دكتور / حسن بخيت

بوابة العرب للثروات الطبيعية

استراتيجية تنمية الثروة المعدنية من منظور القيم المضافة

د.جيولوجى/ حسن بخيت عبد الرحمن

مدير عام الاستكشاف

الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية

                      [email protected]

مقدمة

 ان التعدد والتنوع في الثروة التعدينية فى الوطن العربى  والأفاق الواسعة لاستغلالها وجذب الاستثمار أليها  لما لها من  من ميزة  نسبية   من حيث الوفرة والنوع والموقع والبنية الأساسية وشبكة الطرق ومصادر الطاقة من البترول  الغاز الطبيعي والطاقة الشمسية وطاقة الرياح وتوافر الايدى العاملة  ولا يحتاج استخراج هذه الخامات  وتجهيزها  ورفع جودتها الى تكنولوجيا معقدة فمعظمها موجود على سطح الأرض مما يجعل سهولة استغلالها بطريقة المنجم المفتوح القليل التكلفة .

والقيمة التقديرية للمنتجات التعدينية ضئيلة التكلفة وهى لاتعكس قيمتها الحقيقية عند مقارنتها بالدخل القومي الا ان الصورة تصبح اكثر وضوحا بقيمة المنتج النهائى الذى تدخل فى تصنيعه حيث تتضاعف القيمة عشرات المرات عند حساب القيمة النهائية للسلعة المصنعة  وهذا يدعونا الى ضرورة تعظيم استغلال هذه الثروات والبحث عن كل السبل من اجل اعطائها قيم مضافة

 وتتنوع هذه الخامات بين  خامات الزجاج مثل الرمال البيضاء والكوارتز ومواد البناء من حجر جيري وطفلة وجبس  ورمال وحصى  واحجار زينة مثل الرخام والجرانيت  والخامات الفلزية مثل الحديد والنحاس  والتنجستن والمولبدنم والرصاص والزنك   والمعادن النفيسة مثل الذهب والفضة والبلاتين وخامات السيرميك مثل الفلسبار والكاولين وخامات الطاقة مثل الفحم والطفلة الزيتية وخامات الاسمدة مثل الفوسفات  وخامات الصناعات التكنولوجية مثل العناصر النادرة  وغيرها من الخامات الاخرى.

 

وليس اعطاء  القيمة المضافة لخامات الثروة التعدنية هى فى تصنيعها فقط كما يعتقد الكثير من الناس وانما يتعدى ذلك الى مناحى كثيرة اخرى منها :

 

1-    القيمة المضافة بحسن استخراج الخامات ومنع التهدير.

2-    القيمة المضافة بالاستخدام الامثل للخامات.

3-    القيمة المضافة  باستغلال الخامات منخفضة الرتبة.

4-    القيمة المضافة باستغلال نفايات الاستخراج والتصنيع

5-    القيمة المضافة من منظور معلوماتى.

6-    القيمة المضافة من منظور البنية الاساسية.

7-    القيمة المضافة من منظور الاستكشاف والتنقيب.

8-    القيمة النضافة من منظور الاثار والبيئة

 

1-القيمة المضافة بحسن استخراج الخامات ومنع التهدير.

     للثروة التعـدينية خصوصية تتمثل فى فى عدد من الركائز اهمها  :-

       1- ثروة ناضبة  غير متجددة .

        2- تواجدها فى أماكن نائية  بعيدة عن العمران .

        3- مشقة العمل بها تحت وطئة ظروف الصحراء المناخية القاسية .

        4- مخاطر الاستكشاف من الانفاقات المالية الباهظة والعوائد طويلة المدى.

 

لذا كان  لابد  من وجود تشريعات واضحة  واشراف فنى مدعم بالخبرات العلمية الكفيلة بتنظيم  وحسن استغلال الثروة المعدنية ومنع اى تهدير لها من خلال عمليات الاستخراج الخاطئة او انتقاء نوعيات معينة  او الاكتفاء بالخامات السطحية وترك ذات الاعماق او ترك النفايات بصورة عشوائية مما يعوق الحركة ومن ناحية اخرى فى هذا السياق لابد من التاكيد على  ان هذه التشريعات يجب الا تكون سيفا مسلطا على احد بل هى اداة ايجابية متوازنة  لتحقق الفائدة والنفع لكل افراد منظومة التعدين بدأ من المستثمر ومرورا بالدولة  ووصولا ان شاء الله الى الاجيال القادمة.

