محمد شهاب- المزارع السمكية Mohamed Shihab -Aquacultures

يعرض الموقع الأحدث من ومقالات و صور و مواقع تخص الاستزراع السمكى

نظرة عامة لوضع المزارع السمكية المصرية

محمد شهاب

يمكن القول بأن المصريين تاريخيا، هم اول من زرع السمك على كوكب الأرض، ففى  كتاب (السمك و صيده في مصر القديمةFish and Fishing in Ancient Egypt - الفصل الأول ذكر انه في الدولة الحديثة The New Kingdom فترة الأسرات 18-20 من 1570-1069 ق.م زرع المصريون السمك فى الحدائق الخلفية لقصور النبلاء، كنوع من الهواية و المتعه لهم و زائريهم فى صيد الأسماك) و غالبا كان سمك البلطى. أيضا (فى الموسوعه الأمريكية Encyclopedia Americana المجلد رقم 11- فى فترة الأسرات الوسطى في مصر وكما هو مرسوم على الجدران ما يحمل على الاعتقاد بأن المصريين قد مارسو زراعة الأسماك)، و ذكرت ذلك أيضا بورجيس Elisabith Mann Borges ، في كتابها(Seafarm the story of aquaculture -  ,Hary N. Abrams, Inc.N.Y. , USA.1980 - ربما يكون قد زرع البلطي في مصر الفرعونية, فعلى جدران مقابرها توجد صور في 2000 قبل الميلاد توضح عملية صيد سمك البلطي من أحواض زراعة السمك)، و لكن لم يتواصل هذا الأمر، حيث نجد انه فى بدايات القرن العشرين، حدثت مقدمات أدت إلى الاتجاه للأستثمار فى الاستزراع السمكي المصري منذ السبعينات، و أحرزوا فيها إنجازات جعلت من مصر و حسب كتاب الفاو السنوي عام 2015 تأتي مزارع مصر السمكية ترتيبها السابع عالميا، بإنتاج تعدى بقليل المليون طن، يجعل من مصر الأولى عربيا و إفريقيا و بحر متوسطيا، فى إنتاج المزارع السمكية.

و من ثم، هذا الوضع يجعلنا نفكر، لماذا لم يتحول هذا النجاح إلى واقع على الأرض، يتمثل فى جعل مصر وجهة الدارسين و المستثمرين و المستوردين عرب و أفارقة و أجانب؟ لابد و أن تكون هناك أمور تعوق تحقيق هذا المطمح.  

الوضع الحالي للمزارع و الأقفاص السمكية المصرية و زراعة السمك فى حقول الأرز على الوجه التالي:

- منذ عام 2012 إنتاج السمك و الكائنات المائية Aquatic organisms، تساوى إنتاج المزارع مع الصيد عالميا حسب الفاو لإنتاج عام 2012 الصادر عام2014( FAO The state of the world fisheries and aquaculture2012 )، و فى مصر 77% من الإنتاج السمكي مصدرة المزارع (حسب النشره السنوية لإحصاءات الإنتاج السمكى عن إنتاج عام 2014-الجهاز المركزى للتعبئة العامة و الإحصاء- الصادر فى يناير عام 2016)، مع العلم بوجود حوالى 2500 كم سواحل بحرية، فإن سواحل البحر المتوسط فقيرة سمكيا لعدم وجود جرف قارى، أما البحر الأحمر فوجود الشعاب المرجانية،تتلف شباك الصيد. 

- تقوم باستمرار جهات حكومية بإزالة الأقفاص السمكية فى النيل، بعد حدوث تطور هائل فى إنتاجها، خاصة فى محافظات دمياط و كفرالشيخ و البحيرة، مع تقلص واضح فى مساحات و إنتاج السمك فى حقول الأرز.

- لا توجد إستراتيجية واضحة المعالم و متوافق عليها بين جميع أطراف أصحاب المصلحة، فقد كانت هناك إستراتيجية فى الثمانينات بزراعة أنواع فاخرة من السمك و تصديرها، و إستيراد أنواع شعبية، و لم نحقق إنتاج أنواع السمك الفاخر و أيضا تصدير سمكنا، و أصبحنا نستورد البلطي و البوري الآسيويين، اللذين تميزنا بزراعتهما!!

