تصوير داخلي
1
بداخلي ..
أسستِ ، يا سيدتي ، حضارة”
عريقة كتدمر .
عظيمة كبابل .
حدودها ، تمتد آلاف الأميال ،
فوق الماء ..
والصفصاف ..
والجداول ..
تمتد ..
من شرق العصافير .. إلى جنوبها ..
ومن شمال الناي .. تمتد ..
الى بنفسج العيون ، والرسائل .
يا امرأة ..
قد ألقت القبض على كتاباتي
وخبأت قصائدي
في عتمة الجدائل ..
2
بداخلي ..
عمرت ، يا سيدتي ، مدينة
عالية الأسوار والمداخل
لنصف مليون من البلابل ..
ونصف مليون من الغزلان ،
والأرانب البيضاء
والأيائل ..
فضاؤها ، أكبر من أجنحتي .
نجومها ، أبعد من نبوءتي .
وبحرها ، أعرض من سواحلي …
3
يا امرأة ..
تخرج من أنوثة الوردة ،
من حضارة الماء ،
وسمفونية الجداول .
يا امرأة ..
من ألف قرن ، ربما ، أسكنها .
من ألف قرن ، ربما ، تسكننى
يا امرأة .. تقمصت فى كتب الشعر ..
وفى الحروف ..
والنقاط ..
والفواصل ..
4
يا امرأة..
تكاثرت .وأخصبت.وأنجبت.
وارتفعت كنخلة في داخلي.
توقفي عن النمو, يا سيدتي , في داخلي
فلا أنا أعرف ما هويتي.
ولا أنا أعرف ما لون دمي.
ولا أنا أعرف ما شكل فمي.
ولا أنا أذكر يا سيدتي
ومن أي أرض هاجرت قبائلي …
5
سيدتي ..
سيدة البحار, والأقمار, والأمطار,
والبروق والزلازل.
لا ترقصي حافية فوق شرايين يدي ..
لا تلمعي كخنجر في داخلي ..
يا فرسا .. صهيلها من ذهب
ونهدها ..
من الرخام السائل ..
كانون الأول (ديسمبر) 1990
ساحة النقاش