ومن المعلوم ان عمليات تهدير الخامات وخاصة المحجرية منها  من الامور الخطيرة التى يجب العمل بكل السبل لايقافها والتاكيد على انه من الصعوبة بمكان  اعادة  تاهيل المناطق التى يتم تهيدرها  مرة اخرى  مما يعنى ضياع قطعة من الارض بكل ثرواتها وفقدان مكانها  على خرائط الاستثمار فى المستقبل ومما يعنى كذلك  حرمان الاجيال القادمة من ثروات يمكن ان تامن لهم حياة ارغدة سعيدة.   لذا كان المهم  وجود الكفاءات الفنية  المتخصصة القادرة على  متابعة عمليات التشغيل  المختلفة للمناجم والمحاجر بما يتناسب مع المعايير الفنية فى هذا الشان ة ومدى الالتزام بها فى المواقع المتعددة من اجل اطالة عمر المحجر او المنجم مما يعود بالنفع على عمليات التنتمية الحالية والمستقبلية .

 كما ان مراعاة كل العناصر  التى تؤثر سلبا على الاستثمار فيما يخص منح رخص التعدين من مدد زمنية ومساحات   وقيمة ايجارية واتاوات   وضرائب  وخلافه  من العوامل التى تساعد المستثمرين على حسن الاستغلال والاستخراج  0

 

2-القيمة المضافة بالاستخدام الامثل للخامات.

 

مع تقدم العلوم والتكنولوجيات والتى تتلاحق يوما بعد يوم  ومع الطفرات التصنيعية التى تعتمد على خامات الثروة المعدنية ادى ذلك الى نشوء الكثير من الاستخدامات التى لم تكن موجودة من قبل واصبح للتراب سعرا وصار لاستغلال النفايات علما وبحوثا وصناعات تعمل ليل نهار من اجل الاستفادة منها واعطائها قيمة مضافة .

لذا فان المام قطاع الثروة المعدنية المستمر  بالاستخدامات الحديثة للخامات المختلفة  والمواصفات القياسية لكل استخدام اصبح ضرورة ملحة من اجل حسن توظيف الخامة المناسبة فى الاستخدام الامثل فعلى سبيل    الاحجار الجيرية  فائقة النقاوة والتى تزخر بها الصحراء العربية تستخدم  فى صناعة الاسمنت او الطوب على الرغم من عدم احتياج هذه الصناعات لهذه الدرجة من النقاء  التى تحتاجها صناعات اخرى مثل  صناعة الزجاج وصناعة التنظيف والتطهير و كمادة مساعـدة فى مصاهر الحديـد والفولاذ و صناعة الصوف الصخرى و الصناعات الغذائية  ومن هذا المنطلق فانى اطالب  وضع الدراسات المختلفة لتصنيف الخامات المعدنية موضع التنفيذ او الشروع بالقيام بهذه البحوث ان لم تكن موجودة  والزام جهات التراخيص والرقابة والمتابعة من وضع الاشتراطات اللازمة فى هذا الصدد مثل مطالبة المرخص  بتقديم  خطة دراسة تشمل الاستخدامات التى سوف تستخدم فيها الخام كما يجب مراعاة تفاوت نسبى فى القيمة الايجارية او الاتاوات المفروضة بما يتناسب مع جودة الخام مما يدفع المستثمر التحرى نحو استخدامه الاستخدام الامثل وعدم  اهداره فى استخدمات متدنية  .

 

3-القيمة المضافة  باستغلال الخامات منخفضة الرتبة.

 

من بين الموارد المعدنية المكتشفة في الوطن العربى  خامات  كثيرة منخفضة الرتبة وهذا يدعونا الى دعم  عمليـات ودراسات  تحويل الموارد منخفضة الإمكانية في تطويرها اقتصاديا إلى موارد يمكن الاستفادة منها اقتصاديا, وذلك بواسطة اتخاذ إجراءات تعزيز بناء البنية الأساسية في المناطق الزاخرة بالموارد المعدنية واستخدام التكنولوجيا العالية والجديدة وخفض تكاليف التنمية المختلفة واعطاء حوافز اضافية للمستثمريين فيما يتعلق بخفض التعريفة الجمركية على استيراد التكنولوجيات وكذلك الضرائب مما يشجعهم على الدخول فى هذا المجال.

 

4-القيمة المضافة باستغلال نفايات الاستخراج والتصنيع  

تبقى مشكلة النفايات الناتجة عن النشاط التعدينى مشكلة  يجب حلها باجراء الدراسات والبحوث من قبل  المراكز البحثية للاستفادة منها وكذلك تخليص الاماكن المتواجدة بها والتى تسبب اعاقة فى التشغيل  وتنقسم هذه النفايات الى :-

نفايات  بمواقع تشغيل  المناجم والمحاجر

نفايات اثناء تصنيع الخامات المعدنية.

