لعرض أفضل للفيديو استخدم متصفح ( Mozilla Firefox )
الحوار مع الخبير الاقتصادي أحمد السيد النجار .. كاشف .. وموجع.. فهو صاحب »معلومة« قد لا تتوفر للكثيرين .. وعلي كتفيه »همٌّ« تنوء عن حمله الجبال .. فما اصعب ان تكون »عارفاً« في هذا البلد ولا تملك تغيير الخطأ .. فهو العجز نفسه .. أما عن »الوجع« فإنه ينقل إليك في حواره الهم الكبير.. مأساة وطن .. النهب والسلب عن عمد وإصرار .. بواسطة »عصابة حكم« وليس نظام حكم.
ذهبت إليه وأنا أحمل عشرات الأسئلة، وكلها تدور حول المستقبل .. مستقبل مصر .. لكن من خلال اجابته كان الماضي حاضرا.. ففي رأيه لا يمكن البحث عن حلول مستقبلية دون النظر للماضي واستيعابه والتفتيش بين ثناياه.. في البداية ألقيت إليه بمخاوفي بعدما ترددت أقاويل كثيرة عن كارثية الوضع الاقتصادي الحالي.. بل واحتمالات إشهار إفلاس مصر إذا مااستمرت الأوضاع كما هي عليه.. أجابني .. كل ما يقال عبث في عبث.. فالاقتصاد المصري قائم .. وقوي .. وعفي .. فالاقتصاد المصري يرتكز إلي عدة قطاعات، الأول قطاع الزراعة.. وهو موجود ولم يمس.. وثانيها قطاع الصناعة .. وعناصر قوته موجودة .. وهناك قطاع الخدمات الذي لم يتأثر كثيرا .. وهي كلها عوامل لو تأملناها لأدركنا أننا امام اقتصاد وقوي لم يتأثر في الماضي بالازمة العالمية ومضي في قوته فلماذا يخيفوننا الآن بمثل هذه الأكاذيب ؟!
الفساد وآلياته!!
ما أهم مشكلة تري انها تعطل مسيرة الاقتصاد المصري حالياً؟
للأسف ورثنا عن النظام السابق تركة كبيرة من الفساد، ومع بالغ الأسف نكافحه الآن بنفس آليات محاربته في النظام السابق.. فهل يعقل أن يستمر النائب العام في منصبه بعد الثورة، ومع احترامنا له فإنه نائب عام مبارك .. هل تصدق أن في كل صفقات الفساد سواء في بيع شركات القطاع العام أو عقود الأراضي كان مندوب الجهاز المركزي للمحاسبات حاضرا ومتواجداً.. ولم يتدخل إلا في الأمور الشكلية، مثل عمل المزايدات وسلامة الإجراءات الإدارية دون ان يتدخل في طبيعة العقود ومدي شفافيتها ونظافتها، فأول شيء في رأيي ـ هكذا يقول أحمد السيد النجار ـ هو البحث عن آليات جديدة لمكافحة الفساد، حتي نستطيع ملاحقة الفاسدين واسترداد ما نهب من حقوق الشعب .. أما بغير ذلك فلا تسأل عن المستقبل
المصالحة جريمة كبري
هل تعتقد أن المصالحة مع رموز الفساد من النظام البائد يمكن أن تكون حلا لهذه الأموال المنهوبة؟!
أجاب محتدا .. هذه المصالحة التي يدعون إليها هي جريمة كبري في حصر هذا البلد.. فأي مصالحة لهذه هي إفساد للمجتمع كله .. فكأنني أقول للجميع افسدوا .. وكل ما نفعله معكم استرداد بعض الاموال منكم.. ثم لماذا أجري معهم مصالحة وأنا استطيع ان أسترد منهم »حق البلد« بمنتهي السهولة .. ففي حالة نهب الأراضي ..هل الأرض »طارت«؟ ومن قدم رشوة من أجل بيع شركة له .. هل انتهت الشركة؟! أليست كل هذه الأصول قائمة وأستطيع وضع يد البلد عليها فلماذا أتصالح مع اللصوص؟!
