تذكر الإنسان إنجازاته وإعجابه بنفسه... هل يتطابقان؟

العجب:

هو استعظام النعمة والركون إليها وعدم نسبتها إلي المنعم.

هو اعتقاد دوام النعمة وغفلته عن المنعم الذي تفضل عليه بها، بل قد يزيد علي ذلك، فيعتقد أنه مكرم لذاته، مستحق لهذه النعم.. وقد يصل الأمر به إلي اعتقاد أنه سوف ينال مثلها في الآخرة، أو أفضل منها، فيقوده ذلك إلي الكفر بنعمة الله.

العجب يكون بأي صفة من صفات الكمال أوالجمال لدي الإنسان.

ينشأ في قلب المعجب بنفسه حتي ولو كان وحده (وهو بهذا يختلف عن الكبر).

قد يؤدي بصاحبه إلي الافتخار، فينطلق لسانه بذكر محاسنه وما يتمتع به من صفات، وقد يستبد بنفسه ورأيه، فلا يستجيب لنصح ناصح، ويستنكف أن يسأل عما لا يعلم فيزداد جهلا علي جهل.

اعتراف الإنسان بإنجازاته:

لماذا يتذكر الإنسان إنجازاته، ويفكر في الخطوات التي اتبعها أو لنقل في الأسباب التي أخذ بها، فوفقه الله إلي تحقيق هذا الإنجاز؟

أولا، تعالوا نتفق علي معني التوكل.

التوكل = الأخذ بالأسباب + الرضا بالنتائج. لماذا الأخذ بالأسباب؟ لأن الله أمرنا بذلك. ولماذا الرضا بالنتائج؟ لأنها بيد الله، ومن مقتضيات التوكل الحق أن نعلم أن النتائج لا تترتب بالضرورة علي ما نأخذ به من أسباب.. لأن الله إن شاء جعلها تحدث وإن شاء منع حدوثها، وفي كلا الحالتين الخير لنا. إذن لماذا نأخذ بالأسباب؟ لأن هذه سنة الحياة..هذا هو  القانون الذي أراده الله للدنيا.. الأسباب والمسببات، ولو شاء الله لأحيانا بالمعجزات.

ولنتفق أيضا علي أنه حتي الأسباب فإنها من فضل الله، لأن الله هو الذي أعطانا العقل الذي نفكر به، وهو الذي هدي تفكيرنا إلي الأخذ بهذه الأسباب.

والنبي (صلي الله عليه وسلم) يقول: "المؤمن كيس فطن". إذن، فإننا عندما نتفكر في الأسباب التي أخذنا بها فحققنا إنجازا ما، فإننا نتعلم من الله. نتفكر في الأسباب التي علمنا الله الأخذ بها حتي نكررها لاحتمال الحصول علي نفس النتائج إذا أراد الله.

إذن السبب الأول للتفكر في كيفية تحقيق إنجازاتنا هو التعلم من الله حتي نكرر ما نتعلمه، فنحقق المزيد من النجاحات التي تشمل تزكية للنفس، أو نفعا للناس أو عمارة للأرض أو غير ذلك مما يرضي الله ويقربنا إليه.

السبب الثاني هو تقوية ثقتنا بالله، لأننا عندما يصيبنا الفتور أو الخوف من الفشل، فنتذكر كم وفقنا الله من قبل وأعاننا في كثير من المواقف، فإن ذلك يمدنا بالطاقة التي تعيينا علي مواصلة مشوارالنجاح... ولأننا نتذكر الذي أعاننا علي النجاح في السابق لقادر أن يعيننا عليه في اللاحق... فتكون ثقتنا بأنفسنا مستمدة من ثقتنا بالله، ويكون حسن ظننا بأنفسنا مستمد من حسن ظننا بالله.

وهناك فرق هام بين المعجب والواثق. فالمعجب يتذكر حسناته ونجاحاته لذاتها، ولذا فهو لا يقبل أن يريه غيره غير الصورة التي يراها هو، فلا يقبل النصح ولا يسأل عما لا يعلم. أما الواثق فيتذكر إنجازاته بهدف اللتعلم منها وتحقيق مزيد من الإنجازات، ولذا فهو يبحث عما يساعده علي الوصول إلي هدفه ويتقبله. ولذا فإنه يتقبل النصيحة ولا يستنكف من طلبها من أهلها عندما يحتاج إليها.

هذا والله أعلم.

المصدر: كتاب المحظورات للشيخ ياسين رشدي، إعداد/هدي الرافعي
  • Currently 110/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
36 تصويتات / 503 مشاهدة

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

50,194