فراس حج محمد

موقع يختص بمنشورات صاحبه: مقالات، قصائد، أخبار

في تأمّـل تجرِبـة الكتابـة

ما زلنا في منطقة الضياع الملتبس

فراس حج محمد/ فلسطين

نحن الذين اتّفقنا على أن نسمّي هذه الحالة التي نعيش فيها حالة "البين بين"؛ ليس لأنّنا نعيش في منطقة وسطى ما بين جنّة الحبّ وناره، أو بين جنّة الوصل ونار الهجران، وليس لأنّنا نعيش نصف الأشياء المحرّمة ونصفها الحلال، وليس لأنّنا في حالة لا هي حلم مطلق ولا هي واقع محقّق.

ولكنّنا نعيش حالة "البين بين" التي هي حالة من الاستنزاف الطويل والقتل المستمرّ بسكينة مثلومة كلّما حزّت أوجعت ولم تصل إلى المنتهى، ليرتاح المذبوح، ولا تملّ من العمل ليسكن الألم، هي حالة "البين" التي ليست بيْناً خالصاً، وما بينها وبين الطرف الآخر بينٌ آخر، كأنّها حالة بينٍ من بعد بينٍ من بعده عذابُ بينٍ ممتدّ لا نهاية له.

حالة "البين بين" ليست منتصف الطريق، وليست نصف الأشياء، ولا نصف ظلّ، ولا نصف ضوء، ولا نصف حبّ، ولا نصف وهْم، ولا نصف صورة، ولا نصف شخص، ولا نصف لغة، ولا نصف معنى، ولا نصف قصيدة أو نصّ، إنّما هي هكذا وجدت ولتبقى كما هي؛ حالة من القدر الذي لا فكاك منه أبدا.

هي حالة تحسّها النفس ولا تجد لها لغة تجسّدها، حالة أكبر من الضياع وأوحش من الالتباس، حالة تجعل النفس في ضلال الهدى وهَدْيِ الضلال، حالة من الهستيريا الصامتة الكتومة الفاغرة فاه الغول على مجهول أكول يأكل العمر ويقتات الجنون برضىً ساخط وسخط رضيّ.

حالة اللّا اقترب، واللّا اغتراب، حالة لا ندري كيف وصلنا إليها، ولا نعلم كيف رمت اللغة بين شفتينا اسمها الملتبس الغامض، فكانت هي هي كما نعرفها ونعيشها دون أن نعرف لها توصيفاً غير أنّها حالة "البين بين".

حالة ليست عاطفية أو سياسيّة وحسب، بل إنّها أيضا حالة كتابة خاصّة، تجعلنا نتأرجح بين سؤال الجدوى في كلّ شيء، بدءاً من سؤال الحياة ذاتها، مروراً بسؤال الكتابة وما تصنعه أحياناً، بل ربّما دائماً، من وهْم مريح يمسكنا بأيدينا ليرمينا في متاهات غامضة، لتظلّ الحالة تولد باستمرار، حالة اللّا جدوى، لكنّها مع كلّ ذلك توهمنا أنّنا ما زلنا نوهم أنفسنا بأنّنا في تلك المنطقة التي تنتج الأسئلة الحرجة المقلقة التي ليس لها جواب، حالة "البين بين"، ومنطقة الضياع الملتبس.

أيلول 2020

 

المصدر: فراس حج محمد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 229 مشاهدة
نشرت فى 3 سبتمبر 2020 بواسطة ferasomar

فراس عمر حج محمد

ferasomar
الموقع الخاص بــ "فراس حج محمد" »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

736,889

فراس حج محمد

نتيجة بحث الصور عن فراس حج محمد كنانة أون لاين

من مواليد مدينة نابلس في فــلسطين عــام 1973م، حاصل على درجة الماجستير في الأدب الفلسطيني الحديث من جامعة النجاح الوطنية. عمل معلما ومشرفا تربويا ومحاضرا غير متفرغ في جامعة القدس المفتوحة. 

