قالوا: أتعشقُ من لم تلقَ؟!
قالوا: أتعشقُ من لم تلقَ؟ قلتُ لهم
وهل يُقيَّدُ وجدُ الروحِ إن خَفَرا؟
الحبُّ أوسعُ من رأيٍ ومن نَظرٍ
وإن بدا عابرًا، قد أشعلَ السَّعَرا
كم من صدىً لحديثٍ فاضَ في لغتي
فأورقَ القلبُ لما لامسَ الوَتَرا
ما كلُّ شوقٍ له رسمٌ نُلاحِقُهُ
فالبعضُ يسكنُنا سرًّا كما القَمرا
من قال إن التلاقي شرطُ عاشقةٍ
وقد تهيَّأت الأرواحُ وانتَصَرا؟
إني أراها بأحلامي، وأسمعها
إذا سكنّا، كأنّ اللحنَ قد نَثَرا
قد تَبعثُ الصوتَ في وجدٍ نُخبِّئهُ
فيوقظُ الحرفَ إن نادَتْ وإن سَحَرا
كأنّها ومضُ فجرٍ في ملامحنا
تأتي، فتمنحُ للتعبيرِ ما افتَخَرا
تُعانقُ القلبَ من حيثُ اشتياقُ دمي
ولا تراها عيونُ الناسِ إن نَظَرا
حديثُها وطنٌ، صمتُ الشعورِ بهِ
يضمُّ قلبيَ إن ضاقت بيَ الفِكرا
ما ضرَّ قلبيَ إن غابتْ ملامحُها
ما دام فيها عبيرُ الروحِ مُنتشرا
ما ضرّ أن لم ألمس كفَّها أبدًا
ما دام دفؤُ نداها في الدُّمى انغَمَرا
إني عشقتُ خيالًا لا يُكذّبني
ولا يُبدّدُ ما قد كان مُعتَبرا
هو الحنينُ الذي، إن غابَ، أرجعهُ
ذكرى على جُملٍ تجري كما السُّوَرا
أخطو على أثرِ المعنى، وأكتبهُ
كأنني في طريقِ النورِ قد سَفَرا
وأستكينُ إلى صوتٍ يلامسني
فيخلعُ الهمَّ عني، إن بدا قَمَرا
الحبُّ روحٌ، وما الأرواحُ مُلْتَقىً
لولا اشتعالُ الهوى في القلبِ إن ذَكرا
هل يُنكرُ البدرَ من في الروحِ مُقتَبَسٌ؟
أم هل يُكذّبُ نورًا في الدجى انتشرا؟
قالوا: تَخَيَّلتَ من تهوى، فقلتُ لهم:
بل إنّ في القلبِ صدقًا لا يُفَسَّرا
وإن غفونا على طيفٍ، فموعدُنا
أعمقُ من كلِّ ما الأجسادُ قد حَصَرا
صائغ القوافي الشاعر
فهد بن عبدالله فهد الصويغ
وزن القصيدة بحر الطويل



ساحة النقاش