قصائد أمسية أرض وورد
هلْ رأيتَ الله؟
هل رأيتَ اللهَ يوما هل رأيتَ اللهْ؟
هل رأيت اللهَ لما أسمعَ الأشجارَ صوتَ الآهْ
هل رأيت اللهَ لما اللحم مشويُّ الشفاهْ
وتاه عنا في محاجرنا شذاهْ
هل رأيت اللهَ لما أشبع الموتى النداءَ
على عطاءِ الطائراتِ
هناك تستجدي الطغاهْ
هل رأيتَ اللهَ لما هاجت الريحُ الغضوبةُ
في مداهْ؟
هل رأيت اللهَ فيهم
عندما قتلوا بنا أصلَ الحياهْ
هل رأيتَ الله يوما هل رأيتَ اللهْ؟
***
لستَ محتاجا لرأيِ العينِ
وانظر كي ترى ما لا تراهْ
وانظر تراهم في الجبالِ
وفي السهولِ
وفي البقاعِ
وفي الحلوى
وفي السلوى
وفي قُنِّ الدجاجِ
وفي مناشير الجُناةْ
***
لستَ مُحتاجا لكي تقرأْ...
سطورا ههنا أو ههناك
فلست محتاجا لكل أسطولٍ سواكْ
ولست محتاجا لطيرٍ
فَخّ في خيطُ الشباكْ
لست محتاجا سوى للبيتِ
يحمي رأسك المصلوب في الأفكار
من حمم الهلاكْ
واقرأ مَواتكَ جيدا قد تاهَ عنك الآنَ
ما قد تاهْ
فهل رأيت اللهَ يوما
كي تصدّق أنه اللهُ الإلهْ
كنْ ما تشاءْ..
لكن لا تَفَتَّتُ في السّفاهْ
فالله قبل الحربِ..
بعد الحربِ...
عند الحربِ موجودٌ
ووحدك لا تراهْ
فغدوت مسحورا
وتبحث في النجاةِ عن النجاةِ
من الجُناةْ
فلو رأيت الله قبل الحرب
لم تكذب رؤاهْ
ولو رأيت الله عند الحرب
ما عملتْ يداهْ
ولو رأيت الله بعد الحربِ
إذ شعّت ضياه
لكتبتَ إيمان المشاهد واليقينْ
بأنك قد رأيت اللهَ
في الموتى
وفي الغرقى
وفي الأطفالِ
وفي جنود الشاحناتِ
وفي عناق الطائراتِ
وفي جنون البارجاتْ
لا تصدّق غير رؤياكَ
ورؤيا ما تراهْ
فهاتيكم هُمُ الموتى
فصدّقْ ما يقولُ اللهْ
وافتح القلب المكسَّر
كي ترى فيه الإلهْ
فإنك إن لم ترَ اللهَ هُنا
فإنك لا تراهُ ولن تراهْ
أبداً فإنك لا تراهْ...