عمل محررا لغويا في مجلتي الزيزفونة للأطفال/ رام الله، وشارك في إعداد مواد تدريبية في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، وكان عضوا في هيئة تحرير مجلة القانون الدولي الإنساني/ الإصدار الثاني الصادرة عن وزارة التربية والتعليم في فلسطين.

نشر العديد من المـقالات والقـصائد في مـجالات النشر المختلفة الإلـكترونية والصحف والمجلات في فلسطين والوطن العربي وبريطانيا وأمريكا وكندا والمكسيك. وشارك في ندوات وأمسيات شعرية ومؤتمرات في فلسطين.

الكتب المطبوعة: 

رسائــل إلى شهرزاد، ومــن طقوس القهوة المرة، صادران عن دار غُراب للنشر والتوزيع في القاهرة/ 2013، ومجموعة أناشيد وقصائد/ 2013، وكتاب ديوان أميرة الوجد/ 2014، الصادران عن جمعية الزيزفونة لتنمية ثقافة الطفل/ رام الله، وكتاب "دوائر العطش" عن دار غراب للنشر والتوزيع. وديوان "مزاج غزة العاصف، 2014، وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في القصة القصيرة جدا- دار موزييك/ الأردن وديوان "وأنت وحدك أغنية" عن دار ليبرتي/ القدس وبالتعاون مع بيت الشعر في فلسطين، وكتاب "يوميات كاتب يدعى X"، وكتاب "كأنها نصف الحقيقية" /الرقمية/ فلسطين، وكتاب "في ذكرى محمود درويش"، الزيزفونة 2016، وكتاب "شهرزاد ما زالت تروي- مقالات في المرأة والإبداع النسائي"، الرقمية، 2017، وديوان "الحب أن"، دار الأمل، الأردن، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في الرواية"، مكتبة كل شي، حيفا، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في متنوع السرد"، مؤسسة أنصار الضاد، أم الفحم، 2018، وديوان "ما يشبه الرثاء"، دار طباق للنشر والتوزيع، رام الله، 2019، وكتاب "بلاغة الصنعة الشعرية"، دار روافد للنشر والتوزيع، القاهرة، 2020. وكتاب "نِسوة في المدينة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2020. وكتاب "الإصحاح الأوّل لحرف الفاء- أسعدتِ صباحاً يا سيدتي"، دار الفاروق للنشر والتوزيع، نابلس، 2021. وكتاب "استعادة غسان كنفاني"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2021، وكتيّب "من قتل مدرّس التاريخ؟"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2021. وديوان "وشيء من سردٍ قليل"، وزارة الثقافة الفلسطينية، رام الله، 2021. وديوان "على حافّة الشعر: ثمّة عشق وثمّة موت"، دار البدوي، ألمانيا، 2022. وكتاب "الكتابة في الوجه والمواجهة"، الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمان، 2023. وكتاب "متلازمة ديسمبر"، دار بدوي، ألمانيا، 2023. وكتاب "في رحاب اللغة العربية"، دار بدوي، ألمانيا، 2023، وكتاب "سرّ الجملة الاسميّة"، دار الرقمية، فلسطين، 2023. وكتاب "تصدّع الجدران- عن دور الأدب في مقاومة العتمة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمّان، 2023، وديوان "في أعالي المعركة"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2023، وكتاب "مساحة شخصية- من يوميات الحروب على فلسطين"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "الثرثرات المحببة- الرسائل"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "فتنة الحاسة السادسة- تأملات حول الصور"، دار الفاروق للثقافة، نابلس، 2025. 

حررت العديد من الكتب، بالإضافة إلى مجموعة من الكتب والدواوين المخطوطة. 

كتب عن هذه التجربة الإبداعية العديد من الكتاب الفلسطينيين والعرب، وأجريت معي عدة حوارات ولقاءات تلفزيونية.