+ )
تقييم وتشخيص
الاضطرابات السلوكية
مقدمة
اعتبارات خاصة عند تقييم المضطربين سلوكياً.
تقييم وتشخيص الاضطرابات السلوكية .
اختبارات تشخيص الاضطرابات السلوكية .
العدوانية وأساليب قياسها.
الانسحابية وأساليب قياسها .
مراجع الفصل العاشر
تقييم وتشخيص
الاضطرابات السلوكية
m
إن التصنيف الأكثر استخداماً من قبل أخصائيي علم النفس والطب النفسي والتربية الخاصة لاضطرابات السلوك هو الذي ظهر في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM). الذي تصدره الرابطة الأمريكية للطب النفسي American psychiatric Association (APA) ففي أحدث مراجعة لهذا الدليل تصنف الاضطرابات السلوكية تحت عنوان الاضطرابات التي تنشأ في مرحلة الطفولة أو المراهقة كما يلي:
(أ) يدوم اضطراب السلوك طوال ستة شهور على أن يبرز خلالها ثلاثة من الأعراض التالية في سلوك الطفل :
(1) يؤذي الحيوانات جسمانياً .
(2) يقسو على الآخرين جسمانياً .
(3) يتورط في إشعال حريق عن عمد .
(4) غالباً ما يبدأ بالمشاجرات الجسمانية .
(5) يتشاجر أكثر من مرة مستخدماً سلاحاً .
(6) يسرق دون مواجهة مع الضحية في أكثر من مناسبة .
(7) يحطم ممتلكات الآخرين عن عمد (غير إشعال الحرائق) .
(8) يكره أو يجبر شخص آخر على مزاولة نشاط جنسي منه .
(9) يقتحم ممتلكات الآخرين (مثل منزل أو سيارة شخص آخر) .
(10) غالباً ما يكذب (دون خوف من عقاب أو تجنب الإيذاء البدني ) .
(11) يهرب من البيت ليلاً مرتين على الأقل ، بينما يعيش مع والديه أو من ينوب عنهما (أو هرب مرة واحدة ولم يعد منها) .
(12) يغادر المدرسة تاركاً دروسه (يزوغ من المدرسة) ، أو يغيب عن عمله إذا كان يعمل.
(13) يسرق في مواجهة مع الضحية (مثل النتش أو السلب أو الابتزاز أو السرقة تحت تهديد السلاح) .
(ب) إذا كان سنه ثمانية عشر عاماً أو أكبر من ذلك لا تتفق سلوكياته مع مواصفات الشخصية المعادية أو المناهضة للمجتمع :
تصنيف الاضطرابات السلوكية:
هناك عدة تصنيفات للاضطرابات السلوكية من بينها ما يلي :
أولاً : تصنيف الاضطرابات السلوكية حسب شدتها إلى :
(1) الاضطرابات السلوكية الخفيفة Mild : حيث توجد مشكلات سلوكية قليلة تفي بالتشخيص ، ولكنها تسبب أذى قليلاً للآخرين .
(2) الاضطرابات السلوكية المتوسطة Moderate :حيث تكون شدة المشكلات السلوكية بين الشديدة والخفيفة .
(3) الاضطرابات السلوكية الشديدة : حيث توجد مشكلات سلوكية عديدة ، وتسبب إيذاء شديدا للآخرين ، مثل الإصابات الجسمانية الخطيرة للضحايا ، أو الانتهاكات الشديدة للقوانين ، أو السرقات الكبرى ، والغياب الطويل عن البيت.
ثانياً : تصنيف الاضطرابات السلوكية حسب عدد المشتركين :
(1) النوع مضطرب السلوك ضمن مجموعة النمط الجماعي Group Type :
ويتميز بأن أغلب المشكلات السلوكية تحدث أساساً كنشاط جماعي مع رفاقه ، وقد يوجد فيها السلوك العدواني الجسماني ، أو لا يوجد ، وهذا النوع أكثر الأنواع شيوعاً .
(2) النوع مضطرب السلوك الفردي العدواني Solitary Aggressive Type :
ويتميز بسيطرة السلوك العدواني عادة تجاه البالغين والرفاق ، ويبدأ بواسطة الشخص وليس كنشاط جماعي .
اعتبارات خاصة عند تقييم المضطربين سلوكياً:
لقد طرحت كل من لندا هارجروف ، وجيمس بوتيت ( 1988 ، 446) عدداً من الاعتبارات التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند تشخيص المضطربين سلوكيا ، وهي:
أو لا: بالنسبة للطلاب المضطربين بدرجة بسيطة:
(1) إن تقييم الطالب المضطرب سلوكياً يتطلب من الفاحص الصبر حيث يجب عليه أن يخلق جواً يستطيع الطالب أن يشعر فيه بالراحة والاطمئنان ، وتوفير هذا الجو يكون بمساعدة الفاحص نفسه وذلك عند تعبيره عن فهمه لسبب قلق الطالب ويستطيع الفاحص أن يخبر الطالب بأنه يركز على النظر إلى كيفية حله للمشكلة المقدمة إليه دون النظر إلى صحة وعدم صحة استجابته.
