كتابة على الكتابة:
رد الكاتبة جمانا العتبة على مقال: لمن نكتب؟
في نقاش بيني وبين الكاتب فراس حج محمد "وكم أحب أن أناقشه في المسائل الأدبية"، سألته سؤال "لمن نكتب؟"، وتفاجأت بأنه كتب مقالا، وتم نشره. وبدوري سأجيب على المقال. وربما سأعرض السؤال لجميع الكتاب ليكون نقطة للنقاش.
بالنسبة لرأيي الشخصي كقارئة ومحبة للنقاش فيما أقرأ، فقد راودني هذا السؤال دائما قبل أن أبدأ بكتاباتي، ولكنه كان لحوحا بعد أن ناقشت صديقة لي حول الروايات التي تقرأها، فقد قرأت لكزانتاكس وباول كويلو، ولكنها عندما قرأت رواية لواحد من كتابنا رجعت بكلمة جعلت السؤال يلح علي، قالت لي: "ما فهمت". هنا وضعت أمام عيني السؤال: "لمن نكتب؟".
وعندما قرأت ما كتب الرائع فراس والذي وصفت قلمه بالنهضوي وما زلت، أوقفتني جملة "أنا لا أصدق أن القراء يتأثرون بكتب الكتاب، هم يقرؤون فيستمتعون وحسب، ثم يمضي كلاهما إلى غايته".
وهنا أعارضه بمسألة مهمة جدا، يتأثر القراء بمن يتوجه إليهم بالكتابة، فعندما أراد فراس أن يستحوذ على إعجاب إنسان واحد بطريقة كتابته، وليصل لهذا الاستحواذ عمل جديا على رفع مستوى تقنياته ولغته، واستطاع أن يصل بقلمه للتصاوير اللغوية القوية التي بدورها أوصلت الفكرة للإنسان الذي يكتب له؛ "حبيبته"، ولقارئ فراس يستطيع أن يعرف بأن من يكتب لها على درجة واعية وثقافة عالية لتستطيع أن تفهم ما يكتبه من تصاوير شعرية ليس الجميع قادر على فهمها. فهل ستكون تقنياته الكتابية بطريقة أخرى ويقل مستواها إن كان المتلقي ليس على قدر من الوعي اللغوي والثقافي؟ لا أستطيع الإجابة، ولكنني أعتبر بأن الكاتب هو من الفئة المؤثرة في المجتمع ومنه يرتفع بالمستوى الفكري والذائقة الأدبية، فقد قال فراس من ضمن النقاش: "الكاتب لا يكتب ليصلح المجتمع"، وأنا أجيبه هنا بل هو من الفئات الاجتماعية المناط فيها الإصلاح، وهذا ليس إطاراً بل فكرة للكل في أن يجتهد بما يفعل ليرتقي بمجتمعنا ويؤثر إن كان من فئة المؤثرين؛ لذلك يجتهد الكاتب بهذه الفكرة، فيخرج لنا بقوة كتابته، ويرتقي بقلمه، وبذلك يرتقي بالقارئ ليخلق حالة اجتماعية على مدى زمن للنهوض به.
مشكلة الكتّاب أنهم يكتبون لبعضهم بعضاً، وللنقاد أحياناً، وربما هذه هي مشكلتنا الثقافية بأن كثيراً من الكتاب لا يكتبون لمن يحبون القراءة بشكل عادي، ليرتفعوا بمستوى ذائقتهم، وهنا يأتي دور النقاد للرفع من مستوى الكتابة، لا لتكون مؤثرة في النهوض بالحالة الثقافية في مجتمعنا، وهذا لا يعني أبدا بأن يخرج الكاتب عن المثابرة لرفع مستوى الكتابة والمتلقي على حد سواء.
دائما أقول يجب على القلم أن يصل، ولكن لمن؟ بالنسبة لي- وهذا رأيي الشخصي- "للجميع"؛ ليؤثر على رؤية القارئ بملامسة همه وشعوره، وربما لعرض القضية من زاويةٍ، ربما القارئ لم تكن في حسبانه.
شكرا فراس على عرض الموضوع فعلاً كم استمتع في نقاشك.