لماذا التربية بالحب ؟ هل نمارس الحب فى التربية؟ وكيف نربى الناس بالحب؟ هل نستمع ونصغى كمحبين؟ هل نتحاور بطريقة المحبين؟ هل نقبل العيوب ونصبر على تغييرها؟ هل نحب الشخص مهما كنا نكره سلوكه؟ هل نتواصل مع حق كل منا فى إبداء رأيه وخبرته وفكره؟ هل نتحاسب حساب المحبين لا انتقامًا أو انتصارًا لأنفسنا؟ هل إذا فعلنا ما سبق نكون مؤثرين بالحب؟ أم أن هناك عوامل تأثيرية تساعدنا فى التربية بالحب ؟ لا شك كل واحد منا سواء كان رجلاً أو امرأة ، له خبراته الشعورية والواجدانية ، ويعلم تمام العلم الفرق بين معاملة الحب والتساهل ، والحب والشدة ، والحب والدلال ، والحب والتهاون والحب والحزم ، لأن من ذاق الحب وتعامل به واختلط بدمائه ، هو فى غنى عن كل ذلك ، إنه ليس بحاجة إلى الشدة أو الحزم أو الدلال أو القسوة أو التهاون أو التساهل ، لأن الحب يَجُبُّ كل ذلك ، ويفتح فى كل لحظة آفاقًا جديدة ، يتمتع بها المحبون ، ومن ثم فالتربية بالحب هى مؤثرة كلها ، وهى مفتاح مهم من مفاتيح التربية المؤثرة فى الآخرين ، سواء كانوا من الأبناء أو الأصدقاء أو الأقارب أو الناس أو الأهل أو الذين لا نعرفهم . ـ فالحب مشاعر لا تكتب ولكنها تحس ، يُترجم إلى أجمل الأفعال ، فهو العاطفة التى تجعلنا نفعل الكثير ونتجاوز عن الكثير . فكيف نجعله مؤثرًا ؟ خاصة أن النفس البشرية لا تمكن أن تعيش حياة طبيعية دون توفرهذه المشاعر، وإن كان هذا حال الكبير فما بالك بأبنائنا فى أعمارهم المختلفة؟ ـ إن التربية بالحب هى التى تمنح الآخرين الثقة وهم يُواجهون معارك الحياة ، وتساعدهم فى الوصول إلى الاتزان الانفعالى تجاه مواقف الحياة بحلوها ومُرِّها ، وهى التى تمنحهم القدرة الدائمة على التعايش فى سهولة وسلاسة مع الأنماط المختلفة من الناس . فإن افتُقدت هذه التربية ، كانت وبالاً على الكبير والصغير : فهى للطفل انطواء وانعزال وابتعاد عن المجتمع . وهى للشاب والفتاة قسوة وجفاف يدفعهما إلى عدم التوافق مع المجتمع . وهى للكبار سلب للصحة النفسية و اضطراب فى المشاعر الإجتماعية . وهى للجميع نزاع وبغض وكره وتخاصم قد يصل إلى حد العدوان . ـ والتربية بالحب عطاء بلا ثمن ، وبذل دون انتظار مقابل ، بل يكون الانتظار الحقيقي في أن يصل الطرف الآخر إلى أعلى مراتب السعادة والبهجة ، يقول تعالى : {إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكورًا} الإنسان : 9 . ـ والتربية بالحب هى أصدق عاطفة فى الوجود ، تنطلق من الحب ، حيث تغرس فى تُربة الحبيب ، إزالة كل الرواسب ، وتفتيت كل العقبات ، ونسف كل الحواجز، لينطلق فى حياة آمنة، وعيشة سعيدة . ـ والتربية بالحب هى سلاح الآباء والمعلمين والدعاة ، وهذا ما حققه فى واقع الناس الإمام البنا فى قوله : ( سنقاتل الناس بالحب ) ، ثم يعلن أن معركته الحقيقية هى التربية بالحب ، فيقول : (إن معركتنا معركة تربوية)، وكان فى هذا سر تجديده لحياة المجتمع . ـ والتربية بالحب هى العلاقات الدافئة، التى تنتج سلوكًا رائعًا بين الناس حيث إنها تعنى الأمان والطمأنينة، لأنها ليست تحكمًا أو رغبة فى الضبط، فكل وسائلها مكافآت وإثابة، وهى ليست إخضاعًا أو إضعافًا لأحد، فكل طرقها تدعو إلى المشاركة والإسهام والتعاون.
نشرت فى 13 مايو 2009
بواسطة gmady
عدد زيارات الموقع
306,841
ساحة النقاش