(2) أحياناً قد يكون من المفيد إعادة الأسئلة للطالب في حالة رفضه التعاون أو إعطاء تعليقات لا معنى لها.
(3) تساعد المهام القصيرة المتنوعة الطالب في التركيز على المهمة التي يعمل جاداً على الانتهاء منها.
(4) يساعد أيضاً وجود شخص يوثق به من قبل الطالب كالأخصائي النفسي أو مدرس الفصل وذلك من أجل طمأنته مع مراعاة وجوب تنبيه ذلك الشخص بعدم الإيحاء للطالب بالإجابة بشكل لفظي أو غير لفظي.
ثانيا: بالنسبة للطلاب المضطربين سلوكيا بدرجة كبيرة:
(1) يمكن ملاحظتهم في غرفة الدراسة أو في فناء المدرسة بواسطة الفاحص قبل القيام بعملية الاختبار أو التشخيص.
(2) مراجعة السجل الخاص بسلوك الطالب ( السجل التراكمي أو المجمع) يوفر للأخصائي معلومات تجعله يفهم طبيعة وكيفية تفاعل الطالب مع الآخرين.
(3) يستجيب بعض الطلاب عند لمس الأخصائي لهم بحيث يقومون بالاسترخاء ويبدأون في التعاون مع الأخصائي بشكل كبير. ويتجاوب بعضهم أكثر عندما يجلسون بالقرب من الفاحص، وقد يوفر الفاحص للطالب بعض المعززات وذلك لتعزيز السلوك المرغوب مثل المعززات الغذائية أو المادية .
وقد لا يكون بعض الأطفال المضطربين سلوكيا قادرين على إظهار مدى مهاراتهم التي يمتلكونها. فالمقابلات الشخصية مع الأشخاص المقربين من نفس الطالب تحول دون التشخيص غير المناسب. ويمكن اعتبار وتقييم المعلم ، وتقييم أفراد الأسرة ، وتقييم الذات عوامل مساعدة في جمع المعلومات.
تقييم وتشخيص الاضطرابات السلوكية :
تتضمن عملية تقييم الاضطرابات السلوكية مسح مجموعة كبيرة من الأطفال من أجل تحديد عدد الأطفال الذين هم بحاجة إلى خدمات إضافية أو متخصصة . وفي حالة الأطفال في سن المدرسة فإن المعلم هو المعنى بعملية الكشف . ويشير مصطلح الكشف إلى قياس سريع وصادق للأنشطة التي تطبق بشكل منظم على مجموعة من الأطفال بغية التعرف على الأطفال الذين يعانون من صعوبات من أجل إحالتهم لعملية الفحص والتقييم .
وخلال العقدين السابقين أو أكثر ، أصبح التركيز على عملية الكشف وإجراءاته بطريقة فعالة وهذا الاهتمام جاء من مصدرين ، أولهما : هو الاعتقاد الذي ترسخ من تراكم نتائج البحوث والدراسات في أن الكشف والتدخل المبكر يساعد في خفض حدة انتشار اضطرابات السلوك ، أما المصدر الثاني : فهو الضغوط المجتمعية نتيجة لوجود قوانين ملزمة ، وتشكيل مجموعات من الآباء والمهنيين .
ومما تجدر الإشارة إليه هنا أن برامج رياض الأطفال وبرامج المدارس تعتبر من أنواع الكشف المعروفة ، حيث يدخل جميع الأطفال الذين سيلتحقون بالمدارس العادية هذه البرامج ، ويتم التعرف عليهم من النواحي الجسمية والمعرفية والإدراكية والانفعالية . وحتى تتم عملية الكشف بفاعلية ، يجب أن يتعاون الآباء والمعلمين في ملاحظة سلوك الطفل في كل من المدرسة والبيت . هذا ويمكن الاعتماد على أكثر من وسيلة أو أسلوب للكشف عن اضطرابات السلوك ومن أهم تلك الوسائل يلي :
(أ) تقديرات المعلمين :
يعتبر المعلم أكثر الأشخاص أهمية في عملية الكشف عن الأطفال المضطربين سلوكياً في سن المدرسة. وقد أشارت دراسات عديدة إلى أن تقدير المعلم هو من أصدق التقديرات وأكثرها موضوعية . ومع أن المعلمين يعتبرون من أصدق المقدرين إلا أن الدراسات أشارت أيضاً إلى أن المعلمين كمجموعة يمكن أن يكونوا منحازين . وهذا يتضح عند مقارنة الإحالات التي يقوم بها المعلمون حيث يمكن أن تكون إما مبالغ فيها أو متحفظة إلى حد كبير . فمثلاً يميل المعلم إلى عدم إحالة حالات الانسحاب الاجتماعي والخجل ، لأن مثل هذه الحالات لا تسبب إزعاجاً له ولا تؤثر بشكل سلبي على سير العملية التعليمية ، بينما يميل المعلم إلى إحالة حالات السلوك الاندفاعي والموجهة نحو الخارج كالإزعاج والفوضى واضطرابات التصرف والحركة الزائدة والعدوان ، لأن ذلك يسبب إزعاجاً للمعلم وتأثيراً مباشراً على سير العملية التربوية داخل الفصل . من هنا يجب أن نمد المعلم بقائمة محددة من المشكلات التي يجب أن يلاحظها في الفصل بشكل دقيق دون تركه يتوقع ما نريد .
