دماء الشهداء

هل توحد الصف الفلسطيني ؟

بقلم : جمال ماضي

 

مشاريع شهادة

( كلنا مشاريع شهادة في سبيل الله ولن نضعف أو نستكين ومنذ اللحظة الأولى كان خيارنا واضحاً إنه الجهاد نصر أو شهادة )

هل مازلنا نسمع هذه الكلمات في عصرنا ؟

أم إنها من عبق التاريخ تأتينا برائحة العصور القديمة ؟ .

سؤالنا ليس لغزاً , إنها كلمات محمود الزهار بعد أن ودع ابنه الأكبر خالد منذ عام 2003 , وهاهو اليوم يودع ابنه الثاني حسام , بعد أن ودع مؤخراً زوج ابنته , وهكذا الشهادة على موعد مع القادة وأبنائهم قبل المقاومين , فقد صدع بها الشهيد الرنتيسي وهو يخاطب بوش قبل الزيارة الفارغة بأربعة أعوام فقال : ( هاهم أبناء حماس , هاهم أبناء القادة , يكونون في المقدمة لذلك سننتصر يا بوش ) .

وبينما أبناء القيادات في عالمنا العربي تتصارع على المناصب والمواقع والكراسي  , فأبناء قيادات حماس تتنافس على كراسي الشهادة , وبينما أبناء قيادات عالمنا العربي يلهون في المراقص , أبناء حماس يعطون لنا المثل في تربية الأبناء على الجهاد وحب الاستشهاد والمقاومة .

ولا نستطيع أن نحصي عدد الشهداء فهم يزددادون يوما بعد يوم , ومن ينظر إلى مكاتب التجنيد في كتائب القسام يبصر الحقيقة , من ازدياد عدد المقاومين , حيث لا تتوقف المكاتب عن العمل لحظة واحدة , ( فالشهيد يخلفه ألف شهيد ينتظر) , هكذا يقولون في فلسطين .

ومن يتأمل الإضراب العام الشامل , أثناء زيارة بوش الخاطفة لمصر , والذي لم يتخلف عنه أي فصيل فلسطيني , يدرك تماماً كم وحدت الدماء الشعب الفلسطيني , الذي خرج يستنكر الضوء الأخضر من بوش , والممنوح للصهاينة ببدء المجازر ,  وتدشين المذابح , للتغطية على فشله الذريع الذي مني به , حتي ولو كان فيه قتل الشعب الفلسطيني كله !! .

فهل بالفعل وعت فصائل المقاومة المكر الصهيوني بعد هذه الانتفاضة الشعبية ؟ , وهل توحد الدماء فصائل المقاومة على اختيار الجهاد واعتماد المقاومة لمواصلة طريق التحرير وعودة الحق المسلوب ؟ .

إن الشعوب العربية والاسلامية التي خرجت تعبر عن غضبتها في مواجهة المجازر البشعة , مؤيد قوي للتوحد الفلسطيني , ووقف المفاوضات العبثية مع القتلة الصهاينة , الذين لا يزالون مستمرين في القتل والاجتياح والتدمير , وسط صمت الأنظمة العربية الرهيب , أمام الحصار الدامي , والذي بلغ مداه بإغلاق المعابر ووقف المساعدات الإنسانية من الدخول للمحرومين والمرضي في غزة .

شعب يرجو الشهادة

لقد قالها هنية في كلمته أثناء تشييع شهداء المجازر : ( إن الاحتلال يألم كما يألم الشعب الفلسطيني , ولكن الشعب يرجو الحرية والكرامة والشهادة , بعكس الاحتلال الذي يرجو الحياة ) , فهل تفتح دماء الشهداء براكين الغضب العربي والإسلامي , وهنية يقول : ( هذه الدماء تزيدنا إصرارأ ولن نتنازل عن ثوابتنا وحقوقنا الفلسطينية ) , فهل يفتح هذا الثبات زلازل الرد العربي والاسلامي على القتل الصهيوني اليومي ؟ وهنية ينادي الأمة العربية والإسلامية :

( أين دور أبناء الأمة ؟ أين الموقف ؟ أين الصرخة ؟ أين النصرة ؟ )

فهل من مجيب ؟! .

