يوميات رمضان كما عاشها النبي والصحابة 21
21ـ ليالى الأنس بالمناجاة
* روى البخارى عن أبى سعيد الخدرى عن النبى صلى الله عليه وسلم قوله : لا تواصوا فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر ، قالوا : فإنك تواصل يا رسول الله ؟ قال : [ إنى لست كهيئتكم إنى أبيت لى مطعم يطعمنى وساق يسقينى ] ومن أحلى التفاسير فى ذلك أنها إشارة إلى المناجاة مع الحبيب تعالى , وما تفتحه على قلب الصائم فى خلوته وذكره من الأنس والمنح الربانية , التى هى فى الحقيقة غذاء وشراب :
أنت ربى إذا ظمئت إلى الماء
وقوتى إذا أردت الطعاما
* فأُف لمن باع لذة المناجاة بفضل لقمة ، ومن أجل كمال الأنس بالمناجاة لابد من طهارة القلوب بالتوبة والإنابة ، وغسلها من أدناس الذنوب والمعاصى ، حتى تصح المناجاة بين الذى يعلم السر وأخفى : { ولباس التقوى ذلك خير } الأعراف : 26 .
إذا المرء لم يلبس ثيابًا من التقى
تقلب عريانًا وإن كان كاسيًا
* رياح الأسحار تحمل أنين المذبين ، وأنفاس المحبين ، وقصص التائبين .
أعلمـــــــتم أن النسيـــم إذا ســرى
حمل الحديث إلى الحبيب كما جرى
المذنبون على موعد مع الأسحار بالانكسار بين يدى مولاهم والاعتذار ، والله يحب العفو فيعفو عنهم وهو العَفُو الكريم ، وكان بعضهم يقول فى مناجاته : ( جرمى عظيم ، وعفوك كبير ، فاجمع بين جرمى وعفوك يا كريم ) .
يا كبير الذنب : عفو الله من ذنبك أكبر ، أكبر الأوزار فى جنب عفو الله يصغر ، فليكن غاية الأمل من الله العفو.
فهذا شهرك وهذه لياليك ، وهذه لحظات المناجاة ، فاغتنمها فهى فرصتك ، فلا تضيعها فحـياتك الحقيقية أن تعـيش بقلبك مع الله ، { أو كان ميتًا فأحييناه وجعلنا له نورًا يمشى به فى الناس , كمن مثله فى الظلمات ليس بخارج منها } الأنعام : 122 .
* تذكر :
1ـ حاجتك إلى مناجاة الحبيب أعظم من حاجتك إلى الطعام والشراب .
2ـ بالمناجاة يتدرب الصائم على التوبة والطهارة والتقوى طالبًا العفو .
* همسة :
ليس لك إلا الله، تناجيه فهو مؤنس كل وحيد ، وصاحب كل غريب .
جمال ماضي
ساحة النقاش