ويطلب من كل مدرس من مدرسي الطفل كتابة تقرير عام يشرح فيه الأنماط السلوكية التي يتميز بها داخل الفصل وخارجه بحيث يتضمن أداءه الأكاديمي والمعرفي والحركي ، وعلاقته مع زملائه ومدرسيه وأن تُعقد مقارنة بينه وبين زملائه في جميع هذه الأنماط السلوكية.
(ب) تقديرات الوالدين :
إن الوالدين أيضاً مصدر مهم للمعلومات عن ما قد يعانيه الطفل من الاضطرابات السلوكية. حيث يُطلب من أو لياء الأمور كتابة ملاحظاتهم عن سلوك الطفل داخل البيت وفي المحيط الاجتماعي بحيث تتضمن -هذه الملاحظات -خصائصه السلوكية في تعامله معهم ومع إخوته ومع أقرانه وأقربائه، وسلوكه في المواقف الاجتماعية والأسرية المختلفة. كما يطلب منهم المقارنة بين النمط السلوكي الذي يتميز به هذا الطفل وما يتميز به إخوته وأقرانه من أنماط سلوكية. والمعلومات التي يمكن أن تجمع من الوالدين تكون إما من خلال المقابلات أو من خلال قوائم المراجعة والاستبيانات . ومع أن الوالدين مصدر مهم للمعلومات لكن دقة ملاحظة الوالدين للطفل قد نضع أمامها علامات استفهام ، حيث تشير الدراسات إلى أنه توجد فروق فيما يتعلق بقوائم المراجعة للأطفال وملاحظات والديهم .
وهنا يمكن القول إن إحدى المشكلات الواضحة في استخدام الملاحظات المباشرة كمحك لتصديق تقديرات الوالدين هي :
(1) محدودية ملاحظة السلوك ؛ ذلك أن الملاحظين يمكن أن ينسوا أو أن تكون متابعتهم للسلوك على فترة غير منتظمة .
(2) كما أن وجود الملاحظ يمكن أن يؤثر على السلوك . وعلى الرغم من التساؤل عن ثبات تقديرات الوالدين ، فإن لهم دور مهم في عملية الإحالة إلى العيادات النفسية .
(جـ) تقديرات الأخصائيين النفسيين:
الأخصائي النفسي هو الذي يقوم بفحص حالة الطفل وكتابة ملاحظات عنها؛ بالإضافة إلى إجراء الاختبارات اللازمة، وتستخدم هذه الملاحظات عادة في المساعدة على تفسير نتائج الاختبارات التي أجريت على الطفل ، وكتابة تقرير عنها . حيث يشتمل هذا التقرير على مشاعر وأحاسيس الطفل أثناء أداء الاختبار ؛ وكيفية إمساكه للقلم وعدد مرات توقفه أثناء أداء الاختبار واستخدام أصابعه في العد في المسائل الحسابية ؛ واستخدامه للكلمات المناسبة للتعبير عن أفكاره وخواطره، ومدى التململ والثرثرة والنظر حوله أثناء أداء الاختبار .
(د) تقديرات الأقران أو الزملاء :
إن الدراسات الحديثة في التربية وعلم النفس تشير إلى أن الوضع الاجتماعي للأطفال يرتبط إيجابياً مع توافقهم في المدرسة ، وكذلك مع التحصيل الأكاديمي؛ وعلى هذا فإن تقديرات الأقران تعتبر أحد الأساليب والوسائل المستخدمة للكشف عن المشكلات الاجتماعية والانفعالية .
كما أن نتائج بعض الدراسات أشارت إلى أن الأطفال في المدرسة من كل الأعمار لديهم القدرة على التعرف على المشكلات السلوكية ، وأن كان الأطفال في الأعمار الصغيرة يصعب عليهم في كثير من الأحيان معرفة أو تحديد السلوك الطبيعي أو المقبول ، ولكن يختلف الأمر في حالة الأطفال الأكبر سناً حيث يصبحون أقل تمركزاً حول ذواتهم ؛ وبذلك يستطيعون ملاحظة دلالات أو إشارات السلوك غير العادي . إن المقاييس السوسيومترية -والتي تركز على العلامات الشخصية والاجتماعية في المجموعة - تستخدم لقياس إدراك الطفل للجماعة التي ينتمي إليها ، وهي مفيدة في التشخيص والتقييم إذا ما فسرت بحذر ، فإنها يمكن أن تكون ذات فائدة للمعلم في تخطيط طرق التدخل .
