النوم في الأسماك

محمد شهاب

هل ينام السمك؟

 للإجابة عن هذا السؤال لابد من تعريف النوم، فالنوم هو حالة يسترخى فيها الحيوان و السمك، و من ثم ادخار طاقتها وتبقى بلا حراك تقريبا، كما أن الأسماك التي تعتاد التجمع في شكل أسراب، فإنها تتفرق أثناء تلك الفترة (النوم) و التي تكون غالبا في الليل، وغالبا يحدث ذلك في المياه الضحلة، أما أسماك القرش فنظرا إلى عدم وجود المثانة الهوائية Swimming Bladder بها، فهي لا يمكنها التوقف عن الحركة، نظرا إلى حاجتها لدفع الماء إلى فمها بغرض التنفس، و يعتقد أنها قد تنام أثناء حركتها. و لا تستطيع الأسماك إغلاق عيونها لعدم وجود أجفان لديها، و لكن لها غشاء رقيق يحافظ على عينيها، ولهذا كان يعتقد أنها لا تنام، إلا أنها تظل بحاجة للنوم مثل الإنسان. بعض الأسماك تستلقي فوق قاع البحر أو تدفن نفسها في رماله، والبعض الآخر يحتمي بالشقوق الموجودة بين الصخور أو تنام بين شجيرات الإعشاب البحرية أو في الشعاب المرجانية. بهذه الطريقة تحمي نفسها من الحيوانات الجائعة التي تمارس الصيد ليلا.

توجد في المخ غدة تسمى الجسم الصنوبري Pineal Body  وهى غدة مختصة بالنوم، ومهمة هذا الجزء من المخ حفظ إيقاع النوم و التغير في الألوان، أسماك البلطي النيلي (Nile Tilapia) Oreochromis niloticus  والبوري Mugil cephalus (Flathead Grey Mullet)  ، عادة تتغذى في فترت النهار وهى كما في معظم الأسماك تنام ليلا. هناك أسماك تختبئ و تنام خلال فترة النهار و تنشط ليلا حيث تتصف بتطور في حواس السمع hearing و الشم smell  و كذلك الرؤية eyesight فالعين متسعة بشكل واضح ويطلق علي تلك الظاهرة Nocturnal، ومنه جنس Bagrus يعتقد أنه متغذي ليلى، ومنه أسماك بقر دكماك  Bagrus docmac و البياض bayad  Bagrus ، سمكة ذئب الماء(waterwolf ) Hoplias malabaricus وهي من الأسماك الليلية أي أنها تنشط بالليل لذلك يمكنك ملاحظة بريق عينيها بالإضاءة الخافتة كما أنها في النهار تقعد في مكانها دون حراك أو بحركة بطيئة جداً، أما في الليل فقد تهجم على أي شيء قد يتحرك أمامها ولو كان حشرة.

يعيش سمك الببغاء Parrotfish بين الصخور البحرية المرجانية الاستوائية الموجودة قرب سطح الماء، وقد أخذت اسمها من فمها المنقاري الصلب الذي تقطع به الكتل المرجانية لتتغذى عليها. وينام سمك الببغاء في أماكن سرية تنم عن الذكاء، حيث تفرز فقاعة مخاطية شفافة حول جسمها مثل كيس النوم. وتخرج المخاط من غدد داخل فمها، تستغرق فترة بناء كيس نوم هذه السمكة حوالي نصف ساعة، ومثل ذلك الوقت للتخلص منه في الصباح. يعتقد بأن أكياس النوم تساعد في منع الأسماك المعتدية الأخرى مثل ثعبان السمك من إن تشم رائحتها، وبهذه الطريقة تنام في أمان.

هناك نوع من الأسماك يعرف بالسمك الرئوي Lungfish يدخل في نوم عميق خلال فترة الصيف الإفريقي الحار (يشبه البيات الشتوي في أنواع أخرى من الحيوانات)، عندما تجف المستنقعات ومجاري الأنهار التي يعيش فيها، يستطيع هذا السمك أن يبقى على قيد الحياة إلى أن تهطل الأمطار ثانية، يعرف هذا النوع من النوم بالنوم الصيفي. وعندما يقل مستوى الماء تحفر سمكة الرئة لنفسها جحراً داخل الطين في قاع الماء، وتغلق مدخل الجحر بالطين ثم تقلب نفسها ليصبح الرأس للأعلى ، ومن ثم تفرز حول نفسها كيسا مخاطيا على غرار سمكة الببغاء، وتترك فتحة لفمها فقط تكون متجهة نحو السطح، وتتنفس من الهواء الذي يأتي من مدخل الجحر، وتضطر سمكة الرئة أن تعيش بهذا الشكل بضعة أشهر، مع انه عرف عن بعض أنواعها بأنه يعيش على هذا النمط لفترة تصل 4 سنوات. خلال هذه الفترة تعيش هذه السمكة على أنسجتها العضلية التي تتحول لغذاء . ويبقى هذا الغذاء على القلب والرئتين وبقية الجسم حيا، يوجد لهذه الأسماك رئتان للتنفس عندما تكون خارج الماء، ولها أيضا خياشيم للتنفس عندما تكون في الماء.

كما يحدث للبشر فإنه يحدث في الأسماك عندما يصاب بنوبات نوم قصير عميق أثناء النهار فإنه في حالة حدوثها، يصاب السمك بزيادة النعاس خلال فترة النهار Narcolepsy ، و يحدث خلل في العضلات و انهيار في الأعصاب Narcoleptic Collapse، كما يتصاب بهلوسة خلال النوم Hallucinations، وهذا يحدث نتيجة اعتلال لتلف المستقبلات العصبية في المخ بسبب إفراز هرمونات Hypocretin   والتي يتم إفرازها من منطقة تحت المهاد Hypothalamus  بالمخ ، وهو ما يحدث للبشر أيضا، و في حالة سمك الحمار الوحشي Zebrafish في أحواض الزينة، عند اقتراب الليل تشعر بالنعاس، فإنه يتدلى ذيلها ، وتمضى الليل تحت سطح الماء أو على قاع الحوض، و بدراسة طبيعة الغفوة nap، وفى الأنواع المطفرة  Mutant من سمك الحمار الوحشي Zebrafish، والتي تتناقص فترة النعاس بها بمقدار الثلث عن الأسماك الأخرى العادية من نوعها، ولكنها عندما تنجرف للنوم Drift off بواسطة التنويم المغناطيسي، فإنها تبقى نائمة نصف الوقت الذي تأخذه في النوم سمكة الحمار الوحشي العادية Normal Zebrafish  ، ومن ثم كان دراسة هذا النوع من السمك  كان مصدرا رخيصا و قويا لدراسة ظاهرة خلل النوم Sleep Disorders .