واستطرد »النجار« قائلاً: كل الأموال التي نهبت نستطيع إعادتها بشرط توافر النية ، والبحث عن آلية جديدة لمكافحة الفساد وإجراء محاكمات عادلة ، وسواء كانت هذه الأموال بالداخل أو الخارج نستطيع ارجاعها واستخدامها في بناء اقتصاد مختلط يقوم علي القطاعين الخاص والعام، فليس منطقيا ان تتخلي الدولة عن اقامة أي مشروعات جديدة طوال عشرين عاما بدعوي الاقتصاد الحر .. فهل حدث أن تخلت الدولة في أمريكا أو انجلترا عن شبابها بدعوي الالتزام بالاقتصاد الحر .. وأين حقوق العاطلين إذن؟!
إعانة البطالة ضرورة
أيهما أكثر إلحاحا في الوقت الراهن .. صرف إعانة بطالة للعاطلين أم فتح مشروعات جديدة؟
ينبغي السير في الاثنين معاً.. فبعد أن وصل عدد العاطلين إلي 2.8 مليون عاطل.. وجب البحث عن حل لمأساتهم... والأولي صرف إعانة بطالة فورا لانقاذ هؤلاء .. وللأسف كان النظام السابق يتعلل بقلة الموارد لعدم صرف اعانة البطالة.. وهو ادعاء كاذب .. لأن هذا النظام نفسه أهدار مليارات الجنيهات في دعم الرأسمالية الكبيرة في صورة دعم للطاقة والصادرات وغيرها، ويكفي أن نذكر أن هناك دولة اكثر فقرا من مصر هي الهند التي يبلغ دخل الفرد فيها 58٪ فقط من دخل الفرد في مصر.. قامت بصرف اعانة للعاطلين منذ عام 2006بواقع أجر 100 يوم عمل لكل عاطل!!
إذن الأمر في مصر لا يتعلق بغياب الموارد، وأنما بترتيب حكومات الدكتاتور المخلوع للأولويات بصورة تهتم بتدليل الرأسماليين الكبار من اصحاب النفوذ السياسي تحديدا، علي حساب توفير الاحتياجات الاساسية لمحدودي الدخل والفقراء في مصر. كما أن صرف إعانة البطالة في رأيي ـ هكذا يقول أحمد النجار ـ له فائدة اخري، هي الضغط علي الحكومة من أجل الاسراع في اقامة المشروعات لاستيعاب هؤلاء العاطلين .. ويكفي مرور عشرين عاما دون ان تنشئ الدولة مصنعا جديدا .. فهي وسيلة ضغط من أجل هؤلاء العاطلين.
إصلاح الأجور
هل هناك آلية تقترحها لإصلاح الأجور بدون أن يؤدي ذلك إلي التضخم ؟!
يا سيدي نظام الأجور الحالي هو آلية للفساد والإفساد.. وهنا لابد من أن نفرق بين الأجر وهو عدد أوراق النقد التي يتلقاها الموظف أو العامل في نهاية كل شهر، وبين الأجر الحقيقي المتمثل في القدرة الشرائية لهذا الأجر.. أي قدرته علي شراء السلع والخدمات .. والأخير هو الذي يحدد المستوي المعيشي للعامل ففي عام 1952 وبعد الانقلاب الثوري كان أجر عامل »الترحيلة« 18 قرشا في اليوم الواحد، وكان هذا المبلغ يشتري، 1.5 كيلو لحم ولو افترضنا أن هذا العامل يعمل 25 يوما في الشهر، فإن الأجر الحقيقي لعامل الترحلية كان يشتري 34 كيلو جراماً من اللحم أي ما يعادل 2040 جنيهاً كاملة!! أما الأجر الحقيقي لخريجي الجامعة عام 1970 فكان 17 جنيها شهريا، وهذا الاجر كان يشتري 68 كيلو جراما من اللحم، أي ما يساوي حاليا 4080 جنيهاً كاملة. إذن حدث تدهور مفزع في الأجور الحقيقية للعاملين ، وهو نتيجة مرة لغياب سياسة أجور علمية وعملية واخلاقية في مصر منذ تخلت الدولة عن سياسة تسعير السلع، بعد أن اتجهت إلي تحرير الاقتصاد، دون أن يترافق ذلك مع سياسة أجور تقوم علي زيادة سنوية في الحد الأدني للعاملين الجدد بنسبة تزيد علي معدل التضخم الحقيقي ، مع زيادة أجور العاملين القدامي بنسبة مركبة تعادل معدل التضخم الحقيقي، مضافا إليها نسبة اخري مقابل الخبرة والأقدمية ونسبة خاصة للمتميزين فعليا كمقابل للتميز والابتكار في العمل.
