في إحدى المحاضرات الجماهيرية التي عادة ما ألقيها على مجموعة كبيرة من الناس ، كان معي ابني الصغير " البدر "، فاحتج أحد الحضور على وجوده معي في مثل هذه المحاضرات وهو مازال صغير السن ولن يفهم ما يقال ، ولقد كان ذلك مثير قوي " كما نسمي مثل هذه المواقف في برنامج العادات السبع للأشخاص ذوي الفعالية العالية، فكان لزاما علي ان استعين بالمسخرات الإنسـانية الأربعة والتي وهبنا إياها الله عز وجل وهي : ( الإدراك والوعي ( تحليل الموقف )، الخيال (كيف اتصرف؟)، الضمير ( الصح والخطأ، الحلال والحرام )، ثم الإرادة المستقلة ( اتخاذ قرار بالقول أو الفعل ) )، وبعد أن تم ذلك ، قررت ، وطلبت من البدر أن يصعد على خشبة المسرح ويرد على صاحب المداخلة ، فصعد البدر وأخذ مكبر الصوت، وبدأ في سرد العادات السبع بالترتيب ودون أي تلعثم فقال: " عشان تكون من ذوي الفعالية العااااااااااالية ، لازم إنك تتعود على سبع عادات في حياتك، العادة الأولى " كن مبادراً " ونسميها عادة الرؤية الذاتية ، العادة الثانية" إبدأ والنهاية في ذهنك" وهي عادة القيادة الذاتية ، ، العادة الثالثة " إبدأ بالأهم ثم المهم” واسمها عادة الإدارة الذاتية ، فتوصل للنصر الشخصي ، بعدين تجي العادة الرابعة " فكر مكسب مكسب " وهي جذور النصر الجماعي ( القيادة الجماعية ) ، والعادة الخامسة " حاول أن تفهم قبل أن تفهم " ( الإصغاء ) هي المسار إِّلى يوصلك للعادة السادسة " التعاون الخلاَّق مع الآخرين" وهي ثمرة النصر الجماعي ، وآخر شي العادة السابعة " اشحذ المنشار" ، فتحداه ذلك الشخص بسؤال : " إيش يعني أشخذ المنشار؟ " فقال البدر بثقة " يعني أنك تهتم بكل شيء في حياتك ، فتستمر في الرياضة، وتأكل أكل صحي، وتقرأ باستمرار عشان عقلك يكبر، وما تضيع وقتك في شي مو مفيد ، بالعكس تخطط ايش تبغى تسوي كل أسبوع، وتحب للناس اللي تحبه لنفسك ، وتتعامل معاهم بذوق ، وتساعدهم عشان ربنا يساعدك، تعمل كل دا باستمرار وتشوف ايش اللي ناقص وتكمله وفين الغلط وتصححه"
هذا الشرح من البدر، هو بكل بساطة العادة السابعة التي سنتحدث عنها بالتفصيل هنا في "أيها العزيز 12"، ولن يفوتني هنا أن أقول بأن البدر وبعد أن تلقى تحية كبيرة من الحضور قال لي " بابا، هادي ليلة أنا ما راح أنساها طول عمري "، فوضعت يدي على رأسه وقلت " قول إنشاء الله " ، فقال " إنشاء الله " فقلت " آمين يارب " وعبرت له عن فخري به كونه ولدي .
أيهــــا العــــزيــــز .....
هل سألت شخصا قبل الآن عن تعبئة سيارته بالبنزين فقال : لا أجد الوقت لذلك ، عليّ أن أستمر في القيادة؟؟ هل رأيت نجاراً يستمر في نشر الخشب إذا كان منشاره كما يقولون بالبلدي" متلم" وما يقطع؟؟ هل يستطيع لاعبوا الكرة لعب شوطين ووقت إضافي دون توقف وأخذ راحة بين الأشواط لتجديد النشاط ، والاستماع لتعليمات المدرب وتقييمه للأداء وكلماته المشجعة حتى يتحقق النصر الشخصي للاعبين والجماعي للفريق؟ إذا كان الجواب بلا ، فاعلم انه هنا وبالتحديد تكمن أهمية العادة السابعة ( اشحذ المنشار) ، والتي نسميها : "عادة التجديد" ، عادة الموازنة ، وعادة شحذ الهمة والطاقة للاستمرار في العيش وفق مبادئ الفعالية العاااااالية .
