وقد رد علماء الدين والاجتماع علي مثل هذه المبررات ودحضوها ومنها
واقعة زواج السيدة عائشة, حيث ذكروا أن بنات العرب اللاتي كانت منهن
السيدة عائشة رضي الله عنها قد تميزن بفوران الجسم والنضج الأنثوي
مبكرا لصلاح البيئة التي كن يعشن فيها حتي أن الفتاة في عمر التاسعة
لتبدو كأنها في العشرين من عمرها إلا أن بعض المتشددين من المشايخ
في بعض الدول العربية حتي والأجنبية لم تقنعهم مثل هذه الحقائق وأجاز
البعض منهم زواج الفتاة المسلمة في سن التاسعة مثل الشيخ المغربي
محمد المغراوي الذي أسس موقعا علي شبكة الإنترنت وجمعية للدعوة
والسنة في القرآن بمدينة مراكش المغربية وأصدر فتوي أجاز فيها زواج
الفتاة في سن التاسعة أسوة بزواج السيدة عائشة رضي الله عنها ويومها
احتجت الخارجية الفرنسية وأدان الناطق باسمها أريك شفالين صدور مثل
هذه الفتوي التي تعد مبررا لانتهاك براءة الأطفال وعلي أثر ذلك سارعت
السلطات المغربية وأغلقت موقع الشيخ المغربي الذي يصدر عليه مثل
هذه الفتاوي.
- أسباب زواج القاصرات
وهناك عدة أسباب لزواج القاصرات أشارت إليها العديد من الدراسات التي
أجريت في القري والمدن التي تكثر فيها مثل هذه الزيجات حيث ذكرت
بعض الدراسات التي تم عرضها في ندوة بمجلس حقوق الإنسان بمصر
كانت قد عقدت لهذا الغرض في نهاية العام الماضي أن مكاتب الزواج
التي انتشرت في بعض المدن شجعت علي إتمام مثل هذه الزيجات
ويسرت للمخالفين من سماسرة الزواج وبعض الآباء إتمام مثل هذه
الصفقات خصوصا إذا ما تمت مثل هذه الزيجات بين قاصرات مصريات
وشيوخ عرب في سن أجدادهن وأشارت بعض الدراسات إلي تحايل بعض
الآباء في الحصول علي تصاريح بزواج بناتهن القصر من رؤساء بعض
محاكم الأسرة بحجة وجود ظروف استثنائية.
ولكن التحقيقات التي أجراها مكتب النائب العام خلال الأشهر الماضية
كشفت عن وجود شبكات من السماسرة والوسطاء الذين يقومون بتزويج
هؤلاء الفتيات القصر من أثرياء عرب مقابل دفع مبالغ مالية لأهل الفتاة
والسماسرة وموثقي عقود الزواج وكشفت الدراسة التي أجراها مكتب
هيئة اليونسيف في القاهرة علي بعض قري محافظة 6 أكتوبر التي تكثر
فيها مثل هذه الزيجات أن القاصرات اللاتي تزوجن عرفيا للهروب من
عائق السن القانونية بلغت نسبتهن 29 بالمائة من مجموع زيجات القصر
في هذه المحافظة وتشير بعض الدراسات إلي أن ارتفاع نسبة زيجة
القاصرات في محافظة 6 أكتوبر يعود لأسباب استثنائية أبرزها زيادة أعداد
العراقيين الذين فروا من حرب العراق الأخيرة واستوطنوا بكثرة في هذه
المحافظة فضلا عن كثرة الأثرياء من السائحين الذين يفضلون الإقامة
في مدينة 6 أكتوبر لجودة هوائها وقربها من العاصمة وشهرتها
المعروفة بوجود المناطق الأثرية أو قربها من هذه المناطق.
ومن جانبه يؤكد الدكتور عادل عز الدين الأشول خبير الصحة النفسية في
مصر ورئيس مركز الإرشاد النفسي بجامعة عين شمس سابقا أن الفقر
أحيانا يدفع بعض الآباء لزواج بناتهم في أقرب فرصة مواتية, حيث
يجدون في ذلك طريقة للخلاص من عبء هؤلاء الفتيات وقلقهم المستمر
عليهن من عدم الزواج نظرا لما يرونه من كثرة في أعداد العانسات أو
اللاتي لم يتزوجن أضف إلي ذلك أن زواج البنت من أحد الأثرياء يقابله
دفع مبلغ مالي للوالدين قد يفيدهما في الانتقال من حالة الفقر مؤقتا
وهؤلاء الآباء جميعا لا يدركون حجم هذه الكارثة التي أقدموا عليها إلا
بعد أن تعود إليهم ابنتهم هربا من جحيم هذه الزيجة وقد تكون حاملا
وزوجها تركها وغادر البلاد.