(هـ) التقارير الذاتية :
تعتبر التقارير الذاتية أو تقديرات الذات مصدراً آخر للحكم على توافق الطفل، فمن خلال تقدير الطفل لذاته يمكن أن يساعد ذلك في التعرف على المشكلات التي يعاني منها . وقد أشارت الدراسات إلى أن تقديرات المعلمين للأطفال المضطربين سلوكياً أفضل عندما يكون السلوك المضطرب موجهاً نحو الخارج كالعدوان والتخريب والنشاط الزائدة ، ولكن التقدير الذاتي يكون أفضل في حالة الاضطراب الموجه نحو الداخل الذي يتطلب وصف الذات من خلال المشاعر والاتجاهات والأمور الداخلية . وهذه التقديرات مفيدة للأطفال غير المقتنعين بأنفسهم أو الدفاعيين .
وبعد أن عرضنا لخمسة أنواع من طرق الكشف عن الاضطرابات السلوكية ، يبقى السؤال ما هي أفضل طريقة للفحص والتشخيص ؟ الإجابة تقول أنه بسبب أوجه النقص الذي يمكن أن يوجد بكل أداة ، فإن عدداً من الباحثين أشاروا إلى أن معلومات مختلفة عن الطفل ونموه وتوافقه تكون ضرورية من أجل تحديد الاضطرابات السلوكية .
إن المرحلة التي تأتي بعد الكشف والتعرف الأولى هي مرحلة التشخيص النفسي والتربوي الذي يقوم به عادة الفريق متعدد الاختصاصات إذ تتم دراسة حالة الطفل من قبل الأخصائي النفسي والطبيب النفسي والباحث الاجتماعي ، بالإضافة إلى إجراء تقييم شامل في الجانب التربوي من قبل المعلم العادي (معلم الفصل) ومعلم التربية الخاصة وذلك من أجل تحديد إجراءات التدخل المناسبة في الجانبين النفسي والتربوي (يوسف القريوتي وآخرون ، 337:2001 ــ 341) .
ويرى كل من عبد السلام عبد الغفار ويوسف الشيخ (211:1985) أن ثمة شرطان مهمان ينبغي توافرهما للحكم على الفرد ــ طفلاً كان أم راشداً ــ قبل أن نصنفه على أنه يعاني أعراضاً تشير إلى اضطرابه انفعالياً واجتماعياً . وأولهما : التكرار والاستمرار ، وثانيهما : أن يؤدي هذا التكرار والاستمرار إلى عدم قدرة الفرد على التوافق الشخصي الاجتماعي .
ثم يضربان مثلاً لنوعين من السلوك للدلالة على ما يذهبان إليه ، وهما :
(1) الكذب : فقد يلجأ الطفل إليه في أحد المواقف عندما يجد أن قوله الصدق قد يضره ، أو يسيء إلى أحد أصدقائه مثلاً ، وهذا من غير شك سلوك عادي . أما إذا تكرر كذب الطفل واستمر على هذا النحو في مختلف المواقف ، فإن سلوكه في هذه الحالة يعتبر أمراً غير عادي ، لما لذلك من أثر على العلاقات الاجتماعية التي يقيمها الطفل مع غيره ، وعلى مفهوم الطفل عن ذاته واتجاهاته نحو نفسه ، وهذا يؤثر على مدي قدرته على التوافق مع نفسه والتوافق مع غيره ، وهذا هو الشرط الثاني الذي ينبغي تداركه عندما نعتبر الكذب عرضاً للاضطراب الانفعالي والاجتماعي .
(2) الانطواء : فإن سلوك الفرد أحياناً ما يتسم بدرجة من الانطواء حتى يستطيع أن يحيا حياة مشبعة ، وأن يحقق فيها طاقاته ، وأن يصل إلى أقصي مستوى ممكن من النمو تؤهله له هذه الطاقات . فالطفل الذي يستذكر دروسه ، والمدرس الذي يقوم بإعداد دروسه ، والباحث الذي يقضي معظم وقته في البحث والدراسة ، والفنان الذي يقوم بإنتاج فني ، وكذلك أي شخص يقوم بعمل ما ، لابد وأن يبتعد عن الناس في بعض الأوقات ، حتى يتفرغ لعمله ويشعر بالقدرة على الاعتماد على النفس ، ولابد أن يصل إلى درجة مناسبة من الاكتفاء الذاتي ، حتى يتمكن من أن يؤدي ما يوكل إليه من أعمال أو ما يود أن يؤديه ، وهذه سمات للانطوائية ، بل إننا نري أن من مظاهر النمو النفسي السليم أن يصل الفرد إلى درجة مناسبة من القدرة على تحمل الوحدة النفسية ، فأي إنسان في حياته يتعرض لمواقف كثيرة يجد نفسه فيها وحيداً ، وعليه أن يتحمل وحده مسؤولية مثل هذه المواقف .
ويتضح من هذا أن اتصاف سلوك الفرد بدرجة من الانطوائية تعتبر أمراً عادياً، أما إذا تكرر واستمر السلوك الانطوائي للفرد بحيث يؤثر على علاقته بمن حوله ويحرمه من إقامة علاقات اجتماعية فعالة مع غيره ، فعندئذ يصبح الانطواء عرضاً لاضطراب انفعالي واجتماعي .
وهكذا يتضح لنا أن صفتي التكرار والاستمرار في السلوك الذي يفوت على الفرد فرصة الحياة المشبعة المثمرة هما المحكان اللذان نفرق على أساسهما بين السلوك العادي والسلوك الذي يعكس اضطراباً انفعالياً واجتماعياً .
