الإتفاق على التحكيم
قد يتخذ شكل اتفاق الأطراف على التحكيم إحدى صورتين – فى الوضع المعتاد للأمور – وهما شرط التحكيم أو مشارطة التحكيم
يوجد نوع آخر من الإتفاق على التحكيم و هو التحكيم بالإحالة و هو نادر اللجوء اليه لذا سنتعرض في الفصلين التاليين للنقطتين سالفتى الذكر على النحو التالى :
الفصل الأول : شرط التحكيم
الفصل الثانى : مشارطة التحكيم
الفصل الأول
شرط التحكيم
يتضمن الباب الثامن من القانون 27 لسنة 1994 (المواد 10- 14) الاحكام الخاصة باتفاق التحكيم، من حيث مفهومه وشروطه ودور المحكمة في النزاع المتفق على احالته الى التحكيم، وهي تقابل المواد (7-9) من القانون النموذجي. وبمقارنة القانونين مع بعضهما، تبدو لنا بعض الملاحظات أهمها ما يلي:
1- يجوز في كلا القانونين ان يكون اتفاق التحكيم في صيغة شرط تحكيم (او حتى اتفاق مستقل) بالنسبة للمنازعات المستقبلية، او مشارطة تحكيم بالنسبة للمنازعات القائمة عند ابرام اتفاق التحكيم (المادة 10 مصري والمادة 7/1 نموذجي). ويضيف القانون المصري بأنه في الحالة الثانية يجب أن يحدد اتفاق التحكيم المسائل التي يشملها التحكيم وإلا كان الاتفاق باطلاً، ولا يوجد لهذا الحكم مقابل في القانون النموذجي.
2- اشترط القانونان ان يكون اتفاق التحكيم كتابة، مع التوسعة بمفهوم الكتابة بحيث تشمل كافة وسائل الاتصال المكتوبة (المادة 12 مصري والمادة 7/1 نموذجي) بما في ذلك التلكس والفاكس. ويترتب على عدم مراعاة هذا الشرط في القانون المصري بطلان اتفاق التحكيم، في حين لا يوجد نص مقابل لذلك في القانون النموذجي.
3- ان اتفاق التحكيم يمكن أن يكون في شكل احالة في عقد الطرفين على عقد آخر (نموذجي مثلاً) او أي وثيقة أخرى تتضمن شرط تحكيم، شريطة أن تكون الاحالة واضحة في اعتبار الشرط جزءاً من عقد الطرفين (المادة 10/3 مصري، والمادة 7/2 نموذجي).
4- أنه يجب على المحكمة المرفوع أمامها النزاع ان تقضي في كلا القانونين برد الدعوى إذا كان هناك اتفاق على إحالة النزاع الى التحكيم(8)، وذلك بناء على دفع المدعى عليه. وينص القانون المصري على أن مثل هذا الدفع يجب ابداؤه قبل أي طلب أو دفاع في الدعوى، في حين يجيز القانون النموذجي ابداء الدفع في أي وقت من تاريخ إقامة الدعوى حتى تقديم المدعى عليه للائحته الجوابية على موضوع الدعوى. بمعنى أنه يجوز، حسب القانون النموذجي، للمدعى عليه أن يقدم ردّه على موضوع الدعوى مع إثارة الدفع بالاحالة الى التحكيم في الوقت ذاته. وفي كلا القانونين فإن إقامة دعوى قضائية على هذا النحو لا تحول دون البدء بإجراءات التحكيم أو الاستمرار فيها وإصدار قرار التحكيم. والهدف من ذلك كما هو واضح الحيلولة دون مماطلة أحد طرفي النزاع بتعطيل التحكيم، أو تأخير إجراءاته، بحجة أن هناك اجراءات قضائية بموضوع النزاع.
5- يجب في كلا القانونين أن تكون الاحالة الى التحكيم بشأن علاقة أو علاقات قانونية محددة، ويستوي بعد ذلك أن تكون هذه العلاقة أو تلك تعاقدية مثل بيع، أو غيرها مثل العمل غير المشروع والاثراء بلا سبب (المادة 10/1 مصري والمادة 7/1 نموذجي).
6- ويتفق القانونان أيضاً على أنه يجوز للمحكمة، بناء على طلب أحد الاطراف، أن تأمر بإتخاذ إجراء تحفظي ما بشأن النزاع سواء قبل بدء إجراءات التحكيم أو أثناء سريانها، وان ذلك لا يتعارض مع التحكيم، مثل القاء الحجز التحفظي، والمنع من السفر، وبيع البضاعة القابلة للتلف على وجه السرعة وايداع ثمنها في صندوق المحكمة (المادة 14 مصري، والمادة 8/2 نموذجي).
الفصل الثانى
مشارطة التحكيم
تضمنت المادة 10 من القانون المصرى الخاص بالتحكيم رقم 27 لسنة 1994 ما يتعلق باتفاق التحكيم من حيث الشكل و المضمون " 1- اتفاق التحكيم هو اتفاق الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم لتسوية كل أو بعض المنازعات التى نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهما بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية كانت أو غير عقدية .
2 - يجوز أن يكون اتفاق التحكيم سابقا على قيام النزاع سواء قام مستقلا بذاته أو ورد فى عقد معين بشأن كل أو بعض المنازعات التى قد تنشأ بين الطرفين ، وفى هذه الحالة يجب أن يحدد موضوع النزاع فى بيان الدعوى المشار إليه فى الفقرة الأولى من المادة ( 30 ) من هذا القانون ، كما يجوز أن يتم اتفاق التحكيم بعد قيام النزاع ولو كانت قد أقيمت فى شأنه دعوى أمام جهة قضائية ، وفى هذه الحالة يجب أن يحدد الاتفاق المسائل التى يشملها التحكيم والا كان الاتفاق باطلا .
3 - ويعتبر اتفاقا على التحكيم كل إحالة ترد فى العقد إلى وثيقة تتضمن شرط تحكيم إذا كانت الإحالة واضحة فى إعتبار هذا الشرط جزءا من العقد . "
وعلى ذلك نجد أن مشارطة التحكيم لا تختلف عما أوردناه سلفا فى شرط التحكيم من حيث القواعد والشروط المنظمة لها وإن كانت تختلف فى أنها تدرج فى عقد أو مكاتبة مستقلة و غالبا ما تكون عقب نشوء النزاع و تكون المشارطة أكثر تفصيلا من شرط التحكيم لإحتوائها على كافة البنود و الشروط المتفق عليها بشأن النزاع الذى قام بالفعل بين الطرفين
ومما لا شك فيه أن اتفاق التحكيم في الواقع ما هو إلا عقد ومن ثم فإنه يخضع لأحكام النظرية العامة في العقود وإن كان اتفاق التحكيم أيا ما كان شكله ( سواء أكان شرط أو مشارطة أو تحكيم بالإحالة ) فإنه يعد عقدا مستقلا عن العقد الأصلى الذى نشأ بشأنه النزاع .
ساحة النقاش