هي... القصيدةُ
سأتخد القصيدةَ لي ملاذا أخيراً
وأحمي النفس من عقدة التحليل المنطقيّ
وأشعل الرأس بالشيب والغار والهدأة الباقية
***
سأتخذ القصيدة موطنا متمرّدا على كل خلية في جسدي
تموت بلا رواء
وأبتلّ بالأحلامِ من جسد الوزن في تفاعيل الخليل العروضية
وأستعدّ للقفزة الآخرة
***
سأتخذ القصيدةَ كوب شايٍ ساخنٍ ذات نهار مغلق
وبلا حنينْ
وأستعير الحضور من شكله الخارجيِّ
ولونه الخمريِّ
وطعمه المرّْ
وأزجّي الوقت نحوي كي أسدّد الرمية الخاملةْ
***
سأتخذ القصيدة شالَ أمي
وهْي تعجنُ وقتها
وهْي تخبزُ في طابونها
حلما قديمْ
وتنتشر البقايا بيننا فتأتي القطة العمياء تستجدي
فتنهرها بما يلوح من الخميرة في العجينْ
***
سأتخذ القصيدة امرأةً
معشوقة
تحنو عليّ بعطرها
بمنامها جنبي
بتسلل الكلمات من وحي غيمتها
فترضعني حليب الاختلافِ
فأصير فارسها الغريقْ
***
سأتخذ القصيدة أرجوانةً
بين الشفاه
فتقضمني بلون الورد
وتحملني سحابة
وأكتفي بقراءتي العجلى
في بيتها المكسور دون أخيلة وأحصنة وبعض صورْ
***
سأتخذ القصيدة حُجّة ومَظَنّة وميسرة وميمنة وقلبْ
وأهربُ من هزيمتي الأخيرة نحوها
وأفتّت ما تبرج من جسدٍ بها
لأشرب نخبها على وجعي الكبيرْ
***
سأتخذ القصيدة صورتي
وأسكنُ في الحنينْ
فالقصيدة كلّ شيء بعدها أو دونها
فهي الملاذ والطهرُ الأخيرْ
إلى الشّعراء
يا روعة التحليق في الأضواءِ
غنوا الغناء ببكرة ومساءِ
يكفي لهذا "الفنِ" عطف مقالكمْ
وبقولكم يحيا بعلو سماءِ
حييتمُ ما دام عرق نابضُ
بدم الكرامة ... ثلةَ الأدباءِ
أنتم جمال الروح والمعنى الذي
لا يستكنّ بغير سرِّ صفاءِ
جادت قرائحكم بنور باجسٍ
جاب النفوس بقربها المتنائي!
شدوا العزائم في ثبات راسخٍ
متسنمين الدوح بـ"الإسراءِ"
القلب والعقل العظيم كلاهما
من نور فيض الله في أنداءِ
سعدت بكم لغة المثاني وانتشتْ
من سيل حرف الشعر في الأرجاءِ
يا سعد ذاك الحبر لما شادها
في صفحة الكون الرحيب الرائي
فاضت ترانيم الغناء بلحنها
وتعمدت في الصوت والأصداءِ
حبكت من الحبق الجميل روايةً
وتطاولت بالذات والأسماءِ
وتفردت بالحسن آية نظمها
وتقاربت بالطهر والإبراءِ
وتمرست بالفن ريشة مبدعٍ
فتحدرت من عرشها بجلاءِ
وتسابقت كل الأنامل بالدوا
ةِ، تطارحت بالشدو حلو غناءِ
رفّ النسيم بعذب طيب رحيقها
وتهللت بالبشر والإرواءِ
هذا هو الشعر الجدير بحلةٍ
رفَل الكلام بها بحكمة الشعراءِ
صلب الصخور تفتُّ يا شعراءنا
إن جدّ أمر الله في الأنحاءِ
من للحرائر إن تشيطن عابثٌ
وسرى الجنون وشط في الإغواءِ
من للبلاد إذا رماها كافرٌ
بالنار والأهواء والأنواءِ
من للجمال إذا تلبد وجههُ
غامت بشاشته وغاب في الإغفاءِ
من للزهور إذا تفتق عطرها
سحقت قويمتها بليل شتاءِ
من للطهارة إن تلطخ عرضها
بالعهر والأشرار والإغراءِ
من للسلام إذا تولى راحلاً
وصحت حروب الجن والإذكاءِ
من للكلام إذا تردى نظمهُ
متعثرا في وهدة الظلماءِ
لو لم يكن للكل إلا أنتمُ
لسما السمو وماج بالخيلاءِ
أنتم فلاسفة الزمان وروحهُ
من بدء تلك السورة العصماءِ
لولاكمُ ما حرك الجيش الذي
قد هز ركن الدولة الرعناءِ
يكفيكمُ فخرا يزيد سناءكمْ
أنْ قد ألفتم ألْفةَ الأشياء"