في نهايات الظالمين آيات
من تمام الإيمان وعلامات اكتماله فى قلب المؤمن الثقة بالله.. وما شهده العالم العربي في الآونة الأخيرة من سقوط بعض الأنظمة الفاسدة وتهاوى عروش الظالمين يؤكد حقيقة إيمانية ثابتة مفادها : (وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) فالله سبحانه يمهل ولا يهمل..
وما حدث لثلاثة ممن كانوا يسمون فى يوم من الأيام زعماء العالم العربي ينبغي ألا يمر علينا مرور الكرام... وليس فيما أقوله تشف أو سخرية إنما هو نظرة اعتبار وتأمل فى انتقام الله.. فاعتبروا يا أولى الأبصار.. واسمع إلى ما يقوله الله عن نهايات أمثال هؤلاء في كتابه العزيز:
(فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ)
(فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ)
(فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ)
(فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ)
(فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ)
والله سبحانه تحدث عن اللحظات الأخيرة فى حياة فرعون موسى بتفصيل دقيق لعلها تكون عبرة لأمثاله فها هو ذا فرعون يعبر الطريق اليبس الذى شقه الله لموسى فى البحر محاولا أن يدرك موسى، وأعماه كبره وغروره وبغيه وظلمه أن يفطن إلى المعجزة الباهرة فى شق البحر لموسى ومن آمن معه.. فكانت معجزة النجاة لموسى هى فى الوقت نفسه معجزة إغراق فرعون وحاول فرعون أن يحتال كعادته فربما تدركه النجاة: (حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ).. فكان الأمر الإلهي حاسما (آَلآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) وغرق فرعون وجنوده، وبعد غرقه كانت هناك معجزة أخرى تنتظره فنجى الله بدنه ليحنط ويظل حتى يومنا هذا آية باقية على قدرة الله وإهلاكه للظالمين.. (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ)
لقد كان فرعون يقول: ( أَنَا رَبُّكُمُ الأعْلَى .فَأَخَذَهُ اللهُ نَكَالَ الآَخِرَةِ وَالأُولَى)
كان يقول: (يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلاَ تُبْصِرُونَ) فأجرى الله الماء من فوقه..
كان يقول: (أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ) فكانت نهايته أعظم إهانة له ولجنوده.
كان يقول: (يَا أَيُّهَا الْمَلأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ) فأغرقه الله في أسفل الأرض، وأبقى جسده ليكون عبرة لأولى الأبصار.
كان يقول: (مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ) فتخلى عنه رشاده وسار خلف موسى فى قاع البحر ليكون مهلكه.
هذا هو أخذ الله .. إن أخذه أليم شديد..
عندما تأملت فى كيفيات انتقام الله من زعماء الظلم والطغيان لم أتمالك نفسي من البكاء خشوعا لجبار الأرض والسماء..
فظلم زين العابدين بن على لشعبه التونسي كان شديدا فكان أهل تونس يكثرون من الهجرة والهروب من جحيم بن على فأراد الله أن تكون نهاية بن على هى الهروب ليذوق من الكأس الذى شرب منه الآلاف من شعب تونس الذين تركوا ديارهم ووطنهم وأموالهم بسبب ظلم هذا الطاغية.
مبارك الذي قاسى منه الآلاف من شعبه الظلم ومرارة السجن والحرمان من الأهل والولد.. ولم يكن السجين في عهده هو من يغيب خلف أسوار السجن فقط لقد تحولت مصر إلى سجن كبير.. فكان انتقام الله منه من جنس عمله فها هو ذا يعيش أيامه الأخيرة سجينا محروما من أهله وولده.
كان كل ما يهمه أن يخلد ذكر نفسه بغير حق.. فمحي اسمه من كل شيء.
أما القذافى فحدث ولا حرج كان لا مثيل له فى الظلم والطغيان والكبر والتعالي والغرور فكانت نهايته من جنس عمله. لم يجد له مأوى في اللحظات الأخيرة من عمره إلا أنبوبة صرف صحي قذرة ليختبئ فيها.. ملك ملوك أفريقيا يداس بالنعال.. عميد الحكام العرب ...يمرغ فى التراب.. ثم القتل شر قتلة. . فالجزاء من جنس العمل كم من الآلاف الأبرياء قتلهم القذافى وسفك دماءهم بغير حق. كم من الآلاف يتمهم القذافى وقطع أرازقهم ودمر حياتهم.. فدمر الله عليه كل شيء. نعم إن الله أخذه أليم شديد.. فليحذر الغافلون عن آياته: (وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ).
فماذا ينتظر الطغاة والجبارون بعد كل هذا.. قد يسأل أحد يقول: فماذا بعد الهرب والسجن والقتل أقول: اقرأ القرآن وابحث عن مصارع الظالمين وأنت تعرف أن الله عنده الكثير فلكل ظالم نهاية وكل نهاية لها كيفيتها التى تتناسب مع صاحبها فلينتظر المنتظرون ما سيفعله الله في الظالمين .. ويا ترى ماذا أعد الله لجبار سوريا وجبار اليمن.. وإن غدا لناظره قريب..
في نهايات الظالمين آيات
ساحة النقاش