الشباب و الإرادة

الشباب و الإرادة

الشباب هذه الأيام حائر بين الأحلام والآمال وكيف يحقق أحلامه وطموحاته في وسط هذه الظروف الصعبة التي نعيشها الآن ولكن مع الإرادة والطموح والاستعانة بالله والعزيمة والرغبة في تأكيد الذات نقول للشباب

- أكسر حالة الخوف والتردّد، فالكثير من المخاوف وهمّي، والكثير من التردّد لا يقوم على أساس متين  في أغلب الأحيان – تشبه الطحالب والأدغال التي تنمو بين الأشجار الصالحة فتعيق نموّها وانطلاقها في الفضاء.

ولقد دلّلت التجربة أنّ الخوف و الإحجام حرما البشرية من إبداعات مهمّة، كما أنّ الجرأة والإقدام والاقتحام منحتها العديد من الروائع والإبداعات والإنجازات الفخمة التي ما كانت لترى النور لولا شجاعة وإصرار أصحابها على خوض التجربة، وتوطين النفس على تحمّل الصعاب والنتائج مهما كانت.
فالإرادة – عند أيّ إنسان – تعمل عمل المحرّك في السيّارة لكنّها إذا كانت إرادة خيِّرة فإنّها تصل بصاحبها إلى مراتب من الكمال عُليا قد لا يبلغها أصحاب الإرادات الواهية الضعيفة.
- الأمل قبس أو مشعل نحمله لبلوغ مرحلة النهاية. فالطريق إلى المستقبل قد تبدو موحشة مظلمة ولابدّ في الرّحلة إليها من نور يضيء العتمة.

 ذلك هو نور الأمل الذي يضيء جوانحنا فيضيء ما حولنا. فنحن لا نحتاج إلى مصباح خارجيّ في تلك الرّحلة النبيلة الشريفة، بل إلى نور يشعّ في داخلنا يومض كلّما خبا أو تضاءل سيرنا باتِّجاه الهدف. ذلك هو الإيمان الذي ينبعث نور الأمل من سراجه. وقد قيل في بعض الأمثال "في مملكة الأمل لا يحلّ الشقاء".
- الشباب يصنع المستقبل. تذكّر ذلك دائماً، ففي هذه المرحلة الحيويّة من عمرنا تتّخذ القرارات شكل الحماسة والاندفاع لتحقيق الطموحات مهما كانت صعبة وكبيرة.

 إنّنا في مرحلة إثبات الذات وفي سبيل تحقيق ذلك يبرز التحمّس كخميرة مهمّة من خمائر تحقيق الآمال العريضة والأحلام الواسعة.

لكنّ الحماس ليس كلّ شيء، فأنت حينما تريد الوصول إلى نقطة بعيدة تحتاج إلى توفير وسيلة السفر المناسبة و(الزاد) وهو متاعك الذي يعينك في المضيّ بالرحلة إلى نهايتها.
فإنّ الإرادة هي التي تشعّ النور للبحث عن السّبل الموصلة والأدوات المعينة على بلوغ الهدف،

- ابحث عمّن يعينك في صناعة المستقبل أو الوصول إليه، فمهما كانت إرادتنا قويّة، وأملنا وطيداً، وثقتنا بأنفسنا عالية، فإنّ ذلك لا يمنع ألبتّة أن نستفيد من تجارب غيرنا ونصائحهم وإرشاداتهم. ففي الحديث:

 "مَنْ شاورَ النّاس شاركَها عقولها".

 فلنبحث – ونحن نحثّ الخطى نحو المستقبل – عن المستشار المخلص الناصح الأمين الذي يضيف إلى رصيد قناعتنا ثقة على ثقة، وأملاً على أمل فيما يقدِّمه لنا من تسديد لحركتنا، وتنبيه للمخاطر التي قد نجهلها، وتوجيه سليم للسير المنتظم في الاتِّجاه الصحيح الذي يقصِّر المسافة نحو المستقبل..
- لا تتعجّل الوصول، فلكلّ طريق مسافة، ولكلّ طبخة أمد معيّن فوق النار حتّى تنضج، ولو زدنا في النار لاحترقت، ولو خفّضنا النار لتأخّر إنضاجها فـ"خير الأمور أوسطها". ولكي نصل إلى مبتغانا بسلامة، علينا بالتأنِّي غير المتردِّد فـ"التأنِّي السّلامة وفي العجلة النّدامة". وقديماً "الخطأ زاد العجول".