ويضيف الدكتور إبراهيم عيد عميد كلية التربية بجامعة عين شمس وخبير
الصحة النفسية: غالبية الفتيات القاصرات اللاتي يتزوجن بهذه الطريقة
لسن عرضة فقط للإصابة بالأمراض النفسية بسبب هذه الزيجات ولكن
تتم إصابتهن بالفعل والكثير منهن يقدمن علي الانتحار.
ويضيف: ولكن محاصرة بعض الأسر الفقيرة بالكثير من المشاكل مثل
الفقر والبطالة والخوف علي البنت من عدم الزواج أو احتمال تعرضها
لمكروه يدفع الآباء للموافقة علي زواج بناتهم حتي لو كن في سن
صغيرة دون الالتفات لما يترتب علي ذلك, وفي دراسة شهيرة لجامعة
السربون أكدت أن مصر هي الأولي من بين الدول العربية في تزويج
فتياتها بأجانب وأن العراقيين تزوجوا بأكثر من 40% من الفتيات
المصريات اللاتي تزوجن بأجانب عام 2006م وجاء في الترتيب الثاني
السعوديون ثم اللبنانيون والسوريون بل إن نحو 50 صينيا تزوجوا
بمصريات في هذا العام ولا توجد قوانين في مصر تمنع زواج المصريات
من أجانب سوي بعض اللوائح التي أصدرتها وزارة العدل المصرية مؤخرا
كشروط لتوثيق عقود هذه الزيجات ومنها ألا يزيد سن الزوج علي
الزوجة 25 عاما وأن يقدم شهادة من سفارته بالقاهرة بالموافقة علي
هذا الزواج مع تحديد وضعه المالي في بلده أو المكان الذي يعيش فيه
وأن يضع مبلغا في أحد البنوك باسم الزوجة إلا أن كل هذه الشروط لا يتم
العمل بها في الغالب حيث يتم التحايل عليها حيث يتم زواج القاصرات من
أجانب بعقود عرفية يوثقها بعض المحامين وليسوا موثقي الزواج
المعتمدين بوزارة العدل.
ويؤكد الدكتور إبراهيم عيد أن غالبية الأجانب الذين يتزوجون بهؤلاء
القاصرات بأساليب ملتوية أو حتي صحيحة يتخذون من هؤلاء الفتيات
خدما في منازلهم لزوجاتهم القدامي أو ممرضات لهم وأحيانا يقوم البعض
بالتنازل عنهن لآخرين من أجل تركها للعمل بالدعارة وأسواق الرقيق,
كما أن البعض يتزوجونهن لفترة محدودة ويتركونهن حوامل لذويهم
وتشير الإحصاءات إلي أن مدينة الحوامدية بالجيزة هي أكثر المدن التي
يتم فيها زواج القاصرات عرفيا بأجانب وتعد محافظات المنصورة والشرقية
والجيزة من أكثر المحافظات التي تكثر فيها مثل هذه الزيجات وكانت
مؤسسة منف للتنمية السياحية والثقافية والبيئية قد نظمت ندوة لمناهضة
الزواج السياحي في مصر وزواج القاصرات وذكر وائل كرم رئيس مجلس
أمناء هذه المؤسسة أن دراسة وزارة الأسرة والسكان علي 3 مراكز
بمحافظة 6 أكتوبر أظهرت أن نسبة زواج الفتيات القاصرات في هذه
المراكز من غير المصريين بلغت 74% وقال: إن دراسة مشابهة
لمؤسسة منف عن الزواج السياحي أظهرت أن 57% من العائلات
متوسطة الحال توافق علي زواج بناتها القصر من أجانب لمدة محدودة,
كما يوافق 30% علي ذلك من العائلات الفقيرة وأن 38% من هذه
الزيجات تتراوح أعمار الفتيات فيها بين 20 و24 سنة و35% تتراوح
أعمارهن ما بين 15 ـ 19 سنة و20% أعمارهن من 25 ـ 29 سنة
وأشارت </
ساحة النقاش