أنا و المعري
أنا والمعري في الهموم شقيقان
دنيا من القبح المبرح والظلم
ألقى الرداءة في وجوه أحبتي
وأرى السمين يعيش، ويحيا كل عم
أبصر الحياة سعادة في غيرنا
وأعود أنسج من شقائي كل هم
والعمر دهر من شواظ مواجع
يمشي إليّ بكل ألوان السقم
أحبو على جمر الليالي حائرا
وأفتش الروح التياعا في العدم
كم ضج صدري بالشكوك فلم أر
إلا ضياعا يسكن القلب الأكم
أعطي الحياة نقاء قلبي صادقا
فتردني صمتا وتغمرني بصمم
هذه الوجوه تضيء حين أراها
وأعود أطفئ نور قلبي في الظلم
يا ليتني لم أولد إلا فكرة
تمضي كريح من فراغ بلا ندم
كل المسافات التي قطعتها
ما زادت الرؤيا سوى وهم مبهم
إن ظننت بأني سأبلغ مأملا
عاد السقوط يزيد جرحي من سقم
أطوي مواجعي العميقة خائفا
وأظل أبحث عن ملاذ من الألم
صحبت قوما قد ظننت قلوبهم
بي تهتدي، فوجدت أقسى من الصنم
ضحك السفيه وكلما ضحكوا معي
بكيت من فرط الخداع بلا فهم
صار الجهول سيد رأي قومه
والعقل تائه لا يبوح ولا يُكرم
كم عالم وئدت مواهبه هنا
وأتاحت الدنيا لزاد الجهل سهم
أخشى الحقيقة حين ألقى وجهها
فالحزن يسكن في ملامحها ويُطم
كم مرة ناجيت نفسي قائلا
أمضيت صبري كله، فازددت هم
ما عدت أرجو من الليالي فرصة
فالنفس تبخل والرجاء بلا ذمم
أمشي على جمر السنين كأنني
أمشي على طرق الحقيقة في صمم
حتى يقود القبر خطوتي التي
لم تستطع أن تستريح من العدم
ما عدت أبصر في الوجود حقيقة
إلا بأن الموت أعدل من حكم
هذي الحياة رواية مقلوبة
أبطالها الجهلاء، والحكم الأعم
يا رب إن النفس ملت عيشها
وعنت على الطرقات تحمل كل غم
فخذ الحياة فقد سئمت مآلها
فهواي موت لا بقاء ولا ندم
أعطيتني جسدا وعقلا حائرا
وتركتني بين الفراغ وبين هم
أمشي إلى قبري كأن رجوعي
من رحلة عنوانها : لم تتم
وتناثر العمر الذي خبأته
صار الرماد يثور في ريح العدم
حتى إذا وافى الرحيل نهايتي
سأقول للدنيا : انتهى هذا الألم
يا رب ها أنا قد رجعت مكاسرًا
أرجوك تغفر ما جنت روحي وتَرحم
أرجوك إن ضاقت دروبي كلّها
فامنح لفجري في ظلامي نورَ عزم
يا رب إن القلب أضناه الأسى
فامنحه أمنا من مخاوفه ويُتم
عبدٌ أتاك وقد غدا في ضعفه
لا يستقيم سوى برحمتك العَلَم
صائغ القوافي الشاعر
فهد بن عبدالله فهد الصويغ
وزن القصيدة بحر الكامل