اختبارات تشخيص الاضطرابات السلوكية :
هناك نوعان من الاختبارات التي تكشف عن الاضطرابات السلوكية، هما:الاختبارات المباشرة ، والاختبارات غير المباشرة ومن الاختبارات أو المقاييس المباشرة مقياس بيركس لتقدير السلوك وأما الاختبارات أو المقاييس غير المباشرة فهي تلك الاختبارات التي تقيس الاضطرابات السلوكية بشكل غير مباشر كالاختبارات الإسقاطية ومنها اختبار تفهم الموضوع للصغار وتفهم الموضوع للكبار الراشدين ، واختبار بقع الحبر لـ "رورشاخ" ، واختبار ليديا جاكسون ، واختبار تكملة الجملة .. وغيرها من المقاييس الأخرى . وفيما يلي نماذج من هذه المقاييس :
(1) مقياس بيركس لتقدير السلوك:
Burks Behavior Rating Scale, 1980
صمم " بيركس" هذا المقياس للكشف عن أنماط السلوك المضطرب لدى الأطفال الذين يتم إحالتهم إلى المرشدين النفسيين في المدارس أو العيادات النفسية بسبب إظهارهم لصعوبات سلوكية سواء كان ذلك في المدرسة أم في البيت.
ويعتبر هذا المقياس أداة للتشخيص الفارق يمكن استخدامها مع طلبة المرحلتين الابتدائية والإعدادية الذي يظهرون صعوبات سلوكية؛ إلا أنه لا يعتبر أداة مناسبة لتحقيق أهداف المسح الأولي في مجتمع الطلبة ذوي الكفاية في أدائهم وتكيفهم المدرسي. وعموما يمكن اعتبار هذا المقياس أداة أولية للتعرف على مشكلات سلوكية محددة أو أنماط من السلوك المشكل ربما يظهرها الطفل، ومحاولة وضع معيار لشدة الأعراض السلوكية غير الملائمة كما يراها المعلمون أو أولياء الأمور ، أو أي ملاحظ آخر أتيحت له الفرصة الكافية لملاحظة سلوك الطفل.
ويتكون هذا المقياس من مائة وعشر فقرات موزعة على تسعة عشر مقياساً فرعياً هي : (1) الإفراط في لوم الذات، (2) الإفراط في القلق، (3) الانسحابية الزائدة ، (4) الاعتمادية الزائدة، (5) ضعف قوة الأنا، (6) ضعف القوة الجسمية، (7) ضعف التآزر الحركي، (8) انخفاض القدرة العقلية، (9) الضعف الأكاديمي، (10) ضعف الانتباه، (11) ضعف القدرة على التحكم في (ضبط) النشاط، (12) ضعف الاتصال بالواقع، (13) ضعف الشعور بالهوية، (14) الإفراط في المعاناة، (15) الضعف في ضبط مشاعر الغضب، (16) المبالغة في الشعور بالظلم، (17) العدوانية الزائدة، (18) العناد والمقاومة، (19) ضعف الانصياع (المسايرة) الاجتماعي (كمال سيسالم، 2006: 67). وتستخدم الفقرات في المقاييس الفرعية كمحكات لتقدير ووصف أنماط السلوك التي لا تتكرر بشكل ملحوظ عند الأطفال العاديين.
(2) اختبار تفهم الموضوع للكبار ( التات) :
أعد اختبار تفهم الموضوع The Thematic Aperception Test (TAT) كريستينا مورجان C. Morgan، وهنرى موراي H.Murray عام 1935 بالعيادة النفسية بجامعة هارفارد كأسلوب للكشف عن الأفكار اللاشعورية والخيالات Fantacies ويختلف هذا الاختبار عن اختبار الـ "رورشاخ " في أن مثيراته أكثر انتظاماً وأقل غموضاً واستجابته تكون أكثر تحديداً . فهذا الاختبار يتطلب من الفرد أن يحكي قصصا تتعلق بصور معينة بحيث يمكن للأخصائيين من ذوى الخبرة تفسير الدوافع الكامنة لدى الفرد ، وانفعالاته، وعواطفه، وصراعاته وحاجاته النفسية التى افترضها موارى في نظريته للشخصية. وهذا الاختبار يلي اختبار "رورشاخ " في شيوع استخدامه، وفي عدد الدراسات والبحوث التي استثارها. وقد استمد الاختبار أهميته أولاً في العيادات النفسية، ولكنه أصبح تدريجياً أداة بحث في علم النفس الارتقائي، وعلم النفس الاجتماعي، والشخصية، والدراسات الأنثروبولوجية عبر الثقافات، كما يستخدم في تقييم الشخصية في مجالات الإرشاد وعلم النفس الصناعي.
ويتكون الاختبار من ثلاثين صورة باللونين الأبيض والأسود مرسومة على بطاقات عبارة عن أربع مجموعات متداخلة تتكون كل منها من تسعة عشر بطاقة إضافة إلى بطاقة بيضاء، وتختلف كل صورة من حيث محتواها ودرجة غموضها. وتتباين الصور في درجة انتظامها وبنيتها، إذ تتراوح بين الانتظام التام أو البنية المحددة بدرجة كبيرة إلى البنية غير المحددة على الإطلاق كما في البطاقة البيضاء.
