الفصل الاول
· ما هي الشخصية
· تعريف الشخصية
· مكونات الشخصية
ماهي الشخصية
قبل الاستطراد في تناول الشخصية علينا ان نتسائل ،ماهي الشخصية،كيف حاول الباحثين البارزين المهتمين في دراسة هذا الميدان من ميادين علم النفس وفروعه،وكيف استطاعوا تفسير مجالات محددة من الشخصية مثل القلق ،العدوانية والتضاد الاجتماعي،الحاجة الى الانجاز،الاعتمادية،الاحساس الداخلي للشخصية وموضوعات اخرى تهتم بالدقة في سيكولوجية،في حين اهتم آخرون اساساً بتصميم اختبارات خاصة بالشخصية وتقويم الشخصية،واهتم فريق آخر بنظريات جديدة،هؤلاء كلهم او اغلبهم كانوا من الكلينيكيين،استخدموا ابحاث الشخصية والنظرية والاختبار(المقياس)لمساعدة الناس في فهم انفسهم وحل مشلاتهم النفسية.
فسيكولوجية الشخصية اذن هي ليست نظريات الشخصية وليست اختبارات ومقاييس الشخصية،انها علم بحد ذاته حتى وان تداخلت المفاهيم وتشابكت المصطلحات،فالشخصية هي من الشخص ،والاشخاص وغيرها من الكلمات والمفردات التي تدل على الجسم،اي الجانب المادي الوجودي الماثل للفرد في الواقع والذي يحمل اسماً بعينه،كأن محمد او صلاح او مهند او تيسير او لمى او شذى او ابتهال وما ذلك من اسماء لاشخاص تدل على تكوينهم الوجودي في الحياة.
استخدم اصطلاح الشخصية Personality في اللغات الاوروبية المنحدرة من اصول لاتينية،هذه الكلمة Personality هي لفظة مشتقة من لفظة برسونا Persona ،ومعناها القناع ،وهذه الكلمة بدورها مركبة من لفظتين ،بير ،وسوناري Per-sonare ،ومعناها عبر او عن طريق الصوت،واللفظة بكاملها ،يعود استعمالها الى الزمن الذي راح فيه الممثل على المسرح الاغريقي،حينما يريد اداء دوراً فيه على خشبة المسرح،يضع القناع على وجهه لغرض اداء الدور وايضاح الصفات المميزة التي يتطلبها الدور في هذه الشخصية،هذه الشخصية هي البطل على المسرح او الشرير او الاناني او البخيل او الوفي او الصادق او
الكئيب او المنحرف،وهو الحال ذاته عند المرأة ويقال ايضا بأن استعمال القناع ،جاء بناء على الضرورة التي شعر بها احد الممثلين لاخفاء تشويه في وجهه،فليس استخدام القناع لاول مرة تجنباً للخجل او العيب او الاحراج،ومن هذه اللحظة والبداية بدأ استخدام الكلمة حتى تم تطويرها الى ما تعنيه الان من مفاهيم حديثة.
استخدم عالم النفس الشهير(كارل يونغ) احد تلامذة مؤسس التحليل النفسي (سيجموند فرويد) لفظة برسونا Persona للدلالة على القناع الذي يتحتم على كل فرد ان يلبسه لكي يستطيع ان يلعب دوره بنجاح على مسرح الحياة الاجتماعية في التعامل مع الناس،وفي التفاعل معهم،وفي التقبل والتقارب وازاء ذلك فأن الفرد من خلال شخصيته يكيف نفسه بنجاح مع واقعه الاجتماعي،وما يفرضه عليه من قيم ومعايير لكي يحقق التوافق بينه وبين المجتمع،افرادا وجماعات ،اناث وذكور،قيم ومحددات بيئية. هذا القناع الذي يمثل الشخصية في جزء من ابعادها يستر في احيان عديدة العيوب والتجارب الذاتية الشخصية التي لا يود الفرد ان يبوح بها،قد تكون مخجلة او رغبات غير مقبولة بوساطة هذا القناع يحجب ما يريد حجبه ويظهر ما يريد اظهاره ،فهو يمثل دوره بجدارة مع الاخرين في اسرته الصغيرة مع اطفاله او زوجته،كأب ،ومع والديه كأبن بار وفي عمله كموظف ناجح يرضي مديره ويقدم كل ما بوسعه لتطوير عمله من اجل النجاح،كذلك في التعامل مع الناس البسطاء في الشارع ومنهم صاحب المحل او سائق سيارة الاجرة او الاشخاص الذين يلتقيهم في الشارع وهم يقدمون خدماتهم الى الناس ،فهو يتعامل مع كافة الشرائح بشخصية ترضيهم وربما اخفق في اداء الدور مع احدهم او ربما مع زوجته.
