وشيء من سرد قليل*
إلى امرأةٍ عبرت دمي
فراس حج محمد/ فلسطين
ما أعجز النسيانَ عن قلبي!
لستُ أدري
يصيبني القلقُ الغريبُ
كلما قرأتُكِ أو قرأتك فيهمُ
لست أدري
يخونني العهدُ.. وأيَّ عهدٍ كنتُ أعني
عليكِ، فيكِ، بينهمُ
أراك أنكِ لستِ لي
هل كنتِ لي؟
لست أدري
لِمَ تضحكين الآنَ منّي أو عليّ
وأنا أكتبُ وهمي
وهمّي
بعض بعضٍ تاه منّي؟
سرقوا وربّ الشعر
سرقوكِ منّي
يا حسرتا حلمي الجميلْ
كوخزة في الخاصرةْ
تركوكِ لي.. فبعدتِ عنّي
لا تلومي أيّ شيء
قد صدقوا في الظنّ ظنّي
سرقوا ورب الليلِ والذكرى وكلِّ قصيدةٍ
سرقوا شفاهكِ
واستعاروني عليك بكأسِ دنِّ
يا ليتهم إذ يفعلونْ
أخذوا الحكايا والصورْ
ومحَوْا فؤاديَ والقصائدَ والمسافةَ
والسهرْ
ما أعجز النسيانَ عن قلبي الجبانِ!
أهون من عبر
(1)
لا شيء أنفع من نوم على شُحّ وداءْ
وقربة مثقوبة سحّت بوحل متّسخْ
لا شيء أنفع من هذا الخواءْ
فنوحي يا طيور الموت وارميني لآلهة الغثاءْ
(2)
لا شيء يجعلني صديق الورد والدفلى وماء النهرْ
لا ظل يحملني لأسراب الشجرْ
تقزمت قاماتها
وما عندي من الكلمات غير خمس بائسةْ
كانت تكرر نفسها في كل حينْ
(3)
لا رغبة صغرى ولا كبرى لديّْ
لأي قصيدة غزلية أخرى
لمن سأقول بين القافيتين كلام حبّ
ولم يعد لي غير وهم واجم في إثر وهمْ؟
(4)
لا شيء ينفعني إذن لا "وأنت وحدك أغنية"
ولا "امرأة الضوء"
أو "زهرة للبيلسان"
ولا ليالي "شهرزاد" الخادعةْ
ولا همس الصباح ولا أغاريد المطر
ولا أقصوصتي الخجلى
ولا عطرٌ ولا وردة
(5)
لا شيء يحرُسُني من الدماء
دمائي الخاسرة
بقيت في هذا العراء بدون نهد أو فراش أو وسادةْ
يا لهذا المرُّ في لغتي
في كل ثانيتين أشعر بالكآبةْ
(6)
لا شيء ينفعني إذًا
فأين ملهمة اللغةْ
وأين خاتمة الصور؟
وأين قافية السطور المستهامة؟
لا شيء ينفعني إذًا
فليس لي حظ كحظ الآخرين
فأنا ما كنت غير أهون من عبْر
بين أنملها ومَرّْ
حرف لام
الكلام هنا حامضٌ كصورة تتحرّش بالجمهورْ
تنسى خلفها خمسين عاما أو يزيدْ
تتقن كلّ شيءٍ سوى اغتصابِ أمن الرابضين على قلق المنامْ
هذا النعاس يخدش مقلتي
وجميلتي غائبة بعد اغتسال الماء في الدّفلى على شجر الكلامْ
وحيدا صرت بعدما قد جفّ نهري واعتراني الاكتئابْ
هدأ الليل ونامت
وأنا كحرف لام لا ينامْ
كيف أغدو للحقول المزهرات هناكْ
ودمي ثملْ
والحكايات ثكالى
والنص شكل ممكن من بعد أن وصل الخصام إلى الختامْ
نامي يا دمائي الخائنات
فقوايَ مضطربةْ
وكلّي كومة شوهاء في هذا الحطامْ
نيسان 2020
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* من مجموعة "وشيء من سرد قليل" معدّة للنشر.