الاقتصـاد الأزرق مشـروع المستقبـل
إعداد/محمد شهاب
يمكن أن تقوم الأراضي الرطبة الساحلية بدور حاسم في المعركة ضد التغير المناخي.
تقوم الكائنات الحية في المحيطات بامتصاص واحتجاز 2.4 %إلى 4.6 %من انبعاثات الكربون في العالم، وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن ما لا يقل عن نصف عمليات حجز ذلك الكربون تتم في الأراضي الرطبة ذات "الكربون الأزرق". وتقوم هذه النظم البيئية ـ التي تتسم بملوحة مياهها، إضافة إلى وجود كميات كبيرة من الأعشاب البحرية وأشجار المانجروف ـ بتعزيز وجود المصائد السمكية الصحية، واحتجاز الكربون في تربتها. وكذلك تحافظ أشجار المانجروف على هذه التربة من التفتت والانجراف، كما تشكِّل خط الدفاع الأول ضد العواصف الشديدة، وتمنع تسرب المياه المالحة إلى المياه الجوفية المحلية.
لقد فقد العالَم على مدار العقود الماضية أكثر من ثلث أشجار المانجروف، وأصبح أكثر استسلامًا لمشروعات مزارع الجمبري، وحقول الأرز، ومزارع النخيل، التي يتم التوسع فيها سنويًّا، إضافة إلى مشروعات التنمية السياحية والعقارية. ولا شك أن هذه المشروعات من شأنها أن تدرّ أرباحًا طائلة، لكن البيئة هي التي تدفع الثمن.
ورغم الجهود الجبارة المبذولة حاليًّا لوقف هذا النزيف البيئي، إلا أن المشروعات الرائدة التي حققت نجاحات على هذا الصعيد لا تزال قليلة. وتمثل السنغال موطنًا لأحد هذه المشروعات، حيث شهدت البلاد في عام 2008 تدشين أكبر مشروع في العالم لاستعادة أشجار المانجروف، تَمَكَّن من خلاله سكان القرى من زراعة حوالي 79 مليون شجرة مانجروف في مساحة تزيد على 7,900 هكتار. وقد تم تسجيل المشروع واعتماده من قِبَل مشروعات "آلية التنمية النظيفة" CDM، التابعة لبروتوكول كيوتو، ويستفيد المشروع الآن من بيع أرصدة الكربون.
كما أطلق برنامج الأمم المتحدة للبيئة في عام 2010 مبادرة "الكربون الأزرق"، التي تسعى إلى تغيير التوجهات الحالية، وزيادة رقعة الأراضي الرطبة الساحلية بموجب الإدارة الفعالة بحلول عام 2025. ويفتح اتفاق المناخ العالمي ـ الذي تم توقيعه في باريس في ديسمبر الماضي ـ الباب أمام تعزيز هذه الجهود؛ على سبيل المثال، عن طريق دعم تجارة الكربون، وتدشين برنامج على غرار مشروعات "آلية التنمية النظيفة"، يسمح للدول والشركات بدفع الأموال؛ مقابل الحدّ من الانبعاثات، أو إنشاء مخزون من الكربون على غرار المشروع المقام في السنغال. كما سيصبح الأمر متروكًا للحكومات بشأن إدراج إدارة المناطق الساحلية ضمن خططها المناخية، والشروع في بناء ما أَطلق عليه البعض "الاقتصاد الأزرق/الأخضر".
ساحة النقاش