وماذا عن تحديد الحد الأدني للعامل الحالي بـ 400 جنيه؟!
للأسف نظام الأجور الحالي فاسد ومفسد .. وهو »فاسد« لانه لا يكفي لاطعام »قطة« ولا علاقة له بتكاليف المعيشة أو انتاجية العامل، وهو »مفسد« لأنه يضطر العامل للتكاسل في العمل والبحث عن اعمال اخري أو للرشوة من الجمهور أو التحايل والسلب والنهب، فالمطلوب نظام أجور أكثر عدالة وعقلانية. واعتبر النجار المطالبة برفع الحد الأدني للأجور بـ 1200 جنيه بأنه »عقوبة« علي الشعب المصري، كنتيجة منطقية علي صمته علي ما حدث له طوال 30 عاما كاملة .. أي أنه عقوبة الصمت . وأي حديث غير ذلك يعني أنه سبيل لصحوة مصر.. فإصلاح هيكل الأجور هو المنقذ في رأيي .. لتطبيق مبدأ الثواب والعقاب في جهات العمل للقضاء علي الرشوة، واستغلال النفوذ، وتفشي النهب المنظم في المصالح والشركات . وكما قلت سابقا فإن نظام الأجور في مصر فاسد ومفسد في آن واحد!!
الأموال المنهوبة
وماذا عن اموال مصر المنهوبة في توزيع الأراضي .. كيف نستردها؟!
ينبغي علينا مراجعة كل آليات ترسية واسعار كل صفقات منح أراضي الدولة سواء للزراعة أو التنمية العقارية .. فهل من المعقول ان نصرف 11 ألف جنيه من دم الغلابة علي توصيل البنية الاساسية لأراضي توشكي ثم ببيعها للوليد بن طلال بـ 50 جنيهاً فقط للفدان .. فهل هناك إهدار للمال العام وفساد أكبر من ذلك؟! وكذلك الحال مع باقي الأراضي التي تم توزيعها لآخرين مثل الشركة الكويتية المصرية .. أي أن آلاف الأفدنة ضاعت علي هذا الشعب والمطلوب إعادة تسعير الأرض وبالسعر السوقي وقت التخصيص ستكون الحصيلة بالمليارات. أما عن أراضي البناء والتي استولي عليها حفنة من رجال الأعمال مثل »المرشدي« وحسن درة و»ساويرس« وغيرهم ضمن البرنامج القومي للشباب.. فهل يعقل أن تباع لهم الأرض بسعر 10 جنيهات للمتر بدون مرافق أو بـ 70 جنيهاً بالمرافق في أفضل المواقع في حين يباع المتر للجمهور في ذات المنطقة بـ 2000 جنيه !! أي أقل من 5٪ من الثمن الحقيقي للارض ولم يتوقف الأمر عند ذلك ، وانما منحوا مبلغ 15 ألف جنيه منحة عن كل شقة 63 متراً .. وكان المفترض حسب أسعار السوق ان تباع الوحدة بسعر لا يزيد علي 45 ألف جنيه، ولكن اصحابنا باعوها باسعار تتراوح بين 103 و150 ألف جنيه.. فهل يعقل هذا ؟.. وهنا ينبغي زن يحاسب هؤلاء ويحاكموا حتي نسترد حقوق محدودي الدخل والفقراء من ارباحهم الطفيلية والتي جاءت علي حساب ابناء هذا الشعب. وكل هذه الاموال إذا ما استردتها الدولة من ناهيبيها ومستغليها كافية لاقامة آلاف المشروعات لتشغيل ملايين العاطلين ولزيادة الانفاق علي الصحة والتعليم ، والتي تحتل فيهما مصر المرتبة الأدني عالميا.
تدعيم إسرائيل وأسبانيا
هل هناك أموال اخري يمكن ضخها في الموازنة العامة للدولة؟
ساحة النقاش