- وجود قصور مؤسسي واضح سواء على مستوى الجهة المنوط بها رسميا إدارة الثروة السمكية المصرية(هيئة الثروة السمكية)، واضح من سرعة تغيير رئيس مجلس الإدارة، و عدم القدرة على مواجهة نفوق الأسماك أو ربما التهرب من تحديد أسبابة، أو إيجاد مساحات من الأراضي لراغبى الاستثمار فى المزارع السمكية، و شكاوى من معظم المنخرطين فى العملية الإنتاجية من سلبية الهيئة و إدارتها...الخ،  و أيضا  على مستوى المجتمع المدني(الاتحاد التعاوني للثروة المائية)، الذي استمرت قياداته فى مجلس الإدارة لعشرات السنين، على الرغم من الشكاوى المستمرة من عدم تحقيق ادنى مطالب المنخرطين فى العمل بقطاعي الاستزراع و الصيد(11 جمعية استزراع سمكي و 87 جمعية صيد- حسب نشرة الجهاز المركزي للتعبئة العامة و الإحصاء الصادر فى عام 2016 لإنتاج عام 2014. مع وضع أولويات بعيدة عن طموحات أعضاء تلك الجمعيات)، و وضع من أولوياته المطالبة بوزارة للثروة السمكية!!

- مازلنا نحبو فى مجال تفريخ العائلة البورية، وأسماك المياه المالحة(ارتفاع معدلات الوفيات فى الـ 45 يوم من التفريخ و تقزم فى المتبقي).

- ندرة المبعوثين للخارج فى مجالات تفريخ أسماك المياه المالحة، و الأقفاص البحرية، و الاستزراع المتواصل بيئيا، و التعرف على المستجدات فى مجال الأعلاف الجديدة الصديقة للبيئة، و الجودة الشاملة فى إنتاج الأسماك، و غيرها من المجالات التى نحتاج إليها.

- تجاهل أراء الخبراء فى مجال المزارع السمكية، و أبناء المناطق التى أعلن الاتجاه إلى إقامة مشاريع استزراع سمكي بها، مثل مشروع المزرعة السمكية البحرية العملاقة(ضمن مشروع قناة السويس)، و لم يشاركوا فى مناقشة دراسات الجدوى الخاصة بها(حيث لم تدار جلسات استماع و ورش عمل)، و يدعى بعض الخبراء، حسب ما نشر فى وسائل أعلام رسمية،بأن الإنفاقات على المزرعة وصلت إلى 4.5 مليار جنيه، مع وجود نقص فى توفير الزريعه من الأسماك البحرية اللازمة للمزرعة، و عدم البدء فى إنشاء مفرخ بحري فى المشروع، و أيضا عدم إرسال مبعوثين فى التفريخ البحري للدول ذات السمعة الطيبة فى التفريخ البحري. مع ندرة الصور و أفلام الفيديو التى يسمح بنشرها لمنشئات المشروع.

- نظام حيازة أراضى المزارع السمكية الحالى، و نظام الأقفاص السمكية، لا يسمح للمزارعين بالتطوير، و أيضا قيود شديدة على الأقفاص السمكية البحرية و فى النيل، مع سيطرة شبه كاملة من قطاع السياحة على السواحل البحرية (سواء بالبحر الأحمر أو المتوسط للسياحة مستندة الى دعم من الإدارة المحلية).

- الحاجة للتواصل بين القطاعات المؤثرة فى مجال المزارع السمكية(الزراعه والري الجامعات و المراكز البحثية و الإدارة المحلية و البيئة، و الداخلية و التموين ...الخ).

- معظم القوانين و التشريعات الخاصة بالثروة السمكية المصرية، يرجع تاريخها إلى عام 1983، و فترة الثمانينات بصفة عامة، اى منذ إنشاء هيئة الثروة السمكية، و التى لم تعد تواكب الواقع، ليس اقلها انتشار تطبيقات تتعلق بالجانب البيئي و التقدم الهائل فى صناعة الاستزراع السمكي، و تعريف الأرض البور، و طرق استخدامات المياه التكاملي فى زراعة الأسماك مع الزراعة النباتية، أيضا ما يخص تكوين مجلس إدارة هيئة الثروة السمكية و هيكلتها، مع ملاحظة عدم وضع معايير أختيار رئيس مجلس الإدارة، ايضا نظام الجودة الشاملة لتسويق الأسماك، و تجار و أماكن تجارة السماك الجملة و التجزئة و .....الخ.

- الحاجة لمراجعة لنظام التعليم و البحوث، لتخريج عنصر بشرى(محلى أو عربى أو أفريقى)، على دراية بالواقع، من جميع جوانبه، و التغيرات المحلية و الإقليمية و الدولية التى تمس إنتاج السمك بدءا من العنصر البشرى داخل العملية الإنتاجية.

- هناك تقصير واضح من كافة مؤسسات المجتمع فى عمليات التدريب و إقامة ورش العمل، لكل من يعمل فى قطاع الثروة السمكية(صيد-زراعة-تعلم–بحوث-تسويق-تجارة-إستيراد-تصدير-معلومات-إعلام..)، سواء للمصريين أو دول النيل و أفريقيا و العرب، مجانية أو برسوم، و من الملفت للنظر نشاط كبير من قبل مؤسسة دولية( المركز الدولي WorldFish)فى هذا المجال.

