التحكيم الإلكترونى أحدث النزاعات و أحدث طرق الحل
مقدمة :
ظهر مصطلح الجرائم المستحدثة كنتيجة للتغيرات في البنية الاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات الحالية فمن الناحية الاجتماعية جاء تغير منظومة الأعراف والقيم الاجتماعية وتحولها من المحلية إلى العالمية ليولد سلوكيات جديدة . منحرفة ومجرمة – خارج سياق القانون الوطني ، ومن الناحية الاقتصادية فإن عولمة المال والاقتصاد الناجمة عن زيادة الترابط الألكترونى والاعتمادية المتزايدة على التقنية والاتصالات في تسيير الأعمال الاقتصادية وما نجم عن ذلك من مؤسسات وشركات متعددة الجنسيات – وشركات عابرة للحدود الوطنية .
قد أسهمت في بذور جرائم اقتصادية مستحدثة ، ومرد ذلك هو تحول البنية الاجتماعية والاقتصادية إلى عالمية وإلى معلوماتية والكترونية ، وظهرت مسميات جديدة لمثل هذه الأبنية مثل الطريق السريع للمعلومات أو الانترنت والبناء التحتي المعلوماتى العالمي ، فالنادي التحتي المعلوماتى الألكترونى . ولم بعد كل ذلك وطنيا بل عالميا مما أفرز جرائم مستحدثة ووضع ضغوطا نحو عولمة القانون والأمن .فيحتدم في مجتمعات اليوم الصراع حول عناصر الثروة والقوة والمكانة ، وهى ذات العناصر التي يتنافس عليها الأفراد ، والمعلومات مثلها مثل أي سلعة ذات قيمة مادية عالية الانكشاف ، وعرضه للعدوان بما في ذلك التعدي من قبل الأفراد ، كالاحتيال والسرقة والتعدي بالتخريب وما إلى ذلك من جرائم معلوماتية ،ومن المتوقع أن يزداد نشاط تلك الجرائم في عصر العولمة واستحداث أنماط جديدة منها ومستحدثة ،والتي تستفيد من التطور في مجال التقنيات خاصة والاتصالات عامة ، حتى غدت غالبية هذه الجرائم الكترونية -Cyber-
فأصبح الانترنت هو جزء من ثورة الاتصالات. و يعرف البعض الانترنت بشبكة الشبكات، و يعرفها البعض الأخر بشبكة طرق المواصلات السريعة، حيث يتكون الانترنت من عدد كبير من شبكات الحاسب المترابطة و المتناثرة في أنحاء كثيرة من العالم و يحكم ترابط تلك الأجهزة بروتوكول موحد يسمى "بروتوكول تراسل الانترنت " Tcp/Ip . لا أحد في الوقت الراهن يملك الانترنت ، و إن كان يمكن القول في البداية بأن الحكومة الأمريكية ممثلة في وزارة الدفاع ثم المؤسسة القومية للعلوم ، هي المالك الوحيد للشبكة ، و لكن بعد تطور الشبكة و نموها ، لم يعد يملكها أحد و اختفى مفهوم التملك ، ليحل محله ما أصبح يسمى بمجتمع الانترنت ، كما أن تحويل الشبكة تحول من القطاع الحكومي إلى القطاع الخاص ، و من هنا ولدت العديد من الشبكات الإقليمية ذات الصبغة التجارية ، و التي يمكن الاستفادة من خدماتها مقابل اشتراك ، و هذه الخصوصية أي عدم وجود مالك محدد أو معروف للانترنت يجعل مهمة رجال الأمن أكثر صعوبة .