ان الشخصية الانسانية هي شخصية الفرد بعينه وهي تعني ايضا شخصياً بالذات ،وهذا يعني ان هذا الفرد كيان متفرد خاص به يحمل صفاته وسماته وخصائصه،وكل خصيصة فيه تختلف حتى عن خصيصة شقيقه التؤم،هذه الصفات او السمات يعرف بها وتفرقه عن الاخرين من البشر،فهو تأكيد لذاته ونفي وجوده في الآخر،فالاخر ليس هو ،وهو ليس الآخر، فكلاهما مختلف في الصفات والسمات والخصائص الخاصة والعامة ،ولكنه متشابه في التكوين والبنية والخلق الانساني، وما يهمنا هنا هي ان شخصية اي فرد لا تتساوى ابداً مع شخصية اي فرد آخر حتى وان تشابه في اللون والحركات والايماءات والتقارب النفسي والسمات الاخرى، هذا التشابه مهما بدا في الظاهر تشابهاً في المظهر والسلوك ،وفي الباطن في الذكاء والمزاج وغير ذلك من الفروق الدقيقة التي تعطي لكل شخصية صفاتها المميزة والخاصة بها.
تعريف الشخصية
بما ان الشخصية هي المجال الاوسع في الدراسة وهو المجال الذي تتداخل فيه النظريات النفسية ونظريات الشخصية والاختبارات والمقاييس النفسية ،فهو الاوسع في التعريف الذي ينطلق من التطبيق ،وهناك العديد من العلماء الذين عرفوا الشخصية على وفق رؤاهم وتصوراتهم النظرية وسنعرض لبعض تعريفات علماء النفس.
عرف البورت Alport الشخصية بانها التنظيم الدينامي في الفرد لتلك الاجهزة الجسمية النفسية التي تحدد مطابقة الفرد في التوافق مع بيئته.
اما شيلدون ,,,,don فقد ذهب الى القول بوجود ثلاثة انماط اساسية من التكوين الجسمي-النمط الداخلي،التركيب (الحشوي)-والنمط المتوسط التركيب (العظمي) والنمط الخارجي التركيب(الجلدي).
ويعرف ايزنك Eysenck الشخصية ،انها التنظيم الثابت المستمر نسبياً لخلق الشخص ومزاجه وعقله وجسده،وهذا التنظيم هو الذي يحدد تكيفه الفريد مع محيطه.
برت يعرف الشخصية ،بانها ذلك النظام الكامل من الميول والاستعدادات الجسمية والعقلية الثابتة نسبياً،التي تعد مميزاً خاصا للفرد والتي يتحدد بمقتضاها اسلوبه الخاص في التكيف مع البيئة المادية والاجتماعية.
وتعرف ليندا دافيدوف الشخصية:
تلك الانماط المستمرة والمتسقة نسبيا من الادراك والتفكير والاحساس والسلوك التي تبدو لتعطي الناس ذاتيتهم المميزة.والشخصية تكوين اختزالي يتضمن الافكار ،الدوافع،الانفعالات،الميول،الاتجاهات،والقدرات والظواهر المشابهة.
ويعرف Woodworth and Marquis الشخصية :
هي الاسلوب العام لسلوك الفرد كما يظهر في عاداته التفكيرية وتغيراته واتجاهاته وميوله وطريقة سلوكه وفلسفته الشخصية في الحياة.
اما Roback فيعرف الشخصية :
هي مجموع استعداداتنا المعرفية والانفعالية والنزوعية.
اما فرج عبد القادر طه فيورد تعريف الشخصية كما هو متفق عليه في الاصطلاحات العلمية للعلوم الانسانية ،يقصد بمصطلح الشخصية :
التنظيم الدينامي لسمات وخصائص ودوافع الفرد النفسية والفسيولوجية والجسمية ،ذلك التنظيم الذي يكفل للفرد توافقه وحياته في المجتمع ولكل شخص تنظيمه هذا الذي يميزه عن غيره وبمعنى اخر فأن لكل فرد في المجتمع شخصيته الفريدة.
