authentication required

 

 

فتذمر كل جماعة بني إسرائيل على موسى وهرون في البرية، وقال لهما بنو إسرائيل ليتنا متنا بيد الرب في أرض مصر إذ كننا جالسين عند قدور اللحم نأكل للشبع، فإنكما أخرجتمانا إلى هذا القفر لكي تميتا كل هذا الجمهور بالجوع... ... الى متى تأبون أن تحفظوا وصاياي وشرائعي (خروج 16)

 

تسببت الثورة في إغلاق البنوك بدءاً من يوم 26 يناير واستمرت قرابة الأسبوعين مغلقة، وفي يوم الخميس فتحت على استحياء آلة الصرف الآلي فى بنك واحد، ووقفنا طابوراً طويلاً آملين أن نحصل على بعض النقود، وأثناء الانتظار كانت التعليقات:-

 

 

<!--حد يعمل الثورة يوم 25 من الشهر؟ ... فتغلق البنوك أبوابها، ولا نستطيع أن نصرف مرتباتنا؟

<!--أليس من الأجدر بهم أن يوزعوا نقود مع الثورة.

 

 

التذمر وقت الأزمة

 

يقولون إن التفاصيل الصغيرة هي التي تصنع الصورة كاملة.  وفي الممارسات اليومية في الحياة الطبيعة  نعيش الحياة بحلوها ومرها كيفما اتفق. ولا يظهر معدننا إلا في  الحالات الخاصة, تلك الحالات التي نسميها وقت الأزمة. وهنا يظهر معدن الرجال وقوتهم. طالما الحياة تسير فلا اختبار حقيقي. ولكن وقت المحن يظهر الرجل الحقيقي.  وفي هذا الفصل أردت أن أتحدث عن ذلك الوقت الذي فيه تكون الأزمة على أشدها... ماذا نفعل؟  وفورا تذكرت تلك الجماعة التي كانت شعب الله،  وتذكرت الذي فعلته تلك الجماعة في وقت الأزمات الشديدة. لقد كان هذا الشعب متنعما في أرض مصر يأكل اللحم وكل أنواع الطعام الأخرى مما  تشتهر به مصر من خيرات

 

ولكن .. هل كان بالفعل  .. متنعما؟!!!

 

أليست مصر هذه هي التي استعبدتهم سنيناً هذا عددها، وصارو يئنون من كثرة العمل وعبودية المصريين حتى أنهم صرخوا الى الله  يطلبون مخلصا، فأرسل لهم نبيه موسى  لكي يخلصهم من نير العبودية؟ 

هل في وقت الأزمة نسوا  صراخهم إلى الله لكي يخلصهم من العبودية، ليشتاقوا الى تلك القدور المليئة باللحم ناسين الذل والإهانة؟

 

شعب ينسي ويتذمر... هكذا هو دائما وهذا هو معدنه الحقيقي.  اليوم علينا أن نتعلم ألا نفعل ما فعلوا ... ولكنها أيضا فرصة لنتعلم درسا آخر عن الله الذي يسمع آنات الضعيف المحتج وسط الأزمات... هو طويل الصبر ويتحمل ضعفات البشر ويستجيب رغم الضعف.

 

عزيزي... هل تعاني من نقص في الطعام والماء؟...

فوصول الإمدادات ليس بالسهولة كل يوم. في الإسكندرية كان تجار الخضار يخرجون في الظلام الدامس يبحثون عن البضاعة التي يبيعونها في اليوم التالي، وسط تهديدات البلطجية، بل أن بعضهم فقد حياته بسبب هؤلاء البلطجية.. واليوم سنجد الطعام ولكن ربما غدا لا... فماذا علينا أن نفعل في هذا الوقت الصعب .. وقت قلة  الموارد الأساسية؟.. هل يكون التذمر؟ ... سأريك طريقاً أفضل

 

هل يستمع الله؟

يحكي لنا  الكاتب تيموثي عن شهر كان مأسويا ومربكا في حياته هو وأسرته فيقول:- " في سنة 1954 كنت أبلغ من العمر أربعة عشر شهرا وكنت الابن الثالث من أربعة أطفال, وعندما كانت أيام الصيف تزداد حرارة والرطوبة ترتفع، كان الآباء في كل أنحاء امة حريصين كل الحرص على مواجهة شلل الأطفال. لم يكن اللقاح الذي يعطي لمقاومة هذا المرض موجودا بعد، فلم يظهر هذا المصل سوى بعد سنتين من ذلك التاريخ ... وللإقلال من احتمال العدوى من ذلك المرض كانت هناك قائمة من الممنوعات... وقد حرص أبي كثيرا على أن يهتم بتعليمات الأطباء في هذا الوقت... ولكنى مع ذلك أصبت بالمرض... أشكر الله أني لا أتذكر أي شىء من ذلك فقد كان عمري 14 شهرا، ولكن على الرغم من ذلك، فقد تركت هذه الحادثة في أول حياتي تأثيراً غيَّر من شكل حياتي كلها، حتى أنها أثرت على عائلتي تأثيرا عميقا. قالت أمي إنها المرة الوحيدة التي رأت  فيها والدي يبكي... كان يتساءل  لماذا أراد الله أن يبتليه بهذه المصيبة.... واليوم فإن أبي أول من يخبرك (إني أعرف أن ذلك يبدو جنوناً بالنسبة للبعض )  بأن الشلل قد اتضح أنه كان نقطة تحول إيجابية في حياتنا كلها، حياتنا التي لا تزال تدور حول أغراض الله العظمى. "<!--

