أولا: المفهوم اللغوي والاصطلاحي:
المراهقة لغويَّاً :
جاء في المعجم الوسيط: رهق فلان رهقا: سفه وحمق وجهل، وركب الشر والظلم وغشي المآثم. (المُرَهَّقُ):الموصوف بالجهل وخِفّة العقل (لا فعل له).
و( أرْهَقَ) الليلُ: دنا. وـ فلاناً: حمَلَه على ما لا يطيقه. وـ فلاناً: دنا منه وأدركه، ( رَاهَقَ ) الغلامُ: قارَبَ الحُلُمَ. ويُقال أيضاً: راهقَ الغلامُ الحُلُم. ( المُرَاهقَةُ ): الفترة من بلوغ الحلم إِلى سنّ الرشد. (http://kamoos.reefnet.gov.sy/?page=entry&id=285623)
وعليه فلفظة المراهقة ترجع إلى الفعل العربي (راهق) الذي يعني الاقتراب من الشيء، فراهق الغلام فهو مراهق: أي قارب الاحتلام، ورهقت الشيء، رهقاً قربت منه. والمعنى هنا يشير إلى الاقتراب من النضج والرشد.
المراهقة في الاصطلاح :
المراهقة في علم النفس تعني: الاقتراب من النضج الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي ، ولكنه ليس النضج نفسه؛ لأنه في مرحلة المراهقة يبدأ الفرد في النضج العقلي والجسمي والنفسي والاجتماعي، ولكنه لا يصل إلى اكتمال النضج إلا بعد سنوات عديدة قد تصل إلى 9 سنوات .ويشير ذلك إلى حقيقة أن النمو لا ينتقل من مرحلة إلى مرحلة فجأة، ولكنه تدريجي، ومستمر ومتصل، فالمراهق لا يترك عالم الطفولة ويصبح مراهقاً بين عشية وضحاها، ولكنه ينتقل انتقالاً تدريجياً، ويتخذ هذا الانتقال شكل نمو وتغير في جسمه وعقله ووجدانه، فالمراهقة تعد امتداداً لمرحلة الطفولة، وإن كان هذا لا يمنع من تميَّزها بخصائص معينة تميزها من مرحلة الطفولة.
ثانيا: المراهقة من منظور إسلامي :
المراهقة لفظ لم يرد عن رسول الله r ولا صحابته ولا أعرف أحدًا من السلف قالها لفظًا. ولا يعني هذا أن المراهقة ليست عند المسلمين، كما لا يعنى ذلك بُطلان اللفظ واستنكاره، فالمراحل العمرية للنمو الإنساني تنقسم عدة أقسام تبدأ بالولادة والرضاعة، ثم ما قبل المدرسة ثم سن بداية الصبا، ويتدرج إلى سن المراهقة، وهو في مصطلحات العرب يبدأ بنهايات مرحلة سنّ الصبي وبدايات الشباب. ولكل مرحلة عمرية احتياجاتها الجسمية والصحية والنفسية والروحية والتعليمية.
رؤية جديدة معكوسة:
ترى كيف حال مراهقينا اليوم ؟؟
ما الذي يشغلهم وما الذي يهمهم ؟ ؟
الجوالات لا تكاد تفارق أيديهم صحوا ولا نوما .. يستيقظون عليها وينامون وهي بأيديهم ، الأيباد، البلاك بيري ...؟؟
الإنترنت بكل اتجاهاته: الفيس بوك ، تويتر، الشات مع الغرباء؟؟؟
أين أبناءنا وبناتنا من مراهقات الجيل الأول في الإسلام. وإلى أين نحن ذاهبون.
وهنا ينبغي التنبية إلى أمر هام، هو التفريق في المفهوم والسن والمرحلة بين البلوغ الذي يستوجب القيام بالأحكام الشرعية التكليفية والمراهقة. فبالبلوغ أي ظهور كل العلامات الجسدية والفسيولوجية في تكوين الفتى والفتاة، يكونان قد وصلا لسن التكليف، والمسئولية الشرعية التي يكون عليها الثواب والعقاب.