ويمكن تطبيق الاختبار على الراشدين والمراهقين ، وتعرض البطاقات على الفرد واحدة تلو الأخرى مصحوبة بتعليمات بسيطة ، ويطبق الاختبار عادة على مرتين أو أكثر ، وإجراءات التطبيق المعتاد هو أن يطلب من المفحوص أن يحكي قصة كاملة تتعلق بكل من تسعة عشر بطاقة يتم اختيارها بحيث تناسب عمره ونوعه، وكذلك البطاقة البيضاء ، ويطلب منه أن يستغرق خمس دقائق في كل قصة ، ويحكي ما يحدث في الصورة الآن ، والأحداث التي أدت إليها. وما سوف تنتهي إليه، ويجب أيضا أن تتضمن القصة تفاصيل عن الشخصيات التي في الصورة ، وأنشطتهم وتفكيرهم ومشاعرهم.
(3) اختبار تفهم الموضوع للأطفال ( الكات) :
Children s Aperception test ( CAT)
هو اختبار إسقاطي وضعه ل. بيلاك، س. بيلاك L. Bellak & S. Bellak ويصلح للأطفال ما بين ثلاث سنوات وإحدى عشرة سنة ، ويستند إلى نفس المبادئ التي يستند إليها اختبار تفهم الموضوع الذي وضعه موراي ومورجان. وله صورتان : إحداهما تشمل المواقف المصورة في بطاقاته على حيوانات ، والأخرى على إنسان. وعلى الفاحص أن يؤكد للمفحوصين أنه ليست هناك إجابات صحيحة وأخرى خاطئة، وأن يكون للقصة بداية ووسط ونهاية . وتفسر القصص وتحلل بهدف التشخيص .
(4) اختبار بقع الحبر لـ رورشاخ :
أعده الطبيب النفسي السويسري " هيرمان رورشاخ " خلال الحرب العالمية الأولى وبعدها ، ونُشر حوله ما يزيد عن أربعة آلاف مقالة وكتاباً وبحثاً Bernstein& Neitzel, 1980)) ، وعلى الرغم من أن بقع الحبر قد استخدمت في الماضي لاستدعاء استجابات من الأفراد في الدراسات المتعلقة بالتصور العقلي، إلا أن "رورشاخ " يعد أول من أدرك بوضوح أهمية استخدام هذه الاستجابات في تقييم الشخصية. ومع ذلك فإن هذا الاختبار أدى إلى انقسام شديد في الآراء بين علماء النفس .
وعلى الرغم من أن "رورشاخ " كان متأثرا بنظرية فرويد وما تتضمنه من مفاهيم ، مثل اللاشعور وديناميات الشخصية، إلا أنه لم يصمم الاختبار استناداً إلى هذه النظرية، غير أن طبيعة بناء الاختبار يبدو أنها قد تأثرت بها بلا شك.
وقد صمم "رورشاخ " المثيرات عن طريق وضع بقع الحبر على ورقة، وقام بطي الورقة بحيث ينتج عنها أشكال متماثلة ولكن غير محددة البنية، ثم قام بتطبيق هذه البقع (المثيرات) على مجموعات مختلفة من مرضى المستشفيات النفسية، واحتفظ بالبقع التى استدعت استجابات مختلفة من هذه المجموعات ، واستبعد البقع الأخرى.
والطريف أن "رورشاخ " يؤكد في بعض الأحيان الجوانب الإمبريقية للاختبار، إلا أنه يؤكد أيضاً دور نظريات علم النفس الدينامي عند التفكير في بنائه للاختبار.
ويتكون الاختبار من عشر بطاقات متماثلة ، خمسة منها مظللة باللونين الأبيض والأسود ، وبطاقتين حمراء ورمادي ، وثلاثة بطاقات متعددة الألوان.
واستخدم رورشاخ في محاولاته آلافاً من بقع الحبر حتى استقر في النهاية على عشر بقع وصمم إجراءات تقدير الدرجات استناداً إلى الملاحظات الكلينيكية ، وتبلورت هذه الإجراءات بعدما قام بتجريب البقع على مجموعات أخرى من الأفراد العاديين، والمتخلفين عقلياً، والفنانين، وغيرهم من الأفراد الذين يتسمون بخصائص معلومة.
وعند تطبيق الاختبار تعرض كل من هذه البطاقات على المفحوص ، ويطلب منه أن يوضح ما يراه فيها أو ما يمكن أن تمثله بقعة الحبر، ونظرا لأن بقعة الحبر تعد مثيراً غامضاً فإن استجابة الفرد تمثل إسقاطه لمعنى معين على المثير، وهذه المعاني التى تم إسقاطها تستخدم بدورها كأساس للاستدلال عن بنية شخصيته وديناميتها.
