د. سميح خوري - مستشار الأمراض النسائية والتوليد والعقم - النفاس هو الفترة التي تلي الولادة، والتي تؤدي الى عودة الرحم وجهاز المرأة التناسلي الى حالته الطبيعية التي كانت له قبل الحمل والولادة، ولو أن الوالدة لا تعود الى سابق ما كانت عليه وذلك ان حياة المرأة عبارة عن مراحل، كل واحدة تسلم للاخرى، وكل ما في المرأة له هذه الرسالة: أن تتزوج لتحمل، ولتنجب، ولتربي الطفل الى ان يبلغ مبلغ الكبار. وجهاز المرأة التناسلي يعمل لهذه الغاية بدءاً من التبويض، فالحيض، فالاخصاب، فالحمل، فالولادة، فالرضاعة، فاذا حملت المرأة انتهت معها مرحلة التبويض والحيض لتبدأ مرحلة الحمل، واذا وضعت انتهت مرحلة الحمل لتبدأ مرحلة الارضاع، فكأن جهاز المرأة التناسلي في نشاط دائب، وتتباين وظائفه، فكلما ادى وظيفة وانتهى منها بدأت به وظيفة جديدة، وإذاً فلا عودة ابداً لعهد سابق.
ويحتاج الرحم والجهاز التناسلي للمرأة لمدة تتراوح بين ستة وثمانية اسابيع ليكون له حجمه الطبيعي، فبعد الولادة ينزل الرحم من التجويف بين القص والعانة الى مستوى السرة، ويفقد وزنه بالتدريج من كيلوغرام بدون الجنين وملحقاته الى نصف كيلوغرام بعد اسبوع من الولادة، ثم ربع كيلو غرام بعد اسبوعين، ثم خمسين غراماً في آخر النفاس، كذلك تقل ثخانة جدار الرحم من خمسة سنتيمترات الى اقل من سنتيمتر، وتقل سعته من سبعة آلاف ملليمتر وقت احتوائه للجنين الى مجرد ملليمترين اثنين فقط، أي يصبح مجرد شق.
والنفاس هوالفترة التي يستمر فيهانزول دم النفاس الذي هو عبارة عن دم قاني غليظ متجلط يخف بالتدريج ويصير بنياً فاتحاً ممخطاً الى ان تظهر به الافرازات البيضاء، ويستغرق ذلك مدة الثلاثة او الاربعة اسابيع التي قدم تطول الى ستة اسابيع اذا لم ترضع الأم وليدها.
وفترة النفاس ينبغي ان تكون فترة راحة للأم بعد مشقة الولادة، تلك المشقة التي تدرج ضمن الصدمات النفسية بالنظر الى ما لها من مردود نفسي بالغ، والتي تدرج كذلك ضمن الصدمات البدنية باعتبار الجهد العظيم المرهق الذي تبذله الام في الولادة، غير ان هذه المشقة او تلك الصدمة يعوضها ان تنظر الام وليدها الذي كان في احشائها.
وتعتبر فترة النفاس مرحلة الانتقال من الذاتية الى الغيرية، أي انتقال المرأة من الاهتمام بنفسها وبأحوالها الى الاهتمام بطفلها واحتياجاته. والفرحة التي تعيشها لانها قدمت شيئا ونجحت، والانجاز يفرحها، وليست التهاني الا للنجاح. واذا كانت قد ولدت ولدا خاصة في بلادنا فان فرحتها تكون اكبر لان انجازها به يكون اكبر، ولانها به تتباهى على زوجها وحماتها، وفرحتها هي فرحة انتصار فلن يشمت فيها احد ، ولن يعايرها انسان، وهذا مع الأسف عند الذين لا يفهمون معنى الحياة ولا يقدرون عطية الله. فلا خوف على البنت والولد، وكثيرا ما توضع الايقونات في غرفة الوالدة عند المسيحيين، او يقرأ القرآن، ويوضع مصحف او انجيل تحت وسادتها او فوق سريرها منعا للحسد، فالمنتصر يخاف العين.
ففترة النفاس فترة اعادة بناء جسمي ونفسي، فالمرأة تعيد نباء نفسها جسيماً، وتعيد توجيه طاقاتها النفسية من الجنين الى الوليد، وتبني علاقتها به، وتوجه وظائفها التنفسية للرضاعة، توليها كل عنايتها، وتعتصر كل عنايتها، وتعتصر كل طاقاتها النفسية حليباً للطفل، وحناناً يفيض مع الحليب.

<!-- / message -->
hany2012

شذرات مُتجدده مُجدده http://kenanaonline.com/hany2012/

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 85 مشاهدة
نشرت فى 22 نوفمبر 2011 بواسطة hany2012

ساحة النقاش

هـانى

hany2012
موقعنـا موقع علمى إجتماعى و أيضاً ثقافـى . موقع متميز لرعاية كل أبنـاء مصر الأوفيـاء، لذا فأنت عالم/ مخترع/مبتكر على الطريق. لا تنس"بلدك مصر في حاجة إلى مزيد من المبدعين". »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,794,891