إن تطور التقنيات ووسائل الاتصالات قد ساعد في انتشار و عولمة الجريمة و أنتاج جرائم اجتماعية و اقتصادية مستحدثة فقد استفادت العصابات الإجرامية في مجالات توظيف التقنيات و الاتصالات في النشاط الأجرامى مثل التنصت و الاحتيال على المصاريف و اعتراض بطاقات الائتمان و سرقتها و استخدامها الغير مشروع ، و الابتزاز و السطو على البنوك ألكترونيآ و التزييف و التزوير ، و التهرب الضريبي و الاحتيال بالحاسب ، و سرقة أرقام الهواتف والهواتف المزورة و المقلدة ، و تدمير الحاسبات البنكية ، و الوصول للمعلومات الأمنية الحساسة و سرقتها و بيعها ، و الأسرار التجارية و العسكرية ، و استخدام برمجيات التشفير لحماية النشاطات الإجرامية و أنشاء مواقع إباحية و ترويجها و استغلال الأحداث بها ، و على سبيل المثال فقد ذكرت أدارة مكافحة المخدرات الأمريكية أن أحدى العصابات قد استثمرت حوالي خمسمائة مليون دولار لإنشاء قاعدة تكنولوجيه خاصة بها و كل تلك الجرائم المستحدثة هى نتيجة التطورات التدريجية لاستخدام شبكة الانترنت .
كما أن التقدم العلمي في المجال الإلكتروني، وما تبعه من تنمية معلوماتية، واتجاه التجارة الدولية إلى التجارة الإلكترونية الدولية التي تقوم على السرعة في إبرام العقود وتنفيذها، أثر في الكثير من جوانب المعاملات بين الأفراد، ومنها التأثير البالغ على المراكز القانونية، وأسس المسؤولية المدنية والجنائية، ونشأ نتيجة لذلك ما يعرف بالمعاملات الإلكترونية، ونتج عن ذلك أن ثارت الكثير من التساؤلات المتعلقة بالمعاملات الإلكترونية مثل صفتها وتكييفها، والقانون الواجب التطبيق، وما إلى ذلك من تساؤلات وأعقب ذلك العديد من النزاعات المتعلقة بتلك المعاملات الإلكترونية ثار بعدها التساؤل عن كيفية حلها وأفضل الطرق وأكثرها ملائمة لحلها مما أوجد ما يعرف بالتحكيم الإلكترونى ( أو التحكيم الرقمى كما يحب أن يطلق عليه بعض فقهاء القانون ) .
تعريف التحكيم الإلكتروني
يعرف التحكيم بأنه وسيلة يتم بموجبها تسوية المسألة محل النزاع ويعهد بهذه المسألة إلى شخص أو أكثر يسمى المحكم أو المحكمين شريطة اتصافهم بالحياد، ويقوم المحكمين بتسوية المسألة محل النزاع وفق الاتفاق المبرم بينهم وبين المحتكمين، ويكون حكمهم نهائياً وملزماً للأطراف.
وحيث تقوم التجارة الإلكترونية على السرعة في إبرام العقود وتنفيذها، ولا يتماشى ذلك مع بطء إجراءات القضاء العادي، تظهر أهمية التحكيم الإلكتروني؛ لما يتميز به من سرعة ومرونة لا تتوافر في القضاء العادي، حيث لا يلزم في التحكيم الإلكتروني انتقال أطراف النزاع أو الحضور المادي أمام المحكمين بل يمكن سماعهم عبر وسائط الاتصال الإلكترونية عبر الأقمار الاصطناعية.
يضاف إلى ذلك سرعة إصدار الأحكام نظراً لسهولة الإجراءات حيث يتم تقديم المستندات والأوراق عبر البريد الإلكتروني، كما يمكن الاتصال المباشر بالخبراء أو تبادل الحديث معهم عبر الإنترنت؛ لذا انتشرت محاكم وهيئات التحكيم الإلكتروني؛ وبالتالي يمكن تعريف التحكيم الإلكتروني بأنه التحكيم الذي تتم إجراءاته عبر شبكة الإنترنت، وهو يكتسب صفة الإلكترونية من الطريقة التي يتم بها، حيث تتم بطريقة سمعية بصرية عبر شبكة دولية مفتوحة للاتصال عن بعد، دون الحاجة إلى التقاء أطراف النزاع والمحكمين في مكان معين.
ويشمل نطاق التحكيم الإلكتروني النظم والتقنية المعلوماتية، والحوسبة التطبيقية، والمعاملات الإلكترونية وما يتصل بها، في القطاع الخاص، وفي القطاع العام، مع مراعاة إجراءات التحكيم في القطاع العام الواردة في نظام التحكيم بالمملكة ولائحته التنفيذية.