نفايات بعد الاستخدام والتصنيع 0

ولاشك ان الاهتمام بهذا النوع من المعالجة سيعود بفوائد جمة مثل حماية البيئة  واقامة صناعات تمتص اعداد كبيرة من القوى العاملة  بالاضافة الى زيادة كفاءة المواقع الانتاجية 0

 

5- القيمة المضافة من منظور معلوماتى.

لا نستطيع الفصل بين النشاط التعدينى القائم وبين الالمام بالمعلومات الكافية عن حركة سوق الخامات    و الاحتياجات والاسعار  والاستخدامات و طرق التعدين وغيرها من المعلومات التى يحتاجها  هذا النشاط بما يتماشى مع المتغيرات المتلاحقة مما يعطى لها قيم مضافة تتمثل فى حسن ادارة وتوجيه  عمليات  الاستكشاف والتقيم  والاستغلال والتصنيع طبقا لما هو متاح من معلومات  فمثلا تشير احدى النظريات التحليلية  لأسواق  التعدين الى ان  هناك إقبال متنامي على أسواق الخامات فى الفترة الحالية  والذى  يرجع الى :

·        الطلب المتزايد من جانب التكتلات  الاقتصاديات العالمية الناشئة

·        التأثير المتضاعف للثروات الجديدة المكتشفة

·        للتكهنات المستقبلية  لحركة السوق

·        طبيعية الطلب الاستثماري

·        حركة تدفقات رؤوس الأموال

 

فخلال الفترة الواقعة بين العامين   1998  - 2003  و وصلت أسعار المعادن في الأسواق العالمية إلى مستويات متدنية مما ادى الى إرغام صناعة التعدين على إلغاء معظم استثماراتها في مجال الأبحاث الاستكشافية وقد ادى ذلك إلى تراجع حاد في أعداد المناجم الجديدة  وبناء على هذه المعلومات فمن المرجح أن يؤدي  ذلك إلى نقص حادة في إمدادات المعادن وهذا ما نلمسه اليوم ومن المتوقع ان يستمر هذا النقص قترة الى ان يتم اعادة التوازن مرة اخرى من خلال فتح مناجم جديدة   لذا فان  الاستكشافات الجديدة تنطوي على أهمية كبيرة للغاية لسد احتياجات السوق العالمى وهكذا فان الالمام بمثل هذه المعلومات وغيرها  ذات قيمة مضافة لا يستهان بها  وعليه لابد من انشاء قواعد المعلومات المتنوعة التى تمد قطاع التعدين بما يحتاجه من معلومات صحيحة واحصائيات موثقة واستخدام انظمة المعلومات الجغرافية التى تساعد على اتخاذ القرار المناسب طبقا لمعطيات المعلومات الطبقية  .

 

6-القيمة المضافة من منظور البنية الاساسية.

تعاني كثير من مناطق النشاط التعدينى  من نقص شديد في البنية التحتية والخدمات الأساسية من طرق ونقل ومواصلات وموانئ وطاقة ومياه.

ويتمثل أثر نقص أو قصور عناصر البنية الأساسية على تطوير قطاع الثروة المعدنية من خلال زيادة الأعباء الاستثمارية وتكاليف الإنتاج، إذ تصل تكلفة البنية اللازمة للمشروع التعديني إلى أكثر من نصف التكاليف الاستثمارية، بل ربما تزيد عن التكلفة الاستثمارية اللازمة لتطوير وفتح المنجم وإقامة مصنع المعالجة ومرافقه، سيما في حالة تواجد الخام في مناطق غير مأهولة.

كذلك فإن عدم توفر المياه في منطقة قريبة قد يجعل من الخام –الذي تتطلب معالجته كميات كبيرة من المياه- خاما غير اقتصادي إما لحاجة المشروع لجلب المياه من مناطق بعيدة وما يتطلبه ذلك من تكاليف، أو اختيار تكنولوجيا مكلفة لمعالجة الخام بالطريقة الجافة.

أما عنصر الطاقة فيبرز تأثيره أكثر في الصناعات المرتبطة بالتعدين سيما الصناعات الميتالورجية كصناعات الحديد والصلب والألمنيوم والنحاس.

كما ان نقص الطرق والمدقات الممهدة يؤدى الى استهلاك المعدات  واستنزاف الوقت والجهد مما يعود بالسلب على هذا القطاع لذلك فان تقوية البنية الاساسية سيعود بالقيمة المضافة على كل هذه المنظومة بدأ من الاستكشاف مرورا بالاستخراج والنقل وانتهاء بالتصنيع والتصدير.

من المفيد ان تتناسب حجم ونوع  البنية التحتية  مع حجم ونوع النشاط التعدينى طبقا لخطط قصيرة وطويلة المدى مبنية على استراتجية واضحة 0

 

7-القيمة المضافة من منظور الاستكشاف والتنقيب.