العادة السابعة هي العادة التي تحيط بكل العادات الستة الأخرى في منحنى تدرج النضج للدكتور ستيفن كوفي ،العادة السابعة، هي العادة التي تجدد كل العادات الأخرى وتجعلها ممكنه وفي حيز التنفيذ، هي العادة التي تمدك بالطاقة للاستمرار وتجدد رغبتك في السعي الدائم والحثيث نحو الأفضل ، وهي الوقود اللازم حتى تصبح العادات الأخرى قيد العمل والممارسة المستمرة في حياتنا .
أيهـــا العـــزيـــز .....
كنا قد تحدثنا في الأساسات لحياة الفعالية العالية عن الأبعاد الإنسانية الأربعة وهي : البعد الجسدي ، البعد الفكري، البعد العاطفي و الاجتماعي ، والبعد الروحي ، وقلنا إن علينا الموازنة بين هذه الأبعاد الأربعة دون اخلال، ودون التركيز على جانب دون غيره ، وحتى نحقق ذلك علينا الاستمرار في مراقبة انشطتنا وسلوكياتنا حتى نعرف أين النقص فنكمله، وأين الخلل فنسده وأين الخطأ فنصححه، وهذا بالتحديد ما نفعله في العادة السابعة ( اشحذ المنشار).
في العادة السابعة "عادة التجديد" نتابع تجديد انشطتنا ونشاطنا، ففي المجال الجسدي نشحذ طاقاتنا بالتمارين الرياضية والغذاء الصحي ، وفي المجال الفكري نشحذ عقولنا بالقراءات الفكرية ومتابعة سيل المعلومات الذي لا يتوقف ونسخره لخدمتنا، وفي المجال العاطفي والإجتماعي ننمي علاقاتنا الاجتماعية وفق مباديء وقيم نلتزم بها و نعيشها، و في الجانب الروحي الذي هو الغذاء والطاقة التي تعيش عليها أرواحنا ، نحفظ الله ليحفظنا ونتعرف عليه في الرخاء ليعرفنا في الشدة عندما نقول " يـــارب ....... "
وكنا قد تحدثنا أيضا في الأساسات عن أهمية الموازنة بين الانتاج والقدرة على الإنتاج ، وهذا هو المبدأ الذي تتبناه العادة السابعة ( اشحذ المنشار) ، فالمبدأ الأساسي للعادة السابعة هو :
" الانتاج يتطلب تطوير القدرة على الانتاج "
فحتى نحافظ على النتائج التي حصلنا عليها ، وحتى نستمر في جني الثمار ، وحتى لا نقتل الموارد التي نملكها أونستهلكها بالكامل، علينا أن نستمر في عملية التطوير والتجديد والارتقاء بها بشكل يومي، علينا أن ننمي إمكاناتنا وقدراتنا ونطورها ، لتستمر في إعطائنا النتائج التي نرغب في الحصول عليها ، لذلك كان التصور الذهني للعادة السابعة يقول :
" أنا أزيد من فعاليتي من خلال التجديد الذاتي في كل من الأبعاد الإنسانية الأربعة "
أيـــها العزيـــز .....
عندما نرسخ هذا التصور الذهني في اللاشعور لدينا، يتولد السلوك الذي يدعم هذا التصور الذهني ، فنجد أنفسنا نسعى دائما إلى التجديد والتطوير المستمر ، ونراقب تلك المحاور الأربعة وننميها باستمرار، وهذا التصور الذهني، يتفق تماماً مع الهدي النبوي الذي جاءنا في الحديث الشريف " روحوا عن القلوب ساعة بعد ساعة، فإن القلوب إذا كلت عميت"، وهو النهج الذي انتهجه النبي صلى الله عليه وسلم حين قال " أما وأني أتقاكم ، وإني أصوم وافطر ، وأقوم وأنام ، وأتزوج النساء" ، وحرصه عليه الصلاة والسلام على الموازنة بين الأبعاد الإنسانية الأربعة، كان واضحاً حين قال " إن لنفسك عليك حقا ، وإن لبدنك عليك حقا، وإن لأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه"
أيهـــا العــــزيـــــز .....