-وجود فاقد فى الإنتاج السمكي، جراء عمليات النقل و التداول و التسويق و معاملات التصنيع، و هي مرتبطة بتجارة الأسماك، و التى يحكمها بشكل شبه كامل القطاع الخاص.

- لا يوجد بشكل واضح نظام يسمح بالشراكة مع الدول و المؤسسات الدولية، ذات السمعة و الخبرة الجيدة ، (خاصة فى إنتاج الأنواع ذات القيمة الاقتصادية العالية على مستوى السوق الدولية)، حتى تستثمر مع أطراف محلية سواء حكومية أو مستثمرين محليين.

- صعوبة وضع تصور لسياسات تنمية الثروة السمكية المصرية، فى غياب بيانات تتناسب مع الواقع، على الرغم من حدوث طفرات فى نظم المعلومات، مثل صور الأقمار الصناعية و الأجيال الجديدة من برامج الحاسبات، ناهيك عن حجم معلومات و بيانات أساسية، مثل مساحات المزارع السمكية و البحيرات و حجم الإستيراد السمكي السنوي، مع تضارب بيانات المؤسسات الحكومية من وزارة لأخرى، مثل بيانات وزارة الري(مركز المعلومات الرئيسي بوزارة الري) وزارة الزراعة(هيئة الثروة السمكية) و وزارة الدولة لشئون البيئة(جهاز شئون البيئة)، على سبيل المثال و ليس الحصر.   

- فى مجال التصدير، هناك قرار وزاري(قرار وزارة الزراعة رقم 1909 لسنة 2001) المنبثق من اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي، تنظم عملية تصدير اسماك و مأكولات بحرية للاتحاد الاوروبى، لم يصل إلى علم كثيرين ممن يتصل مجال عملهم بالثروة السمكية، و يحتاج تنفيذه إلى مراجعه لكثير من أوضاعنا المصرية المتعلقة بالثروة السمكية، غير أنه تتم عمليات ترقى إلى مستوى التهريب للخارج، عبر عدة قنوات غير مشروعه، و لا توجه نحو أسواق يسعى معظم مصدري الأسماك و المأكولات البحرية إليها(الإتحاد الاوروبى و أمريكا و كندا و استراليا و اليابان).

- أما الإستيراد، فهي قد وصلت إلى مرحلة الخطر، و الذي يهدد كيان المزارع السمكية المصرية، باستيراد اسماك بلطي و بوري مجمد، بأسعار متدنية، أما جودتها فتحتاج إلى تدقيق، (حسب نشرة الجهاز المركزي للتعبئة العامة و الإحصاء الصادر فى عام 2016 لإنتاج عام 2014 -الإستيراد من الأسماك 354.58 ألف طن)، غير أن المهندس/محمود سالم( رئيس الإدارة المركزية لهيئة الثروة السمكية، والناطق الرسمي للهيئة) أفاد بالتالي فى حوار (نشر بتاريخ 25/2/2016  على رابط http://www.masralarabia.com):  90%  من الأسماك المجمدة غير صالحة للاستهلاك على الإطلاق، في عام 2014 بلغ الواردات من الأسماك مليون 481 ألف طن(غالبا هناك خطأ من الجريدة بوضع مليون قبل 481 ألف طن ربما يقصد المستورد 281 ألف طن ويقول اللواء بحرى محمد مجدى عبد السميع المشرف على مزرعة قناة السويس السمكية العملاقه - فى جريدة البوابه 23/3/2016-(احتياجاتنا من الاسماك تفوق إنتاج مصر الذي يبلغ مليون و400 ألف طن، ونستورد أكثر من 700 ألف طن سنويًا) و لكن هناك اجتهادات لبعض الخبراء رفيعي المستوى، الذين تواصلوا مع الجمارك ليصلوا إلى أن حجم الإستيراد المصري للأسماك تعدى 900 أف طن عام 2014.

- أما بخصوص تلوث مصادرنا المائية فمن الملفت للنظر، عدم وجود برامج و خطط محددة بجداول زمنية واضحة، سواء (من قبل وزارة الدولة لشئون البيئة أو وزارة الري أو الزراعة أو الصناعة أو الإدارة المحلية أو الدولة للبحث العلمي) لتقليل أو القضاء على التلوث من المنبع،خاصة الصناعة، و معها و الزراعة و المنزلي.

المصدر: محمد شهاب
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 255 مشاهدة

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

2,287,273