وعندما ا نتحدث عن القيمة المضافة من منظور الاستكشاف والتنقيب فان المقصود  هو ربط عمليات الاستكشاف باحتياجات السوق الحالية والمستقبلية بناء على دراسات الجدوى فى هذا الشان0000 اى بصورة اخرى اعطاء اولويات البحث والتنقيب  للخامات التى يحتاجها السوق العربى ثم العالمى وهذا قيمة مضافة كبيرة للاسباب الاتية :

1-      سد احتياج السوق العربى من خامات ربما يتم استيردها باسعار عالية.

2-      مضاعفة عمليات التصنيع بناء على توافر الخامات.

3-      تشغيل ايدى عاملة .

كما ان وسائل التكنولوجية الجديدة تخلق فرصا جديدة  من اجل اعادة استغلال المناجم القديمة واكتشاف مكامن  جديدة ولعل منجم  كلوندايك بكندا خير مثال على ذلك حيث استمر فى الانتاج لفترة زادت على  109 عام وانتجت 640 طن من الذهب تصل قيمتها الى 14 مليار دولار بالسعر الحالى وكان أضخم مصدر للذهب على مدى التاريخ البشري  حيث يعتقد بعض المحللين أنه من الممكن أن تتواصل شركة " كلوندايك ستار " إلى اكتشاف مصدر قد يحتوي على نفس تلك الكمية من الذهب التى تم اكتشافها  وهذا يدعوننا الى ضرورة تنمية المناجم القديمة و المناطق المحيطة بها والتى تركت لانخقاض الرتبة او لعدم توافر التكنولوجيات الحديثة وقتها او لاى اسباب اخرى قد تكون قد زالت مع مرور الوقت0

ولا شك ان تطوير طرق الاستكشاف  وتكاملها  من الامور الهامة التى يجب الاعتناء بها من حيث الكم والنوع  فلابد ان تكون هناك رؤية واضحة لمراحل الاستكشاف المختلفة فالمراحل الاولى تعتمد على  طرق لاستطلاع المبدئى للتاكد من احتياج منطقة ما للدراسات التفصيلية اما بعد التوصية باجراء هذه الدراسات   فلابد ان يكون فرق البحث متكاملة  حتى تؤدى الدراسة ثمارها وحتى لايحدث ان تطول فترات البحث بنظام قدوم فرق بحث متوالية على فترات متباعدة مما يزيد من نفاقات البحث ومما يعرقل اتخاذ قرار السير قدما فى استغلال هذه المناطق 0

 

 

8-القيمة المضافة من منظوراثرى وبيئى

لاشك ان للوطن العربى غنى بتراثه الانسانى ومحماياته الطبيعية الخلابة  وهى ثروة بكل المقاييس التى تتطلب من الكل الحفاظ عليها فهناك ثروة نادرة من الحفريات والغابات المتحجرة والكهوف الطبيعية  التي يعود عمرها إلي ملايين السنيين  وربما تصادف وجود هذه الانواع مصاحبا مع صخور قابلة للتحجير  وقد تبدأ عمليات الاستغلال وتدمر تلك المواقع الاثرية والبيئية  مما يعد خسارة كبيرة بكل المقاييس فعلى سبيل المثال تتميز بعض مناطق وجود احجار

الزينة  مثل الالباستر بوجود كهوف طبيعية مثل كهوف الاستلاكتيت والاستلاجميت  ذات المدلولات العلمية  الكبيرة  والتى تعد مزار دراسيا وسياحيا لطوائف كثيرة من العلماء والطلاب والسياح من جميع انحاء العالم  وان العائد منها يفوق بكثير ما يتم من استخراجه  من خامات المحاجر لذا كان من الضرورى  ايجاد منظومة توافقية فى  مثل هذه  المواقع  بين الاستفادة من هذه الظواهر الطبيعية النادرة وبين استغلال  الخامات0 وينسحب هذا الحديث على االظواهر المماثلة مثل الغابات المتحجرة والمواقع الاريكولوجية القديمة 0

 

وهكذا يتضح مما سبق ان القيمة المضافة لخامات المحاجر والمناجم  تتعدى المفهوم التقليدى فى تصنيعه الى افاق اوسع واعم تشمل منظومة كاملة  تراعى فيها كل الابعاد الممكنة من استكشاف و حسن استخراج واستخدمات  وبنية اساسية ومعالجة نفايات وتوافر معلومات  وبعد بيئى واثرى

 

hasan

hassan

  • Currently 142/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
46 تصويتات / 2096 مشاهدة
نشرت فى 9 فبراير 2009 بواسطة hasan

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,229,057