فراس حج محمد

موقع يختص بمنشورات صاحبه: مقالات، قصائد، أخبار

 

حضور رولان بارت المتأخر

قرأت ثلاثة كتب لرولان بارت: "مدخل إلى التحليل البنيوي للقصص"، و"لذة النص"، و"الكتابة في درجة الصفر". كما تتبعت نظريته النقدية المهمة "موت المؤلف" وما تحيل عليه من فلسفة، أو ما انبثقت عنه من فلسفة أيضا. ويمتاز بارت بأنه ناقد واضح في كتاباته التنظرية لا يشعر قارئه بالإرهاق، أو هكذا هو بالنسبة إلي، من طول معايشتي لأفكار النقاد وكتاباتهم، إذ إنني أقرأ المقالة أو الدراسة النقدية بمتعة كبيرة، كأنها قصة شائقة أو قصيدة فارهة.

وتمتاز الكتابة لدى بارت بأنها تخلو من التمطيط والثرثرة. فهي مركزة ويتجنب فيها بارت الإعادة والتكرار، فجاءت كتبه قصيرة مكثفة، غير مملة، وبلغة تتمتع بالسلاسة، وربما يعود الفضل في هذا إلى مترجميه، ولكن المترجم لا يستطيع خلق لغة جديدة بعيدا عن اللغة الأصلية، إذا لم تكن هذه اللغة واضحة وسلسة، أو يراها المترجم واضحة وسهلة، فهي عنده مطواعة ولذيذة كلذة قراءة نص جميل مبهر.

بدا لي أن رولان بارت صديق النقاد والقراء على حد سواء ولم يُعادِ المبدعين، فقد كان أيضا بفضل منهجه النقدي عادلا في النظرة إلى النص واصفا للبنية النصية وعناصرها الفنية. ولذلك فبارت تجاوز الصورة السلبية للناقد التي تسيطر على ذهن الكاتب، فلم يعد القملة التي تعتاش على رؤوس الآخرين أو أنه كاتب فشل أن يكون مبدعا، أو مجرد كاتب صغير ينتقم من الكبار. ربما لأن بارت لم يكتب النص الإبداعي أصلا، أو لم يعرف عنه أنه شاعر أو روائي على سبيل المثال، فهو لذلك يتعامل مع المبدعين كأصدقاء، وليس بمنطق الاستهانة والتفتيش عن سقطاتهم حقا وباطلا.

إذن لرولان بارت فضل كبير على المبدعين والنقاد ودارسي الأدب، وأفكاره النقدية ملهمة ومعلمة، تدعو الآخرين إلى تجاوزها والتحاور معها، وهذا ما حدث مع رونان ماكدونالد مثلا عندما كتب كتابه المهم "موت الناقد"، متأثرا ببارت بطبيعة الحال ويسير على منهجه في الوضوح والمباشرة في العرض ولا يلجأ إلى التطويل المخلّ. فكتابات بارت تعلم وتثقف وتلهم، وهذا عمل كل ناقد كبير وكاتب كبير وشاعر كبير.

 

المصدر: فراس حج محمد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 185 مشاهدة
نشرت فى 14 نوفمبر 2019 بواسطة ferasomar

فراس عمر حج محمد

ferasomar
الموقع الخاص بــ "فراس حج محمد" »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

742,881

فراس حج محمد

نتيجة بحث الصور عن فراس حج محمد كنانة أون لاين

من مواليد مدينة نابلس في فــلسطين عــام 1973م، حاصل على درجة الماجستير في الأدب الفلسطيني الحديث من جامعة النجاح الوطنية. عمل معلما ومشرفا تربويا ومحاضرا غير متفرغ في جامعة القدس المفتوحة. 

عمل محررا لغويا في مجلتي الزيزفونة للأطفال/ رام الله، وشارك في إعداد مواد تدريبية في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، وكان عضوا في هيئة تحرير مجلة القانون الدولي الإنساني/ الإصدار الثاني الصادرة عن وزارة التربية والتعليم في فلسطين.

نشر العديد من المـقالات والقـصائد في مـجالات النشر المختلفة الإلـكترونية والصحف والمجلات في فلسطين والوطن العربي وبريطانيا وأمريكا وكندا والمكسيك. وشارك في ندوات وأمسيات شعرية ومؤتمرات في فلسطين.

الكتب المطبوعة: 

رسائــل إلى شهرزاد، ومــن طقوس القهوة المرة، صادران عن دار غُراب للنشر والتوزيع في القاهرة/ 2013، ومجموعة أناشيد وقصائد/ 2013، وكتاب ديوان أميرة الوجد/ 2014، الصادران عن جمعية الزيزفونة لتنمية ثقافة الطفل/ رام الله، وكتاب "دوائر العطش" عن دار غراب للنشر والتوزيع. وديوان "مزاج غزة العاصف، 2014، وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في القصة القصيرة جدا- دار موزييك/ الأردن وديوان "وأنت وحدك أغنية" عن دار ليبرتي/ القدس وبالتعاون مع بيت الشعر في فلسطين، وكتاب "يوميات كاتب يدعى X"، وكتاب "كأنها نصف الحقيقية" /الرقمية/ فلسطين، وكتاب "في ذكرى محمود درويش"، الزيزفونة 2016، وكتاب "شهرزاد ما زالت تروي- مقالات في المرأة والإبداع النسائي"، الرقمية، 2017، وديوان "الحب أن"، دار الأمل، الأردن، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في الرواية"، مكتبة كل شي، حيفا، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في متنوع السرد"، مؤسسة أنصار الضاد، أم الفحم، 2018، وديوان "ما يشبه الرثاء"، دار طباق للنشر والتوزيع، رام الله، 2019، وكتاب "بلاغة الصنعة الشعرية"، دار روافد للنشر والتوزيع، القاهرة، 2020. وكتاب "نِسوة في المدينة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2020. وكتاب "الإصحاح الأوّل لحرف الفاء- أسعدتِ صباحاً يا سيدتي"، دار الفاروق للنشر والتوزيع، نابلس، 2021. وكتاب "استعادة غسان كنفاني"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2021، وكتيّب "من قتل مدرّس التاريخ؟"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2021. وديوان "وشيء من سردٍ قليل"، وزارة الثقافة الفلسطينية، رام الله، 2021. وديوان "على حافّة الشعر: ثمّة عشق وثمّة موت"، دار البدوي، ألمانيا، 2022. وكتاب "الكتابة في الوجه والمواجهة"، الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمان، 2023. وكتاب "متلازمة ديسمبر"، دار بدوي، ألمانيا، 2023. وكتاب "في رحاب اللغة العربية"، دار بدوي، ألمانيا، 2023، وكتاب "سرّ الجملة الاسميّة"، دار الرقمية، فلسطين، 2023. وكتاب "تصدّع الجدران- عن دور الأدب في مقاومة العتمة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمّان، 2023، وديوان "في أعالي المعركة"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2023، وكتاب "مساحة شخصية- من يوميات الحروب على فلسطين"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "الثرثرات المحببة- الرسائل"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "فتنة الحاسة السادسة- تأملات حول الصور"، دار الفاروق للثقافة، نابلس، 2025. 

حررت العديد من الكتب، بالإضافة إلى مجموعة من الكتب والدواوين المخطوطة. 

كتب عن هذه التجربة الإبداعية العديد من الكتاب الفلسطينيين والعرب، وأجريت معي عدة حوارات ولقاءات تلفزيونية.