لا يستطيع أحد أن ينكر أهمية الشعور بالأمن، وخصوصا فى الفترة الأخيرة بعد زيادة معدلات أعمال البلطجة والسرقة والنهب فى المجتمع، وتعتبر البنوك والمنشآت المالية كمكاتب الصرافة وغيرها من أهم المنشآت التى تحتاج إلى الأمن، وذلك لأنها غالباً ما تحتوى على كميات كبيرة من النقود بشكل متواصل.

ولقد ظلت البنوكِ لسَنَواتِ طويلة فى الماضى تستخدم عُلَبِ الصبغِة التى يتم وضعها داخل حقائبَ المالِ لكشف السرقة، حيث تنفجر الصبغة فى حالة حدوث سرقة، مما يسهل عملية اكتشاف حوادث السرقة والتعرف على اللصَّ، إلا أنه أصبح الآن بإمكان الحامض النووى (دى إن أيه - DNA - والذى يتكون من مجموعة من النيوكليوتيدات) القيام بنفس الوظيفة - بدون أنْ يَكُونَ المشتبه بهِ مدرك لما حدث له.

ولكن لا تعتمد التقنية الحديثة على الحامض النووى الخاص بالمجرم لتعقبه، بل تعتمد على تصنيع تسلسل معين من النيوكليوتيدات وهذا التسلسل المعين يمكن تشبيهه "بالباركود" الذى يتم وضعه على المنتجات لتمييزها، ولجعل عملية التعرف عليها تتم بسهوله أكبر، حيث يُمْكِنُ قراءة هذا الباركود من النيوكليوتيدات إما بتعريضه لنوع معين من الضوء فيتوهج، أو عن طريق قراءة تسلسل النيوكليوتيدات.

وفى النسخةِ الحديثة من هذه التقنية، والتى قدمتها شركة بالولايات المتحدة الأمريكية، وأسمتها "ضباب الدى إن أيه"، يتم تركيب جهاز معين فى الغرفة المراد حمايتها، وعند دخول شخص غير مصرح بدخوله إلى الغرفة فإن الجهاز يقوم بملء الغرفة بالدخانِ، وهذا الدخان لا يؤدى فقط لجَعْل الرُؤية صعبة على الشخصَ الدخيل، ولكن هذا الدخان محمل بذرات دقيقة جدا من تسلسل معين من النيوكليوتيدات، وبالتالى عندما يَهْربُ المجرم، فإن جسمه يصبح مغطى بهذه النيوكليتيدات بدون أن يدرك (لأنها غير مرئية).

وتبْقى هذه النيوكليتيدات موجودة (وغير مرئية) على جلدِ وملابس (وحتى حذاء) الشخص الدخيل لمدة أسبوعين تقريباً، ولا يمكن إزالتها حتى مع الغسيل المتكرر، فإذا ما تم القبض على المشتبه به خلال هذين الأسبوعين، تقوم الشرطة بقَراءة تسلسل النيوكليوتيدات الموجودة على جلده باستخدام تفاعل البلمرة المتسلسل "polymerase chain reaction (PCR)"، فإذا تم العثور على التسلسل (الباركود) المطلوب، كان ذلك دليلا على وجود الشخص على مقربة من جهاز ضبابِ "الدى إن إيه" فى موقع الحادث.

ونظراً لأنه يمكن تغيير تسلسل النيوكليوتيدات أثناء تصنيعها لتشكل عدد غير محدود من الاحتمالات، فبالتالى يُمكنُ أَنْ تصنعَ كل مؤسسة التسلسل الخاص بها الذى يميزها عن أى مؤسسة أخرى.