بقلم: أمل خيري



فور اجتياح الزلزال المدمر لهاييتي في 12 يناير 2010 وحتى اليوم انطلقت آلاف الأصوات من المسئولين الحكوميين ومؤسسات الإغاثة والنشطاء ومستخدمي مواقع الشبكات الاجتماعية والمتطوعين تحث الآخرين على تقديم

المساعدات الإنسانية والتبرعات المالية والعينية للناجين من الزلزال المدمر، إلا أن الشيء الجديد بخصوص هذه الحملات هو استخدام رسائل المحمول النصية لأول مرة في الولايات المتحدة الأمريكية خلال هذه الحملات.

 فقد وقفت رسائل المحمول جنبا إلى جنب مع وسائل أخرى كالمواقع الإلكترونية والاتصالات الهاتفية والنداءات المباشرة كوسائط للتبرع بعد وقوع الكارثة مباشرة، حيث تعاون الصليب الأحمر الأمريكي مع مؤسسة MGive لإعداد برنامج لإرسال الرسائل النصية عبر المحمول لجمع التبرعات، من خلال تخصيص رقم يرسل إليه المتبرع رسالة نصية وتبلغ قيمة التبرع للرسالة الواحدة من 5 إلى 10 دولارات وأسفرت الحملة عن حث أكثر من مليون أمريكي على التبرع بما يزيد على 26 مليون دولار في غضون تسعة أيام من وقوع الكارثة.

طالع:

   نص التقرير

وحول هذا الدور الإيجابي للإغاثة عبر المحمول صدر تقرير لقياس فعالية الرسائل النصية في عمليات الإغاثة وجمع التبرعات، وفي الجهود التطوعية بعنوان "2010 Nonprofit Text Messaging Benchmarks" والذي قام بإعداده باحثون من مؤسسة موبايل أكتيف الرائدة في مجال تبادل المعلومات حول تكنولوجيا الاتصال المحمولة والمتنقلة ودورها في العمل الاجتماعي والتنموي، بالتعاون مع مؤسسة M+R للخدمات الإستراتيجية المتخصصة في مساعدة المنظمات التطوعية على تطوير إستراتيجيات ذكية وفعالة لجمع التبرعات والتواصل الفعال مع وسائل الإعلام والجمهور وحشد المتطوعين.

المحمول في يد الجميع

ويعد هذا التقرير هو الأول من نوعه ويهدف لوضع معايير أو مقاييس تمكن المنظمات التطوعية من قياس درجة نجاحها في الاستفادة من رسائل المحمول النصية، كما يهدف إلى بيان الطرق المختلفة التي يمكن بواسطتها استخدام هذه المنظمات لرسائل المحمول النصية.

ولأن استخدام تكنولوجيا الرسائل النصية من قبل المنظمات التطوعية لا يزل نادرا نسبيا، فقد اقتصر التقرير على دراسة حالة لست منظمات غير ربحية شاركت في برامج تطوعية حيوية في الولايات المتحدة.

وكان الزلزال الذي ضرب هاييتي بمثابة نقطة تحول هامة في استخدام رسائل المحمول لجمع التبرعات، كما أظهر أن هذه الوسيلة يمكن أن تكون أداة بعيدة المدى في مجال المساعدات العاجلة، فهناك ما يقرب من 90% من الأمريكيين يمتلكون هاتفا محمولا، وأصبحت الرسائل النصية جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية للمواطن الأمريكي، فهذا الجهاز الذي يحمله الفرد في يديه على مدار اليوم أصبح أداة قوية لجمع الأموال وحشد الجماهير، والرسائل النصية أصبحت أداة تواصل حيوية لتبادل المعلومات والأخبار العاجلة، لكن في الوقت نفسه ما تزال هناك قيود على هذا الدور؛ من بينها محدودية النص الذي تتضمنه الرسالة والذي لا يزيد على 160 حرفا إضافة إلى أن هناك تكلفة لإرسال الرسالة على كل من المرسل والمستقبل.

