نشأة وتطور إدارة الجودة الشاملة

شهدت المنظمات اليابانية في النص الثاني من القرن العشرين المحاولات الاولى لتطبيق الجودة الشاملة فتجسد إهتمامها بهذا المدخل من خلال  رعايتها للافكار التي طرحتها وتطبيقها للمبادئ والنماذج التي طرحها المختصين بتطوير تقنيات إدارة ديمنج Deming للجودة الشاملة، وبعد أن أسفرت التطبيقات في تلك المنظمات عن نجاحات ونتائج إيجابية، بات مدخل إدارة الجودة الشاملة يسترعي إهتمام الدول الغربية ومنظماتها، وهي تبحث عن سر تفوق الشركات اليابانية وغزوها أسواق المنافسة العالمية  وفي الثمانينات جاء إهتمام الشركات الامريكية بإدارة الجودة الشاملة إدراكا منها لاهميتها واعترافا بالنتائج الايجابية التي حققتها اليابان في هذا المجال، ولم يكن إهتماماً مقتصرا على التبشير بمبادئ إدارة الجودة الشاملة - ومحور فلسفتها التركيز على الزبون - انما حاولت هذه الشركات الاسراع في خطى التطبيق بما يعزز مكانتها التنافسية في الاسواق العالمية  وبالرغـم من ظهـور مفهوم الجـودة منذ زمن بعيد، إلا أنه لم يظهر كوظيفـة رسـمية للادارة إلا في الآونة الاخيرة،إذ أصبح ينظـرإلى الجـودة في الفكر الاداري الحديث على أنها وظيفة تعـادل باقي الـوظائف مثل الوظيفة الهندسية،وبحوث التسويق وغيرها.

مراحل تطور مفهوم إدارة الجودة الشاملة: مر مفهوم إدارة الجودة الشاملة بأربع مراحل رئيسة وهي:
- المرحلة الاولي: الفحص والتفتيش علي المنتج: ظهرت هذه المرحلة في العقد الثالث من القرن العشرين مع بداية الثورة الصناعية حيث كانت تحليلات الجودة تركز فقط على فحص المنتج ويقوم بها العامل، ثم بدأ ظهور مفهوم المصنع الحديث واسع النطاق والذي يضم العديد من العاملين، يترأسهم رئيس العمال بسيطاً يسمى الذي يتحمل المسؤولية عن جودة عملهم. كانت عمليات الجودة في تلك الفترة تعتمد أسلوبا بسيطا يسمي أسلوب المقارنات بين المنتج الاساسي والمنتج المصنع، ومن ثم تحول أسلوب الجودة إلى أسلوب التفتيش، حيث ساد الاعتقاد بأن التفتيش هو الاسلوب الوحيد لضمان الجودة

- المرحلة الثانية: ضبط الجودة: يشمل النشاطات والاساليب الاحصائية التي تضمن المحافظة على مقابلة مواصفات السلعة أو الخدمة من خلال استخدام الادوات والقيام بالانشطة المختلفة لتطوير جودة السلعة أو الخدمة، فضبط الجودة يشمل التأكد من أن تصميم السلعة أو الخدمة وعمليات الانتاج وما بعدها مطابق للمواصفات المحددة. وبناء على ذلك؛ فإن عملية ضبط الجودة إمتدت لتشمل التصميم والاداء، وبذلك فإن هذه المرحلة اعتمدت على استخدام أساليب إحصائية حديثة لمراقبة الجودة ووفقاً لهذا المفهوم فإن ضبط الجودة يعد مرحلة متطورة عن مرحلة الفحص فيما يتعلق بتعقيد الاساليب وتطور الانظمة المستخدمة .

- المرحلة الثالثة: تأكيد الجودة: تركزت هذه المرحلة على توجيه كافة الجهود للوقاية من حدوث الاخطاء وبالتالي وصفت باعتمادها على نظام أساسه منع وقوع الاخطاء منذ البداية ، فإيجاد حل لمشكلة عدم المطابقة للمواصفات ليست طريقة فعالة، حيث أنه من المفضل منع وقوع الخطأ والقضاء على مسبباته. تتضمن عملية تأكيد الجودة كافة الاجراءات اللازمة لتوفير الثقة في المنتج أو الخدمة بأنها تفي بمتطلبات الجودة، وتركزهذه المرحلة على عملية التخطيط للجودة، بالاضافة إلى دراسة تكاليف الجودة ومقارنتها بالفوائد الممكن تحصيلها من تطبيق نظام تأكيد الجودة .

-  المرحلة الرابعة: إدارة الجودة الشاملة: بدأ مفهوم إدارة الجودة الشاملة بالظهور في الثمانينات من القرن العشرين، حيث يتضمن هذا المفهوم جودة العمليات بالاضافة إلى جودة المنتج، ويركز على العمل الجماعي وتشجيع مشاركة العاملين واندماجهم، بالاضافة إلى التركيز على العملاء والمستفيدين من السلعة أو الخدمة.

 

المصدر: بحث دراسات عليا للاستاذ / محمد ابراهيم سعد

مؤسسة فكر للتدريب والتنمية

fekrfoundation
من نحن »

ابحث

تسجيل الدخول