لنعلم جميعا إخوتى وأخواتى فى الله أن خطر اللسان عظيم ولا نجاة من خطره إلا بالصمت، فلذلك مدح الشرع الصمت وحث عليه
فقال صلى الله عليه وسلم
" من صمت نجا وقال عليه السلام " الصمت حكمة وقليل فاعله أي حكمة وحزم.
وروى عبد الله بن سفيان عن أبيه قال:
قلت يا رسول الله أخبرني عن الإسلام بأمر لا أسأل عنه أحداً بعدك قال
" قل آمنت بالله ثم استقم "
قال: قلت فما أتقي؟ فأوما بيده إلى لسانه وقال عقبة بن عامر: قلت يا رسول الله ما النجاة؟ قال " أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وأبك على خطيئتك.
قال معاذ بن جبل:
قلت يا رسول الله أنؤاخذ بما نقول؟ فقال
" ثكلتك أمك يا ابن جبل وهل يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ؟
وقال أنس بن مالك:قال صلى الله عليه وسلم
" لا يستقيم إيمان العبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه، ولا يدخل الجنة رجل لا يأمن جاره بوائقه
وقال صلى الله عليه وسلم
"من سره أن يسلم فليلزم الصمت "
وعن سعيد بن جبير مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال
" إذا أصبح ابن آدم أصبحت الأعضاء كلها تذكر اللسان أي تقول اتق الله فينا فإنك إن استقمت استقمنا وإن اعوجت اعوجنا
وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه
رأى أبا بكر الصديق رضي الله عنه وهو يمد لسانه بيده فقال له: ما تصنع يا خليفة رسول الله؟
قال؛ هذا أوردني الموارد إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ليس شيء من الجسد إلا يشكو إلى الله اللسان على حدته
وعن ابن مسعود أنه كان على الصفا يلبي ويقول:
يا لسان قل خيراً تغنم واسكت عن شر تسلم من قبل أن تندم، فقيل له يا أبا عبد الرحمن أهذا شيء تقوله أو شيء سمعته؟
فقال: لا بل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
" إن أكثر خطايا ابن آدم في لسانه
وقال ابن عمر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من كف لسانه ستر الله عورته ومن ملك غضبه وقاه الله عذابه ومن اعتذر إلى الله قبل الله عذره
وروي أن معاذ بن جبل قال.
يا رسول الله أوصني قال
" اعبد الله كأنك تراه وعد نفسك في الموتى وإن شئت أنبأتك بما هو أملك لك من هذا كله " وأشار بيده إلى لسانه
وعن صفوان بن سليم قال.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألا أخبركم بأيسر العبادة وأهونها على البدن. الصمت وحسن الخلق .
كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يضع حصاة في فيه يمنع بها نفسه عن الكلام، وكان يشير إلى لسانه ويقول:
هذا الذي أوردني الموارد.
وقال عبد الله بن مسعود:
والله الذي لا إله إلا هو ما شيء أحوج إلى طول سجن من لسان.
وقال طاوس:
لساني سبع إن أرسلته أكلني.
وقال وهب بن منبه:
في حكمة آل داود؛ حق على العاقل أن يكون عارفاً بزمانه حافظاً للسانه مقبلاً على شأنه.
وقال الحسن:
ما عقل دينه من لم يحفظ لسانه.
وقال الأوزاعي:
كتب إلينا عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - أما بعد: فإن من أكثر ذكر الموت رضي من الدنيا باليسير، ومن عد كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه.
وقال محمد بن واسع لمالك بن دينار:
يا أبا يحيى حفظ اللسان أشد على الناس من حفظ الدينار والدرهم.
فالكلام أربعة أقسام:
- قسم هو ضر محض
- وقسم هو نفع محض
- وقسم فيه ضر ومنفعة
- وقسم ليس فيه ضر ولا منفعة.
أما الذي هو ضر محض : فلا بد من السكوت عنه، وكذلك ما فيه ضر ومنفعة لا تفي بالضر.
وأما ما لا منفعة فيه ولا ضر : فهو فضول والاشتغال به تضييع زمان وهو عين الخسران،
فلا يبقى إلا القسم الرابع، فقد سقط ثلاثة أرباع الكلام وبقي الربع، وهذا الربع فيه خطر إذ يمتزج بما فيه إثم من دقائق الرياء والتصنع والغيبة وتزكية النفس وفضول الكلام امتزاجا يخفى دركه فيكون الإنسان به مخاطراً.
وهذا أكبر دليل على فضل لزوم الصمت
فالصمت سلامة فلذلك عظمت فضيلته، هذا مع ما فيه من جمع الهم ودوام الوقار والفراغ للفكر والذكر والعبادة والسلامة من تبعات القول في الدنيا ومن حسابه في الآخرة.
فقد قال الله تعالى
" ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد " .
ساحة النقاش