أمي سأمضي
يا درة غابت فمزقني الشقا
وتركت قلبي في الظلام رعاك
يا منبع الآمال يا سر المدى
يا أفق روحي حين ضاق سماك
أمي وما الأم التي كانت دمي
بل كنت نبضا في الحياة هداك
أهدت إلي الصبر حتى ظنه
قلبي يليق بعزمها لولاك
كانت إذا اشتدت رياح عواصفي
أمواج صدري تستكين بنداكا
تأتي فتخلع من ضلوعي وحشة
وتعيد روحي كلما أحياك
وقفت وحدي بعد دفنك حائرا
أسأل تراب الأرض أين خطاك
فإذا التراب يقول لي متجبرا
ما عدت تعرف سكناي وسواك
يا منبع الإحسان كم من نعمة
تعلو جبيني كلما ذكراك
قد كنت تلقين الجراح عن المنى
وترين قلبي في دروب رضاك
واليوم أسأل مهجتي من بعدكم
هل للحنين مسافة للقياك
أمي وما هان الحنين وإنما
ثقل الجبال يذوب عند نداك
إني حملت من الأسى زفراته
وزرعت روحي كي أراك هناك
وسلوت نفسي عن زمان ضيعته
لكن قلبي ما استطاع فكاك
أواه لو أن الزمان مطوع
لعطفت دهر العمر نحو خطاك
أشتاق حتى لو أصابني الأسى
وأظل أحمل جرحي المشتاق
كم ليلة ناديته بك خافقي
فأجابني صمت يحاكي علاك
وتسائل الأيام من خذل الوفا
فأقول مات الصوت من بعداك
ما زال نبض الصبر يشبه خطوتي
يمضي ويحملني إلى ذكراك
والعمر يجري في دمائي حسرة
لا شيء يشبه دفئها إلاك
لو جئت أشكو للسماء مصابنا
لعلا بوجه الصبح ضوء ثراك
ما زال فيها من عبيرك نفحة
ترجو يد الكون التي ترعاك
أمي سأمضي ما حييت مكرما
نبلا حملتك في الفؤاد هوذاك
حتى إذا وافى الرحيل نهايتي
جئت التراب بقلبه يهواك
صائغ القوافي الشاعر
فهد بن عبدالله فهد الصويغ
وزن القصيدة بحر الكامل