حياة الفعالية العالية تتطلب أن ننمي كل جانب من جوانب حياتنا، وأن نداوم على تحفيز أنفسنا في كل المجالات ، و أن نوازن بين ما نملكه من قدرات وموارد وما نريد تحقيقه من إنجازات وأهداف، وانظر ماذا تريد أن تحقق لنفسك في مجال العمل ، هل تريد ترقية؟ هل تريد علاوة؟؟.. إذاً، عليك أن تسعى لنيلها من خلال أن تبادر إلى عمل ماهو مطلوب منك قبل أن يطلب منك، مع التجديد المستمر لأنشطتك ومعلوماتك، والاطلاع على كل ما هو جديد في مجال تخصصك وعملك، والعمل على تطبيق النظريات والتقنيات الحديثة في العمل، والارتقاء بأدائك حتى تحقق نتائج أفضل من الآخرين فيلاحظ رؤسائك ذلك، فتحصل على ما تريد
وانظر إلى أولادك ، ماذا تريد منهم؟، هل تريد منهم التفوق الدراسي؟ هل تريد منهم السلوك الأخلاقي الراقي؟ إذاً، تابع دراستهم منذ بداية العام وحتى آخر يوم دراسي ، وخصص لهم جزءا من وقتك لتجلس معهم وتستمع إليهم ، بشكل مستمر وبقلب كبير يتفهم احتياجاتهم ويحقق متطلباتهم، ولقد قال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه " ربوهم لزمانهم فإنهم ولدوا لزمان غير زمانكم "
وانظر كيف تريد أن يكون شكل العلاقة بينك وبين زوجتك؟ هل تريد منها التفهم والاحترام والرعاية والمحبة؟، إذاً، داوم على إشعارها بمحبتك واهتمامك ، وزوِّد رصيدك في بنك المشاعر عندها باستمرار ، حتى تكون هي بالمقابل قادرة وراغبة في تلبية احتياجاتك وتحقق لك ما تريده في البيت، في جو من المحبة و السلام والتفاهم والمودة والرحمة
وانظر ما هو الشكل الذي تريد أن يكون عليه جسمك ، هل تريد أن تكون رشيقاً ، قوي البنية، صحيح البدن، خالي من الأمراض؟؟ إذاً، تعهد جسمك بالرعاية وانتبه ماذا تأكل وماذا تشرب، وكيف تمضي يومك، ومارس الرياضة بانتظام وراقب نظامك الغذائي باستمرار ولا تأكل إلا الأكل الصحي كما قال ابني البدر.
وانظر إلى علاقاتك مع الناس، هل تريدها أن تكون جيدة؟ ، وأن تستمر على أحسن حال؟، إذاً، داوم على تحسين علاقاتك ، داوم على أبسط الأشياء مثل الابتسامة ، والعطف ومجاملة الآخرين واجتناب الغيبة لأنك إذا أردت الاحتفاظ بالحاضرين، ليكن من أخلاقياتك الولاء للغائبين، واحرص على السؤال عن الغائب، و قم بزيارة المريض، و قدم المساعدة لمن يحتاجها حتى وإن كانت صغيرة، كل هذا سيبني لك مكانة كبيرة في قلوب من حولك، دوام على هذه الأشياء الصغيرة، فما الجبال العالية إلا نتيجة تراكم الحصى والحجارة الصغيرة، ونحن قلنا من قبل إن جودة حياتنا ترتبط ارتباط وثيق بجودة علاقاتنا مع الآخرين .
والاهم والأنفع هو أن تراقب المحور الروحي ، وأن تقوي الصلة بالله، وان تستمد العون منه، وأن تذكر نفسك دائما بالمبادئ التي تقوم عليها حياتك ، و أن توفق بين ما تقوله و ما تفعله ، بين ما تعتقده وما تقول به ، بين الفكرة والتنفيذ ، بين المبدأ والسلوك ، بين ما تريد أن تكون عليه وبين ما أنت عليه ، ذكر نفسك دائما بمبادئك وأهدافك ، وداوم على مراجعة رسالتك في الحياة حتى تظل حاضرة في ذهنك ومساندة لك عندما تريد القيام بأي فعل أو نشاط ، ذكر نفسك بها دائماً فإن الذكرى تنفع المؤمنين .
أيهـــا العــــزيــــز .....