أهداف التحكيم الإلكتروني
يهدف التحكيم الإلكتروني إلى تنقية وتأمين بيئة العمل الإلكتروني، وما يتصل بها من خلال تسوية و - أو حل المنازعات الإلكترونية القائمة، وتقديم الخدمات الاستشارية، التي من شأنها منع حدوث المنازعات، من أجل مجتمع رقمي معافى، وذلك من خلال ما يلي: - تقديم خدمات التحكيم عن طريق محكمين خارجيين عبر وسائط الاتصالات الإلكترونية لتسوية و - أو حل المنازعات الناشئة عن علاقة قانونية ذات طابع اقتصادي، سواء كانت علاقة عقدية أو غير عقدية، سواء كانت في القطاع العام أو الخاص، أو بينهما.
- تقديم الخبرة الاستشارية في المعاملات الإلكترونية، مثل الاستجابة لطلب جهات لتكملة عقد معين به بعض أوجه النقص، أو لمراجعة أحكام عقد معين في ظل ظروف معينة قد نشأت بعد إبرامه، فضلاً عن تقديم الخبرة الاستشارية في النظم والتقنية المعلوماتية والحوسبة التطبيقية للجهات القانونية، مثل المحاكم المختلفة (على غرار ما تقدمه مكاتب المحاسبة والمراجعة للمحاكم من خبرة محاسبية في النزاعات المنظورة أمامها ذات الصبغة المحاسبية البحتة )
مزايا التحكيم الإلكتروني
يتميز التحكيم الإلكتروني بعدة مزايا، منها، على سبيل المثال، السرعة؛ إذ يتمشى ذلك مع طبيعة التجارة الإلكترونية التي تقوم على السرعة في إبرام العقود وتنفيذها، حيث لا يلزم في التحكيم الإلكتروني انتقال أطراف النزاع أو الحضور المادي أمام المحكمين بل يمكن سماع المتخاصمين عبر وسائط الاتصال الإلكترونية عبر الأقمار الاصطناعية.
يضاف إلى ذلك سرعة إصدار الأحكام نظراً لسهولة الإجراءات حيث يتم تقديم المستندات والأوراق عبر البريد الإلكتروني، كما يمكن الاتصال المباشر بالخبراء أو تبادل الحديث معهم عبر الإنترنت؛ لذا انتشرت محاكم وهيئات التحكيم الإلكتروني، وإضافة إلى ذلك فإن من مزايا التحكيم الإلكتروني تقليل تكلفة التحكيم من حيث عدم الحاجة إلى الانتقال المادي للأطراف
الفرق بين التحكيم التجاري التقليدى والتحكيم الالكتروني والتحكيم الرقمي
التحكيم التجاري : هو وسيلة من وسائل فض النزاعات بدون اللجوء إلى طول وتعقيدات الإجراءات القانونية فى رفع الدعاوى ومواعيدها .وتهدف تلك الوسيلة إلى إنهاء النزاع بوقت أقل وتكلفة أقل . وقد تم تناول موضوع التحكيم فى أغلب قوانين بلاد العالم ، وكتب فيه أيضا العديد والعديد من فقهاء القانون.وهناك إتفاقية دولية تسمى إتفاقية نيويورك لتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية لسنة 1958م
و التحكيم الإلكتروني: هو وسيلة تحكيمية دخلت فيها الوسائل الإلكترونية كبديل لإجتماع المحكمين وأطراف النزاع فى مكان واحد . بحيث يتم تداول كل موضوع النزاع عن طريق تلك الوسائل الإلكترونية ( فاكس – بريد إلكتروني – موقع إلكتروني ... إلخ ) ثم يرسل الحكم لكل من أطراف النزاع عن طريق تلك الوسائل أيضاً .
أما التحكيم الرقمي : فينطبق عليها ما سبق أن قيل عن التحكيم الإلكتروني ، وإن كنا نود التنبيه إلى أن التحكيم الإلكتروني لا يزال فى بداياته ويحتاج كثير من الوقت لإتضاح معالمه و إستعياب المتعاملين بيه لتلك الطرق الحديثة .
دوافع اللجوء الى التحكيم الإلكترونى
أولا : دوافع اجرائية
1- السرعة والأقتصار فى الأجراءات 2- تحقيق الحماية القضائية حال التنفيذ وقبله 3- الرغبة في عدم التعرض لعلانية القضاء.