في الكثير من الفضائيات وبالذات المصرية منها  ارتفعت صلوات البشر تطلب إلى الله أن ينهي الثورة المصرية، فالناس تعبت والبنوك تخسر، والبورصة أيضا تخسر، ولكن ها هي الثورة تشتد ...  مات كثيرون، ويعاني الأكثر من نتائج هذه الثور.  هل يستمع الله؟ بالتأكيد. هل استجاب الله لكل هذه الصلوات... أجل... لقد استجاب بأسلوبه، فهو يستطيع أن يحول الشر خيرا... حسنا قال الصديق يوسف لإخوته:- " أنتم أردتم بي شرا, والله قصد به خيرا" ... فنحن لا نستطيع أن نرى الآن الصورة كاملة... فنحن في وسط الأحداث  نرى أجزاءً متناثرة من قطع البازل. عما قريب ستتجمع الصور المتناثرة مع بعضها لتكوِّن الصورة الرئيسية. ولأن الله يحب مصر ستكون خيرا عليها ... الله يستجيب لأنه هو المسيطر على الأمور وهو أعلى وفوق كل قوى عظمى ... هل تستطيع أن تثق في هذا؟

 

أني أثق أن الله هو أحن من الأم على رضيعها، فيحدثنا التاريخ أن الأم باعت رضيعها وقتلته وأكلته... أما الله فهو يرى الخير ويفعله، رغم كل قوى الشر الموجودة في هذا العالم فالله يستخدمها بحيث تشارك في تتميم مقاصده وسلطانه على ذلك الكون الفسيح.

 

ماذا نفعل بدلا من التذمر؟

 

لنرجع الى القصة التي في أول الفصل، قصة ذلك الشعب الذي يقول إنه شعب الله ولكن ما أن يمتحنه الله بمشكلة حتى يظهر ذلك التذمر فورا, وأيضا عدم الطاعة... فالله يستجيب بمنتهى السرعة لذلك الشعب ويعطيه الطعام ولكنه  يأمره أن يأخذ حاجته فقط لا يزيد ولا ينقص ... وأيضا أمره ألا يبيت من الطعام إلى الغد، ويوم الجمعة يأخذ حصة يومين ولا يخرج ليجمع طعامه في يوم السبت. ولكن ذلك الشعب الذي تعود على عدم الطاعة والتمرد لم يفعل هذا... بل فعل عكسه... ليقول له الله تلك الآية الشهيرة:- " ... ... إلى متى تأبون أن تحفظوا وصاياي وشرائعي" ... وهنا وفي  نفس التوقيت أسأل:- هل تحفظ وصايا الله؟ إنه لا يريد تذمراً... ولكنه يريد حفظ الوصايا وطاعته وعدم التمرد عليه في كل ما يقوله.

 

ليتك في وسط تلك العاصفة تسلم أمرك إليه ... وتلتف حول الكتاب المقدس... وتقرأ من ذلك الكتاب الذي يعطي السلام والطمأنينة... علم أولادك فيه وازرع فيهم روح الثقة بذلك الإله العظيم ... ثق أن الله في يديه كل الأمور... لم تخرج الأمور عن سيطرته أبدا... وهو سيسد حاجتك وحاجة بيتك... تأكد من هذا.

 

هل تعاني من نقص في الطعام والشراب والدواء؟.. الله سيعتني بك إذا وضعت ثقتك فيه ... انزع عنك أي روح تذمر... هل تأكل كل يوم نفس الطعام حتى سمعت من أولادك نفس التعبير الذي  قاله ذلك الشعب القديم بسبب تكرار الطعام:- " سئمنا هذا الطعام السخيف"؟.. هذا الطعام يا عزيزي هو عطية الله وسط الظروف الصعبة... بمشيئة الله ستنتهي هذه الظروف وستعبر... وستتحول إلى ماضٍ... ربما تفقد عزيزا... وربما تخسر منزلا ... ولكن بكل بساطة سلم لله أمرك... اتكل عليه وهو يجري معجزات ... هو وعد ووعوده صادقة وأمينة

 

عزيزي، هل تضع ثقتك فى الله وتشكره على عطاياه؟ ... ليتك تفعل ... وتذكر أن "محبة الله لك هي أعظم ثابت أبدي بالرغم من كل تقلبات حياتك اليومية"<!--

 

ليتك ترفع هذا الدعاء:

ربي وإلهي

أريد أن أشبع وأتلذذ بك الآن.

لا أريد أي شيء في هذا العالم سواء استجبت لصلاتي أم لا

ولكن المهم هو أن أتمتع بشخصك

ربي ، ساعدني لكي أشعر بحضورك معي الآن

سيدي

أسجد عند قدميك

وأطلب منك أن تهبني الراحة

أسلم لك هذا الهم، أتركه عندك وأثق أنك كفيل بأن تحمله عني

ياربي

أزِل الاضطراب والتوتر والقلق من نفسي

أنا منتظر أمامك لكي تعمل في قلبي

لا أنكر خوفي من الوضع الحالي

خائف من خبث العدو ومؤامراته ضدي

أنا خائف أن يلحق الضرر بي أو بعائلتي

أسلم لك هذه المخاوف وأتركها عندك

امنحني الراحة والطمأنينة <!--

لأقول مع نبيك داود " بسلامة أضجع بل أيضا أنام  لأنك أنت في طمأنينة تسكنني "

 

<!--[if !supportFootnotes]-->

 


<!--[endif]-->

<!-- عن كتاب الاستماع الى الله في عالم صاخب . تيموثي ل أونجز

<!-- عن كتاب الانتصار على الظلام تأليف نيل أندرسون

<!-- صلاة مأخوذة بتصرف من كتاب بسمة وسط الألم بقلم سمير فؤاد رمزي .  128

 

المصدر: تأليف: عماد حنا
  • Currently 24/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
7 تصويتات / 326 مشاهدة
نشرت فى 3 مايو 2011 بواسطة emadhanna

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

11,005