في حين أن المراهقة تختلف تماما عن البلوغ، ولا سن لنهايتها أو بدايتها، فربما ظهرت مبكرا قبل سن البلوغ، وربما ظلت مع الإنسان حتى سن الأربعين.
والمراهق - فتى أو فتاة – ربما اعتبرته بعض الأسر المسلمة مشكلة كبيرة، ففي حقيقة الأمر أن الكبار في عصرنا هم الذين يرهقون الصغار .
فهم يرونهم مشكلة كانت نائمة ثم تفجرت، يرون أن الفتاة ببلوغ تلك المرحلة تفقد جزءً كبيرا من تربيتها وأخلاقها وأدبها، تراها تحول إلى الأسوء.
ومن ثم تبدأ أشواك الشك تحوم حولها، فتفرض عليها قيودا أثل من كاهلها، وتحملها الأسرة بما لا تطيقه من اللوم والعتاب عند مواجهة كل أمر، تحوطها عين الشك والريبه، لأنها قد تخطيء في لحظة من اللحظات، وربما تجلب لأسرتها ما لا تحمد عقباه. فتتكون الفجوة بين الفتاة وأسرتها، امها اختها ابوها أخوها. . تجد نفسها وحيدة في عالمها منفردة بين أهلها لا من يحتويها، فتبدأ رحلة البحث عنه في الخارج، عن طريق مكالمات ورسائل الجوال، عن طريق المحادثات الانترنتية، وغيرها من الطرق الخفية.
وما يجب فهمه والانتباه إليه لتلافي خطر هذه المرحلة معرفة أن فترة المراهقة مرحلة جديدة تتولد في حياة الإنسان، وتحوله من طور إلى طور، وينبغي التعامل مع المراهق على أنه شخص جديد. كما نتعامل مع الجنين الذي تحول بالولادة إلى وليد .. نفرح به ونقيم ولائم. وكما تتحول الفتاة عند زواجها إلى سيدة نفرح بعرسها. كذلك المراهق هو نتاج جديد خرج من حياة إلى حياة أخرى. لو تعاملنا معه من هذا المفهوم لما أتعبانه ولا أتعبنا.
إن حال المراهقة في تدرجها من حال الصبا إلى حال المراهقة يشبه الشرنقة والفراشة .. التي بدأن دودة تسعى.. ثم تشرنقت على نفسها . ثم انطلقت من شرنقتها فراشة تطير ...
فهل ما يسعى مثل ما يطير ؟؟
شتان ما بينهما.. الأولى لها القليل من المتطلبات؛ الغذاء الجسدي فقط.
أما الأخرى فقد ظهر لها جناحان تريد أن تشغلهما، تريد أن ترى أهميتهما في حياتها، غير الجناحان شكلها ومشاعرها وأحاسيسها وقدرتها. أصبحت ترى العالم من أعلى تحيط بالكثير من تفاصيله البعيدة، تريد أن تكتشفها وتعرفها عن قرب ..
تلك هي حال المراهقة. كالفراشة التي تحررت من شرنقتها.
الآن المراهقة له احتياجات تختلف عن احتياجاتها بالأمس حين كانت طفلة كان يهمها اللعب، الغذاء، الجري والقفز، العرائس.
الآن تحتاج من يفهمها ويفجر طاقاتها فيما يفيد ويلبي حاجاتها بما يتاح من وسائل مشروعة.
وهنا يبرز دور الآباء والأمهات، وكل المحيطون بالمراهق. فقدموا له يد العون. أعينوه بقوة على أن يخرج من تلك المرحلة بمكاسب جديدة. لا تتركوه فريسة طور من أطوار حياته البشرية. انظروا إلى ما يشاهد من أفلام، وما يتابع من برامج. الكثير والكثير يحتاجه المراهق من الآباء والأمهات؛ الحنان والحب والمودى . الثقة والشعور بهدوء النفس والطمأنينة.
كونوا عينا عليه وعلى أصحابه. قدموا له إرشادات عمليه في الاستفادة من الوقت، العبوا معه. اخرجوا في رحلات أسرية هادفة. ساعدوه على حضور الندوات، ساعدوه على التفوق الدراسي والرياضي ونموا مواهبه وقدراته، اجعلوه يشعر أنه عضو جديد ناجح ومفيد لمجتمعه.