ويعرف عباس محمود عوض الشخصية:
بانها وحدة متكاملة من الصفات تميز الفرد عن غيره،والوحدة المتكاملة كاللحن الموسيقي-مجموعة من وحدات صغيرة متفاعلة.
اما علي كمال فيرى في الشخصية :
هي التي يجمع صاحبها في نفسه معدلا متوازن التركيب من الخصائص الانسانية التي يتقبلها المجتمع بانها في حدود الاعتدال.
ويعرفها ايضا : انه ذلك الفرد الذي تظهر خصائص شخصيته بصورة متكاملة ،وبأنه يستطيع توجيه هذه الخصائص بشكل متوازن نحو تحقيق هدف حياتي معين.
اما سيجموند فرويد مؤسس نظرية التحليل النفسي له نظريته الخاصة ،فقد كان يعتقد ان الشخصية الانسانية تتكون من :الهو Id والانا Ego و الانا الاعلى Super Ego . اما الهو ،القدرة الغريزية التي تصرخ "اريد ذلك الشئ بدون ضوابط ولا محرمات او ممنوعات ، والانا الاعلى هو الضمير المثقل بالذنب،الذي يقول:لا تستطيع ان تنال ذلك الشئ ،اما الانا ،فهو القوة العاقلة التي تقول:دعونا نرى ماذا نستطيع ان نفعل لنحل الاشكال.
وهناك تعريفات عديدة للشخصية نورد بعضا منها :
· مجموعة الصفات الجسمية والعقلية والانفعالية والاجتماعية التي تظهر في العلاقات الاجتماعية لفرد بعينه وتميزه عن غيره.
· الشخصية هي مجموعة تأثيرات الفرد في المجتمع
· الشخصية هي الاعمال التي تؤثر في الاخرين.
· هي مجموعة من الصفات الجسدية والنفسية(موروثة ومكتسبة) والعادات والتقاليد والقيم والعواطف،متفاعلة كما يراها الاخرون من خلال التعامل في الحياة الاجتماعية.
· مجموعة التفاعلات الداخلية في الانسان ،تظهر هذه التفاعلات على سلوكه الخارجي وتنعكس على تصرفاته في مواجهة الاحداث التي تعتريه،وكذلك في مواجهة الافراد المحيطين به،فيؤثر ويتأثر بهم،وكل فرد من افراد المجتمع الانساني يتميز عن غيره في تلك التفاعلات المنعكسة على سلوكه.
· بأنها الاجتماعي وليست الخلق Character :الامانة والشرف والخير فحسب،فالخلق جانب من الشخصية ،كما انها ليست المزاج Temperament :الثبات الانفعالي،المرح،الخجل،والاندفاعية ،فالصفات المزاجية وراثية في الاصل.
· هي كل الاستعدادات والنزعات والميول والغرائز البيولوجية الفطرية والموروثة ،وهي كذلك كل الاستعدادات والميول المكتسبة من الخبرة.
· هي تلك الميول الثابتة عند الفرد التي تنظم عملية التكيف بينه وبين بيئته.