(5) اختبار الاتجاهات العائلية لـ "ليديا جاكسون":
وهو من الاختبارات الإسقاطية التى استخدمت في مصر ، وهو مشابه لاختبار التات وقد وضعته " ليديا جاكسون" واقتبسه مصطفي فهمي وقننه ليناسب البيئة العربية فهو أحد الاختبارات الإسقاطية التي تستعمل لدراسة ما يعانيه الأطفال من صراعات داخلية تنشأ بسبب العلاقات التي تقوم داخل الأسرة ، إما بينهم وبين الأبوين ، أو بينهم وبين أخوتهم وأخواتهم. والاختبار في شكله النهائي يتكون من سبع بطاقات مصورة مقننة يمثل كل منها موقفاً عائلياً من المواقف التالية:
(1) حماية الأم للطفل واعتماده عليها ( الصورة رقم صفر).
(2) انفراد الأبوين بالمودة بينهما دون الطفل وما يترتب على ذلك من تهديد الشعور بالأمن( الصورة رقم 1).
(3) الغيرة التي تنشأ في نفس الطفل الأكبر بسبب اهتمام الوالدين بأخيه الأصغر (صورة 2).
(4) ارتكاب الذنب وما يتبع ذلك من شعور بالوحدة وميل إلى الانفراد ( صورة رقم 3).
(5) احتمال عدوان الوالدين ( صورة رقم 4).
(6) إغراء المحرم والممنوع واحتمال العقوبة (صورة 5)
(7) استجابة الطفل للنزاع والشجار بين الأبوين ( صورة رقم 6).
وقد صممت المواقف المختلفة التى تعبر عنها كل بطاقة على نحو يجعل من الممكن تفسيرها تفسيرات مختلفة، يتخذ الطفل ما يناسبه منها وما يطابق حالته النفسية ويتمشى مع ما يعانيه من اضطرابات ومشكلات . وهو إذ يفعل كل ذلك لا يتحدث عن نفسه بطريقة مباشرة وإنما يسقط هذه المشاعر وتلك الأحاسيس على لسان الأفراد الذين يتكون منهم الموقف ويحدث ذلك بطريقة تلقائية، طالما كانت الظروف والطريقة التي يجري بها الاختبار طبيعية، لا توحي للطفل أنه في موقف تمتحن فيه مشاعره الشخصية ، أما إذا تنبه الطفل إلى ذلك فإنه يلجأ إلى الحذر والحيطة كوسيلة دفاعية يحمى وراءها خوفه من الإفصاح عن مصادر متاعبه ليجنب نفسه العقاب والحرمان الذي يؤذيه وينغص عليه حياته.
وفيما يلي إشارة إلى نموذجين من نماذج السلوكيات المضطربة وهما الأكثر شيوعا من حيث انتشارهما وتناولهما وأساليب تشخيصها :
(1) العدوانية وأساليب قياسها:
يعتبر السلوك العدواني من الخصائص السلوكية الشائعة لدي الأطفال المضطربين سلوكياً ، ويصنف هذا السلوك ضمن السلوكيات الموجهة نحو الخارج وضمن اضطرابات التصرف ويعتبر السلوك العدواني ، أيا كان شكله أو نوعه من الخصائص الاجتماعية المميزة للأطفال المضطربين سلوكياً، بل قد يعتبر السلوك العدواني أهم سمة تميز سلوك الأطفال المضطربين سلوكيا. وتبدو أشكال السلوك العدواني في: العدوان اللفظي، والعدوان المادي ، والصراخ في وجه الآخرين ، ومناكفة الآخرين ، وشد شعر الآخرين ، ومعاكسة الآخرين، وسلوك العناد، والنشاط الزائد، وإيذاء الذات وإثارتها ... الخ.
وعلي الرغم من تعدد الدراسات في مجال السلوك العدواني إلا أنه يظل واحداً من الموضوعات الأكثر تحدياً للدارسين بسّبب الحيرة في وضع تعريف جامع مانع للعدوان ، فلقد تعددت وتنوعت التعريفات التي تناولت السلوك العدواني بالتفسير ، فإطاره المرجعي متعدد لأنه ينتمي إلي كثير من العلوم كعلم النفس بفرعيه السوي والمرضي، وعلم الفسيولوجيا العصبي ، وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا وغيرها من العلوم.
فالعدوان علي حد تعبير أنتوني ستور (1975 : 8) " كأنه حقيبة تمزقت أوصالها من كثرة ما تعج به من تفسيرات ومفاهيم مختلفة لهذا اللفظ " . ولقد أطلق باندورا Bandura, A (1978 : 11) علي السلوك العدواني وصفا يصوره على أنه " غابة علم المعاني " لكثرة المفاهيم والنظريات التي تناولته. وتعرِّف نجوى شعبان (1987 : 20) السلوك العدواني بأنه " سلوك ظاهري علني يمكن ملاحظته وتحديده وقياسه، وهو إما أن يكون سلوكاً بدنياً أو سلوكاً لفظياً مباشراً أو غير مباشر ـ تتوفر فيه الاستمرارية والتكرار، ويعبر عن انحراف الفرد عن معايير الجماعة؛ مما يترتب عليه إلحاق الأذى والضرر البدني والنفسي والمادي بالآخرين، ويختلف في مسبباته ومظاهره، وحدته من فردٍ لآخر ومن مجتمع لآخر " .
