من سيرة سيّدة الثاناتوس:
امرأةٌ من ورق
فراس حج محمد/ فلسطين
[1]
لا يفضحُ عقلَك الباطنَ مثلُ اللّغةْ
فكأنّها عند كلّ حديث فائر الشَّهوةِ
تشتهي جسد الوزيرْ
تشتهي أن تخلع بين يديه نهديها
وتمطر بين فخذيه عصارة وردة
تُؤَوّهها
وتتركها تحرقص نفسها
فيما تتوقُ ولا تطيقُ عليه صبراً
[2]
ورقيّة امرأةٍ
تسيلُ على "أدب" السّريرْ
تنام مع صور المغنّين الشّبابِ
وتشتهي…
بها جسدان ضاع دفئهما
بأعقد لمستينْ
وأقصر شهوتينِ غربيتينِ شهيّتينْ
ورقيّة من ورق الجرائدِ
ينتهي بشطيرة شاعر متشرّد على رصيفٍ من ضمورْ
أو تنتهي في مطبخٍ لتلميع الزّجاج
أو في موائد امرأة فلّاحة
تعبت من الأحلام طول اليومْ
تموت في لغة الثقافةِ
تأكل يابس عشبها مع خروفٍ صار يشبهها
ويقترحان أغنية على الجمهورْ
[3]
هو تحتها يدفع فيها من خلفها تغطّيه بردفيها
تأنّ وتصطخب
وآخر يستلّ مبرده لتكون تحته
يأتيها من حيث الولدْ
المشهد الكلي:
"هو تحتها وآخر فوقها وهي قطعة لحم دافئة بين الاثنين"
ثمة ثالث ينتظر الدوْر
تفتح المرأة فرجها العلويّ لهُ يحاول أن يسدّ لها الفتحة الثالثة
[4]
يا امرأة الأساطير الفقيرة المكسورة الظهر
ثمة امرأة واقعيّة هنا واقعة هناكَ في "حبيَ الفاشل"
تراقبُ فعلكِ بي
فلا تخرجي من أطرِ الغواية واستكنّي
لا تلبسي الأسود مثل ليلٍ ساكن مدلهمٍّ
فالحكاية سوداء والوقت أسودُ أسودْ
يا امرأة الأساطير ماذا قلتِ قبل آلاف السنينْ
وكيف ستقنعين جميلةً هيَ هي
أنكِ أجمل منها وأشدّ فتنة
خطأ العصر أنكِ كنت أسطورةْ
والخطأ الوحيد لنا جميعا أنّنا نلهث خلف عدّ أصابعِك
ونغزلُ للغواية ثوب ظلّكْ
ولم نقتلْكِ منذ اللحظة الأولى لاشتعال الدمْ
يا امرأة الأساطير استعدّي للرحيل
فوحد وحدك آثمةْ
ولملمي عن شفاه البائسين حكايتكْ
ولا تبقي من الأثر القديم سراب طيفكْ
[5]
يا امرأة يبول بساعديها القميئة ثعلبانْ
وتربّي بين جنبيها المحطّم سورها
فرجاً وثديينِ وأخبثَ أفعوانْ
وتزرع في متاهة ممتدّة من نار عينيها البئيسة
سربَ أغوالٍ
فينعق في مداها ماجنان
يا امرأة من النيرانْ
من سقَط الحشائشِ
في مدائنها الخرابُ مشبّع منه العصاب الحيُّ
مع مرض الذُّهانْ
يا امرأة تأتي جحيمَ روايةٍ
تجترُّ أحمرَ شدقها فيبذُّها في الريحِ
تفغره يدانْ
خلعت عَنها اللباس الداخليّْ
قطعةً سفليةً، بيضاء باهتةً
بخيوطها منها تيبّسُ قطرتان
وتزول عنها أخريان صغيرتان
فيبتدي ثديان منغمسان محتدّان للذروة
وفرّجت ما بين فخذيها فأحكم لجمها ذاك الشقيُّ
وبال فيها سافلانْ
يا امرأة من الغُصَصِ المذوب حميُّها
معروقة منذورة للبهلوانْ
يا نكتة صفراء تكذب كلّما صلّت
وصامت
أو تلت أورادها المكذوب فيها
شهوتاها
ويفحّ فيها عابثان
يا امرأة بلا ذكرى
يا امرأة الروايات اللعينةِ
لا تبالي
هذا زمان اللا زمانْ
[6]
مثلها أنا خائنٌ
أشدّ خيانةً إذ لم أخنها
خرجتْ من جنون "الشرنقةْ"
وبقيتُ وحدي خائناً في عهر تلك "الشرنقة"
هي لا تعرف غير أنْ تلاعبَ بالرجالِ تقضمهم، وتقصىمهم، وتقسمهم بشهوتها؛ لتقول شعراً، وتبحث عن شراك الشركاءِ، مشركةً، وجودية.
هي لم تعد بؤرة نورٍ، وحيَ شعر وجلالْ
هي مثل قطعان الذئاب الشرسة
سنداوةً شرسة
تبحث عن فرائسها، تضاجعهم بسطر في السرير على الجسد المؤثّث بالموتِ والاشتعالْ
في العتمة تبذر عطرها للسفلةْ
وتكتبهم بين فخذيها كمسمار من الخشب الرماديّ المفتّتْ
وتَعْمَد للجحيمِ، يغتسل الجحيم برجسها
هي ذات أخدان غريزيّةْ
هي لم تعد لحماً ودمْ
في مشاعر صافيةْ
أضحت تشرشر ذات ظفر دمويةْ
وتكتبُ شعراً، وأكتبُ شعراً، وتقرأ شعراً، وأقرأ شعراً، وتلفظ شعراً، وألفظ شعراً، تسجل في متاهة صوتها شعراً وشعراً، ووحدي لا أسجّل غير شعريَ شعراً، وتضحك فوق جثّتنا وتكتب شعراً، وأهمس فوق وردة وردتي وأقول شعراً، هي لا تعرف غير عهر قصائد الشعراء شعراً، وأنا لا أعرف غير شعري شعراً، هي لا تنام الآن تكتب شعراً، وأنا أصحو طوال الليلِ أَلْقُط شعراً...
لكنّني أنا شاعرٌ وهْي لقيطةُ سهرةْ
[7]
عندما تكون الثقافة امرأة عاهرة وددت لو أستطيع قتلها
أمثّل بجثّتها المغتصَبة
وأطعم جلدها لذئاب الغابة الشرهةْ
أقطّع ثدييها
وأسلّ ما بين فخذيها النتنين
وأفتح فوهة البحر لعلّها تطهُر من أرجاسها
أو أشعل النيران لداء السرطان الثقافيِّ المزمن في البقعة المحترقة من هذا العالم
عندما تصبح الفكرة حبلى بمولود السفاحْ
خذْ فأساً واحتطبْ كلّ ثقافةٍ نجسةْ
نوفمبر 2016
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* من مجموعة "من سيرة سيّدة الثاناتوس" معدّة للنشر. واللوحة للفنان السوري زهير حسيب.