الآن وقد تبنيت العادات الست التي تعلمتها في السابق من " أيـــها العزيـــز" ، وتمرست عليها ، وترسخت في اللاواعي لديك ، وولدت سلوك مختلف عن السابق ، سلوك أفضل وأرقى ، الآن وقد أصبحت تلك العادات الست عادات يومية تمارسها بتلقائية وتمكن، الآن جاء دور العادة السـابعة، الآن جاء دور التجديد والارتقاء ، الآن جاء دور التطوير والنماء ، الآن جاء دور رفع الهمة والتطلع إلى مستوى أعلى وأفضل ، والترقي في سلم الفعالية العالية والترحيب بكل تَحَدٍ جديد، فشعارنا في عالم الفعالية العالية هو:
"إلى القمة دون توقف"
“Nonstop to the Top"
لذلك ، أحذركم وأذكركم " إنكم إذا استمريتم في عمل ما تعودتم على عمله ، ستحصدون نفس النتائج التي تعودتم حصدها " ، فإذا أردتم أن تحصدوا وتجدوا نتائج أكبر وأفضل ، عليكم أن تطورا أدائكم وتحسِّنوا قدراتكم وإمكانياتكم ، وإلا ستبقون " مكانك سر "، وهذا يتناقض مع شعار حياة ذوي وذوات الفعالية العالية
أيــــها العزيــــز / العزيـــزة
المبادئ هي قوانين الطبيعة وتؤدي إلى نتائج معروفة مسبقا ،و مبدأ العادة السابعة هو المراقبة والتطوير المستمر لمحور التفكير لدينا ، فيتطور أداءنا وترقى نتائجنا ( لنرتقي بتفكيرنا، فترتقي حياتنا ) ، وتطوير الأداء يتطلب منهج معين للحياة، فإذا عرفت المنهج واتبعت الطريقة، حصدت النتائج التي تريد، وإليك المنهج ، فاتبع الطريقة :
- حدد ما تريد
- اعمل على تحقيق ما تريد
- لاحظ ما هو مفيد وما هو غير مفيد
- غير طريقتك حتى تحقق ما تريد
و أكرر دائماً المبدأ الذي ينص على أن : " أكثرنا مرونة أكثرنا نجاحاً" ، ومن المرونة أن تطور نفسك ، و تطور عاداتك ، وتطور سلوكك ، وتطور أداءك ، وتطور أهدافك، وتكثر من نقد الذات لتطويرها ، وهذا التطوير والارتقاء لا يتم إلا بتبني العادة السابعة " عادة التجديد" ، ولتحقيق ذلك عليك أن تجدد في الأبعاد الأربعة لحياتك ، فإذا كنت تعمل على تحقيق ما تريد والنتائج التي تحصل عليها ليست مواكبة لتوقعاتك ، فجدد في طريقة علمك ومعلوماتك، يتجدد أدائك ، دع عنك التسويف ،طور المهارات التي منحك إياها الله ولم تستغلها الاستغلال الأمثل، تبنى وسائل وطرق حديثة تكون أكثر فعالية وتأثير، جدد في صداقاتك وعلاقاتك فذلك سيزيد من فرص نجاحك في الابعاد الثلاثة الأخرى ، استمع إلى أولئك الذين يرون أحسن ما عندك، ابدأ في تبني أفكار جديدة ، وطبق مبادئ لم تكن تطبقها من قبل ، مارس هوايات جديدة قد تفتح لك أبواب متعددة من التطور الفكري والاجتماعي والنفسي ، وليكن منهجك :
اعتباراً من اليوم أنا سوف :
- ابدأ في الاهتمام بـ………أكثر
- استمر في الاهتمام بـ ……. أكثر
- أتوقف عن إهمال ……….. تماماً
وإذا كنت قد حققت بعضا من أهدافك ، فاكتب أهدافا أخرى أكبر وأفضل وأكثر تحدياً، وابدأ من جديد، واستمر ، تطور ، تغير ، واشحذ المنشار
أيـــها العزيـــز .....
وهكذا ا، وبعد عام من بداية المشوار نصل إلى نهايته، لنبدأ مشوار جديد من تحدي الذات وترويضها نحو ما نريد، لا ما تريد هي، فهي التي قال الله عز وجل عنها " أمَّارة بالسوء "
ساحة النقاش