· وتعرف الشخصية الطبيعية :
بأن صاحبها يتمتع برزانة العقل وبأنه سعيد ويتمتع بنشاط كاف،واستغلال كامل لقابلياته وبتكامل مقوماته النفسية مما يحرره من قيام الصراعات،وبتكيف متوازن مع البيئة التي يعيش فيها
مكونات الشخصية
تعد عملية التكوين هذه نتاجا لتفاعل العوامل البيولوجية والعوامل النفسية الاجتماعية لا سيما البيئية العائلية وهي الوسيط الخاص المجسد لنقل الثقافة ،لذا فمكونات الشخصية تمثل خصائص حصيلة فعل وتفاعل اعداد هائلة من المكونات الاساسية للشخصية ومتغيراتها،ولهذا فمن العبث على اي باحث او مشتغل في هذا الجانب من النفس الانسانية ان يحاول تتبع خاصية واحدة من خصائص الشخصية الى تأثير جين واحد او الى فعل عامل بيئي واحد مؤثر،انها مجموعة عمليات متداخلة بالتفاعل والتحليل الوافي لتعطي بالتالي سمة الشخصية الواحدة التي تمثل حصيلة عمليات واسعة من التفاعل والتداخل والتوازن في كيان الانسان بكامله بايولوجيا وبيئيا وتكوينيا ،وعليه فان تكوين الشخصية يتطلب درجة ما من النضج ولكن كما اشار سيجموند فرويد الى اهمية السنوات الاولى في تكوين الشخصية ،وان كان التطور والنمو لا يتوقفان عن تعديل سمات هذه الشخصية فيما بعد ،ولما كان تكوين الشخصية يعني وجود صفات وسمات اساسية تستمر على مر الزمن وتميز الفرد عن غيره حتى تجعل منه متفرد عن غيره،فأن الشخصية بهذا المعنى من التكوين لا تتضح معالمها تماما في مرحلة الطفولة والمراهقة بل الى مرحلة البلوغ حين يهدأ ايقاع التغيرات،ولكننا نستطيع ان نقرر ان البيئة لا تؤثر على فراغ او على تكوين منعدم،ولكنها تتفاعل مع بعض المعطيات الاساسية التي يملكها الانسان بالفعل.
ان هناك اراء ترى بان معالم الشخصية تتقرر بالوراثة ،وهذا الرأي يستند الى ان وراثة الطفل بالتفاعل مع كل ما يؤثر على نمو الجنين اثناء الحمل،حيث تكون شخصية المولود بها من المعالم الاساسية للام او الاب.وبعض الاراء وخصوصا التحليل النفسي الذي يرى بأن معالم الشخصية تتبلور منذ الطفولة وبانها تظل ثابتة لا تتغير مع الزمن ولكن بشكل نسبي،مما يؤكد الاستمرار والثبات في المعالم والتكوين الاساس لها.
ورأي اخر يقول بان هناك تبدلا ملحوظا يحدث في الشخصية حتى تتبدل من مظهر الى آخر،وبأن كل ذلك يتغير على وفق اثر الجانب الوراثي المحدد في التكوين الوراثي للفرد،ويرى كارل يونغ بان شخصية الفرد وستراتيجية حياته تختلف في النصف الاول من الحياة،والذي فيه تتجه الشخصية نحو تأكيد الذات والعائلة والسعي من اجل توفير حاجاتها،بينما تتجه في النصف الثاني من الحياة نحو تأكيد الرغبات الداخلية الخاصة.
خلاصة القول في هذا الجانب يمكن صياغته بان معالم الشخصية تتسم بالثبات في الفترة الممتدة من بداية المراهقة وحتى نهايتها،ومن الفترة بين اوائل سن الشباب(البلوغ)وحتى منتصف العمر،وبأن من بعض مظاهر الثبات في الشخصية تتضح في نسبة الذكاء التي يكون عليها الفرد وما يحققه ،فضلا عن المزاج او اسلوب التعامل مع مواقف الحياة حيث تتغير عبر مراحل العمر المختلفة التي يمر بها الانسان،ففيها مرحلة البلوغ والعمل وتكوين اسرة والابوة والمسؤولية والعلاقات الاجتماعية والنضج في التعامل ثم التقاعد.
ان مكونات الشخصية اذن هي الوراثة والبيئة والتكوين وهذه الثلاثية يجمعها مثلث متساوي الاطراف او تداخل العوامل المؤثرة في تكوين الشخصية كما يبين الشكل التالي :
الوراثة , البيئة , التكوين .. وكيفية تداخلها مع بعضها البعض لتكوين الشخصية ، فاحيانا لا يمكن ان يكون احد العوامل مؤثرا دون ان لا يكون الاخر له تأثر ، فالكل يقل او يزيد تأثيره في التكوين ولكن تبقى الغلبة الاكثر لعامل التكوين النفسي
نشرت فى 22 نوفمبر 2011
بواسطة hany2012
هـانى
موقعنـا موقع علمى إجتماعى و أيضاً ثقافـى . موقع متميز لرعاية كل أبنـاء مصر الأوفيـاء، لذا فأنت عالم/ مخترع/مبتكر على الطريق. لا تنس"بلدك مصر في حاجة إلى مزيد من المبدعين". »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
1,769,904
ساحة النقاش