ويعرف كل من جابر عبد الحميد وعلاء الدين كفافي ( 1988: 100- 101) العدوان تعريفا معجمياً على أنه " سلوك مدفوع بالغضب والكراهية والمنافسة الزائدة، ويتجه إلى الإيذاء والتخريب أو هزيمة الآخرين ، وفي بعض الحالات يتجه إلى الذات. وعند فرويد يعتبر الدافع العدواني دافع فطري وغريزي".
ويعرفه ستيوارت سوثرلاند Sutherland, S. (1991 : 13) علي أنه " محاولة متعمدة لإلحاق الضرر بالآخرين ، أو بالذات وهو إما أن يكون فطرياً أو رد فعل للإحباط".
ويعرِّف كل من " عبد الله سليمان ومحمد نبيل " (1994 : 43) العدوانية بأنها " سلوك يهدف إلي إيقاع الأذى بالغير، أو الذات أو ما يرمز إليهما ".
ويعرِّف كمال سيسالم (2002 : 23) العدوانية بأنها " الاعتداء اللفظي أو الجسمي علي الأشخاص والممتلكات، وعندما يكون لهذا الاعتداء مبرراته فإنه يوصف بأنه سلوك عدواني ناتج عن رد فعل تجاه موقف معين، أما إذا لم يكن لهذا الاعتداء أي مبرر فإنه يوصف بأنه سلوك عدواني صريح قد ينتج عن الإصابة بالاضطرابات السلوكية، أو الإصابة باضطراب ضعف الانتباه، والنشاط الزائد " .
قياس السلوك العدواني :
إن أهم ما يوجه لقياس السلوك العدواني من نقد هو ما أسماه أحمد عبد الخالق (1993 : 317) مشكلة التشويه الدافعي -أي الخداع المتعمد من قبل المفحوصين -وتغيير الاستجابة على المقياس وتزييفها لدافع معين أو ليبلغوا حاجة في صدورهم ، فالفرد يستجيب للمقياس بطريقة معينة بحيث يقدم فيها نفسه في صورة مقبولة وجذابة ، وذلك حتى يحدث انطباعاً حسناً وأثراً جيداً من جانب مطبق المقياس ، وتسمى هذه العملية بالتأثير الواجهي أو الدفاعي وهي جهد متعمد لدى الفرد لتقديم صورة محببة عن نفسه وحسنة التوافق ، فتأتي استجابته متمشية مع المرغوبية الاجتماعية.
لهذا يعتمد على تقديرات الآخرين عند قياس السلوك العدواني ، ولا نعتمد على التقارير الذاتية لأن ذلك يبعدنا عن تزييف استجابات المفحوصين التي تتمشى مع المرغوبية الاجتماعية. ولهذه الطريقة عدة مزايا منها ما يلي :
1) أنها تقضي على عدم قدرة الشخص في التعبير عن اتجاهاته وأفكاره وسلوكه.
2) تقضي على مقاومة الأفراد في التحدث عن أنفسهم بصراحة أو الاستجابة لعبارات المقاييس.فهي لا تتأثر برغبة الشخص أو عدم رغبته في التحدث عن نفسه . كما أنها تقضي على التزييف في استجابات المفحوصين والناتجة عن الميل للمرغوبية الاجتماعية.
ومن بين من يمكن اختيارهم عند تقدير السلوك العدواني لدي الأطفال ، كل من الآباء والأقران والمعلمين ، ولكن يتميز المعلمون عن غيرهم في تقدير السلوك العدواني لعدة أسباب منها ما يلي :
1) أن هؤلاء المعلمين والمعلمات وخاصة في المرحلة الابتدائية هم مدرسي فصول ولذا يتاح لهم فرصة كبيرة لملاحظة سلوك التلميذ عن قرب ولمدة طويلة يومياً ، كما أنهم في كثير من الأحيان يقضوا مع هؤلاء التلاميذ أكثر من عام دراسي.
2) الخبرة الطويلة في مجال العمل المدرسي .
3) تنظيم المدرسة لرحلات دورية يكون المدرسون مشرفين فيها على التلاميذ ومن ثم تتاح لهم الفرصة لملاحظة سلوكهم أثناء النشاط الحر.
أما بالنسبة لاستبعاد الوالدين ، والأخصائيين النفسيين والاجتماعيين ، والزملاء والإداريين في تقدير السلوك العدواني لدى الأطفال فإن ذلك يرجع إلى عدة أسباب هي:
1) بالنسبة للوالدين : يعود عدم اللجوء لاختيار الوالدين لتقدير السلوك العدواني لدى أطفالهم إلى أن طبيعة القياس تتعلق بموضوع شائك بالنسبة لهم ولأطفالهم مما قد يعتبروه وصمة لهم - أن يكون أطفالهم عدوانيين - وهذا ما سيرفضه كثير منهم ، مما سيكون له أكبر الأثر في موضوعيتهم .
2) أما بالنسبة للأخصائيين الاجتماعيين :</stron
ساحة النقاش