من بين أهم المؤشرات التي أظهرها التقرير أن ما يزيد على 80% من المشاركين في التبرع عبر الرسائل النصية تمت دعوتهم عن طريق شبكة الإنترنت وباقي المشاركين جاءوا عن طريق إعلانات تليفزيونية وطرق أخرى غير الإنترنت، كما أظهر أن قوائم الرسائل النصية نمت بمعدل سنوي قدره 49,5% وهو معدل مرتفع جدا، كما بلغ معدل الاستجابة للتبرع عبر هذه الرسائل نسبة 4,7% أي ما يزيد على ستة أضعاف معدل الاستجابة عبر استخدام البريد الإلكتروني في العام الماضي.

ومعظم هذه المنظمات استخدمت في حملاتها البريد الإلكتروني جنبا إلى جنب مع الرسائل النصية، إلا أن المتطوعين يفضلون الأخيرة لإتاحتها في كل وقت وفي أي مكان، بعكس الإنترنت.

ويكفي الإشارة إلى فعالية استخدام رسائل المحمول النصية من خلال حملة "Shedd Aquarium" للتوعية بالحفاظ على المحيطات والحياة البحرية عبر إجراء مسابقة، حيث أسفرت عن نتائج مذهلة، وتبين أن 52% من المستجيبين للحملة استخدموا الرسائل النصية، مقابل 48% استخدموا مواقع الإنترنت موزعة بين ثلاثة مواقع إلكترونية لشبكات إخبارية.

من أين يأتي الأعضاء؟

أوضح التقرير أن المنظمات المشاركة وضعت برامج لاستقطاب الأعضاء عبر البريد الإلكتروني وعبر الرسائل النصية إلا أن 80% من الأعضاء انضموا من خلال الرسائل النصية حيث أدخلوا أرقام تليفوناتهم المحمولة لقاعدة بيانات المنظمة من بينهم نسبة 17% اشتركوا في خدمة الرسائل القصيرة من قنوات مباشرة غير إلكترونية، وفي كثير من الحالات استخدمت الرسائل النصية كقناة تواصل إضافية مع الأعضاء جنبا إلى جنب مع قوائم البريد الإلكتروني وليست كقناة مستقلة.

وعلى الرغم من اعتماد كثير من المنظمات على الوسائل الإلكترونية لجذب الناس، فإن الإعلانات عبر التليفزيون أو في الشوارع قد تجدي نفعا خاصة إذا اقترنت بطرق تشجيع كجائزة رمزية، فعلى سبيل المثال في ديسمبر 2009 زاد عدد أعضاء جمعية الرفق بالحيوان الأمريكية 750 عضوا من خلال الرسائل النصية و650 عضوا من خلال البريد الإلكتروني في بضعة أيام عن طريق استخدام الشبكات الاجتماعية التي رغبت في الانضمام لقوائم الأعضاء بمسابقة يحصل الفائزون فيها على سويت شيرت مجاني من خلال رسالة نصية لرقم معين تحمل عبارة "HOODIE".

وفي نفس السياق زاد عدد أعضاء متاحف كارنيجي في بطرسبرج في يونيو 2008 بأكثر من 1300 عضو عبر الرسائل النصية، عن طريق إعلان تليفزيوني لدخول مسابقة للفوز بتذاكر لحضور معرض تيتانيك من خلال رسالة نصية تحمل عبارة "WATE".

