قد يظنُ البعضُ منا أن الخيرَ كلَه فى أمرٍ ما , فيريدُه , ويعلقُ به قلبَه , حتى إذا سخر حياتَه كلَها له سلبَه الله ذلك الأمر ، وانتزعَه منه إنتزاعاً , واختارَ له ما يشاء , أينما يشاء , وكيفما يشاء .
ولكنَّ العبدَ المسكينَ ظنَّ أنه قد سُلِبَ الخير , وما عَلِمَ أن اللهَ عزَ وجلَ أرادَه لأعظمَ من ذلكَ كلِه , وأنه أعطاه ولم يمنعْه , ومنحَه ولم يمحِنْه .
ونغضبُ حين يصيبُنا هم ٌوغم ، ونصفُ أنفسَنا بالشرفِ والنزاهة ، لنتعجبَ من أقدارِ اللهِ فينا ، فى حين أننا نعلمُ جيداً أن ما أصابَنا ما هو إلا بما كسبت أيدينا .
فإذا غلبت عليك المعاصى ، فسارع بالإستغفار ، وتعرّف على الصالحين ، واجتهد فى أن تكونَ لك بصمةٌ فى العلم ، واجعل لنفسك خبيئةً بينك وبين الله .
فرُبَّ ذنبٍ أورثَ صاحبَه ندماً وتوبةً نصوحا ، خيرٌ من طاعة أورثت صاحبَها عُجبا وأمنا من مكر الله ،
وحاسب نفسك ولكن ....
إياك أن تكونَ القاضىَ وتنطقَ بالحكمِ عليها ، حتما ستخسر
فالنفسُ متقلبةٌ والحكمُ علي المتغيرِ ظلم .
وإذا تبين لك ظلمَك فى ما هو أدنى فاحذر أن تكونَ قد ظلمتَ فيما هو أكبر ، ولم تبصر ذلك .
وما ألهمَنا الله الندمَ على الذنبِ إلا ليعينَنا على التوبة ،
وما ألهمنا الله الإستغفارَ إلا وكان دليلا على الفرجِ والسَعَةِ
وَهَبَنَا اللهُ النعمَ ففرحنا ، والآن نشتكى المللَ والسقمَ ؟!!!
فلننظرْ إلى أنفسنا ولنتأملْ حالَنا فى الشكر والذكر والسجود وقت نزولِ النعمة ، ثم اللغوِ واللهو والغفلة ،
ولننته عما يُذهبُ الهباتِ والعطايا ، ولنعدْ ، ولنقفْ على باب الذلِ والإفتقار ، ولا نفارقُه فى كل حال ، فإنه أقربُ الأبوابِ إلى الله وأوسعُها ،
فوالذى نفسى بيده لا يلزمُه عبدٌ إلا ونال الرضا والسرور ، والمغفرةَ والقبول ، وأُلهِمَ شكرُ النِعَم .
أحياناً نظنُ أننا نعجزُ عن شكرِ من قدمَ لنا معروفاً من الخلق ، فكيف بشكرِنا لمن سخرَ لنا الخلقَ ، وأسدلَ لنا المعروف ؟!
فهو صاحبُ الفضلِ والنعمةِ ، وله الحمدُ والشكر.
______________________________