ونحن نتساءل : هل من موقف يحمده التاريخ في ظل هذا الاستخذاء ؟ وهل من صرخة تعلن أن في الأمة بقية نخوة ؟ وهل من نصرة حقيقية بعيداً عن الشعارات والهتافات ؟ أين أنتم يا أبناء الأمة ؟ أين أنتم من شعب يرجو الشهادة ؟ .

ويمكرون ويمكر الله

قبل المجازر مباشرة كشفت القناة الثانية في التليفزيون الصهيوني أن حهاز الأمن أنشأ وحدة خاصة للحرب النفسية ضد حماس والتصنت على المكالمات الهاتفية ونقلها إلى السلطة للتشهير بحماس ! .

 وقيادة رام الله أنشأت مكتباً إعلامياً بهدف التحريض على حماس وافتعال الأكاذيب وتأليب الرأي العام ضد حماس , فماذ تقول سلطة رام الله بعد المجازر ؟ .

 لقد جاءت دماء الشهداء لتنحى بالقضية منحي جديداً ! , فقد أراد بوش مكراً بالشعب الفلسطيني , وها هي الشواهد تقلب المكر رأسا على عقب , وجاءت دماء الشهداء لتفتح طريقاً منحه الله تعالي من أجل وحدة الصف الفلسطيني , فهل تنتهز الفصائل الفرصة الربانية فيقفوا صفاً واحداً : وصدق الله العظيم : ( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) . 

يكفي أن حملات التشهير كانت مصوبة للزهار فقالوا أنه قام بتعيين ابنه مديراً بالوزارة , وهاهو الابن يصبح مديراً لشهداء المذبحة , فإن كان هؤلاء الواهمون يظنون أن الناس يفعلون فعلهم , فهم مثلهم حريصون على الكراسي ! , فإنهم لا يدرون أن المقاومين حريصون على توريث الشهادة لأبنائهم لأنها خير من المال والمنصب والوزارة ! .

وإن المقاومة التي وحدت بين دماء الرجال والنساء والأطفال والمسنين لجديرة بالتوحد والمصالحة - رغم أنف هؤلاء المبتورين من فتح الذين استهجنوا اتصال عباس تليفونياً , لتعزية الزهار في استشاد ابنه – فمن الماء يكون الاتحاد فقد وصل الأمر وفي يوم الخميس فقط 18 /1 , أن يسقط عشرة شهداء بينهم امرأة وابنيها , وطفل من عائلة واحدة بينهم مسنون .

ولادة رغم الحصار

في وسط تعتيم إعلامي وفي هذا الأسبوع صرخت إحدي الأسيرات في وجه الاحتلال , الذي كبل يديها وأرجلها أثناء عملية الولادة , ففكوا أحد قيودها , قائلين : هكذا تلد الأسيرات , فكم عانت الأسيرات , وكم تألمن أثناء الولادة , فهل أمتنا الأسيرة المحاصرة اليوم تتحرر غداً من القيود ؟ , وقد أوشكت على ولادة مستقبل جديد رغم تكبيلها ؟ .

 إنني أرى الغد المشرق بازغاً , وقد بدأ من عملية ( حمم الحصار ) , بإطلاق الصواريخ وقذائف الهاون , من المقاومة الفلسطينية , والذي أجبر الصهاينة في صبيحة يوم الجمعة 18 /1 , على تفكيك موقع عسكري شرق خان يونس فراراً من صواريخ وقذائف المقاومة , والتي أطلقتها قوات القسام خلال الأيام الماضية , مما أبهج أهل المنطقة الذين ذاقوا الويلات من الاجتياحات المتكررة من الموقع الصهيوني , وهكذا في وسط الظلام يبزغ نور المولود الجديد رغم الدماء , فهل يستعد له الفلسطينيون المخلصون بالمزيد من التماسك والصف الواحد , لنقول من أعماق ضمائرنا  : نعم  دماء الشهداء وحدت الصف الفلسطيني !! .  

 

جمال ماضي

[email protected]

      

 

 

 

  • Currently 117/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
39 تصويتات / 488 مشاهدة
نشرت فى 18 يناير 2008 بواسطة gmady

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

304,475