وتعتبر مؤسسة "MGive" رائدة في مجال استخدام المحمول في التبرعات حيث بدأت أولى حملاتها في مطلع عام 2008 من خلال مبادرة "حافظ على حياة طفل" لتقديم التبرعات لشراء العقاقير اللازمة للأطفال الذي يعانون من مرض نقص المناعة HIV/AIDS في إفريقيا والدول النامية، حيث قدمت إعلانا تليفزيونيا في أحد البرامج الأمريكية الشهيرة لإرسال رسائل نصية، وكانت النتيجة مشاركة 90 ألف مشاهد في التبرع بحوالي 450 ألف دولار، فتكلفة الرسالة النصية 5 دولارات، وكانت الفئة المستهدفة لهذه الحملة هم الشباب عبر مواقع الشبكات الاجتماعية كالفيس بوك وتويتر واليوتيوب وغيرها، حيث وصل معدل التبرع إلى متبرع كل 10 ثوان دون اضطرار للتبرع عبر البطاقات الائتمانية أو عبر حساب بنكي، فكل ما في الأمر هو إرسال رسالة نصية عبر المحمول ليصل التبرع مباشرة.

أنواع الرسائل

يمكن للمنظمات استخدام الرسائل النصية في العديد من الأغراض سواء في حشد التأييد أو جمع التبرعات وقد أوضح التقرير أن هناك خمسة أنواع أساسية من الرسائل التي استخدمتها المؤسسات الداخلة في هذه الدراسة:

1- رسائل التمويل: المستخدمة في جمع التبرعات من خلال إتاحة الفرصة للراغب في المشاركة بإرسال رسالة نصية لرقم محدد تحمل عبارات مثل "تبرع" أو "تمويل" حيث تضاف تكلفة الرسالة لموارد المؤسسة.

2- رسائل التأييد: والتي تستخدم في التوقيع على عريضة أو تأييد حملة معينة، من خلال إرسال رسالة نصية تحمل عبارات مثل "تأييد" أو "توقيع" فينضم المرسل لقائمة المؤيدين أو الموقعين.

3- رسائل إخبارية: وهذه الرسائل لا تتطلب من المشتركين ردا أو إرسال رسالة أخرى، بل فقط تزود المشترك بخدمة الأخبار العاجلة ذات الصلة بعمل المؤسسة وهذه الخدمة كثيرا ما ساهمت في إحداث تعديلات تشريعية وتشجيع الناخبين على الإدلاء بأصواتهم.

4- رسائل توجيه للإنترنت: وهذه الرسائل تطلب من المشتركين بالخدمة التوجه لزيارة موقع على شبكة الإنترنت سواء للمشاركة في استطلاع للرأي أو التعرف على أنشطة جديدة.

5- رسائل الرد النصي: حيث يطلب من المستقبل للرسالة الرد برسالة نصية لا لجمع التبرعات أو جمع التوقيعات بل للمشاركة مثلا في اختيار شعار لحملة أو أفكار أو معلومات.

ويشير التقرير أيضا إلى أن الرسائل النصية للتمويل والتبرع عموما تضمنت نوعين، إما الرد برسالة نصية أو طلب الاتصال برقم معين، وفي كلتا الحالتين تعتبر قيمة الرسالة أو المكالمة بمثابة تبرع من المتصل أو المرسل؛ إلا أن الدراسة أوضحت أن استجابة الأفراد للرد بالرسالة النصية خلال 48 ساعة كانت الأكثر حيث بلغت 14,64% ، بينما بلغت نسبة الاستجابة بالاتصال فقط 4,67%، في الوقت الذي بلغت فيه الاستجابة بإرسال بريد إلكتروني 0,82% في عام 2009، وهو مؤشر على سهولة إرسال الرسالة النصية ومدى فعاليتها في جمع التبرعات.

هذا التقرير يفتح آفاقا جديدة لجمع التبرعات في العالم العربي للمؤسسات الإغاثية والجمعيات الخيرية والتطوعية عبر خدمة الرسائل القصيرة، فهل نغتنم الفرصة؟

لا تنس تسجيل إعجابك بصفحة غراس على الفيس بوك

غراس للتنمية المستدامة

ghiras

Amal Khairy researcher

  • Currently 90/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
29 تصويتات / 797 مشاهدة
نشرت فى 5 أكتوبر 2010 بواسطة ghiras

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

120,729