المهم هو أن نواصل السير نحو النقطة التي حدّدناها كهدف، وأن لا نتلكّأ أو نتقاعس أو نتراجع، وستأتي النتائج لصالحنا إن شاء الله. أما رأيت لو أنّك قطفت ثمرة قبل أوان نضوجها، هل كنت تستطيع أن تأكلها؟! هكذا هي ثمرة المستقبل تحتاج إلى جدّ مستمر ووقت مناسب حتّى تصبح ناضجة شهيّة يطيب أكلها.
- أحياناً لا نوفّق للوصول إلى ما نريد، وقد لا يتحقّق من أحلامنا إلاّ القليل، وقد نصاب بخيبة أمل وإحباط كبيرين، لكنّنا – في جميع الأحوال – يجب أن لا نفقد الثقة بالله وبأنفسنا، وأن نتعلّم الدرس من النّبّي يعقوب (ع) الذي بقي رغم كلّ الدلائل التي كانت تشير إلى عدم عودة ابنيه يوسف (ع) وبنيامين لكنّه خاطب أبناءه بالقول:
(يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) (يوسف/ 87).
انطفأت من حوله الأنوار، لكن شعلة الأمل في داخله لم تنطفئ وإذا انتحر القلب بخنجر اليأس سقطت الجوارح صرعى من حوله وأصيبت الإرادة بالشّلل التام.
وأن نتعلّم الدرس من النّبّي يونس (ع) فلقد ابتلعه الحوت وعاش في ظلمات مطبقة هي النهاية بعينها، والموت الذي لا مفرّ منه، لكنّه وهو في ذلك الجوف المظلم لم يعدم نور الأمل:

(وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فنادي فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ ونحيناه مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) (الأنبياء/ 87-88).
إنّ الفشل، والوقوع في الخطأ، والإخفاق في التجربة، واستشعار اليأس بالوصول إلى حافّته، أمور طبيعيّة جدّاً، وقد واجهت الكبار النابغين والناجحين والقادة العظام والمصلحين، فحياتهم لم تكن كلّها خطاً متصلاً من النجاحات الباهرة، ولكنّهم عرفوا كيف يستفيدون من الفشل ويقلبونه – بزيادة في العزم والإصرار – إلى مادّة تثري نجاحهم في المستقبل.

 وفي الحكمة "ليس العظيم الذي لا يسقط أبداً، بل العظيم الذي إذا سقط نهض ثانية". وفي الأمثال السائرة "لا تكفي معرفة ركوب الحصان، بل تنبغي معرفة الوقوع عنه". وفوق هذا وذاك فإنّ الضربة التي لا تكسر الظهر تقوّيه.
تذكّر و تذكّري دائماً، أنّ فشل التجربة مرّة ومّرتين وأكثر لا يعني بالمرّة فشل الفكرة.

 وإذا لم يحالفك النجاح هذه المرّة فلعلّه في التالية، وابحث في الأثناء عن نقاط الخلل في التجربة حتّى تتفاداها وأنت تجرّب من جديد، وحتّى لو لم تنجح فإنّك تكون قد جرّبت:
على المرء أن يسعى بمقداره جهدهِ **** وليس عليه أن يكون موفّقا
وفي جميع الأحوال السعي والعزيمة والتمسك بالله وعدم فقد الأمل كما علمنا سيدنا يعقوب عليه السلام هو سلاح التوفيق والنجاح لمن يريد.

===============


Basmetaml.com

 

المصدر: موقع بسمة امل العائلى
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 394 مشاهدة

حسن عبدالمقصود على رزق

hassanrzkali
موقع بسمة امل موقع ثقافى اجتماعى عائلى لجميع افراد الاسرة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

73,028