ثانيا : دوافع اقتصادية
1- احتياجات التجارة الدولية 2- تشجيع الأستثمارات الدولية
ثالثا : دوافع فنية
1-الرغبة في عرض النزاع على اشخاص ذوي خبرة فنية خاصة او محل ثقة.
2- الرغبة في تجنب بطء القضاء ونفقاته وبالتالي الوصول الى حل النزاع بصورة سريعة وغير مكلفة.
مراكز التحكيم الالكترونية
او مراكز التحكيم عن بعد فيمكن تعريفها بأنها (وسيط محايد ونزيه موجود في شكل مراكز على شبكة الانترنت يوافق اطراف النزاع على العمل معه للوصول الى حل فرضي للنزاع مع اعطاء السلطة الكاملة للاطراف لحل النزاع دونما اي قرارات يفرضها الوسيط او غيره) ولإعمال الوساطة الالكترونية هذه ينبغي ويشترط موافقة اطراف النزاع التي تكون شرطاً في العقد الاصلي موضوع النزاع او تأتي لاحقا وقد نصت على مثل هذا الشرط المادة الاولى من نظام الوساطة والتحكيم للمركز التابع للمنظمة الدولية لحماية الملكية الفكرية World Intdletual Proety Organizition (WIPO)
اجراءات التحكيم الإلكترونى
نصت التشريعات على أن يكون المحكم واحداً، وإن تعددوا يجب أن يكون عددهم وتراً. ويتم في التحكيم الإلكتروني اتباع إجراءات التحكيم العادية، ويضاف إليها باتفاق الأطراف قواعد إضافية خاصة بالتحكيم الإلكتروني لعل أبرزها كيفية التواصل بين المتخاصمين والمحكمين عن بعد عبر شبكة الإنترنت، وكيفية تقديم المستندات إلكترونياً وأهمية الحفاظ على سرية المعلومات التجارية والصناعية التي تهم الأطراف موضوع النزاع على أنه يجوز للأطراف تحديد إجراءات التحكيم الإلكتروني ضمن اتفاق التحكيم وذلك على النحو الآتى :-
1- التقدم لمركز التحكيم المعين عن طريق النموذج المبين على موقع الإنترنت
2- يقوم كل طرف بتحديد أسماء ممثليه فى نظر النزاع
3- تحديد وسيلة الإتصال ( البريد الإلكترونى – الفاكس – التلكس – الفيديو كونفرنس )
4- تقدم الوثائق والمستندات والأدلة بالطرق المبينة سلفا
5- يبدأ تاريخ نظر النزاع باستلام المركز لطلب التحكيم
6- تحدد محكمة التحكيم الإلكترونى اسماء المحكمين
7- يحدد المركز موعد المحاكمة
8- يقوم المركز باخطار الطرف الآخر بوجود النزاع و بداية المحاكمة
9- يتم انشاء موقع الكترونى لكل محاكمة ( له كلمة سر و كلمة مرور خاصة به تسلم للأطراف )
10- تتم كافة اجراءات التحكيم بطريقة الكترونية على موقع المركز الإلكترونى
طريقة رفع النزاع
1 - يتم رفع النزاع الكترونيا اذ تكون هناك استمارة معدة سلفا يتم ارسالها بواسطة الانترنت مرفقا معها صورة من اتفاق الوساطة بالاضافة لبينات المدعي واختياره وسيطا او ترك ذلك للمركز مع دفع مبلغ مقدم لاجل الرسوم.
2 - بعد استلام مراكز التحكيم للطلب المقدم للجوء للوساطة لحل النزاع يأتي دوره في قبول او رفض نظر النزاع، ومن اشهر مراكز التحكيم الالكترونية من مركز منظمة الملكية الفكرية وموقعه ومركز وبقبول المركز يتم اخطار الطرف الثاني (المدعى عليه) بواسطة البريد الالكتروني مع تزويده بنموذج للرد (لائحة جوابية) فاذا رد المدعي عليه وقبل بالوساطة فانه يتعين عليه ارفاق بيناته التي يعتمد عليها مع اختيار وسيط او ترك الاختيار لمركز التحكيم.
3 - يقوم بعد ذلك مركز التحكيم باعداد صفحة عرض النزاع على موقع الكتروني معد لذلك ويعطي الطرفين كلمة مرور تخولهم<SPAN dir
ساحة النقاش